عبدالله عباس
خواطر ليست عابره عن دراسة( د . سعد ناجي جواد حول معضلة الكرد ..! ) أين يكمن الخطأ ؟!
( 1 ) حقاَ انها ( معضلة ) ..!
قرأت بدقة دراسة قيمة بعنوان ( المعضلة الكردية في العراق .. عوامل التأزم والمستقبل ) كتبها الباحث القدير ( د . سعد ناجي جواد ) ونشر في مجلة ( السياسة الدولية ‘ وهي احد اصدارت مركز الاهرام المصرية – العدد 213 يوليو / تموز / 2018 ) ‘ و د . سعد من اوائل المهتمين بالوضع الكردي في العراق و وجهات نظره جديره بتقدير الوسط الكردستاني .
اول ما لفت انتباهي في هذه الدراسة تسمية الوضع الكردي بـ ( المعضلة ..! ) حيث تعودنا ومنذ تقسيم الشرق الاوسط نتيجة اتفاق سايكسبيكو الذي ادى الى خلق ( اكثر من مشكلة ...!! ) لاهل المنطقة ‘ المنكوبة و البائسة ولحد الان ‘ احدها سميت بـ ( المشكلة الكردية ) ‘ منذ ذلك التأريخ نطالع البحوث والدراسات و الكتب عن الكرد تحت عنوان ( مشكلة ‘‘ قضية ‘‘ المسالة الكردية ) ... أما تسميتها بـ ( المعضلة ) في هذه الدراسة هي التسمية الحقيقية لمعضلتين من افرازات وعد بلفور واتفاق سايكسبيكو اولها الكردية والثاني الفلسطينية لم يصلهما يد توجهات حقيقية لمعالجتها اذا لم نقل أن اشارات سير الاحداث توحي ببقائهما ( المعضلة ) الى مدى غير منظور ‘ وكما هو معلوم وكما جاء في تفسير مصطلح ( المعضلة ) في علم اللغة ‘ أنها تعني ( المعضلة : المسالة التي لايهتدي لوجهها ...!!) أو ( الطريق الضيق المخارج ..!!) ‘ والمسألتين فعلا تنطبق عليهما الوصف ( المعضلة ) أكثر من تسمية قضية أو مشكلة ممكن في كثير من الاحيان رؤيا الحل في نهايات الانفاق التي تمر بها المشكلة او القضية ....
مايهمنا ( المعضلة الكردية ) التي هي مأساة امة يحدثنا التأريخ عنهاو ( بعد الغدر الذي يتحدث التاريخ عنه ‘ عندما اختار احد ابناء هذه الامة ان يلعب فيه دوراَ سلبيا مؤثرا ‘ حيث تم اسقاط دولة الميدية في عام 550 ق . م ‘ ولم تأتي فرصة طوال ذلك التاريخ لكي ينطلق من خلاله الكرد لاعادة بناء دولتهم القومية كحال القوميات الاخرى في المنطقة .
لانريد ان نتوقف طويلا على ذلك الانكسار ‘ بل نستعرض بشكل موجز الاحداث التاريخية منذ عام 1514 الميلادية حيث نتفاجأ ان الصورة واضحة امامنا تاريخيا: تواجه الامة الكردية وباستمرار ومنذ ذلك العام كل المحاولات من اجل الحرية وبقوة شرسة لاقصى حد بحيث اذا وصلت انتفاضتها الى خطواتها الاولى لبناء الاستقلال ‘ لا يطول التمتع بذلك النصر لعام او عام ونصف حيث تسحق انتفاضاتها بالقوة التي اشرنا اليه ‘ والمؤلم في هذا العرض ‘ انه كان يتم اجهاض تلك المحاولات لاسباب داخلية عندما يجد اعداء الكرد منفذ من سياجهم الداخلي لاجهاض حلمهم ....)
( 2 ) الحكم في العراق قدوة ..!
يقول ( د . سعد ) حقيقة في دراسته عندما يؤكد بأن ( أن العراق كان ولايزال الدولة الوحيدة من بين الدول التي تضم اجزاء من كردستان الكبرى – تركيا وإيران و العراق و سوريا – التي اعترفت منذ الحكم الوطني فيها عام 1921 بالهوية والثقافة الكردية .....ألخ ) وانا ككاتب وصحفي كردي وفي اكثر من التحليلات التي كتبتها ونشرت في الصحف و المواقع المعلوماتية واخرها في كتابي المعنون ( ) اكدت هذه الحقيقة بالارقام والوثائق ‘ وذلك يعني انه هناك شواهد تأريخية تؤكد أن التعامل العربي ولحد اواسط الثمانينيات القرن الماضي ( حدث فيهما حملتي الانفال و الضرب الكيميائي ) ضد الكرد عموما و في العراق خصوصا تعاملا ايجابيا بعكس الحكومات وحتى الاوساط الشعبية في البلدان الاخرى ايران و تركيا و سوريا التي فرضت حزامها العربي على المناطق الكردية .
ففي ايران ومنذ تاسيس نظام الشاه وكذلك بعد انتصار الثورة التي ادى الى اسقاط نظامة ‘ كان التعامل الرسمي للدولة تعامل عنصري واضح وعدم الاعتراف بحقوق الكرد القومية ورغم ان الدستور الإيراني الحالي ينص في البندين 15 و19 على حق الأقليات في استعمال لغاتها في المجالات التعليمية والثقافية ولكن تم إغلاق الكثير من الصحف الكردية عندما انتفض الكرد هناك مطالبا بحقوقهم القومية المشروعة وسحقت الانتفاضة كسابقاتها في زمن الشاه باستعمال القوة المفرطة شملت قتل الناس و حرق الارض ويبدو ولايزال الاستجابة لتلك الحقوق من المستحيلات ...!
أما في تركيا فأن التعامل العنصري منذ تأسيس جمهورية ( أتاتورك ) معروف للعالم وجاء الدستور التركي عام 1923 ليقر اللغة التركية لغة رسمية واحدة، ولا يقر التعدد القومي والعرقي، ولا التعدد اللغوي، وعلى إثر ذلك فقد تعرّض الكرد لما وُصِف بسياسات “تتريك” قسرية ‘ أما الدستور الذي جاء بعد التعديل الذي ادى الى تغيير النظام التركي الى رئاسي لا يتحدث عن أي حل للقضية الكردية ‘ وأغرب من ذلك لاوجود لاي وثيقة تؤكد ان ( الاحزاب و الحركات المعارضة للنظامين الايراني أو التركي في عصري اتاتورك وكذلك ايران الشاه ) يؤكد او يتحدث عن ضرورة الاعتراف بحقوق القومية الكرديه في البلدين وذلك بعكس الكثير من الحركات والمنظمات العربية في العراق وبعض الدول العربية لهم مواقف مؤيده لطموح القومية المشروعة للكرد .
تحدثنا في دراسة مطولة بعنوان ( حلم الامة امام اختيارين في الزمن الاستثنائي ) عن مراحل تنفيذ مخططات الغرب التى ادت الى تحويل قضية الكرد و كذلك فلسطين من قضية مشروعة الى ( المعضلة : لايهتدي لوجهها ..! ) موضحين : أن الكرد لحد اقصى والعرب بنسبة اقل ‘ عند مراجعة الوجود وضمان للحق القومي اكبر متضرر من التقسيم الرديء الذي جاء به التحالف البريطاني الفرنسي الذي ادى الى تقسيم وتاسيس الكيانات القوميات المتواجده تاريخيا في المنطقة وهي :
الكرد و العرب والفرس والترك ‘ وطن القوميات الاربعة تبدأ من الحدود الشرقية لايران الى ساحل البحر الابيض المتوسط ‘ ادت اتفاقية سايكسبيكو الى تقسيم خبيث كانهم وبشكل متعمد اختاروا فقط القومية الكردية تتحمل وزر انهيار الامبراطورية العثمانية التي يسمونها هم بالرجل المريض ‘ ورغم ان الكرد قالوا قديما : ( زرع كلمة – لو – فلم تثمر شيء ) ‘ لو اختاروا في ذلك الظرف ‘ كل اراضي كوردستان كمستعمرة لهم او لاحدهم في قلب الشرق الاوسط كما فعلت بريطانيا عند الاحتلال الكامل لاراضي الهند ‘ لكانت انتفاضة الكرد بعد حين وطرد المستعمر وانتهى امر تقرير مصيرها بيدها ولاصبحت القومية الرابعة صاحبة الكيان الدولي في المنطقة ‘ ولكن أن قوى الاستكبار العالمي، وبعد الحربين العالمية الأولى والثانية، قامت بتجزئة الأرض والشعب الكوردي بين ثلاث قوميات، وترك مصيرهم تحت تصرف تلك البلدان التي تعاني من أزمة ، عبارة عن ابتلائهم بقيادات سلطوية وفوقية لهم ، وكل قومية حسب إرثها التاريخي تقودها قيادات ملئت أفكارهم بالتعصب العرقي والديني والمذهبي ، والرغبة لعدم التنازل عن كل هذه العقد حتى لو سالت الدماء للركب ، كما يقول المثل ! ودون أن يكون لهم أي استعداد لفهم أو استيعاب أفكار العصر، مثل حقوق الآخر، أو تبادل السلطة سلمياً، ….الخ ولذلك ترى أن كل المحاولات لمعالجة القضية الكردية في ألاجزاء ألاربعة تبدأ من الفوق ، وبطريقة التراضي بين الفوقانيين في الطرفين ، وعندما تواجه مصالح أي طرف ماسك بتيسير أمور الرعية لا يمر وقت إلا وترجع العقدة إلى المربع الأول، وهكذا…)
يتبع ( 2 )
1009 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع