صفحة من تاريخ الجيش العراقي - التجنيد الالزامي بين القبول والرفض

غريب دوحي الناصر

صفحة من تاريخ الجيش العراقي - التجنيد الالزامي بين القبول والرفض

* / السلطات العثمانية كانت ترسل الجنود في أوقات الحروب الى مناطق نائية مثل اليمن وروسيا والحجاز حيث يبقون لفترات طويلة وتنقطع صلاتهم بأهله /

** / برر المعارضون موقفهم بأن التجنيد الإلزامي يؤدي الى نقص في الإنتاج الزراعي لأنه يجبر الفلاح المشمول به على ترك أرضه والالتحاق بالجيش /

مرة اخرى نسمع عن طريق وسائل الإعلام العراقية عن تحرك مجلس النواب العراقي لمناقشة قانون جديد للتجنيد الإلزامي ومنذ ان استلم محمد شياع السوداني مهماته كرئيس للوزراء اخذنا نرتقب اقرار هذا المشروع المهم من قبل البرلمان ويحسب كانجاز للسيد السوداني , لقد لاحظنا مثل هذا التحرك في عام 2019م إلا ان هذا التحرك هدأ تدريجياً ثم طواه النسيان .

عندما تأسس الجيش العراقي في مطلع عام 1921 كان الأساس الذي استند اليه هو نظام التطوع حيث تأسس فوج (الكاظم)، وكان وزير الدفاع في حينها جعفر العسكري وبعد مرور (13) عاماً على هذا التاريخ اي في عام 1934 اقرت الحكومة قانوناً أسمته (قانون الدفاع الوطني) وأصبح نافذ المفعول عام 1935، وأصبح هذا اليوم يوماً عظيماً في تاريخ العراق والجيش العراقي حيث انطلقت المسيرات الجماهيرية في شوارع بغداد , وفي الاول من كانون الثاني 1936 استدعيت اول وجبة للتجنيد الإلزامي بطلب من الملك غازي حيث اصدر ارادة ملكية بذلك تقول : "ان العراق بحاجة الى جيش قوي مسلم يصون كرامة البلاد ويصد عنها الأطماع الخارجية.." .
بين التأييد والمعارضة
عارض العراقيون قانون التجنيد الالزامي الذي شرعه مدحت باشا وذلك لسوء الأوضاع التي كان يعيشها الجندي العراقي حيث قلة المأكل والملبس والراتب الضئيل ثم ان السلطات العثمانية كانت ترسل الجنود في أوقات الحروب الى مناطق نائية مثل اليمن وروسيا والحجاز حيث يبقون لفترات طويلة وتنقطع صلاتهم بأهلهم مما أدى الى ارتفاع نسبة الهروب من الجيش . ولم يحصل قانون التجنيد الالزامي الذي صدر في عهد الملك غازي على تأييد كل السياسيين في العراق فقد أيده البعض وعارضه البعض الآخر وقد برر المعارضون موقفهم بان التجنيد الإلزامي يؤدي الى نقص في الإنتاج الزراعي لأنه يجبر الفلاح المشمول به على ترك أرضه والالتحاق بالجيش واعتبروا ان نظام التطوع أفضل منه كما عارضه الإقطاعيون واعتبروه ضد مصالحهم الشخصية إضافة الى معارضة بعض رجال الدين الذين كانوا يخشون على أولادهم من الالتحاق بالجيش لذلك بدأت وفود العشائر العراقية تصل الى بغداد كما رفع بعض الأهالي العرائض الى الملك غازي في محاولة لتأجيل إصدار القانون طالبين إعفاء أولادهم من التجنيد الالزامي غير ان الملك غازي لم يستجب لطلباتهم فأعلنوا الثورة ضد الحكومة في الرميثة وسوق الشيوخ والمدنية ومدن اخرى وكان من ابرز السياسيين المعارضين للتجنيد الإلزامي جميل المدفعي وحكمت سليمان وجعفر ابو التمن ؛ بينما كان الفريق جعفر العسكري وزير الدفاع ومؤسس الجيش العراقي يرى ان هيبة الدولة تكمن في قواتها المسلحة التي ترتكز على التجنيد الإلزامي لأنه مفتاح الحل لنظام اجتماعي جديد في العراق.
أما الانكليز فقد عارضوا قانون التجنيد الإلزامي لأنهم لا يحبذون ان يكون
للعراق جيش قوي خوفا على مصالحهم السياسية والعسكرية والاقتصادية وهكذا كانت المعارضة للتجنيد الإلزامي تتمثل في الانكليز والإقطاعيين وبعض رجال الدين الذين كانوا يرون ان التجنيد يتعارض مع مصالحهم الآنية, ويرى البعض انه يتعارض مع الديمقراطية في العراق . أما في عراق اليوم فان ايجابيات التجنيد الإجباري اكثر من سلبياته فالأوضاع الداخلية والخارجية للبلاد تتطلب وجود جيش قوي مدرب ومجهز بالأسلحة الحديثة فالعراق محاط بالأعداء من كل جانب وان دول الجوار تحكمها عقد نفسية قديمة تبعث بين حين وآخر ، اضافة الى فيالق العاطلين عن العمل من خريجي الكليات والمعاهد الذين يخرجون بين فترة وأخرى في مظاهرات مطالبين بإيجاد فرص عمل لهم بدلاً من العمالة الاجنبية وبذلك يكون قانون التجنيد قد امتص أعدادا كبيرة من الشباب العاطلين والمتسكعين في الشوارع والمدمنين وهكذا يكون قانون التجنيد وصفة طبية ناجحة للمجتمع العراقي . أما المعارضون للقانون فإنهم لا يريدون ان يكون للعراق جيش قوي خوفاً على مصالحهم ومصالح أسيادهم .

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

625 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع