صلاح الأمين
التجارب البيولوجية والحرب
كلنا نعيش اليوم حالة تكون فريدة في وضعها لم يشهد العالم مثلها حيث البلايين من البشر والشعوب اضطرت بشكل او باخر الى لزم المنازل وترك الوظائف وتوقفت المصانع والاعمال بسب انتشار فيروس كوفيد-19.
ان الحروب التي خاضتها البشرية كان موضوع الحرب البيولوجية مرافقاً لها.
وهناك اعترافات تاريخية ربما صدرت بدون قصد او سمح لأفراداً كانوا على علم وبينة منها في التكلم او التصريح بما حدث وقسم منها مختصر وليس مفصلاً.
وهنا تحضرني مقالة / مدونة كتبت عن لسان مجموعة من الطيارين الإنجليز ممن شارك في الحرب العالمية الاولى، وهي ربما تجربة تم فيها أستخدم السلاح البيولوجي في الحرب العالمية الاولى في العراق وبالخصوص على مدينة تلعفر العراقية حيث يذكر احد الطيارين مشاركته بتلك الطلعات الجوية التي تم فيها رش مادة بيولوجية /غاز الاعصاب او غيره مما كان متوفر من الاسلحة الجرثومية في حينه على العراقيين هناك لقمع تصديهم للقوات الإنكليزية ومقاومتهم للجيش الانكليزي، وصعوبة هزمهم مما تسبب بقتل الكثير من الناس حسب ما كتبه.
ومما يذكر من قصص حول القوات البريطانية واستخداماتها للأسلحة الجرثومية هو استخدامها لداء الانفلونزا في محاربتها للسكان الأصليين في مستعمراتها، حيث كانت تعلق او تشد قطع قماش على الاشجار والاحراش كدليل انهم مروا من هناك. وعند تتبع السكان الاصلين وتحركهم كانوا يعثرون عليها ويلمسوها او يأخذوها، والحقيقة ان تك قطع القماش الصغيرة كانت ملوثة بجراثيم الانفلونزا مما تسبب انتشاراً للمرض بين افراد السكان الاصليين وتسبب لهم الموت وليس لديهم العناية الطبية التي قد تساعدهم على الشفاء منها.
وهنا يأخذنا الكلام على تجارب اخرى نشرت عنها وسائل الاخبار وكذلك تم نشر مقابلات حولها مؤخراً من تجارب اجرتها الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية.
فخلال اعوام الحرب العالمية الثانية أيدت الغالبية العظمى من الأميركيين المشاركة في الحرب العالمية الثانية، لكن أقلية صغيرة رفضت الخدمة في القتال بسبب معتقداتها الدينية أو الفلسفية أو السياسية أو الأخلاقية. وقد منح قانون الخدمة الانتقائية والتدريب لعام 1940 هؤلاء الرافضين للحرب والمشاركة فيها خيار الخدمة في أدوار عسكرية غير قتالية - مثل القطاعات الطبية المساندة - أو الانضمام إلى الخدمة العامة المدنية من أجل "عمل غير عسكري ذي أهمية وطنية تحت إشراف من قبل مدنيين". اما من الذين رفضوا أي خيار فانهم عوقبوا بإدخالهم السجن.
في الفيلم الوثائقي "الحرب الجيدة" (The Good War ) حول وأولئك الذين رفضوا القتال والذين وصل عددهم الى ما يقرب من 43,000 أميركي ممن رفضوا القتال في الحرب العالمية الثانية وقدموا طلباً للحصول عفو من المشاركة في الحرب. وقد خدم من ذلك العدد بين 25الفاً منهم غير مقاتلين في الجيش، ودخل 000 6 الفاً منهم إلى السجن – وهذا يمثل سدس نزلاء السجون في ذلك الوقت - وخدم 000 12الفاً منهم في دائرة الأمن العام.
و كان هؤلاء العاملين مع دائرة الأمن العام إلى واحد من 152 مخيماً أو 58 مؤسسة للأمراض العقلية ومدارس لتدريب "النقص العقلي" الموجود في جميع أنحاء البلد. وكان من يقيمون في المخيمات يكلفون بأعمال في الغابات واطفاء حرائق الغابات. أما من هم في المؤسسات الامراض العقلية فانهم كلفوا بأعمال للمحافظة على تلم المراكز والمرافق.
وقد تطوع 500 من هذه المجموعة التي تقدمت بطلبات عدم المشاركة بالحرب حيث "تنافسوا على التطوع" ليكونوا "خنازير تجارب بشرية" لإجراء "تجارب طبية خطيرة تهدد الحياة بحثاً عن علاجات للملاريا والتهابات التهاب الكبد والالتهاب الرئوي اللانمطي والتيفوس"، وفقاً لموقع بي بي إس للحرب الجيدة (PBS Website for The Good War).
"تم تلقيح بعض التطوعين بفيروس حي لألتهاب الكبد ... وقسم من المتطوعون الآخرين تم تعطيتم بالقمل ورشوا بمادة الـ دي.دي.تي، DDT أو تعرضوا لارتفاعات عالية ودرجات حرارة قصوى وفترات طويلة من السكون التام او الجمود(عدم الحركة)".
في حديث لاحد أولئك المتطوعين واسمه نيل هارتمان (Neil Hartman) يقول:
"كنت شاباً وأردت أن أظهر أنني لست جباناً. لذلك وافقت على ما عرضوه علي ّ هذه فرصة لأصبح خنزير غينا للتجارب، فإن ذلك يتناسب مع مخططي للأشياء التي تثبت أنني كنت على استعداد للمخاطرة على جسدي، كوني لم أرغب في قتل شخص آخر".
كانت التجارب خطيرة وفي بعض الأحيان قاتلة. وكانت تجربة المجاعة التي أجريت على مجموعة من أولئك المتطوعين في جامعة مينيسوتا هي أكثر همجية.
وأسندت المهمة إلى جوزيف بروزيك، كبير علماء النفس، مهمة توظيف متطوعين للتجربة. ووفقاً لمقال صادر عن الجمعية الأمريكية لعلم النفس عام 2013، اعتمد كيز في دراسات سابقة ممن تم تطوعهم في الخدمة المدنية العامة. حيث "كان يعلم من واقع خبرته أن العديد من الرافضين للذهاب للحرب وتطوعوا وحيث انهم حريصين على القيام بعمل ذي مغزى من شأنه أن يفيد البشرية، وأنه واثق من أن تجربة المجاعة ستجذب المتطوعين اللازمين".
وذكرت مجلة التغذية أن كيز وبروزيك استخدما كتيبًا بعنوان "ستجوعون ليتكنوا أفضل لتغذيتكم؟" (“Will You Starve That They Be Better Fed?” ).
في غضون أشهر، تلقى كيز أكثر من 400 طلب للحصول على 36 متطوع يحتاجهم لمشروعه، أجرى مقابلات مع 100 منهم واختار الأكثر لياقة بدنية ونفسية. بدأت التجربة في 19 نوفمبر عام 1944 عندما حصل المتطوعون الـ 36 على اقامة والسكن في المختبر الفسيولوجي . وانتهت بعد عام تقريبا في 20 أكتوبر،1945م ...
حيث تم اخذ 36 متطوعاً منهم ممن يتمتعون بوزن "صحي" لانقاص 25% من وزن الجسم خلال دورة تستمر عاما وشملت مرحلة الشهر السادس من "شبه المجاعة". وفي عام 1950، نشرت مطبعة جامعة مينيسوتا نتائج التجربة باسم "بيولوجيا تجويع البشر"، وهي مجلدان من 1300 صفحة.
وبدأت التجربة بدأت وكأنها بريئة وغير همجية كما انتهت اليه. أدرك الباحثون في مختبر الفسيولوجية المسمة (Physiological Hygiene ) في جامعة مينيسوتا - وهو مركز متعدد التخصصات يركز على فسيولوجيا الإنسان والتغذية.
خلال فترة التجربة التي قسم فيها الجزء الاول مدته 12 أسبوعا وهي الفترة لإعادة التأهيل المقيد يحث حددت عدد السعرات الحرارية التي تعطى للمتطوع الواحد ما متوسطه 2449 سعرة حرارية في اليوم. ثم تلتها القسم الثاني وهي شبه تجويع امتدت لفترة 24 اسبوع، فيها تم اعطاءهم ما معدله 1570 سعرة حرارية في اليوم. بعدها فترة 12 اسبوع كفترة اعادة تأهيلهم
وقد لا تبدو هذه الأرقام متطرفة، ولكن الآثار على المتطوعين كانت "مثيرة" وواسعة النطاق وفقاً لـ APA. "حيث كان المظهر الهزيل للرجال، صاحبتها انخفاضات كبيرة في قوتهم والقدرة على التحمل، ودرجة حرارة الجسم، ومعدل ضربات القلب والدافع الجنسي." الآثار النفسية كانت بنفس السوء "الجوع جعل الرجال مهووسين بالطعام. كانوا يحلمون ويتخيلون الطعام، ويقرأون ويتحدثون عن الطعام ويستمتعون بالوجبتين في اليوم الذي يتلقونه. أبلغوا عن التعب والتهيج والاكتئاب واللامبالاة"، ذكرت APA. بعض المتطوعين ببساطة لم يتمكنوا من التعامل معها. اثنان من الرجال كسروا نظامهم الغذائي، والعلماء أزالوهم من التجربة. واحد من الاثنين "عند خروجه توقف في مختلف المحلات التجارية لاكل السوندويجات والحليب في وقت لاحق سرق وأكل العديد الكل الني الغير مطبوخ واستهلك كميات ضخمة من العلكة واعترف بتناوله لفضلات الطعام والشراب من العلب المرمية...
وكتب السير جاك دروموند في مقدمة الكتاب "كان من المخيف أن ندرك مدى ضآلة ما يعرفه أي منا عن المجاعة الشديدة. " في حياتنا حيث مات الملايين من إخواننا من الرجال في مجاعات رهيبة، في الصين، في الهند، في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، دون أن تسفر هذه المآسي عن أكثر من بضع حبات من المعرفة أفضل طريقة للتعامل مع مثل هذه الحالات على أساس علمي."
كما استشهد أنسيل كيز، العالم الذي أدار التجربة وعمل كمؤلف رئيسي لكتاب "بيولوجيا المجاعة البشرية"، بالمجاعات ونقص الغذاء الناجم عن بداية الحرب العالمية الثانية وغيرها من الحروب الأخيرة كمبرر للبحث. وكتب في الكتاب ان "ظروف المجاعة ظهرت في اجزاء كثيرة من العالم كنتيجة مباشرة للحرب العالمية الثانية". واضاف ان "الحرب الاهلية الاسبانية التي كانت مقدمة للنزاع العام انتجت الكثير من المجاعة ولم تتحقق حالة غذائية طبيعية في اسبانيا منذ عشر سنوات".
"أدى الغزو الياباني للصين إلى نقص فوري في الغذاء هناك بسبب تعطل وسائل النقل، والتدخل في الزراعة، والهجرة الجماعية، والاستيلاء على الغذاء من قبل الجيش الياباني."
كما اشار أنسيل كيز الى نقص في الاغذية لكنه اقل في دول مثل فرنسا وبلجيكا وايطاليا والمانيا والنمسا والمجر نتيجة للحروب .
من القضايا الملحة والتي شكلت أهمية خاصة لأنسيل كيز هي كيفية تحسين إعادة تأهيل جنود الحلفاء وغيرهم وخاصة ممن كانوا من اليهود في السجون وكانوا يعانون من هزال وجوع وامراض ممن تم تحريرهم من السجون ومعسكرات الاعتقال، وتحسين جهود الإغاثة للمدنيين الذين يعانون من سوء التغذية أو المجاعة الشديدة.
لقد حرر الحلفاء دول أفريقية وأوروبية وباسيفيكية من المحور الألماني/الياباني، و واجهوا الملايين من الناس الذين يعانون من سوء التغذية والتجويع. وكتب كيز " ان الحرب العالمية الثانية كانت رائعة من ناحية نسبة الأعداد الهائلة من الناس الذين تم الاحتفاظ بها فى السجون او معسكرات الاعتقال او وضعهم الالمان واليابانيون فى ظل ظروف العبودية "
وبوجه عام، فان هذه المجاميع من الناس التي تعد بالملايين - كانوا يعانون من سوء تغذية في أحسن الأحوال وجوعوا عمدا حتى الموت في أسوأ الأحوال".
وهنا يجب ان نتذكر الحصار الظالم الذي طال 13 عاماً على الشعب العراقي وما سببه من موت نصف مليون طفل عراقي بسب نقص الغذاء والدواء وما سببه والجوع وتقص التغذي لاعداد اخرى من النساء والرجال ممن عانوا من الحصار الظالم علي العراق والذي بحق يعتبر جريمة انسانية بحق 20 مليون انسان ليس لهم ذنب قامت بها دول غاشمة وهنا يجب ان نذكر مما تقدم اعلاه ومن تجاربهم على البشر ان الحصار الظالم الذي طبق على العراق قد درس بعناية وصمم لكسر إرادة شعب كامل ولكن الله سبحانه وتعالى وقوة وصمود شعب العراق العظيم خسئوا وافشلوا مشروعهم القذر.
فما كان الا ان قاموا بحشد الجيوش واحتلال بغداد وتدمير العراق بكل وسائلهم العسكرية وتقتيل ما يقرب من 100الف - 150الف حسب اعترافهم ولكننا نعرف ان الرقم تجاوز المليون عراقي منذ احتلاله ولغاية الان.
رحم الله شهداء العراق وادخلهم فسيح جنان النعيم
وندعو الله تعالى في غرة شهره هذا الفضيل ان ينصر العراق واهل العراق على اعداءه وان يهزم الفاسدين والقاتلين والسارقين لقوت الشعب العراقي.
وان شاء النصر قريب بأذنه تعالى
الكاتب
صلاح الأميــن
نيـوزيلندا
1447 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع