مثنى عبيدة حسين
ليس عنواناً لتظاهرة حقيقية وليس عنواناً لفلم هندي يضيع فيه طفلان ثم يكبران ويلتقيان وهذا يقول للأخر أنت أبي وذاك يقول أين أبن أمي أذاً وليس العنوان لمسلسل مدبلج من ألف حلقة تجعلك تتوه من البطل ومن البطلة وأين البداية ومتى النهاية ......
إنما العنوان واضح وصريح لفلم مصري بامتياز لم يسبقه فلم أو مسرحية أخرى جرت فصولها على خشبة مسرح ٍ أو في بلدٍ يسير نحو الضياع.
هكذا وبعد ثورة عارمة قدم فيها الشعب المصري الأبي التضحيات الجسام ووقف في وجه طاغية فرعوني مستنسخ من الفرعون الأكبر أسقطته هذه الجماهير لتكمل صفحة من صفحات التغير والربيع العربي الذي أطلق عنان الشعب وفك قيد السجين المكبل منذ عشرات السنين .
رحل الفرعون إلى حيث منتجعه الشهير متأملاً حال البلد التي سارت مزهوة بانتصارها حالمة بغدها المشرق حرة كريمة عزيزة بأهلها وناسها الطيبين الذين أحسوا بأنهم أحرار أبناء أحرار وسارت الجموع نحو صناديق الاقتراع وهي عازمة أن لن يحكمها بعد اليوم فرعون جديد يعتلي على الرقاب ويجثم على الصدور إلى الأبد ولن تركع له على مضض ولن تـُقبل الأكتاف وتنتظر حكم الأولاد والأحفاد .
خرجت مصر كلها إلى الانتخاب وكان صراعاً حقيقياً بين الطهر والصدق وبين أتباع الفرعون وفلوله المنهارة وغيرهم حتى أن ظهرت نتيجة الاقتراع كان أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر أسمه الدكتور محمد مرسي مصري حاله حال كل المصريين الشرفاء المحبين لبلدهم بغض النظر عن انتماءهم السياسي أو الحزبي الضيق فالكل مصريون يحبون مصر ويسعون لكي تكون في مقدمة الصفوف حرة آبية مكتفية بقدراتها لا تشحذ من الدول قوت عيالها وفي أرضها الخير الوفير .
وبداء الرجل عهده في محاولة لإصلاح ما أفسده الطغاة عبر مراحل مصر الحديثة وهو مدرك لحجم المهمة وعظم المسؤولية وصعوبتها وسط فسادٍ مستشرٍ في كل مرافق الدولة ومؤسساتها التي كانت تنتعش ُعلى الرشوة والفساد الإداري والمالي وانتهاك ٍ لحقوق الإنسان تربوا عليه منذ صلاح نصر رئيس المخابرات المصرية أبان الستينيات وقبله ومن جاء بعده حتى أن هذه المؤسسة الأمنية كانت مدرسة لكل الحكومات العربية اللاحقة ممن أستهوتها لعبة الانقلابات وإذلال شعوبها وقهرها تحت سياط الذل والمهانة والتجويع ونهب الثروات مستلهمين من قيادات المرحلة شعاراتها الجوفاء الفارغة التي أضاعت الأرض وأهلكت الحرث والنسل .
طبعاً كانت هناك المؤسسة العسكرية التي تربى قادتها على تلك الشعارات ثم ما لبثت هذه المؤسسة أن أستئسدت في الميدان وأقصد ليس ميدان الجبهات والقتال أنما ميدان الشوارع والمحلات والحارات والمدن العربية التي جربت فيها كل وسائل التدريب والتعبئة القتالية وعوضت فيها هزائمها على الجبهات إلى انتصارات ساحقة على المساجد ودور العبادة وجعلت المدارس ثكنات والمستشفيات وسائل لتطبيق الجراحات الخطيرة وتحول الوطن من وطن ٍ للعيش إلى وطن ٍ للسجن والموت وكل ذلك والناس من الخليج إلى المحيط مغيبة تحت خطوط الفقر والجوع والأمراض أو تحت ثقل الأوزان المتخمة من الثراء والحياة المصطنعة المستوردة فيها حتى الملابس الداخلية
نعود إلى مصر ذلك البلد العربي الذي حفظنا أسماء حاراته ومدنه وتاريخه عن طريق الأعلام المقروء والمسموع والمرئي حتى أصبحت اللهجة المصرية معروفة وغير غريبة على الأسماع في أي زاوية من زوايا عالمنا العربي وبكل القوميات الأخرى التي تعيش فيه وبجواره ،
عرفنا شيوخه وعلماءه وعرفنا كـُتابه وفنانيه عرفنا الفول والفطير المشلتت وعرفنا أزياه وتراثه والنيل الذي يسقي أرضه عرفنا وعرفنا وعرفنا عن ظهر قلب ماذا تعني مصر
ليس المهم من فاز أو خسر في انتخابات ديمقراطية المهم مصر أيها المصرية ...
جاء الرئيس المنتخب وبدأت الثورة المضادة المتسلحة بكل الإرث النضالي لرموز الحقبة السوداء من عسكر وحرامية من أعلامين وبلطجية ومن قطاعات نظيفة لا تعرف نهاية المسرحية
التي أشار المخرج فيها إلى أبناء الكلية الحربية أن هبوا إلى الشرعية الثورية وأركبوا الموجة التاريخية فقد حان الوقت لعودة الجزمة العسكرية تحت لهيب شعارات الحرية ...
ولكي تكتمل مشاهد الفصل الدموي تحركت الدبابات وطائرات القوة الجوية لكي تغير على المدن و الميادين المصرية وسط إدانة دولية من جماعات غربية وترحيب من دول عربية امتزجت فيها التجارة والخوف على الكرسي والعروش الأزلية ، ليتم عزل الرئيس المنتخب في انقلاب يعيد مشهد الانقلابات الدموية ونحن في القرن الواحد والعشرين من القرون الميلادية وتبدأ الغزوات الملحمية لأبطال الجمهورية قتل سحل تعذيب انتهاك للحقوق البشرية وتدخل البلاد نفق مظلم ٍ لا ترى فيه نور في أخره ألا وديان سحيقة جهنمية
حتى بعض الكتاب والمفكرين الليبرالية المنادين بالحقوق ويتكلمون الإفرنجية تراهم نسوا كل ما أتحفونا به من مقالات وخطب وهمية تراهم يقولون نعم للعسكرية..
أما بعض دعاة القومية واليسارية فقد تفتقت عبقرياتهم عن مقالات أقل ما يقال فيها أنها أوهام شيطانية ..
طيب لماذا لم تسقطوا مرسي بالقرارات القضائية ؟ ...
لماذا لم تسقطوه بالانتخابات الشرعية ؟ ...
لماذا لم تظهروا لنا الأرقام الفلكية ؟
لمن قتله مرسي ؟؟؟ ...
ومن قتلته الآلة الحربية التي تسارع خطاها لبسط الديمقراطية ؟
الرجاء أظهار كم أختلس مرسي من الخزينة المصرية ؟؟؟
كذلك الرجاء أعلامنا عن المليارات المنهوبة في البنوك السويسرية ؟
طوال ثلاثين سنة تآمرية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟....
وبعد أن سار المخطط بصورة طبيعية لكي يصل إلى نهايته التي هي عودة لبداية العبودية يخرج علينا بطل الأمة وزعيمها ذو الهمة الشبابية بعد كهولة وهرمية ....
يخرج تحمله طائرة مروحية فيها أحدث الأجهزة الطبية التي حـُرم منها الأغلبية من المرضى والمعاقين وأبناء المصرية ...
يخرج علينا الرئيس وجموع ٌ كغثاء السيل تهتف أحنا آسفين يا رئيس الجمهورية
نحن أولادك الذين أعادوك إلى القصور الرئاسية على حساب دماء الشهداء والغلابة المصرية..
مبروك يا مبارك البراءة فأنت البطل ونحن الأقزام أبناء العبودية...
أنت الحر ونحن عبيدك ندفن معك في المقابر الفرعونية ...
تبقى أنت الأب القائد والرمز الخالد منذ الأزلية ...
أحنا تلاميذك يا ريس شفت أزي ضحكنا على الأغلبية ...
يا ريس العالم كله ضحك على الثورة المصرية ...
مبروك لدعاة الحرية والديمقراطية ...
مبروك لكل الكتاب والهاتفين بسقوط الرئيس المنتخب للجمهورية ...
مبروك لكل من ناصر الانقلابات العسكرية ...
مبروك عليكم رجوع رئيس الجمهورية ...
تسقط تسقط الديمقراطية .. تسقط تسقط الحرية ...
عاشت عاشت الجزمة العسكرية
عاشت عاشت دولة الفساد والمحسوبية ...
عاشت عاشت الحرامية والبلطجية ..
تحيى تحيى السلالة المباركية ..
تحيى تحيى السجون السرية ..
تحيى تحيى النكبة العلنية ..
المنقولة للعالم بالقنوات الفضائية ..
تحيى تحيى الاعتقالات والإعدامات الغازية وسحق العظام البشرية ...
تحيى تحيى الديكتاتورية
هذه الوصفة السحرية الطبية للشعوب العربية ...
الفاتحة على روح النزاهة والصدق والوطنية ...
فالشعب أو ما تبقى من الشعب يريد إعادة رئيس الحرامية
عفواً رئيس الجمهورية ...
أرفعوا الستارة على أحدث الأفلام الهندية ...
الشعب يريد إعادة الرئيس ....
ودقي يا مزيكة
991 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع