أحمد العبدالله
الكسنزانية؛(سمك لبن تمر هندي)!!
في كتابه الموسوم(خطة الهجوم), الصادر في 2005, يتحدث الكاتب الأمريكي الشهير(بوب وود ورد), عن عملية للمخابرات الأمريكية في السليمانية، حيث قام رئيس الفريق(تيم)بالتنسيق مع(شول),وهما من ضباط المخابرات, بإنشاء محطة لجمع المعلومات في المناطق التي تحت سيطرة جلال طالباني, قبل الغزو الأمريكي بأشهر قليلة. ويقدم الكاتب تفاصيل عن الأموال التي أنفقتها المخابرات الأمريكية، والصلات التي أقامتها مع من أسماه؛(زعيم جماعة دينية)، ويقصد(الشيخ)محمد عبد الكريم الكسنزاني, حيث قام نجلاه؛(نهرو)و (غاندي) ,بتزويدهم بمعلومات مهمة وسرية, بواسطة عملاء من(المريدين)الذين يتبعون الجماعة المذكورة, كما أمّنوا اتصالات مع قيادات وسطية في الجيش العراقي, حسب قوله.
وكان(نهرو)يوزع هواتف الثريا على(مريديه), للتجسس لصالح الأمريكان في 2003, حيث زوّدهم بإحداثيات المواقع التي تنوي أمريكا ضربها. أما قبل ذلك, فكانت(الكسنزانية)تحتفل بعيد ميلاد الرئيس صدّام حسين سنويا!!. وأطلقت عليه لقب؛(سليل الدوحة المحمدية المباركة)!!. وكانوا يلقوَن رعاية كبيرة من قبل نائب الرئيس عزت الدوري, والذي تربطه بهم علاقات وثيقة, وكان يرتاد مناسباتهم واحتفالاتهم. كما منحتهم الحكومة قطعة أرض واسعة في منطقة السيدية, بنوا عليها مركزا لهم محاطا بمزرعة, وبعد الاحتلال في 2003, حوّلوه لمشروع استثماري يدرّ عليهم الأموال, والتي يحبّونها حبًّا جمّا.
والغريب إن(شيخ الطريقة), سمّي ولديه؛(نهرو) و(غاندي)!!, ويُفترض به كمسلم, أن يتخذ الأسماء المستحبة في الإسلام, وليس أسماء لهنود وثنيّين من عبدة البقر!!. و(نهرو)؛الخليفة الوريث, شخصية غريبة الأطوار ويجمع المتناقضات في آن واحد, ويلعب على كل الحبال, على طريقة؛(سمك لبن تمر هندي)!!. فهو يطبّل لصدّام سابقًا, ثم ينقلب على عقبيه ليعمل جاسوسًا لدى الأمريكان(الكفار)!!. ثم يسرق من خلال شقيقه وزير التجارة الفاسد المدعو(ملاص), قوت الشعب(البطاقة التموينية), وهو سياسي انتهازي, وتاجر فاسد, وإعلامي فاشل, ومؤلف كتب لا يقرأها أحد, ويحمل شهادة دكتوراه غير معترف بها, ويحلم بالوصول إلى رئاسة العراق, ويرقص مع الدراويش ويضرب معهم(درباشة), ويتزوج من ممثلة إغراء!!.
وهم يزعمون(الزهد)!!, ولكن بينهم وبينه سنوات ضوئية. فكيف يكون زاهدًا من يلبس الحرير الطبيعي, ويسكن القصور الفارهة, ويركب أفخم السيارات وأغلاها, ويتنقل بين الدول بأحدث الطائرات؟!. وهم في رغد العيش كالأمراء, وحساباتهم المصرفية مكتنزة بالدولارات الخضراء والذهب والمجوهرات, ويأكلون ويشربون وينكحون كلّ ما لذَّ وطاب من متاع الحياة الدنيا, وهم ممثلون بارعون مع قطيعهم. والدّين لديهم وسيلة للتسلّق والارتزاق وكسب المزيد من الأتباع المغفّلين من فاقدي البصيرة, وحالهم شبيه بـ(زهد)معمّمي الشيعة, فكلّهم(في الهوا سوا). والذين يشملهم قول الحق سبحانه وتعالى؛(﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾).
وعجبي من هؤلاء الأتباع المساكين الذين يزحفون على وجوههم خلف هؤلاء الدجالين, ويطيعونهم كالعميان, أكثر من طاعة الله تعالى, فيبيعون دينهم بدنيا غيرهم, وليس حتى بدنياهم, من خلال مقولات حشوها في عقولهم, إن كانت لهم عقول أصلا, مثل؛(من قال لشيخه: لِمَ؟ لن يفلح أبدا)!!, و(خطأ الشيخ خير من صواب المريد)!!و(كن بين يدي شيخك كالميت بين يدي مغسّله)!!,..الخ, من الخزعبلات التي ما أنزل الله بها من سلطان, والتي تخالف القرآن والسُنّة الصحيحة, وذلك هو الاستعباد بعينه, بل أدنى من ذلك. وهو ما ينطبق عليهم قوله سبحانه؛(( وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا )).
والطرق الصوفية بشكل عام, عدا استثناءات قليلة, كالسنوسية وبعض النقشبندية, تسعى من خلال فكرها لإشاعة روح الرضوخ والاستسلام والتبعية لزعمائها ومن خلالهم للمتغلّبين, إن كانوا مستعمرين أو حكام ظلمة فاسدين. كما حصل في الجزائر خلال فترة الاستعمار الفرنسي, حيث حاول الصوفية هناك ترسيخ فكرة مؤداها؛ أيها الجزائريون..لا تقاوموا الفرنسيين لأن الله قد سلّطهم عليكم وابتلاكم بهم, بسبب سوء عملكم!!. فردَّ لهم المستعمر الفرنسي هذا(الصنيع)بالدعم والتشجيع وإقامة(الزوايا)لهم. وهو الأمر ذاته الذي فعله المجرم النصيري حافظ أسد في سوريا, حيث دعم الصوفيّة الذين يوالونه مثل(كفتارو) و(حسون), والتنظيم النسوي المسمّى بـ(القبيسيّات), نسبة لمؤسسته (منيرة القبيسي), والتي قضى عليها الموت أواخر عام 2022, وكانت من أكبر المساندين لـ(نظام الأسدين)رغم المجازر البشعة التي ارتكبها ضد شعب سوريا المسلم عبر أكثر من نصف قرن من تسلّطهما. والغريب إن المعارضة والنظام في سوريا, واللّذين يختلفان في كل شيء, ولكن(موت منيرة)قد(وحّد)بينهما, فقد نعياها, وبالكلمات نفسها تقريبا, ووصفاها بـ(المربية الفاضلة والأستاذة القديرة)!!.
إن هذه التيارات المنحرفة, تسعى لاختزال الإسلام بمظاهر طقوسية جامدة, وتجريده من أحد أهم ركائزه وهو(الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر), وهم أهل مغنم وطلاب دنيا. وغدًا؛ يوم يقوم الأشهاد, يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون, ويقف الجميع للحساب أمام ربّ السماوات والأرض, يتبرّأ التابع من المتبوع, وكما قال تعالى؛(( وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۚ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ ۖ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ )).
والحمد لله على نعمة الإسلام النقيّ من الخرافات والخزعبلات والضلالات.
2964 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع