د. نزار عيسى ملاخا
حول موضوع السيد نيسكو: لغة السريان الشرقيين، الكلدان والآشوريين الجدد الحاليين
السيد موفق نيسكو المحترم
بغض النظر عن الخطأ الفاحش في عنوان موضوعك الذي تجمع فيه ما بين الكلدان وهم مكون قومي كما أنهم سكان العراق الأصليين، وما بين الآشورين المستحدثين (النساطرة الكلدان)، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على عدم إستيعابك لماهية الفروق بين المصطلحات القومية والطاائفية والمناطقية (الإقليمية). لأن القصد من كتابتي هذه ليست مناقشة عنوان موضوعك (الخاطيء أساساً) فأنني سأغض النظر عن الخوض فيه، علماً بأن هذا الموضوع محصته وأوضحته مجموعة كبيرة من الدراسات الأكاديمية المنشورة، والتي على ما يبدو، أنك إما غير ملم بها بحكم عدم تخصصك الأكاديمي أو أنك مطلع على بعضها ولكنك تتغاضى عنها تماماً
لذلك دعني أرد هنا على إجابتك التي ما أنزل ألله بها من سلطان... آمل أن تصل رسالتي هذه لمن يسعى للنقاش العلمي والحضاري وأن يتجنب الدخول في مهاترات مضيعة للوقت والطاقة.
رداً على الفرق بين (آشور وآثور) من أستاذ ودكتور متخصص في تاريخ العراق القديم / بلاد الرافدين
https://www.algardenia.com/maqalat/45137-2020-07-08-06-39-23.html
أولاً أود أن أقدم جزيل شكري وخالص تقديري للأستاذ الشيخ جلال چرمگا لتقديره العالي وسمو خلقه ورفعة أخلاقه، حيث يبدأ ردّهُ ومخاطبته باللقب العلمي أو الأكاديمي أو المنصب أو الرتبة العسكرية كأن يقول مثلاً : الفريق ... أو اللواء ... أو الدكتور ... وهكذا
الرد ...
سبق لي وأن قمت بالتعليق على موضوع كتبه السيد موفق نيسكو قلتُ فيه "اراك لا تميز ما بين الآثوريين والآشوريين" فجاءني جوابه الذي كان بعيداً جداً عن المنطق التاريخي كما ادخلني في متاهات لفظية ولغوية بعيدة كل البعد عمّا كنتُ أبغيه، فلم اقتنع بجوابه لأنه لم يصدر عن باحث أو متخصص في تاريخ بلاد الرافدين، بل أن الرجل ولستُ أنتقص من مكانته أو شخصيته المجتمعية، ليس متخصص أصلاً في تاريخ العراق القديم، واقصد بالمتخصص اي الحاصل على شهادة جامعية أولية كأن تكون بكالوريوس تاريخ أو عالية مثل درجة ماجستير أو دكتوراه في التاريخ. من أجل أن لا أحصر إجابتي بما أعرفه وأستطيع من خلاله أن أفند (إجابة السيد نيسكو) فقد فعلت كما يفعل أي طبيب محترف وهو أخذ رأي متخصص ثاني المتعارف عليها بين المختصين بعبارة (سكند أوبينين): لهذا توجهت بنفس السؤال والإجابة إلى متخصص معروف بسعة إطلاعه في التاريخ الرافدي وبدراساته الأكاديمية المنشورة والتي يدرس عدد منها في مؤسسات أكاديمية ومعاهد متخصصة، لنقرأ الرد ونقارن. علماً بأنني قد (تحفظت عن ذكر الأسماء منعاً لشخصنة الموضوع، فالموضوع تاريخي ولا يمت بأية صلة إلى شخصية اي من المشاركين فيه) .
بالمناسبة المصدر الذي ذكره السيد موفق عن رياض رشيد الحيدري لا يشير باي شكل من الأشكال إلى معنى الأسم أو الفرق بين الكلمتين، بل هو ملئ بكلمة (آثور والآثوريين) وهو يشير إلى قوم بهذا الأسم، أما كلمة آشور فلا أعتقد قد مر ذكرها عدا في ص9 بقلم الدكتور طه باقر في الحاشية حيث يقول بأنه لا يعلم معنى كلمة آشور، ولكنه يقول بأنها كانت تطلق في تاريخ العراق القديم على الأقوام المعروفين بهذا الأسم وهم من الأقوام السامية، وكذلك في الغلاف الأخير وفي كلمة السيد عبد الرزاق الحسني.
ملاحظة أخرى للسيد موفق عسى أن يتقبلها مني بصدر رحب وغايتي فيها هي لزيادة وتصحيح المعلومات، أكاديمياً فإن ترتيب معلومات الكتاب تختلف عن المجلة والدورية، لذا يُكتب لقب الكاتب أولاً ثم الأسم أو الأسم واللقب معاً، ثم عنوان الكتاب، رقم الجزء، أسم المطبعة ومكان الطبع، سنة الطبع، ومن ثم رقم الصفحة،
نفس السؤال توجهت به إلى الأستاذ الدكتور (وهو أستاذ زائر في إحدى الجامعات الأوروبية)... المتخصص بتاريخ بلاد الرافدين ـ تاريخ العراق القديم، فأجابني مشكوراً بما يلي وأنقله هنا عسى أن نستفيد منه جميعاً، مع العلم أنني رفعت الأسماء لكي تكون الإجابة دقيقة وصادرة من متخصص وليس من باحث هاوٍ.
أخي د. نزار ملاخا المحترم ... تحية ومحبة وسلام
إبتداءً وبإختصار شديد، الرد الذي وصلك هو نوع من (الحذلقات اللغوية) التي تغطي جهل كاتبه بالتاريخ الرافدي وتنطلق من أرضية طائفية منغلقة، لذلك وحسماً للأمر ورداً على أستفسارك الأخوي أؤكد لك أخي الحبيب د. نزار، بأن هنالك مقولة شهيرة تقول (المقدمات الخاطئة تؤدي إلى نتائج خاطئة) وهذا ما ينطبق تماماً على هذا الرد الذي لا علاقة له أصلاً بسؤلك ، وهو ما يكشف بكل جلاء بأنه قد بدر على ما يبدو من شخص لا يعرف أساسيات التاريخ الرافدي ولا يعرف أيضاً أساسيات اللغة العبرية! ... إبتداء، اللغة العبرية بحسب المؤرخ من القرن الثاني عشر للميلاد جوزيف بن إبرام قد تأسست في مطاوي القرن الثاني عشر ق.م. لكن أقدم نص عبري مكتوب وصلنا لا يعود لأكثر من القرن السابع ق.م. وهو نص شيبانا المتواجد في المتحف البريطاني، كما أن أقدم نصوص التوراة المتفق عليها من قبل الدارسين الأكاديميين (وهيّ ما يعتمدها كاتب الرد لشرح جذر مفردة آشور) لا تتعدى حدود القرن السادس قبل الميلاد، وأخص بالذكر الأسفار الخمسة الأولى أي التناخ (توراة- نبيئيم- كتوبيم) الذي يعني (كتب أنبياء الشريعة)! ... إذن كيف يمكن لكاتب الرد أن يتخيل ولو للحظة واحدة بأن مصدر كلمة (آشور) هو (العهد القديم) مع معرفتنا الواقعية والعلمية بورودها في القواميس الأكدية التي تعود إلى فترة العهد البابلي القديم، علماً بأن أشهر القواميس الرافدية وأقدمها هو القاموس الأكدي - السومري الشهير (آنا إيتيشو)؟ ... وبالتالي وكيف يمكن أن أن ترد كلمة (آشور) في مراسلات حمورابي مع (مؤسس دولة آشور) شمشي أدد الأول وأبنه أشمي دكان من القرن الثامن عشر ق.م. البابليين أصلاً، مع أن تأسيس مملكة آشور كان عام 1813 ق.م. أي قبل تأسيس إسرائيل واليهودية (الإفتراضي) بين ستة إلى ثمانية قرون وقبل كتابة أسفار التناخ الذي يعتقد (صاحب الإجابة) بأنها مصدر (كلمة آشور) بما يقرب من 1200 عام، وللعلم فقد وردت هذه المفردة ذات الأصل الشوباري في القرن 21 ق.م أي قبل كتابة التناخ بألف وخمسمائة عام (1500). وأصلها اللغوي مقطعين مسماريين هما (آ-أوشار) وفي لفظة الإيمي سال (آ-أوسار) وهيّ مستمدة من الشوبارية وهم مجموعة خليطة من الأقوام (الأسيوية الأنضولية) المنقرضة التي لم تترك خلفها إلا عدد من المفردات منها مفردة (أشور) الدخيلة على الأكدية وبعض أسماء شيوخهم ... يمكنك بهذا الصدد مراجعة القواميس الأكدية وأشهرها قاموس جامعة شيكاغو الذي يطلق عليه تسمية كاد (سي أي دي). ولغتي هذه القواميس ترجع إلى زمن يسبق نشأة العبرية والآرامية بما يقرب من خمسة آلاف عام ...
الخلاصة ، إن دلّ هذا على شيء فإنما يدل على جهل هذا الشخص بتاريخ وادي الرافدين وأن تفاسيره الدينية وحذلقته اللغوية لا يمكن أن تنطلي إلا على الذين يعيشون في فقاعات طائفية.
أخي د. نزار، ما ذكره صاحب الرد حول أصل كلمة آشور (الكتابي / العبري) وبإختصار شديد، ليس أكثر من حشو لغوي ساذج. أذكر مرة عندما أتصل بي أحد الأشخاص من دعاة القومية السريانية ضمن توجهه الخيالي متسائلاً عن ماهية السريانية التي هيّ (رافدياً) مجرد تسمية دينية تبناها الكلدان المستمسحون في القرن الأول للميلاد ثم أشاعها الغزاة الحجازيون بعد إحتلالهم لوادي الرافدين وترسخت منذ القرن التاسع للميلاد، ولا يوجد نص واحد في وادي الرافدين قبل الميلاد يستخدم تسمية (سريان، سرياني أو سريانية). وقد تحديته أن يريني نصاً واحداً قبل المسيحية الرافدية يرد فيه تسمية سريان وسرياني وأبلغته بأنه عندما يجد (نصاً واحداً) قبل دخول المسيحية للعراق، فأنني سأشترك معه في تأسيس هكذا تجمع قومي خيالي، فصمت صمت القبور ثم أختفى من المشهد بعد أن كان يكيل لي المدح في مراسلاته ومكالماته الهاتفية ... عوداً على بدء، حول أصل تسمية (آشور) التي يتفق عليه الغالب الأعم من المؤرخين والآثاريين واللغويين المتخصصين بحضارة وادي الرافدين (غربيين ومشرقيين)، ومنهم أساتذتي الكبار، طه باقر، د. سامي سعيد الأحمد ، د. فوزي رشيد ، د. بهيجة خليل أسماعيل، ود. نائل حنون ود. طارق مظلوم وغيرهم ... حول خلاصة هذا الفهم العلمي الأكاديمي، أنظر صفحة 133 إلى 141 من كتاب المؤرخ الدكتور عامر حنا فتوحي الموسوم
The Untold Story of Native Iraqis
أخيراً أخي د. نزار المحترم ... الشخص الذي سألته لم يجِبك على ماهية الفرق بين (آثور وآشور) وهذا كان هو سؤالك الرئيس أصلاً! ... إن الإجابة العلمية الوافية، لا تتعدى سطرين أو ثلاثة وعلى النحو التالي:
(آشور كلمة شوبارية دخلت على الأكدية كمفردة دخيلة في النصف الأول من الألف الثاني ق.م. وتشير إلى موطن وإله الشوباريين. أما آشور الكتاب المقدس فهو من نسل نمرود (ملك بابل) الذي كان جبار صيد أمام الرب وهو من بنى نينوى وغيرها من حواضر في شمال الرافدين بإستثناء مدينة آشور! ... أما آثور فهو مصطلح جغرافي أستخدم من قبل رجال الدين المسيحيين بعد دخول المسيحية للعراق).
كما ترى لم يتعد تفسير الفارق بين المفردتين ثلاثة أسطر، مع ذلك يمكنك أيضاً أن تعرف تاريخ سريان العراق (الكلدان قومياً) من كتاب المؤرخ د. عامر حنا فتوحي الآنف الذكر، علماً بأنه من أصلاً من الطائفة السريانية ومن الحاضرة المسيحية المعروفة بخديدا.
ملاحظة أخيرة : قد تتسائل أخي الحبيب د. نزار المحترم، لماذا يخاطبك كاتب الرد بعبارة (السيد) نزار مع يقينه ومعرفته بأنك أكاديمي حائز على الدكتوراه؟ الجواب من الناحية السايكولوجية (النفسية) واضح تماماً، لأن القصد من إستخدامه لعبارة (السيد نزار) بدلاً من (د. نزار)، فهو لوضعك بمستواه، لأنه لا يمكن أن يرتقي أكاديمياً إلى مستواك العلمي. وشتان يا أخي ما بين العالم والمتعالم!
دمتَ أخي العزيز د. نزار ملاخا المحترم
مع خالص تقديري وإحترامي / أخوك أ. د ...
رايي الشخصي : حسب ما أمتلك من معلومات اقول أن التسمية (آشور أو أشوريين) وردت في أغلب كتابات المؤرخين على منطقة وإقليم ومن ثم شعب على التوالي، أغلب المؤرخين العراقيين يذكر (آشور) كأقليم، وهذا يدل دلالة واضحة على أن التسمية هي مناطقية جغرافية، أما الآشوريين فهم شعب وشتّان ما بين الشعب والقومية، فالشعب يتكون من عدة قوميات، وقد سكن الكلدان في إقليم آشور وكانوا جزءاً من ذلك الشعب، فعدة آلاف من الأسرى الكلدان أقتيدوا إلى نينوى وإقليم آشور وسكنوا هناك. وقد وردت لفظة (آثور) في بعض كتابات المؤرخين المسيحيين على أنها إقليم أيضاً، أما الآثوريين فأكيد هم الكلدان النساطرة وقد وردت عدة مرات في كتابات المؤرخين، ونحن نعتبرهم إخوتنا وهم كلدان الجبال (آ طورايي) اي سكان الجبال. لا يجوز أن نقول (الكلدان والآشوريين) لأن الكلمة (الكلدان) هي للدلالة على قوم فالكلدان قبيلة أو عشيرة أو قوم، وقد وردت على لسان الدكتور طه باقر وغيره من المؤرخين.
(د. نزار عيسى ملاخا).
1001 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع