علي ابو عراق / البصرة
تنوع التراث الشعبي بالبصرة
من الشائع لدى الكثير من المشتغلين بالثقافة والأدب، أن الأدب ألشفاهي والعامي على وجه الخصوص _ والثقافة الشعبية بكل أشكالها وأجناسها ليست من الأدب الرفيع والراقي ..ولا تمثل إلا ناتجا هامشيا وعرضيا للثقافة السائدة التي تبشر بها المؤسسات الثقافية والدينية والتراثية بدفع علني من السلطة السياسية... وخصوصا إن كانت خارج دوامات الأزمات فهي وحسب وجهة نظرها ونظرة دوائرها القاصرة التعسفية القصدية ..ترى أن كل ما هو شفاهي وعامي وغير المدون ..؟ هو نتاج الهامش الاجتماعي الذي لا يرقى ضمن تراتيبية الأبراج العاجية للسلطة الثقافية ، ولا يتمكن من الحصول على التأييد والتسليم والشرعية أو انتزاع الاعتراف برفعته، رغم كل الدلائل التي تشير وبقوة إلى عكس ذلك ...على الرغم من كونها (الثقافة الشعبية) الأكثر قربا من قلوب الناس وملامسة مشاعرهم وإطلاق خيالهم بسبب بساطتها وتلقائيتها من ناحية الفنون ...والصناعات ياشكالها المختلفة وشفاهيتها وبساطتها وصدقها ايضا من جهة الادب شعرا ونثرا ، ويخيل للكثيرين انها ثقافة العامة والطبقات الكادحة وليست ثقافة كل الشعب أو عمومه لاسيما النخبة والطبقات "الرفيعة" فالكثير حتى من الدارسين يصنفونها غناءً ورقصا وموسيقى وتشكيلا وصناعات يدوية ضمن الفطري او البدائي وأدبها (شعرا ونثرا) يتم تصنيفه ضمن الثقافة الشفوية او الشفاهية لا أكثر ، ولعل العلاقة واضحة ومؤكدة بين الشفاهي والمدون، ولكن الاشكالي هو في كيفية الفصل بين الثقافة الشعبية والثقافة الشفاهية، فليس كل شعبي شفاهي كما ليس كل شفاهي شعبي بذات القدر، فللطبقات والشرائح والدوائر المتسلطة أو المتحكمة ، لها شعرها وسردياتها الشفاهية الخاصة غير المدونة ربما، وهي بالمقارنة العادلة ربما تكون بالغة الانحطاط والدونية ..وافتقادها أية إشارة للرفعة والسمو ، وهذه النصوص الشفاهية حينما تكون للطبقات الكادحة والمهمشين تكون من النصوص غير المعتبرة أو البسيطة ..حسب نظرة المؤسسات المتحكمة ، ولا نريد أن نخوض ثانية في العلاقة الواضحة بين الشفاهي والمدون من حيث التنظير، ولكن هذه الثقافة العريقة والممتدة والراسخة تفتقد الاهتمام الجدي بها من قبل دوائر وضمائر ثقافية يقظة وناصعة وغير منمطة سلفا بالتوجهات والأحكام الثقافية المؤسساتية السائدة والمتحكمة ، وعبر تاريخ الأدب الممتد إلى ابعد عتبة في التاريخ الإنساني ..هناك ما يؤكد ويشير بأدلة لا تحصى إلى أن النصوص الشفاهية من النصوص التي ترقى إلى الأدب الرفيع والمؤثر ..في تشكيل جماليات الوعي عند أغلب الناس ..لان النص الشفاهي أكثر نفاذا للوجدان وأكثر رسوخا في الذاكرة ...وان قوته وتأثيره لا يتوقفان على الكتابة والتدوين ..إذ أن قوة الإبداع تنحي اللغة ومعاييرها أو شروطها جانبا ..وتزيحها باقتدار تام ...وتشتغل بفعل قوتها وقدرتها الخاصة وإبداعها الذي ينتزع مكانته انتزاعا عبر خيارات حرة وطليقة ..ولعل في الشعر الجاهلي والأوديسة والشهنامة والكثير من ملاحم الشعوب المختلفة ، هي من روائع الأدب الشفاهي العالمي ..ما يؤكد ما نرمي إليه بقوة ويؤكد جدارة النص ألشفاهي وصموده الظافر أمام عتو وتوليتيارية المؤسسات الثقافية الحاكمة بكل تفاصليها، وإذ كان ألشفاهي هو نص الإنسان الأول في التعبير عن ذاته وإحساسه بالوجود بشكل شامل وبالقيم الجمالية والأخلاقية على وجه الخصوص، فأن الكثيرين يرون تعسفا بما يشير ضمنا إلى أنه نتاج فطري ساذج يفتقد الرفعة والبراعة والبهرج ، وهذه حتما نظرة متعالية غير موضوعية وبديلها ليس إحقاق الحق حسب ..بل هي دعوة للخروج من الأطر الجاهزة والمحددات القبلية التي لا تخلو مناستبداد وقسر وتحمل في تلا فيفها نظرة قاصرة دونكيشوتية تتسبب في إزاحة وإهمال الجزء الأكبر من ذاكرة الناس ووعيها الجمعي ...ونؤكد على النظر بقوة للنص الشفاهي بعين المسؤولية الأخلاقية الثقافية والتقدير عبر الغور في جماليات هذا النص ..الذي لم يكف عبر العصور في التعبير عن أهميته واثبات تأثيره وأولويته ...فضلا عن أن التجافي عن هذا الخزين الهائل من الثقافة الشعبية التي هي ثقافة مجتمعنا السائدة إلى وقت قريب والتي لم تزل متحكمة فينا إلى حد كبير عبر قنوات مختلفة من الحكايات الشعبية والحكمة الدارجة والأغاني والشعر العامي والأمثال ومختلف الأنشطة الفاعلة والمتفاعلة في وجدان الناس... وإشباع رغباتهم الجمالية والأخلاقية وحتى الإجابة على أسئلة الوجود الكبرى..وان التنكر والانصراف عن هذا يشكل عملية إبادة ثقافية لا تقل ضراوة عن الإبادات الأخرى، أن العراقي لم يزل وثيق الصلة بالنهر والحقل ومضارب العشيرة والسلف أكثر من صلته بالمعمل والجامعة ومختلف غوايات المدينة...ونحن أبناء هذا القرن والذي سبقه ..على الرغم من إن ذاكرتنا أثثت بالقصص والروايات والشعر والأغاني الحديثة شرقية وغربية.
أن الثقافة الشعبية ومنها التراث الشعبي هي الثقافة التي تنتمي الى عامة الشعب المكون من جميع الطبقات والشرائح ضمن جغرافية ما، وهو يجمع بين الشفاهي والمدون وبين الرفيع والوضيع وبين الفصيح والعامي ، ويشمل هذا كل التراث من موسيقى شعبية ورقص وعمارة واغان وامثال واهازيج وفنون طبخ وحكايا وغيبيات وعادات سواء كان راقيا او رديئا راسخا او طارئا فهي تبقى من راسخ الثقافة الشعبية والتراث الشعبي.
واذا كان هذا لا يحتاج الى برهان في الأعمالأغلب بل يقترب من المؤكد واليقيني، فّأن البصرة بكل جغرافيتها المتنوعة الثراء كانت مرجلا وحاضنة لهذا الصراع الجميل بين الشفاهي والمدون وبين الشعبي والنخبوي والعامي والرفيع وبين الناجز والتراثي فكان نتاجها أرخبيلا ملونا من التراث شمل الأدب شعرا ونثرا قصصا أمثالا وحكايا والموسيقى رقصا وإيقاعات وصناعات حرفية وغيرها بسبب تنوع المكان الذي انتج جزرا متفرقة ومتنوعة ضمها هذا الأرخبيل ، شكل هوية البصرة وخصوصيتها من شمالها حتى شواطئ الخليج.
واذا تحدثت عن موروث البصرة بشكل عام ينتصب أمامنا بقوة ووضوح ودون لبس تراثا ثريا وثرا من الغناء والموسيقى والشعر كأغاني البحر والهيوة والليوة والخشابة والغناء الديني (الزيران) والحكايا كقصص الخراب والحروب والجن هذا إضافة الى ماينتجه الخيال الجمعي من قصص وحكايات ومعتقدات وخرافات وأمثال وغيرها.. والصناعات اليدوية من التي تصنع من النخل كالأسرة والكراسي والسلال والحبال وصناعة السفن والزوارق وادوات الزراعة كالمناجل والمساحي والحابول وغيرها من الذي يكاد يكون ملمحا بصريا خاصا، فضلا عن طبيعة العمارة البصرية التي تتميز بالشناشيل واعمال الخشب والتزجيج وغيرها، ولان البصرة مدينة عريقة وواسعة فكان للمكان ونمط العيش وأسلوب الحياة ووسائل الانتاج قدرتها وتأثيراتها على تشكيل خصوصية الثقافة الشعبية والموروث الشعبي فالخطاب كان شفاهيا أو مدونا او بصريا او تشكيليا او موسيقيا تأثر بشكل واضح وبين بالمكان وخصوصا ما نسميه الموروث الشعبي... عبر سطوة وقوة المكان للإفصاح عن الجمال وتعبيراته الكامنة عبر التأثيثات التي تشغله سواء بشكل فطري أو انطباعي او معماري.
إذ ان لكل مكان تشكيلات وتعبيرات وموحيات تؤسسه وتعلن عن ولادته بل تعمل على النهوض به والاندفاع الى ابعد من ذلك وهو انتاج الانفعال والتأثر والانجذاب او النفور والأعراض وصولا الى البعد الاجتماعي والمعرفي وتأسيس روابط ووشائج وخيال وذكريات
البصرة تطوقها الاهوار شمالا والصحارى غربا وشط العرب شرقا والبحر جنوبا ، وتبعا لذلك تنوعت ثقافاتها الشعبية وتراثها الشعبي ومجمل مفردات حياتها. وليس ابتداعا أن نقول لكل منطقة طابعها ووسائل عيشها (أساليب الانتاج ووسائله وعلاقاته) وتبعا لذلك موروثه.
فالاهوار التي تطوق بشغف وحب دافق شمال البصرة وساكنيها الذين تمتد بعض أصولهم الى الحضارات الرافدينية القديمة رسمت مصيرهم عبر تأثيثات ضاجه بالجمال لتنفتح الاساطير برحابة عبر مساحات مائية هائلة تقع في الجزء الجنوبي او السفلي من وادي الرافدين وتضم أهوار جنوب العراق المنطقة المثلثة الواقعة بين مدينتي العمارة شمالاً والبصرة جنوباً وشرقاً وسوق الشيوخ غرباً وتضم بينها جزر كثيرة ، رسمت ايضا شكل حياتهم واسلوب عيشهم ومصائرهم ووسائل وعلاقات انتاجهم وموروثهم تبعا لذلك ، عملت على تميزهم عن باقي مناطق البصرة فالبساطة وعدم التعقيد والتلقائية والفقر الذي رسم كل حياتهم ابتداء من مهنهم البسيطة التي تتراوح بين الزراعة والصيد والصناعات البدائية البسيطة كصناعة الزوارق وشباك الصيد والمناجل والمساحي
في هذه الجغرافية التي تطفو و تعوم في حدائق التاريخ وعراقة الجغرافيا، تتهادى على مساحات مائية واسعة كانوا يسمونها جنة عدن تتباهى بسماء ندية وبيوت قصبية بلون الذهب، لها زراعتها و صناعتها الشعبية ونم حياة سكانها الذين أنتجوا ثقافتهم وتراثهم الشعبي الخاص والذي تحكم ويتحكم بحياة واحلام الناس وكل انماط حياتهم ،فهم ابتدعوا غناءهم الخاص الذي هو ضمن حضيرة الغناء الريفي العراقي ولكن باطوارهم الخاصة وموسيقاهم التي تعتمد على الايقاع البسيط والفرقعة بالاصابع وشعرهم الذي غالبا ما يكون من (الدارمي) وأمثالهم وقصصهم التي تتحدث عن الشجاعة والكرم والذكاء و عن الهور والطنطل واشباح اليشن ومنها ايشان ابو ذهب الذي يظهر في بعض ليالية زورقا ذهبيا لا احد يستطيع العثور عليه فهو محروس بالجن كما يعنقدون، كما ان لهمطرق صيدهم الخاصة للاسماك والطيور وصناعاتهم البسيطة للسلال والشباك وغيرها، ويمتد تاثير هذا الموروث من شمال القرنة حتى ناحية الهارثة القريبة من مدينة البصرة لان جميع سكان هذه المناطق بل اغلبهم من العشائر النازحة من الاهوار.
وفي البصرة التي يسمونها خزانة العرب، البصرة المدينة البوابة المفتوحة على الجميع سواءً من ابناء الوطن أوالغرباء منذ تمصيرها عام 14 هجرية والتي تأثرت كثيرا بكل الوافدين لها والقادمين عليها وهم يحملون معهم ثقافاتهم اذ انها ميناء العراق الوحيد كما هو معروف، لذا تتمازج فيها الثقافات شعرا وموسيقى وعمرانا وقصصا وحكايات وأمثالا وتتخصب من بعضها لتولد تراثا بصريا أصيلا ، ففيها لمسات لمهاجري الناصرية والعمارة واضحة في العادات والتقاليد، و لذوي البشرة السمراء حضور كثيف في الموسيقى والرقص (والزيران ) الرقص الديني فهناك رقصات خاصة كالهيوة والليوة والنوبان وهناك غناءٌ ريفي وهناك موسيقى حارة وإيقاعات لم تقطع صلتها بمنشئها الام إفريقيا و وهناك مرويات وأمثالوأشعار (تبصرت)على الرغم من أصولها المختلفة وأصبحت بصرية دون شك ، وبقدر ما شهدت على ارضها شعوب كثيرة تنوع تراثها الشعبي واتسعت دائرته وتنوعت انتاجا وغنى
ولعل ذروة تاثيثات البصرة الجمالية تبرز في نخيلها وبساتينها وشناشيلها وقصورها فضلا عن شط العرب النهر الخالد الذي يشق اكثر من 200 كم من بساتين النخيل والشناشيل والقصور على ضفافه من شمال البصرة الى جنوبها و ربما وكما في الحلم تسمع نداءات الأفارقةالأوائل الذين وفدوا او سيقوا الى البصرة سوقا تسبقهم إيقاعاتهم الحارة التي كانت تخفف عنهم غربتهم وتعبهم وهم يزيحون سباخ هذه الارض بكدهم ودموعهم فازدهت بخضرة أرواحهم وغناء معاولهم وهسيس مناجلهم ، فخلفت هذه التأثيرات تراثا عميقا من الثقافة الشعبية تجلى بشكل واضح في انتاج فنٍ مبهرٍ خصوصا في الغناء والرقص ومن أهم ملامحه الباقية التي لم تزل على قيد الحياة فن (الخشابة) وهو طور من الغناء والموسيقى والإيقاعات التي لا تخلو منه قرية من قرى ابي الخصيب والفاو او السيبة او بلدة الزبير او حتى مركز المدينة، فطبع بطابعه التراث الشعبي للبصرة واشتهر سكان هذه المناطق المكتظة بالنخيل بهذا الموروث، كذلك اشتهرت هذه المناطق بالصناعات اليدوية والتي هي ملمح هام من الموروث الشعبي و تنتشر في مناطق البصرة وتختلف حسب ما تقدمه هذه المنطقة من مواد اولية لنوع من الصناعة، ولكن باعتبار البصرة مدينة النخيل الذي لا تخلو منه منطقة ما فكانت هناك صناعة (المهاف والحصران والسفرة والسماط والحب والشربة وأغطية القدور والكثير من الأثاث المنزلي الذي يصنع من الجريد) وتعد من صميم الموروث الشعبي لهذه المدينة فضلا عن الأكلات الخاصة كحلاوة نهر خوز والشبزي وطباخة الأسماكبأنواعها، كما اشتهر البصريون بصيد الاسماك النهرية والبحرية بأساليبهم الخاصة (كالهياله والكركور والشكره والميلان والحفرة والحداك والسكر ، والزهر ) وغيرها من أساليب الصيد إضافة الى اشتهارهم بصناعة الزوارق والتي حملت اسماء مختلفة(كالعشاري والمشحوف والطرادة والمهيله والكلك والجينكووالسفن)، هذا فضلا عن ولعهم بصيد الطيور ، من الملاحظ ان الموروث الشعبي في البصرة ارتبط بنوع العمل الجماعي كالصيد وجني التمر والاعتناء بالنخيل والحصاد وتنظيف الانهار . فكانت هناك أغان وبستات وأهازيج ورقصات ودارميات وموالات ، ومن الملاحظ ايضا تنوع اللهجات في الموروث الشعبي وقد نقل الوافدون من المدن الأخرى والاهوار لهجاتهم التي ينقل بها الموروث الشعبي ، في حين ان لهجة سكان البصرة الاصلين وسكان ابي الخصيب والفاو والزبير تقترب من لهجة اهل الخليج ، هذا الى تشابه العادات في المناسبات كالزواج والعزاء والمطبخ، وليس هناك من يجزم من الذي اثر في الأخر.
وحين تيمم وجهك شطر الأفق الغربي للمحافظة وتقف على مشارف الزبير بعد أن تضع مقبرة الحسن البصري ومرقد الصحابي الزبير بن العوام، خلف ظهرك وتمعن النظر مليا في هذا الافق الاصفر المفتوح للهواء الطلق وبحار وكثبان الرمال التي تمنحها اشعة الشمس وهجا كوهج الذهب، تتداخل عندك الحقائق والتاريخ ، ربما يخيل لك سماع صهيل الخيول القادمة من الجزيرة والتي كانت بداية طلائع الفتح الإسلامي للبصرة، وربما يترامى الى سمعك زمجرة الرجال وضجيج السيوف ، وعلى الأرجح لا تقلل المزارع المنتشرة حاليا على خاصرة الزبير من سخونة هذا المشهد ، فنظرك لا يتعثر بتأثيثات عمودية الا قليلا ، فكل شيء في متناول النظر ضجيج التاريخ وحداء البدو وقطعان الجمال النحيفة والمزارع واشجار الاثل كلها تنتظم في هذا الافق الرحيب في اصطفاف بديع ولوحة مذهلة يستعصي جمالها على ريشة امهر الرسامين.
ولعل مدينة الزبير هي مفتاح هذه الجغرافية ، فعلى مشارف هذه الصحراء تمتد مدينة الزبير حيث كانت القوافل بينها وبين نجد لا تنقطع وتهدأ ولاتحط رحالها وفي حركة دائمة، وخصوصا بعد أن وفد الكثير من التجار النجديين للتجارة فيها وازدهرت كثيرا في هذا المضمار لذلك أصبحت محل سكنهم بعد ان كانت محل تجارتهم فابتنوا بيوتهم على شاكلة بيوتهم في نجد بل نقلوا ثقافتهم كلها شعرا وخطبا وقصصا وحكايا ومهارات في الصيد والغناء والاهازيج والخرافات وتميزت هذه المنطقة تميزا كبيرا عن باقي مناطق البصرة ، وكأنها بلدة ليس لها روابط متينة باغلب نواحي البصرة وبالتالي خلفت هذه الظروف مجتمعة تراثا مفارقا بعض الشيء لم يزل حيا رغم رحيل غالبية سكان الزبير القدامى عنها الى دول الخليج ، فلم يزل لاهالي هذه المنطقة تقاليدهم الخاصة في الزواج والاعياد والكيف والنمط العمراني،ولعل من الجدير بالاشارة وكما يرى بعض المهتمين بالتراث الشعبي بأن اول ظاهرة للخشابة برزت في هذه المدينة وظاهرة الخشابة في مدينة البصرة وحدها لا تشترك معها اي مدينة اخرى من مدن العراق وهي تعني استخدام الآلات مصنوعة من الخشب كالطبلة والزنبور والدمام والدف والرق كما يسمى حاليا وترافق المطربين في ليالي الكيف والأفراح، هذا إضافةإلىولع أهل الزبير بالصيد في الصحارى كالطيور وبعض الحيوانات في الصحراء .
961 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع