ضحى عبد الرحمن
كاتبة عراقية
مباحث في اللغة والأدب/21
معنى المعيدي في اللغة والتراث
ملاحظة
بسبب طول المبحث وجدنا من الأفضل ان يكون بجزئين، وسنشير الى المصادر في نهاية الجزء الثاني.
الجزء الثاني
حكايات
قال شمس الدين النواحي" ان طالبا من بلاد بعيدة وفد الى الحريري ليأخذ عنه العلم والأدب، فسأل عن منزله الى أن جاء اليه وطرق الباب فخرج اليه الحريري وقال: ماذا تريد؟ قال أريد الحريري! فقال الحريري: هو أنا فما حاجتك؟ فلما رآه استقبحته عينه وقال: أنت الحريري وأخذ يكررها، فأنشد الحريري:
رحل قلوصك عني انني رجل مثل المعيدي إسمع بيٌ ولا تراني
(حلبة الكميت/88)
ـ دخل بعض الفصحاء على بعض الاُمراء فازدراه لدمامته وقال: لإن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، فقال: مهلاً أيّها الأمير، فإنّما المرء بأصغريه قلبه ولسانه، إن تكلّم تكلّم بلسان وإن قاتل قاتل بجنان، ثمّ أنشأ يقول:
وما المرء إلاّ الأصغران لسانه ... ومعقوله والجسم خلق مصوّر
فإن غرّة راقتك منه فربّما ... أمر مذاق العود والعود أخضر
( العقد المفصل/16)
ـ كتب أبو اسحق الصابىء إلى أبي الخير عن رقعة وصلت تتضمن أنه أهدى إليه جملا" وصلت رقعتك ففضضتها عن بلاغة يعجز عنها عبد الحميد في بلاغته وسبحان في خطابته وتصرف بين جد أمضى من القدر وهزل ارق من نسيم السحر إلا أن الفعل قصر عن القول لأنك ذكرت جملا جعلته لصفتك جملا وكان المعيدي أن تسمع لا أن تراه صغر عن الكبر وكبر عن القدم يعجب العاقل من حلول الحياة به ومن تأتِّي الحركة فيه لأنه عظم مجلد قد طال الكلأ فقده وبعد بالمرعى عهده". ثمرات الأوراق2/54).
ـ قال ابن قتيبة" قال رجل للأحنف: تسمع بالمعيديّ لا أن تراه» ؛ فقال: ما ذممت منّي يا بن أخي؟ قال: الدّمامة وقصر القامة؛ قال: لقد عبت عليّ ما لم أؤامر فيه".( عيون الأخبار4/36).
ـ قال عبد الملك بن عمير: قدم علينا الأحنف بن قيس الكوفة مع مصعب بن الزبير، فما رأيت خلة تذم إلا ورأيتها فيه، كان أصلع الرأس متراكب الأسنان أشدق، مائل الذقن، ناتئ الجبهة، ماحق العين، خفيف العارضين، أحنف، ولكنه كان إذا تكلم جلا عن نفسه، وقال له رجل يوماً (تسمع بالمعيدي خير من أن تراه". (سقط الملح/58).
ـ قال ابو اسحق الحصري" كان نهشل شاعرا ظريفا، وهو نهشل بن حرّىّ بن ضمرة بن جابر بن قطن بن نهشل بن دارم، وكان اسم جده ضمرة هذا: شقّة، ورد على النعمان بن المنذر فقال: من أنت؟ فقال: أنا شقّة، وكان قضيفا نحيفا دميما، فقال له النعمان: نسمع بالمعيدىّ لا أن تراه، والمعيدى: تصغير المعدّىّ، فذهبت مثلا، فقال: أبيت اللعن! إن الرجال لا تكال بالقفزان، وليست بمسوك يستقى بها من الغدران، وإنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه، إذا نطق نطق ببيان، وإذا قاتل قاتل بجنان، فقال: أنت ضمرة!". ( زهر الآداب4/1159).
ـ ذكر السيرافي " أما عنبسة بن معدان فإن معدان رجل من أهل ميسان قدم البصرة وأقام بها وكان لعبد الله بن عامر قيل بالبصرة فاستكثر النفقة عليه فأتاه معدان فتقبل به بنفقته وفضل في كل شهر فكان يدعى معدان الفيل. فنشأ له ابن يقال له عنبسة فتعلم النحو وروى الشعر وظرف فادعى إلى مهرة بن حيدان. فبلغ الفرزدق أنه يروي عليه شعر جرير فقال:
لقد كان في معدان والفيل زاجرٌ لعنبسة الراوي على القصائد
فسأل بعض عمال البصرة عنبسة عن هذا البيت وعن الفيل فقال عنبسة: لم يقل والفيل إنما قال: اللؤم. فقال: إن أمراً فررت منه إلى اللؤم لأمرٌ عظيم ". (أخبار النحويين البصريين/20).
ـ قال المستعصمي" حَدَّثَ أَبُو بَكْر بن دُرَيْدٍ قَالَ: حَدَّثنا السّكْنُ بنُ سَعِيْدٍ قَالَ: حَدَّثنا عَلِيُ بنُ نَصْرٍ الجَّهْضَمِيُّ قَالَ: دَخَلَ كَثيْرٌ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ ابن مَرْوَانَ فَقَالَ: أنْتَ كَثِيْرٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أنْ تَسْمَعَ بِالمُعِيْدِيّ خَيْرًا مِنْ أنْ تَرَاهُ؟ فَقَالَ: يا أمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ كُل عِنْدَ مَحَلِّهِ رَحْبُ الفَنَاء شَامِخُ البِنَاءِ عَالِي السَّنَاءِ ثُمَّ أنْشَأَ يَقُولُ مُتَمَثِّلًا بِأبْيَاتِ العَبَّاسِ بن مرْدَاسٍ:
تَرَى الرَّجُلَ النَّحيفَ فَتَزدَريهِ ... وَفي أَثوابِهِ أَسَدٌ هَصُورُ
(ديوان العباس بن مرداس/58).(الدر الفريد5/327). (الأمالي للقالي/47).
ـ قال الخفاجي الحلبي" لما دخل ضمرة بن ضمرة على النعمان بن المنذر احتقره لما رأى من دمامته وقال: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه. فقال: أبيت اللعن أن الرجال لا تكال بالقفزان وليست تستقي فيها وإنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه إن صال صال بحنان وأن نطق نطق بلسان.
وأنشدوا لأبي الأعور السلمى:
كائن ترى من صامت لك معجب زيادته أو نقصه في التكلم
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
(سر الفصاحة/62).
ملاحظة: البيتان ينسبان أيضا لزهير ابن أبي سلمى في معلقته.
ــ ذكر القاضي عياض" مرت امرأتان بالبهلول بن راشد وهو يصلي فقالت إحداهما للأخرى: هذا البهلول. فقالت: لئن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه. فقال البهلول: هذه عرفتني". (ترتيب المدارك وتقريب المسالك3/90).
ـ ذكر عصام الدين العمري" كان أول من قال هذا المثل المنذر بن ماء السماء، كما ذكره الميداني ناقلا عن المفضل عن قصة طويلة، لكن نقتصر على البعض منها: وذلك أن المنذر كان يسمع بخبر رجل ويشتهي أن يراه، ويعجبه ما يبلغه عنه، فلما رآه، قال: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، فأرسلها مثلا، فقال ذلك الرجل: أبيت اللعن، وأسعدك إلهك. أن القوم ليسوا بجزر، يعني الشاء، إنما يعيش الرجل بأصغريه لسانه وقلبه. فأعجب المنذر كلامه وسره كلما رأى منه. و (ينشد) على هذا:
ظننت به خيراً فقصر دنه ... فيا رب مظنون به الخير يخلف
وقريب من هذا ما يحكي: إن الحجاج أرسل إلى عبد الملك بن
روان بكتاب مع رجل، فجعل عبد الملك يقرا الكتاب ثم يسأل الرجل فيشفيه بجواب ما سأله، فرفع عبد الملك رأسه إليه، فرآه أسود، فلما أعجبه ظرفه وبيانه قال منشدا:
وإن عراراً إن يكن غير واضح ... فأني أحب الجون ذا المنكب العمم
فقال له الرجل: يا أمير المؤمنين هل تدري من عرار؟
قال: لا. فقال له: أنا عرار ابن عمرو بن شاس الأسدي الشاعر.
ثم رأيت الشهاب الحجازي نقل هذا المثل وسبكه في قوالب الغزل ونقله إلى رقة الحضر فقال:
قصدت رؤية خصر مذ سمعت به ... فقال لي بلسان الحال ينشدني
انظر إلى الردف تستغن به وأنا ... مثل المعيدي تسمع بي ولا ترني
(الروض النضر1/125).
ـ قال المرزباني" حدثنى محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن أبى خيثمة، عن سليمان بن أبى شيخ، عن عوانة بن الحكم؛ وذكر مقتل أمير المؤمنين على بن أبى طالب صلوات الله عليه، وأمر قطام وعبد الرحمن بن ملجم، وتزويجها إياه ليقتل أمير المؤمنين عليّا عليه السلام، فبلغ كثّيرا ذلك، فقال: لآتينّها. فأتاها، فقالت قطام لكثير: تسمع بالمعيدى خير من أن تراه. فقال كثير:
رأت رجلا أودى السّقام بجسمه فلم يبق إلا منطق وجناجن
فإن أك معروق العظام فإننى إذا ما وزنت القوم بالقوم وازن
وإنى لما استودعتنى من أمانة إذا ضيّع الأسرار يا عزّ دافن
قالت: الحمد لله الذى قصّر بك فصرت لا تعرف إلا بعزّة، قال: والله ما قصر الله بى، فقد سار بها شعرى، وطار بها ذكرى، وقرب بها مجلسى، وطابت نفسى، وإنها كما قلت ووصفت.
قالت: فكيف قلت؟ قال: قلت:
وإنا سمونا بالوصال إلى التى ... وذكر البيتين.
فقالت له: مرّ فى قصيدتك. فقال:
من الخفرات البيض لم تر غلظة وفى الحسب الضّخم الرّفيع نجارها
وما روضة بالحزن طيبة الثرى وذكره والبيت الذى بعده.
قالت: فالله ما رأيت شاعرا قطّ أقلّ عقلا ولا أضعف وصفا منك، والله لو فعل هذا بزنجية لطاب ريحها؛ لامرؤ القيس أشعر منك وأوصف حيث يقول:
ألم تر أنى كلما جئت طارقا
فقام كثير وهو يقول:
الحقّ أبلج ما يخيل سبيله والحقّ يعرفه ذوو الألباب
(الموشح في مآخذ العلماء/201).
ويروى "لأنْ تَسْمَعَ بالمعيدي خير" و "أنْ تَسْمَعَ" ويروى "تسمع بالمعيدي لا أن تراه" والمختار "أن تسمع". يضرب لمن خَبَرُه خَيْرٌ من مَرْآه، ودخل الباء على تقدير: تُحَدَّث به خير. قال المفضل: أولُ مَنْ قال ذلك المنذر ابن ماء السماء، وكان من حديثه أن كُبَيْشَ ابن جابر أخا ضَمْرَة بن جابر من بني نَهْشَل كان عَرَضَ لأمةٍ لزرارة بن عُدُس يقال لها رُشَيَّة كانت سَبِيَّةً أصابها زُرَارة من الرُّفَيْدَات، وهو حي من العرب، فولدت له عمرا وذُؤَيْبا وبُرْغوثا، فمات كُبَيْش. وترعرع الغِلْمَة، فقال لقيط بن زرارة: يا رُشَيَّة مَنْ أبو بَنِيكِ؟ قالت: كُبَيْش بن جابر، قال: فاذهبي بهؤلاء الغِلْمة فغَلِّسِي بهم وجه ضمرة وخَبِّرِيه مَنْ هم، وكان لقيط عدوا لضَمْرة، فانطلقت بهم إلى ضَمْرة فقال: ما هؤلاء؟ قالت: بنو أخيك، فنتزع منها الغِلْمَة، وقال: الْحَقِي بأهلك، فرجعت فأخبرت أهلها بالخبر، فركب زُرَارة وكان رجلا حليما حتى أتى بني نَهْشَل فقال: رُدُّوا على غِلْمتي، فسبّه بنو نهشل، وأهْجَرُوا له، فلها رأى ذلك انصرف، فقال له قومه: ما صنعت؟ قال: خيرا، ما أحْسَنَ مالقيني به قومي، فمكث حولا ثم أتاهم فأعادوا عليه أسْوَأ ما كانوا قالوا له، فانصرف، فقال له قومه: ما صنعت؟ قال: خيرا قد أحْسَنَ بنو عمي وأجملوا، فمكث بذلك سبعَ سنين يأتيهم في كل سنة فيردونه بأسوأ الرد، فبينما بنو نهشل يسيرون ضُحًى إذ لحق بهم لاحِقٌ فأخبرهم أن زرارة قد مات، فقال ضمرة: يا بني نهشل، إنه قد مات حليم إخوتكم اليوم فاتقوهم بحقهم، ثم قال ضمرة لنسائه: قِفْنَ أقْسِمْ بينكن الثكل، وكانت عنده هند بنت كرب بن صفوان وامرأةٌ يقال لها خُلَيْدَة من بني عجل وسَبِية من عبد القيس وسَبِية من الأزد من بني طَمَثان، وكان لهنَّ أولاد غيرَ خُليدة، فقالت لهند وكانت لها مُصَافية: ولى الثكلَ بنتَ غيرِك، ويروى وَلِّى الثكل بنت غيرك، على سبيل الدعاء، فأرسَلَتْها مثلا، فأخذ ضمرة شِقَّةَ بن ضمرة وأمه هند وشهابَ بن ضمرة وأمه العبدية وعَنْوَة بن ضمرة وأمه الطمثانية، فأرسل بهم إلى لَقيط بن زُرَارة وقال: هؤلاء رُهُن لك بغِلْمَتك حتى أرضيك منهم، فلما وقع بنو ضمرة في يَدَيْ لقيط أساء ولايتهم وجفاهم وأهانهم، فقال في ذلك ضمرة بن جابر:
صرمْتُ إخاء شِقَّةَ يوم غَوْلٍ ... وإخْوَته فلا حَلّتْ حِلالى
كأني إذ رَهَنْتُ بنيَّ قَوْمِي ... دفعتهمُ إلى الصُّهْبِ السِّبَالِ
ولم أرْهَنْهُمُ بدمٍ، ولكن ... رهنتهمُ بصُلْحٍ أو بمالِ
صرمْتُ إخاء شقة يوم غَوْلٍ ... وحق إخاء شقَّةَ بالْوِصَالِ
فأجابه لقيط:
أبا قَطَن إنّي أراكَ حزيناً ... وإن العَجُولَ لا تبالي حنينا
أفِي أنْ صَبَرتُم نصفَ عامٍ لحقنا ... ونحنُ صبرنا قَبْلُ سَبْعَ سنينا
فقال ضمرة [بن جابر:
لعمرك إنني وطِلاَب حُبَّي ... وترك بنيّ في الشُّرَطِ الأعادي
لَمِنْ نَوْكَى الشيوخ وكَانَ مثلي ... إذا ما ضَلَّ لم يُنْعَشْ بهاد
ثم إن بني نَهْشَل طلبوا إلى المنذر بن ماء السماء أن يطلبهم من لَقيط، فقال لهم المنذر: نَحُّوا عني وجوهكم، ثم أمر بخمرٍ وطعام ودعا لقيطا فأكلا وشربا، حتى إذا أخذت الخمر منهما قال المنذر للقيط: يا خير الفتيان، ما تقول في رجل اختارَكَ الليلَةَ على نَدَامى مُضَرَ؟ قال: وما أقول فيه؟ قال: إنه لا يسألني شيئاً إلا أعطيته إياه غير الغِلْمة، قال المنذر: أما إذا استثنيت فلستُ قابلا منك شيئاً حتى تعطيني كلَّ شيء سألتك، قال: فذلك لك، قال: فإني أسألك الغلمة أن تَهَبهم لي، قال: سَلْني غيرَهم، قال: ما أسألك غيرهم، فأرسل لقيط إليهم فدفَعهم، إلى المنذر، فلما أصبح لقيط لامه قومُه، فندم فقال في المنذر:
إنك لو غَطَّيْتَ أَرْجَاء هوة ... مُغَمَّسة لا يُسْتَثَار تُرَابُهَا
بِثَوْبِكَ في الظلماء ثم دَعَوْتَنِي ... لجئْتُ إليها سَادِراً لا أَهابُهَا
فأصْبَحْتُ مَوْجُوداً على مُلَوَّماً ... كأنْ نُضِيَتْ عن حائض لي ثيَابُهَا
قال: فأرسل المنذر إلى الغِلْمة وقد مات ضَمْرة وكان صديقاً للمنذر، فلما دخل عليه الغِلْمة وكان يسمع بِشِقَّةَ ويعجبه ما يبلغه عنه فلما رآه قال: تَسْمَعُ بالمعيدِيِّ خَيْرٌ من أن تراه، فأرسلها مثلا، قال شقة: أَبَيْتَ اللعن وأسعدك إلهُكَ إن القوم ليْسُوا بِجُزْرٍ، يعني الشاء، وإنما يعيش الرجلُ بأصْغَرَيْهِ لسانِهِ وقلبه، فأعجب المنذر كلامه، وسره كل مارأى منه، قال: فسماه ضَمْرة باسم أبيه، فهو ضَمْرة بن ضمرة، وذهب قوله "يعيش الرجل بأصغريه" مثلا، وينشد على هذا:
ظننت به خَيْراً فقصَّرَ دونه ... فيارُبَّ مظنونٍ به الخيرُ يُخْلِفُ
قلت: وقريبٌ من هذا ما يُحْكَى أن الحجاج أرسل إلى عبد الملك بن مروان بكتاب مع رجل، فجعل عبد الملك يقرأ الكتاب ثم يسأل الرجل فيَشْفِيه بجواب ما يسأله، فيرفع عبد الملك رأسه إليه فيراه أَسْوَدَ، فلما أعجبه ظَرْفه وبيانه قال متمثلاً:
فإن عَرَارً إن يكُنْ غَيْرَ وَاضِحٍ ... فإني أُحِبُّ الْجَوْنَ ذَا الْمَنكِبِ الْعَمَمْ
فقال له الرجل: يا أمير المؤمنين هل تدري مَنْ عَرَار؟ أنا والله عرار بن عمرو بن شأس الأسدي الشاعر". (مجمع الأمثال1/130). (حدائق الأزهار/16)
ـ ذكر الحائري" كان الحريري (صاحب المقانات) قبيح المنظر، فجائه رجل غريب ليأخذ منه، فلما رآه استزرأ شكله، ففهم الحريري ما في نفسه، فـأبى أن يملي عليه وقال له: أكتب:
ما أنت أول سارِ غره قمـــــــر وزائر أعجبته خضرة الدمن
فأختر لنفسك غيري إنني رجل مثل المعيدي تسمع بي ولم ترني
(كشكول الحائري1/447).
ـ قال الجاحظ " قدم كثير الكوفة، وكان شيعياً من أصحاب محمد بن الحنفية، فقال: دلوني على منزل قطام» ، قيل له: وما تريد منها؟ قال: أريد أن أوبخها في قتل علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، فقيل له: عد عن رأيك فإن عقلها ليس كعقول النساء، قال: لا والله لا أنتهي حتى أنظر إليها وأكلمها. فخرج يسأل عن منزلها حتى دفع إليها، فاستأذن فأذنت له، فرأى امرأة برزة قد تخددت، وقد حنا الدهر من قناتها، فقالت: من الرجل؟ قال: كثير بن عبد الرحمن، قالت: التيمي الخزاعي؟ قال: التيمي الخزاعي، ثم قال لها:
أأنت قطام؟ قالت: نعم، قال: أنت صاحبة علي بن أبي طالب
أليس هو قتل علياً؟ قالت: بل مات بأجله . قال: والله إني كنت أحب أن أراك فلما رأيتك نبت عيني عنك، وما ومقك قلبي، ولا احلوليت في صدري. قالت: أنت والله قصير القامة، صغير الهامة، ضعيف الدعامة، كما قيل: لأن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه . فأنشأ كثير يقول:
رأت رجلاً أودى السفار بجسمه ... فلم يبق إلّا منطق وجناجن
قالت: لله درك ما عرفت إلا بعزة تقصيراً بك، قال: والله لقد سار لها شعري، وطار بها ذكري، وقرب من الخلفاء مجلسي، وإنها لكما قلت فيها:
وإن خفيت كانت لعينيك قرةً ... وإن تبد يوماً لم يعمك عارها
من الخفرات البيض لم تر شقوةً ... وفي الحسب المحض الرفيع نجارها
فما روضةٌ بالحزن طيبة الثرى ... يمج الندى جثجاثها وعرارها «1»
بأطيب من فيها إذا جئت طارقاً ... وقد أوقدت بالمندل الرطب نارها «2»
قالت: «والله ما سمعت شعراً أضعف من شعرك هذا، والله لو فعل هذا بزنجية طاب ريحها. ألا قلت كما قال امرؤ القيس:
ألم تر أني كلما جئت طارقاً ... وجدت بها طيباً وإن لم تطيب
قال: فلله در بلادك، وخرج وهو يقول:
ألحق أبلج لا تزيغ سبيله ... والحق يعرفه ذوو الألباب (المحاسن والأضداد/189).
ـ ذكر ابن بطوطة" رحلنا عنه آخذين مع جانب الفرات بالموضع المعروف بالعذار وهو غابة قصب في وسط الماء يسكنها أعراب يعرفون بالمعادي، وهم قطاع الطريق، رافضية المذهب خرجوا على جماعة من الفقراء تأخروا عن رفقتنا فسلبوهم حتى النعال والكشاكل وهم يتحصنون بتلك الغابة ويمتنعون بها ممن يريدهم، والسباع بها كثيرة. ورحلنا مع هذا الغدار ثلاث مراحل، ثم وصلنا مدينة واسط". (رحلة ابن بطوطة1/139)
ـ قيل" النهب في أنحاء البصرة في نحو أواخر شهر أيلول هجم الشقي عطب الشريفي على الأعراب المعروفين بالمعدان في (أم البطوط) ونهب منهم طائفة من الجواميس (الجمس) وقبل أن يهرب بالغنيمة بادره الأعراب بإطلاق البنادق فتركها وفر هارباً بعد أن قتل أربعاً من تلك الماشية. وبعد ذلك هجم على السدة ونهب تسعة حيوانات (دبش) من أهالي السدة" (مجلة لغة العرب3/278)
ـ ذكرالقزويني"حكي ان تاج الطرقي سافر إلى همذان، وكان ابن قاضي قزوين ورئيسها بهمذان، فسمع أن تاجاً الطرقي وصل، فأحب أن يراه لأنه كان مشهوراً بالفضل، فقيل انه ذهب إلى دار الكتب، فمشى إليه فوجده يطالع كتاباً، فسلم عليه فقال: عليك السلام! وما تحرك له ولا نظر إليه. وإنه كان رجلاً ذا هيئة وجثة وغلمان ومماليك، واشتغل بمطالعة الكتاب، فتأذى الرجل من ذلك وقال من أذيته: تاج الدين ما تعرفني؟ قال: لا! قال: أنا رجل من أعيان قزوين ذو أمر ونهي وقطع ووصل، فقال: مدينتكم لا يكون لها شحنة؟ قال: نعم. قال: فلم لا يصلبنك؟ فقام الرجل وقال: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه".(آثار البلاد وأخبار العباد1/408).
امثال بغدادية عن المعدان
ـ اشعلم المعيدي بأكل الزبيدي. لأنه نادر وغالي الثمن.
ـ اشعلم المعيدي بأكل النعناع. لأنه من أكل الاغنياء.
اشجاب المعيدي على اكل الملبس .لأن المعيدي فقير ولا يأكل هذه الحلوى ولا يعرفها.
ـ معيدي اولبسله قندرة. للتعبير عن استغراب الحالة. لأن المعيدي حافي ولا يلبس قندرة بحكم عمله في الماء.
ـ جمل بين معدان. وجود الشيء في غير مكانه. لأن الجمل يعيش في الصحراء، والمعدان يعيشون في الأهوار.
ـ معيدي شراي طلايب. بحث 1363
ـ موهمات المعيدي. يضرب للتوهم واختلاف الحسابات، وعندما لا يكون للكلام اساس منطقي.
ـ التعبه على المعيدي بفلس. متعود على التعب ولا يبالي به.
ـ من الهوش للماكنتوش
ـ ثلاثه على الدك تجود، القهوة والمعيدي والبارود.
ـ يصير بالمعدان اسم عيشه وعمر؟ لأن المعدان يبغضون عمر بن الخطاب وأم المؤمنين عائشة لا يتسمون بإسمائهم. يضربللتعبير عن الأمر المحال.
ـ ضرطتي أفصح من تسبيحك.
قصة المثل: ضرط اعرابي في حمام، فقال له معيدي (خبحان الله)، فقال له الاعرابي: يا إبن اللخنا ضرطتي أفصح من تسبيحك. يضرب لمن لا يحسن القول.
ضحى عبد الرحمن
العراق
3/12/2022
مصادر المبحث
ـ قلائد الجمان في فرائد شعراء الزمان. كمال الدين ابو البركات المبارك ابن الشعار الموصلي (المتوفى: 654). تحقيق: كامل سلمان الجبوري. دار الكتب العلمية. بيروت 2005(9) أجزاء.
ـ العقد الفريد. شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه الاتدلسي (المتوفي:329 هـ). تحقيق: د. مفيد محمد قبيحة. دار الكتب العلمية. بيروت. 1403 هـ.
ـ نشوة الطرب في تأريخ جاهلية العرب. ابن سعيد الأندلسي (المتوفي:654 هـ). تحقيق: د. نصرت عبد الرحمن. مكتبة الأقصى.عمان. الأردن.
ـ الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء. ابو عبيد الله بن محمد المرزباني (المتوفي:384 هـ).
ـ أخبار النحويين البصريين. الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي (المتوفي:368 هـ). تحقيق: طه محمد الزيني، محمد عبد المنعم خفاجي. منشورات البابي الحلبي. مصر 1966
ـ الروض النضر في ترجمة أدباء العصر. عصام الدين عثمان بن مراد العمري (المتوفي:1184هـ). تحقيق: د. سليم النعيمي. المجمع العلمي العراقي. بغداد 1975. (3 أجزاء).
ـ التذكرة الحمدونية. ابن حمدون محمد بن الحسن بن محمد بن علي (المتوفي:562هـ). تحقيق: إحسان عباس. دار صادر. بيروت. 1417هـ (10) أجزاء
ـ ترتيب المدارك وتقريب المسالك. أبو الفضل القاضي عياض بن موسى اليحصبي (المتوفى: 544هـ). تحقيق: ابن تاويت الطنجي وعبد القادر الصحراوي ومحمد بن شريفة وسعيد أحمد أعراب.
مطبعة فضالة - المحمدية، المغرب. 1965م ـ 1983 (8 أجزاء).
ـ سر الفصاحة. أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي الحلبي (المتوفى: 466هـ)
دار الكتب العلمية. بيروت 1982
ـ المقامات اللزومية. أبو الطاهر محمد يوسف بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن إبرأهيم التميمي المازني السرقسطي ويعرف بابن الاشتركوني (المتوفي:538هـ). تحقيق: د. حسن الوراكلي وعبد الملك السعدي. جدار للكتاب العالمي. عمان الأردن 2006.
ـ الدر الفريد وبيت القصيد. محمد بن أيدمر المستعصمي (639 هـ - 710 هـ). تحقيق: الدكتور كامل سلمان الجبوري. دار الكتب العلمية، بيروت. الطبعة الأولى، 2015 عدد الأجزاء (13).
ـ شرح شواهد المغني. عبد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911 هـ) وقف على طبعه وعلق حواشيه: أحمد ظافر كوجان. تعليق: الشيخ محمد محمود . لجنة التراث العربي. 1966 (عدد الأجزاء: 2 (.
ـ شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم. نشوان بن سعيد الحميري. تحقيق: حسين بن عبدالله العمري. دار الفكر ـ دمشق. 1999(12) جزء.
ـ الجراثيم. منسوب لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى: 276هـ). حققه: محمد جاسم الحميدي قدم له: الدكتور مسعود بوبو. وزارة الثقافة، دمشق. عدد الأجزاء: 2
ـ العين. أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري (المتوفى: 170هـ).تحقيق: د مهدي المخزومي، د إبراهيم السامرائي. دار ومكتبة الهلال عدد الأجزاء: 8
ـ جمهرة اللغة. أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (المتوفى: 321هـ). تحقيق: رمزي منير بعلبكي. دار العلم للملايين. بيروت الطبعة: الأولى، 1987م . عدد الأجزاء: 3
ـ تاج العروس من جواهر القاموس. محمد مرتضى الواسطي الزبيدي (المتوفي عام1205هـ). تحقيق: علي شيري. دار الفكر. بيروت 1994 (20) جزء.
ـ أمثال الشعبية في البصرة. جمعها وشرحها: عبد اللطيف الدليشي. مطبعة دار التضامن. بغداد
1968م
ـ دائرة المعارف 10/349 الزط . فتوح البلدان 366 وكتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر3/546
1574 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع