التاريخ و صراع الامم والحضارات الهائل

                                       

                        عبد القادر أبو عيسى

منطقة الوطن العربي من المناطق القليلة والنادرة في العالم من ناحيتين الاولى ان الله حباها بخيرات كثيرة منها الموقع الاستراتيجي والممرات المائية المهمة مثل قناة السويس ’ ومصادر من الثروات عديدة ومتنوعة واهما الغاز والنفط ’ وتحيطها البحار والمحيطات والانهار من كل جانب واساس تاريخ وحضارة العالم ومبعث الرسل والانبياء .

والثانية لهذه الامتيازات . ابتلائِها بكل انواع الاستعمار ومن دول مستعمرة عديدة ومتنوعة مثل الاستعمار الفرنسي والايطالي والانكليزي والتركي والفارسي والصهيوني والاميركي وغيرها من الدول .
لذالك حاولت وتحاول الدول العربية ان تناهض المستعمرين وان تخرج خارج دائرة السيطرة والاستحواذ الاستعماري وهذ الحال كلفها الكثير من الخسارة في شعبها ومواردها واصرار الاستعمار العالمي على كبح جماح ثورات هذه الدول ومحاولة منع تطورها وتقدمها واتجاهها في البناء والتحرير فكان الصراع مريراً وقاسياً في الجزائر وتونس والعراق وبلاد الشام ومصر وغيرها من اجزاء الوطن العربي –  وكان للعامل التاريخي وعقده حضور متميزفي هذه المنازلة !
المفكر ( بول فاليري ) يقول ( ان التاريخ هو اخطر مادة كيميائية أنتجهاعقل الانسان ! ذلك ان التاريخ يضخم للناس الذكريات ’ ويمزق نفوسهم ’ ويقودهم وراء احلام عظمة قديمة ’ او اشباح اضطهاد غابر . وبالنسبة للشعوب تماماً كالأفراد ’ كما ان درجة من الذاكرة مطلوبة فأن درجة من النسيان واجبة ) ولا شك ان كلمة بول فاليري فيها كثير من الصواب ولكن لعلنا نحن العرب في هذه المرحلة بالذات احوج ما نكون الى الكثير جداً من التذكر والقليل جداً من النسيان . لأن العالم من حولنا يتذكر العالم الحقيقي . وليس العالم في الكتب والنظريات . ولأن التحدي الاستعماري الخطير يقوم على استرجاع ذكريات اندثرت تماماً منذ آلاف السنين مثل ما نرى هذا التحدي الصهيوني يركب موجة تاريخية عمرها مئات السنين من تخلف العرب وتقدم اوربا العلمي والحضاري والتكنلوجي . ويستفيد من رواسب في الاعماق الاوربية ’ من معاداة العرب والخوف من قوتهم وتذكر ايام ازدهار دولتهم . . عندما نرى هذا كله لأبد ان نفكر من خلال الرؤيا التاريخية للموقف الذي نحن فيه ’ ولابد لنا ان نتذكر . عندما دخل الجنرال ( اللنبي ) مدينة القدس في الحرب العالمية الاولى قال مستحضراً الرؤية التاريخية اليوم انتهت الحروب الصليبية ! وعندما دخل الجنرال ( غورو ) مدينة دمشق قال في المدينة التي تضم رفات صلاح الدين الايوبي قال ( ها قد عدنا يا صلاح الدين ) وعندما سئل بوش الصغير بعد غزو العراق , هل هي حرب صليبية أجاب بنعم ’ هي حرب صليبية . وأذا كانت التعبيرات التي استخدمها الثلاثة ( دينية ) فهي في جوهرها (( حضارية استعمارية )) وفي كتاب ساطع الحصري عن يوم ( ميسلون ) اليوم الذي انتصرفيه ( غورو ) ودخل دمشق فينقل المؤرخ من مذكرات الضابط  الفرنسي ( جواييه ) الذي كان على رأس أول قوة فرنسية دخلت دمشق ينقل قوله في مذكراته التي سجلها تلك الليلة ( أنا في دمشق ) هذا الاسم يمثل لي شيئاًخرافياً عندما اقرؤه في سجلات عائلتي وانا في سن الطفولة . كان يتذكر حال جده ( مونجولييه ) عندما وقع في الاسر خلال الحروب الصليبية الثانية سنة 1145 م وجعلوه اهل دمشق يعمل في احد معامل الورق
رقد العرب في تراب الاضمحلال خمسة قرون !
اللورد ( اللنبي ) دخل القدس فقال ’ انه يصل ما انقطع من سبعة قرون ! الجنرال ( غورو ) يدخل دمشق فلا يرى ألا انه قد ثأر من صلاح الدين الضابط ( جواييه ) يرى ان العدالة السماوية هي التي اعادته غازياً حيث سقط جده اسيراً قبل سبعمائة سنة . ( بن جوريون ) ايضاً يتحدث عن العدالة السماوية التي اعادته الى ارض اسرائيل بعد الفي سنة و ( بوش الصغير) يقول ان وجود البترول في المنطقة العربية خطئ ألاهي يجب تصحيحه والعدالة السماوية بريئة من كل هذا ! فكل من جاء منهم جاء ليشغل صفحة من كتاب التأريخ الضخم ثم يرحل ! ولكنه صراع الأمم و الحضارات الهائل . أميركا وما فعلته في العراق يجسد تماماً هذا المنطق فقد تآلفت كوامن الحقد الاسود على تمزيق وتدمير ( بغداد ) كونها المرتكز لحضارة العرب والعنوان التاريخي الحضاري الانساني المتجذر في الوجدان العربي ’ لذلك نرى هذا الذي حدث ويحدث في العراق من الايغال في التدمير عندما نرى الاجرام الاميركي نرى جذور الصهيونية المتشعبة وتأثيرها على المجتمع الاميركي . يقول جورج بوش المجرم مخاطباً ثلة من شعبه  لولا حروب اميركا لما كنتم تتمتعون بهذا الرخاء الذي انتم عليه . كذلك نرى تواصل الحقد الفارس مع اعداء العراق والامة الاسلامية والعربية ! وهنا وقفة لابد منها , كنا نأمل كعرب ومسلمين بأن العداوة الفارسية العربية أنتهت بدخول ايران الاسلام ( الأسلام يَجُبَ ماقبله ) بعد ان استقرت هذه العلاقة لحين من الزمن , لكن تقلب الاحداث وأختلاف المراحل قلب الموازين , فعادت ايران الى ميزانها التاريخي الخطئ , فبدل أن تستند على العرب وتتفاعل معهم وتشاركهم تحدياتهم المصيرية صارت بالضد من ذلك وأنتهجت نفس النهج الاستعماري الخبيث , والعقد التاريخية القديمة مما ارهق كاهل العرب وفت في عضدهم و أخذت ( تبذر بذور إيجاد نفسية الولاء المزدوج لدى من تستطيع ) آملة من جني ثمار هذا كله على كافة المستويات ’ من التجسس الى الدعاية والتشهير واثارة القلاقل والمشاكل بمختلف انواعها مثل الطائفية والعنصرية ونهب خيرات العراق و بحجة قوية لا تمتلكها الصهيونية او الاستعمار العالمي هي حجة الدين . يقول رفسنجاني في ذلك ( ان القومية حالة سخيفة علينا نبذها والتمسك بالدين ) يعلنون ولا يعملون بما يعلنون ,
عالم جديد ؟ حضارة عالمية واحدة لأول مرة في التاريخ منذ الأزل ؟ - - عظيم ! ونحن أول المؤمنين ! ولكن العالم الحقيقي الذي نعيشه لم يصل لهذا بعد , العالم الذي نعيش فيه ما زال عالم اللنبي وغورو وليندون جونسون و موشي دايان وبوش وبنيامين نتنياهو . ولا بد لنا ان نخوض الصراع حتى نصل بالفعل ’ لا في الكتب والخطب ذاك العالم الجديد . أن مانواجهه اليوم سلسلة طويلة فيها النصر والهزيمة , ولا بد لنا من مواصلتها . منذ سنين طويلة والعرب يحاولون أن يشرئبوا بأعناقهم من تراب التخلف فينجحوا احياناً ويتلقوا الصدمات احياناً اخرى . حتى نحوّل الموج الى أتجاهه التاريخي الطبيعي الصحيح ’ سوف نحتاج الى الكثير من الوقت ومن الجهد ومن التضحيات بكل الابعاد العسكرية والحضارية والفكرية والنفسية والمادية
ماهي (( الثورة )) الآن ؟ ..... الثورة هي شيئ واحد :
كسر التحدي الصهيوني العنصري . كسر التحدي الاستعماري الحضاري . كسر حلقة تيمورلنك . اللنبي . بن جوريون . بوش . خميني
هذا الذي يجب ان يكون في خلق عالم أنساني جديد !
عبد القادر ابو عيسى – كتب بتاريخ 4 / آب / 2013

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1152 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع