ياسين الحديدي
تموز لمن تقرع الاجراس
كنت في المرحلة الثالثة الابتدائي علي ما اذكر عندما حدث الانقلاب او الثورة علي النظام الملكي 14 تموز 1958 وعلي بساطة الناس في حينها تم نقل خبر الثورة ووصل الي محيطي الذي اعيش فيه تقريبا بعد الساعة الثامنة صباحا من خلال من كان لديهم راديو يشتغل علي نضيدة السيارة السوداء وهو الوسيلة الوحيدة لسماع الاخبار العراقية والعالمية وكان من المتبع ان يجتمع الجيران والاقارب عصرا اوليلا لسماع الاخبار وتنفك تعلولة المساء قبل الثامنة شتاء والعاشرة صيفا وهو موعد النوم لكل العراقيين وليس مثل ماعليه اليوم الذي تحول الليل الي سهر حتي الصباح والنهار سباتا كان اليو م قائضا شديد الحرارة مع حركة للريح متوسطة وسموم ومغبر وتجر الرياح المتوسطة معها الغبار والاتربة لان منطقتنا الحديديين كانت في الخمسنيات شوارعها غير مبلطة ولا كهرباء الا بعد عام 1961 حيث وصلت الكهرباء والبدء في التبليط عدا اسالة الماء الحنفية في وسط الحوش في وسط مربع اسمنتي والاباريق بجانب الحوض وانتشر خبر الانقلاب بسرعة وتحول دارنا الي قبلة لوجود جهاز المذياع عند والدي الذي كان من القوميين العرب ومن يتابعون صوت العرب من القاهرة واحمد سعيد وكان الخبر الصاعق هو مقتل الملوك السادة الهواشم وربط الحدث بملحمة كربلاء والطف واستشهاد اهل البيت الكرام وكان التاريخ يعيد نفسه واخذ العويل والبكاء من كبار السن والعجائز علي هذا المصاب الجلل وهم غير معنيين بالامر ليس للسياسة والثوريات عندهم فيها مصلحة همهم العمل والاستقرار وان يوفر قوت يومه المهم كانت قناعتهم علي الفطرة ان حمام الدم لن يتوقف بعد ان تم التغيير بالدم والقرابين بعد هذا اليوم وملوك العراق يقتلون وتسحل جثثهم بالشوارع نساء واطفال والملك الشاب الله يرحمه وكل الغراقيين كانوا ينتظرون خبر الزواج الذي اصبح كارثة واسدل الستار غلي الحقبة الملكية التي دامت 37 سنة بعد ان تولي ثلاثة ملوك كرسي العرش
الاب المؤسس للمملكة العراقية فيصل الاول ( حكم للفترة 1921- 1933) ، وغازي الاول ( حكم للفترة 1933- 1939 ) ، وفيصل الثاني ( حكم للفترة 1953- 1958 ) في حين كان خاله الوصي الامير عبد الاله بن علي ( الذي تولى وصايته على العرش للفترة 1939- 1953 ) . لقد غيرت ثورة 14 تموز / يوليو 1958 ليس النظام السياسي حسب ، من الملكي الى الجمهوري ، بل كانت حدثا تاريخيا مهما في تاريخ العراقيين وتاريخ المنطقة ومن خلال الكتب والوثائق البريطانية والتي لازال قسم منها غير معروف والبحث جاري في دهاليز المخابرات البريطانية والامريكية والروسية والصراع علي العراق الذي تحول الي عراق فوضي عارمة علي مر السنين الفاصلة بين الثورة والنظام الملكي حيث لازلنا نتحمل وزر هذا الحدث كما تحملنا اوزار الصراعات المذهبية منذ 1400 سنة ولحد الان وحديثا وزر المغامرات الانقلابية التي استمرت وهي تاكل رجالها وطوفان الدم الذي جري ويجري ولم يتوقف لحد الان وبدات اول المجازر بعد تموزالتغيير مباشرة مجزرة الموصل ولحقتها مجزرة كركوك في السنة الاولي للثورة وانا كما قلت كنت طالبا وشاهدت بعيني الاحتفالات للذكري الاولي للثورة وكركوك كانت مزينة بالاعلام واليافطات والاطواق التي تم بنائها من المنظمات الشعبية والدوائر والتجار واصحاب الشركات في شوارع كركوك الجانب الصغير كما كان يقال وبدات الاحتفالات والمسيرات الشعبية التي شاركوا فيها الجميع ومن جميع الاطياف من فلكة السباع فلكة العمال حاليا بافتتاح نصب العامل الذي يرمز الي شهداء مجزرة شهداء كاورباغي في منطقة كاورباغي حيث اشجار الزيتون الكثيفة قرب المطار حاليا وهو اضراب عمال شركة النفط abc عام 1946 مطالبين بحقوقهم بزيادة الاجور وتوفير السكن وغيرها وسقط من العمال احد عشر شهيدا بعد ان تدخلت الشرطة لتفريق المتظاهرين باستعمال القوة المفرطة بالاسلحة والعتاد الحي و الاضراب في حينها كان من تدبير وتنظيم نقابين لهم ارتباط وانتماء للحزب الشيوعي تنظيمات الحزب الشيوعي في كركوك وكان النصب وافتتاحه الانطلاقة الاولي لمجزرة كركوك الذي استهدف القومية التركمانية واستشهد اكثر من 23 شهيدا من بينهم شقيقان واخت من ابناء المختار فؤاد عثمان واثنان من اشقاء شيخ الاوجية الشيخ نوزاد اوجي اصحاب سينما العالمين وصلاح الدين والقلعة لاحقا من التركمان بسبب فقدان الانضباط وعدم السيطرة المركزية علي المتظاهرين وكان هناك مندسين فعلا من مرتزقة وقتلة ماجورين في نيتهم استغلال المناسبة لاشعال الفتنة النائمة والتي كانت تغلي في النفوس ومخطط لها من اخرين يرفعون شعارات ثورية ويحملون حبال علي اكتافهم ويهتفون بشعارات دموية منها ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة وتحقق هدفهم الاجرامي عند سحل الشهداء بالحبال وهم احياء بواسطة شدهم في خلفيات السيارات والتجوال بهم في المدينة مناظر بشعة مقززة لم يعرفها العراقيين الا في هذاليوم الاسود واستغلت المناسبة لتنفيذ المخطط الفوضوي العنصري المقيت الشرير غير المبرر ومنه انطلقت الصراعات القومية علي كركوك وتحول كركوك الي قنبلة موقوته لم تحسم لحدالان من اجل الاستحواذ علي المدينة بلغة العنف والسلاح من طرف واحد وهو المرفوض من كل ابناء كركوك الاصلاء الذين يؤمنون انها مدينة للجميع وان كركوك عراقية وجزء من العراق وهو لسان حال الجميع لقد بدات الصراعات القومية في الاشهر الاولي بعد ان انحرفت ثورة تموز عن اهدافها الاصيلة التي جاءت من اجلها حسب بيان الثورة الاول وتبين بعد مرور الزمن انه لايوجد لهذا الثورة برنامج او خطة لحكم العراق وانه مجرد فعل عسكري من ضباظ مغامرين استغلوا قربهم من الحكم الملكي للقيام بهذا الانقلاب والدليل علي ذلك هو انشطارهم وتكتلاتهم التي اوصلت الكثير منهم الي المشانق بحجج التامر وشهداء ام الطبول خير شاهد ومحاكم مايسمي محكمة الشعب والمسرحية الهزيلة والتندر علي العروبة والوطنية وانه تجمع عسكري مسيس غير متجانس جلب لنا الفتن والصراعات وتخريب عراق كاملا كان يتقدم في كل المجالات العمرانية الاقتصادية الاجتماعية الطبية الانسانية التربوية وانغرست السكين المسمومه في ظهره وتحول الي بلد تحكمه الاهواء والمصالح والحزبية الضيقة وانشغل الجميع بالصراعات وتركوا العراق بلا اعمار الا في سنوات محدودة ومعروفة للعراقيين وهكذا التفت الفوضي والاستبداد علي الرقاب واستمر ت قرابين الوطن من الابرياء وهم الضحية الاولي وساد الفقر والهدم والتخريب بدل البناء وانحط العراق الي مستويات متدنية قياسا لدول العالم والمنطقة العالم يتقدم ونحن نتراجع الي الخلف بقوة ومسمرين ووصلت الحال الي عدم السيطرة والفلتان والاحداث امامنا واخرها ضحايا الحسين في الناصرية واعود واذكر ان البداية كانت الموصل وكركوك والصراعات المؤدلجة واتذكر انه سبق مجزرة كركوك هناك حدث جرت احداثه في دار المعلمات بكركوك في22 شباط عام 1959 وكانت دار المعلمات قرب فلكة المصلي وكانت مديرة الدار الست لبيبة احمد الريس وهي من الناصرية وهي منتمية الي الحزب الشيوعي عندما جلبت لها احدي الطالبات منشور موزع في جميع انحاء العراق من قبل حزب البعث يتهجم علي الشيوعين والصراع معروف كان بين الطرفين وقالت انها وجدته عند احدي الطالبات التي التقطته من ساحة المدرسة وليست لها علاقة بالموضوع بالمطلق والطالبة من القومية التركمانية وقامت المديرة بتجميع الطالبات والتهجم عليهن بكلمات جارحة تمس الكرامة واتهامهن بتوزيع مناشير ضد الثورة والزعيم واتهام الطالبات بالطوارنية والتلفظ بكلمات غير موفقة كل ذلك اثار حفيظة الطالبات وتطور الي مشادة كلامية وتضارب بالايدي وهنا خرجت بعض الطالبات التركمانيات خارج المدرسة واخبرن ذويهن وتجمهراما م باب المدرسة الاف من شباب تركمان المصلي والمنطقة اغلبية ساكنيها منهم والتنديد بالمديره واتهامها بالحزبية والتطرف ولصق تهم غير موجودة اصلا واستمر حصار المدرسة اربع ساعات وحضر المحافظ جليل الحديثي والشرطة ومدير المعارف حين ذاك نعمان بكر ولم تنفض الا بعد ان ارسل المرحوم الطبقجلي سرية انضباط وجيش وتم انقاذ المديرة الملتفة بعبائه سوداء واستطاعو ان يمزقو ا عبائتها وتحولت القصة الي قصة راي عام وذكرت حتي في محكمة المهدواي وسجن ونفي بعض من شخصيات كركوك الي مدن اخري ومن بينهم الشيخ مزهر العاصي العبيدي الذي رفص العمل المستهجن علي ابناء كركوك كانت هذه البداية الي الانتقام من قبل بعض متطرفي الحزب الشيوعي في مرحلة خطرة لازالت تداعيتها لحدالان
وهكذا اصبح تموز للعراقيين مقدم شؤؤم من احداثه
و لم يزل العراقيون ينقسمون حول تقييم ١٤ تموز/ يوليو ١٩٥٨ بين مؤيد لها ومدافع عنها ومناصر لكل أحداثها وإجراءاتها وتداعياتها وبين معارض لها بشدة ومعتبرا لها إس الخراب الذي أودى بالعراق الى مصير معتم خصوصا عندما يقف المدافعون ليعددوا مثالب الحكم الملكي بسيطرة الاقطاع وبقاء العراق يدور في فلك الغرب الامبريالي وحالة الشعب المزرية ازاء أولئك المهاجمون للثورة ورجالها الذين يعتبرونهم قد ختموا الأمانة وحطموا امن البلاد والغوا مجلس الأعمار وخططه العملاقة ومكانة العراق الملكي بين الامم لم يزل هناك من العراقيين من يحن حنينا عاطفيا لذلك العهد ولم يزل يواجههم عراقيون يدافعون عن الثورة العراقية ويقرنونها بالثورة الفرنسية ان الزمن والمستقبل كفيل باستقرار الآراء التاريخية من خلال الكشف عن المزيد من الوثائق التاريخية فضلا عن رحيل جيل نخبوي وشعبي عاش تلك الاحداث وساهم فيها. او شهدها ان الاستقرار على تقييم تلك المرحلة سياتي مع مضي الزمن ومجيئ اجيال جديدة لا تدع مجالا لعواطفها تفعل فعلها بل ستكون اكثر عقلانية في اطلاق الأحكام التاريخية.
2321 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع