المحامي احمد مجيد الحسن
من أوراق متحف نقابة المحامين العراقيين:مـؤلفٌ وكـتاب
المؤلف هو المرحوم:أحـمد زكي الخـيـاط
هو أحد رجال الإدارة المرموقين في (العراق) في النصف الأول من القرن الماضي ووكيل (نقابة المحامين العراقيين) لدورتين انتخابيتين.
والكتاب هو: تـاريخ الـمحاماة فـي الـعــراق1900 – 1972
ولد المؤلف في مطلع القرن الماضي في (بغداد) سنة 1900، وتتلمذ في بداية حياته في كتاتيب مساجدها، ثم اكمل المرحلة الابتدائية والثانوية في (المدرسة الجعفرية).
دخل (مدرسة الحقوق) سنة 1921 وتخرج فيها في 15/1/1925، ومن زملائه فيها (صالح جبر ومنير القاضي وسعد صالح وصادق البصام).
شغل (الخياط) وظائف إدارية في مديرية البريد والبرق في بغداد قبل تخرجه.
ولحاجة (المملكة العراقية) في بداية تأسيسها الى موظفين حقوقيين لشغل الوظائف الإدارية المهمة، ولقلة عددهم حينذاك، فان خريج (مدرسة الحقوق - كلية الحقوق لاحقاً) سرعان ما يعين في احدى تلك الوظائف.
لذا فما ان تخرج حتى عين مديراً لناحية (الكوفة) سنة 1926.
ابدى (الخياط) في تلك الوظيفة حنكة إدارية وكفاءة مشهودة في ومعالجة المشاكل الملحة التي تعانيها الناحية كمجابهة الفيضان الذي كان الهم الشاغل للإدارة والحكومة على حد سواء في النصف الأول من القرن الماضي، حيث يتلف الزرع والضرع، ويقضي على تعب الفلاحين وآمالهم في الحصول على ما يقيم معاشهم وحاجاتهم، قبل ان تؤسس سدود السيطرة عليه بعد منتصف القرن الماضي.
وظهر حزمه كذلك في معالجة النزاعات والمشاكل التي تحصل بين القبائل البدوية القادمة من البادية، وترتاد مدن حافة الصحراء للميرة والاكتيال من اسواقها وتبادل المنافع، وكانت تلك من المشاكل المستعصية أيضاً في (العراق) يوم ذاك.
وكذلك نجاحه في حل النزاعات على الأراضي الزراعية التي تحدث بين ملاكها (الشيوخ).
لذا فقد لفتت الأنظار اليه، فكان يكلف بإدارة المدن التي تحتاج الى اداري حازم، وأخذ ينقل من مدينة الى أخرى من التي تعاني مشاكل معينة فيرشح (الخياط) لادارتها، وكان في كل الوظائف التي تسنمها مثال الموظف الكفء الجاد، لذا نال استحسان رؤسائه واولهم المرحوم (الملك فيصل الأول) الذي اثنى على عمله، لاعتقاده بكفاءته بقوله (انه لها)، وابلغه شخصياً بتعينه متصرفاً للواء (الكوت).
وقد تطورت مناصبه من مدير ناحية الى قائمقام (الهندية - طويريج) فـ(القرنة) ثم متصرف (محافظ) الوية (الكوت – العمارة – كربلاء - الحلة ثم الكوت).
ونظراً لما تقدم فان (الخياط) لم تقتصر خدمته على وزارة (الداخلية) فقد نقل الى وزارة (الخارجية) لتولي منصب نائب قنصل عام في (المحمرة) سنة1930 فقنصل عام في (بومبي في الهند) سنة 1934، ثم قنصل عام في (القدس) سنة 1946، وقد ابدى في تلك المناصب الهمة والكفاءة نفسها التي عرف بها.
ويلاحظ في سيرة (الخياط) تنوع الوظائف التي تولاها، لما عرف عن كفاءته وصرامته عند ادارته لتلك الوظائف وعدم تهيبه في اثبات وجوده مع الموظفين البريطانيين في المدن التي تولى الإدارة فيها كـ(القرنة والعمارة) الذين كانوا يفرضون وجودهم وتدخلهم في تلك المدن.
ومن المناصب التي تولاها منصب مدير عام البرق والبريد سنة 1937، في وزارة (المواصلات) ورئاسة لجان التسوية في (تلكيف ثم كركوك )سنة 1937 في وزارة (العدل).
وبعد (ثورة مايس) سنة 1941 ترك العمل الوظيفي، وانتمى الى (نقابة المحامين) في 13/10/1941.
بعد ثلاث سنوات تولى إدارة الدعاية العامة. ثم استقال من الوظيفة سنة 1947، وعاد الى ممارسة المحاماة، وانتخب نائباً في مجلس (النواب) في السنة نفسها.
وبعد ذلك تسنم منصب مدير الإدارة القانونية في (الجامعة العربية)، ومنها عين وزيراً مفوضاً في السلك الدبلوماسي سنة 1954.
احيل على التقاعد من الوظيفة سنة 1955.
ولفت نظري ماجاء في مذكراته (اشخاص واحداث 1900 – 1958) الذي أصدرته عائلته سنة 2016:
انه وجد سنة 1932 بين موظفي (العمارة) شاباً نشيطاً توسم فيه الذكاء والادراك في وظيفة بسيطة في احدى دوائر الحكومة فيها، وكان يتقن اللغات ا(لإنكليزية والفرنسية والألمانية والتركية الى جانب لغته الام العربية)، وقد عز عليه ان يرى ذلك الشاب مطموراً في ذلك المكان المنعزل من (العراق)، فقرر ان يأخذ بيده ويضعه على الطريق الصحيح ليتمكن من إتمام مسيرة الحياة التي خلق لها، فسلمه كتاباً الى وزارة (الخارجية) يرشحه للسلك الدبلوماسي، على أن يلاحقه شخصياً بعده.
وفعلاً قبلت وزارة (الخارجية) ترشيحه، وصار من خيرة موظفيها الدبلوماسيين وابرزهم، وبعد وقت قليل عهدت اليه سكرتارية سفارة (العراق) في (برلين)، وقدم تقريراً للوزارة عن الحالة السياسية المضطربة في (المانيا) آنذاك فاستنتج بذكائه وتتبعه ان (هتلر) سيستولي على الحكم.
وبعد ستة اشهر حدث ما توقعه بالفعل وبدأت (النازية) تسيطر على الأوضاع.
والمغزى من هذا الكلام ان موظفي الدولة آنذاك كان همهم خدمة (العراق) وبِنائه، لذا فانه عندما وجد (الخياط) شخصاً قادراً على ان يقدم (للعراق) ما لايستطيع غيره، بذل جهده لتمكينه من ذلك.
وهذا ما لا نجد اليوم، فقد تولى المسؤولية من همه الأول الكسب والتربح له ولعائلته بعيداً عن مصلحة (العراق)، لذا نجد ان المناصب قد تولاها من لايحسن ادارتها، وانتهت قاعدة الرجل المناسب في المكان المناسب.
والملاحظ ان (الخياط) لم يستوزر طيلة بقائه في الوظيفة، على الرغم من ان معظم زملائه الذين تخرجوا معه في مدرسة الحقوق قد تسنموا مناصب وزارية، ورأيي ان السبب في ذلك هي علاقته السيئة مع المفتشين الإداريين (البريطانيين) الذين كانوا يرابطون في بعض المدن (العراقية) كـ(القرنة والبصرة)التي تولى ادارتها، وعدم مجاملتهم والاصطدام معهم، حرصاً على كرامة المنصب الذي يتولاه، مما أدى الى عدم رضاء من بيدهم الامر الأخير عنه.
عاد الى ممارسة المحاماة سنة 1955 وانتخب وكيلاً (لنقابة المحامين العراقيين) في دورتين انتخابيتين؛ الأولى سنة 1960/1961، والثانية سنة 1967/1968.
ترأس وفد (نقابة المحامين) سنة 1966 لزيارة (بريطانيا) بدعوة وزارة (الخارجية) فيها، للاطلاع على المحاكم (البريطانية) وسير العمل فيها وكذلك زيارة المجلس العام (لنقابة المحامين البريطانية)، والاطلاع على شؤون فريق المحامين وعن المحاكم ودرجاتها وغير ذلك من الأمور.
وتقاعد اخيراً من المحاماة سنة 1969 و انتقل الى رحمة الله سنة 1974.
أصدر المؤلف قبل وفاته كتاب (تاريخ المحاماة في العراق 1900 - 1972) سنة 1973، وهو كتاب رائد في بابه، لم يسبق ان ألف في موضوعه.
وقد تناول فيه تاريخ المحاماة منذ أقدم العصور الى سنة 1972، وان كان تاريخ المحاماة قديماً قد تناولته مؤلفات كثيرة، الا ان تاريخ (المحاماة في العراق) الذي بدأ منذ سنة 1874 حين أسست (مدرسة حقوق إسطنبول) ودرس فيها أوائل المحامين (العراقيين) لم يتناوله قبل (الخياط) أي مؤلِف آخر.
وتأتي أهمية الكتاب أن مؤلفه عاصر خريجي تلك المدرسة، وكذلك المؤسسات القضائية (العثمانية)، ولاحظ تطورها وتوسعها أيام الاحتلال (البريطاني) ثم الحكم (الوطني).
ولان المؤلف عاصر تأسيس (مدرسة حقوق بغداد) سنة 1908، ومعرفته بمعظم خريجيها ومزاملته لهم في دوائر الدولة والنشاطات الوطنية والثقافية.
أما (نقابة المحامين العراقيين) التي أُسست سنة 1933، فانه وان لم ينتمِ اليها الا سنة 1941، الا ان حديثه عنها كان حديث العارف، لمعاصرته لتأسيسها ومعرفته برجالاتها، واطلاعه على وثائقها لا سيما بعد انتخب مرتين سنة 1960 و1967وكيلاً للنقابة.
لذا فان جميع من كتب عن (المحاماة في العراق) او عن (نقابة المحامين العراقيين) بعد ذلك، هم عيال على كتاب المرحوم (الخياط) كما ورد في احد المصادر .
. تاريخ المحاماة في العراق 1900- 1972، احمد زكي الخياط، أشرف على طبعه المحامي عبد الجبار عبد الحسين البياتي، مطبعة المعارف – بغداد، 1973.
2. احمد زكي الخياط، اشخاص واحداث 1900 – 1958، مطبعة أوفسيت الكتاب، بغداد، 2016، ص207.
3. احمد مجيد الحسن، تاريخ نقابة المحامين العراقيين، 1933 – 2019، مطبعة الكفيل، كربلاء المقدسة، 2019. ص أ.
1047 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع