عائشة سلطان
أخلاقيات التقنية!
الهواتف وتكنولوجيا الاتصالات خرجت من إطارها المحدد لها والمتعارف عليه حتى قبل يومين عندما أفاق لبنان على سلسلة تفجيرات استمرت على مدى يومين، تصدرتها أجهزة البيجر القديمة جداً التي استخدمها الناس هنا في مرحلة سابقة للهواتف الذكية الحالية، ما يعني أن تقنيات التواصل التي بين أيدي 90% من سكان كوكب الأرض لم تعد مجرد أجهزة للتواصل والاتصالات والتسلية وإنجاز الأعمال فقط!
منذ حادثة انفجار البيجرات في وجوه عناصر حزب الله وصاعداً، سيبدأ الكثيرون يتحسسون مصائرهم وهم يضعون الهواتف النقالة في جيوبهم أو حقائبهم اليدوية، أو وهم يأخذونها لترقد بجوارهم في غرف النوم، ولا تستغربوا إذا أصدرت جهات كثيرة توجيهات بمنع إدخال الموبايلات، أو قررت شركات الطيران عدم السماح للركاب بحمل موبايلاتهم في الطائرة، حيث أصبح تفجير الطائرات من أسهل الأمور بواسطة هاتف مفخخ أو بيجر ملغم!
حادث تفجير البيجرات الذي حدث في لبنان الأربعاء المنصرم ضرب حزب الله في مقتل بلا شك، ما يجوز تفسيره وكأن إيران تتخلص من أذرعها التاريخية في المنطقة لسبب ما، قد يكون لترهل تركة هذه الأحزاب وكلفتها، وقد يكون السبب وجود خريطة طريق وتسويات كبرى ستعلن بنهاية الانتخابات الأمريكية والكشف عن سيد/ة البيت الأبيض الجديد/ة، لكن الأكيد أن الضربة قد أصابت صناعة التكنولوجيا نفسها، فكيف ستنتهي الأزمة التي بدأت بسلسلة تتبع وتحقيقات كما أعلن عن أسرار العملية وأطرافها!
إن البشرية لم تصمد لآلاف السنين إلا بالأمل والأحلام والتطور، تطور العلم، الثقافة، القوانين، الحقوق، الفن، الطب...، لكن العلم اليوم لا يتطور نحو الأفضل أو الأحسن على ما يبدو، فالأطباء يخترعون الأوبئة لقتل البشر، والتقنية تفخخ نفسها لتقتل أكبر عدد في أقل من دقيقة، أشياء كثيرة انحرفت عن مسارها ومهمتها، والحديث الدائر اليوم في أوساط العالم هو عن الضوابط الأخلاقية التي تحكم التكنولوجيا، فهل يمكن في ظل هذه الفوضى أن ينبثق نور يعيد البشرية لصوابها؟
1261 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع