عدنان حسين
لست أفهم أيّ مصلحة لنائب منتخب من الشعب، أو معيّن من رئيس كتلته عضواً في البرلمان ليقوم مقام نائب الشعب، في أن يلعب دور محامي الشيطان؟ وما من شيطان ألعن من الفَسَدة سراق المال العام والمتواطئين معهم، فكل ما يعانيه العراقيون منذ عشر سنين هو من صنع أيديهم.
النائب عن ائتلاف دولة القانون شاكر الدراجي طلع علينا بشهادة حسن سلوك للمتهمين بالفساد في صفقة الأسلحة الروسية التي لم تُعقد، قبل أن تقول لجنته والقضاء كلمتهما، فقد تفتّق ذهنه عن حكاية من نوع قصص أرسين لوبين، مع فارق كبير جداً هو ان لوبين كان لصاً مُتخيلاً ظريفاً للغاية، أما لصوص مالنا العام فحقيقيون، وأثقل من حجر الجبال، ومجرمون من الطراز الاول في حق 35 مليون عراقي يعيشون الحياة وفي حق مئات الملايين من أخلافنا الذين سيُحرمون هم أيضاً، كما آباؤهم واجدادهم، من ثروة تخصّهم يستولى عليها الآن نفر لا ذمة له ولا ضمير.
النائب الدراجي ، وهو عضو اللجنة البرلمانية التي حققت في القضية قال في تصريح صحفي إن "المخابرات الاميركية (CIA) دخلت بقوة على خط صفقة الاسلحة الروسية عبر بعض الاشخاص وأثارت غباراً حول الصفقة وسعت بقوة الى الغائها"، وأضاف "لا توجد أي أدلة موثقة تؤكد وجود فساد في صفقة الاسلحة الروسية، وكل ما قيل هو مجرد تكهنات"، لكنه استدرك "لا استبعد وجود اطراف حاولت الاستفادة من الصفقة، إضافة الى وجود أطراف سياسية أخرى سعت إلى إلغاء الصفقة".
نتمنى من القلب ان الفساد في هذه الصفقة قضية ملفّقة تماماً، ونتمنى من القلب أيضاً ألا يكون هناك فساد من أي نوع وبأي درجة في سائر صفقات الاسلحة والسلع المستوردة والمشاريع المتعاقد على انشائها، وبخاصة مشاريع الكهرباء والنفط والزراعة والصناعة.. عدم وجود فساد يعني انطلاق عملية التنمية وإعادة الاعمار المتوقفة للعام الحادي عشر على التوالي، بل قبل ذلك بسنين عدة منذ عهد النظام السابق. وانطلاق التنمية واعادة الاعمار يعني مكافحة البطالة والفقر، وهذا بدوره يعني تجفيف مصادر تمويل الارهاب والجريمة مادياً وبشرياً، وبالتالي تحقيق الأمن والاستقرار في البلد.
لا شك أن شخصا مثل النائب الدراجي يُمكنه أن يتوافر على معلومات دقيقة عن الصفقة ومجرياتها، ولكن ليس بالضرورة إن الذي يعرف مثل هذه المعلومات سينطق بالحقيقة. ولكن ثمة أسئلة يتعيّن على النائب الدراجي الاجابة عنها لكي نأخذ معلوماته على محمل الجد.
لماذا لم تُعقد الصفقة اذن؟ لماذا ألغاها أو جمّدها رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي وأعاد تشكيل اللجنة المكلفة بعقد الصفقة للتفاوض من جديد مع الجانب الروسي؟ ولماذا أقال الرئيس الروسي وزير دفاعه ورئيس الاركان السابقين اللذين قالت وسائل اعلام روسية ودولية ان الاقالة جاءت على خلفية قضايا احتيال وفساد مالي، بعضها على صلة بالصفقة غير المكتملة مع العراق؟
ولماذا أيضاً أرغم السيد المالكي الناطق السابق باسم الحكومة علي الدباغ على الاستقالة من منصبه؟ ولماذا أعلن بعض النواب المقربين من المالكي، كعزت الشابندر، وجود عنصر فساد في الصفقة، وانه شخصياً أخبر السيد المالكي بذلك؟
وأخيراً، لماذا أكد نواب من كتل أخرى، بعضهم زملاء للنائب الدراجي في لجنة التحقيق، على نحو قاطع ان هناك فساداً في صفقة الاسلحة الروسية؟
هل يجيبنا السيد الدراجي عن هذه الأسئلة أم "سيُغلّس" ؟
935 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع