د.ضرغام الدباغ
حرب الافيون - Opium Ware
تحرير : بيرتولد زيفالد (Berthold Esswald)
ترجمة : ضرغام الدباغ
عن موقع (Welt) قسم التاريخ (History)
نشر بتاريخ 20 / كانون الثاني / 2018
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حرب الأفيون الأولى والتي بها أرتقت بها بريطانيا إلى أكبر تاجر مخدرات قي العالم، والهند البريطانية كأكبر مصدر للأفيون. في عام 1830 كان التجار يطوفون في البحار يسوقون مخدرات الإمبراطورية الصينية. مما جعل الملايين يدمنون المخدرات،وعندما حدثت انتفاضة ضد ترويج للمخدرات ، قامت قوات البحرية الملكية بقمع المقاومة.
(صورة الغلاف : في حرب الأفيون، لم تكن هناك فرصة للميليشيات الصينية أمام الجيش البريطاني )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" أين هو من فضلك ضميرك ..؟ " في هذه الرسالة إلى العاهلة البريطانية الملكة فيكتوريا التي لم تنطوي على المجاملات الدبلوماسية. " لو افترضنا أن أجانب يأتون إلى بريطانيا، ليبيعوا الأفيون، ويغرون الناس على استهلاكها، فإن هذا سوف يجعلك يا جلالة الملكة تشعرين باستنكاف عميق. وإذا كنت لا تسمحين بحدوث مثل هذه الأضرار في بلدك، فإنك سوف لن تسمحين أن ينقل مثل هذا الضرر إلى بلد آخر وبالتأكيد ليس إلى الصين ..".
ومرسل هذه الرسالة الغير عادية بدرجة كبيرة، كان لين زيكسو (Lin Zexu) الممثل الخاص لملك الصين في الحرب على تهريب الأفيون إلى الصين. التي قادت البلاد إلى دمار وخراب. وكانت التقديرات تشير إلى أن نحو 400 مليون صيني يتعاطى المخدرات بشكل كثيف، وقاد أيضاً في مضاعفاته إلى انهيار اقتصاد البلاد. والتضخم بدوره أسقط العملة، فغرق الكثير من الناس في براثن الفقر.
وعندما حاول لين زيكسو فرض المنع على استهلاك الأفيون بأساليب القسوة، أستدعى ذلك وصول قوة وفرض سلطتها وهو ما لم تكن الصين معتادة عليها : الأسطول البريطاني. وفي حرب الأفيون من 1840 وحتى 1842 افتتحت استثمارات الإمبراطورية الغربية وأملت عليه معاهدة مذلة هزت صورة الصين في العالم، وألحقت الضرر بصحة مواطنيها. وقد اعتبرت معاهدة 1842 مثالاً للمعاهدات المجحفة الغير متكافئة في التاريخ.
وبحلول نهاية القرن الثامن عشر كانت الصين تحت الحكم الملكي (Manschurischen Dynastie) الأسرة المنشورية تحتل المرتبة الأولى كقوة عظمى في آسيا. ولكن بعد وفاة الملك القوي كيان لونغ عام 1799 ابتدأ تراكم المشاكل.
وأدت الحملات الكبيرة للحكام الملوك إلى الإنهاك المالي للخزينة، ولم يكن بوسع تدارك التزايد في عدد السكان إلا التوجه في التوسع بزراعة مساحات جديدة من الأراضي، والتي قادت إلى استغلال الطبيعة. والنتائج الكارثية تمثلت بالفيضانات والسيول وإلى التصحر، وبدورها أدت إلى حدوث مجاعات ولم يعد بوسع الإدارة السيطرة على الأمور، وأنتجت مشاكل جديدة للسكان حيث ساد الفساد في الإدارة، وكل هذه أدت إلى معاناة جديدة للسكان لم تكن وسيلة التهرب منها ومن الواقع الكئيب وهذا تمثل ب : الأفيون.
وهنا بدأت الشركة البريطانية للهند الشرقية (Britsch East India Company EIC) وبعد خسارتها لمستعمراتها ومواقعها في أميركا الشمالية، بدأت المملكة المتحدة تحاول كسب مستعمرات جديدة للإمبراطورية. وكسوق تصريف للمنتجات الهندية ظهر أن الصين لا تقدم إلا القليل من الأرباح، والسلع الفاخرة تنتقل من الصين إلى أوربا كالخزف (البورسلان) والحرير والشاي، لم يكن لدى الأوربيين شيئ ليعادلوا المنتجات الصينية، وهكذا بقي الميزان التجاري وحتى أوائل القرن التاسع عشر سلبياً. ولم يتعدل الوضع إلا بسلعة راجت في السوق سريعاً المتمثلة بالأفيون.
(الصورة : ملايين من الصينيين أنغمسوا في المخدرات بدل الكحول)
وباشر البرتغاليون والهولنديون الذين ينحدرون من الشرق الأدنى يروجون الأفيون في الصين، ولكنها كانت مترافقة في تركيبة مع التبغ، لتكون دخاناً بطعم الكحول، واعتبرت " العلاج السحري للمعاناة البشرية " على الرغم من الملك منع تناولها واستهلاكها، ولكن شبكة المهربين كانت تمنح التجار البريطانيين أرباحاً وصفت بأنها خرافية.
وفي حين كانت الواردات قد بلغت عام 1800 بين 4000 إلى 500 صندوق، تصاعدت عام 1834 إلى 40,000 صندوق، أي نحو 2,5 مليون كيلو غرام كوزن صافي للمخدرات، وبذلك أنقلب الميزان التجاري (بالطبع لصالح البريطانيين). وبينما كان لدى الصين في بداية أعوام القرن (1800) من الرصيد في الفضة 26 مليون دولار، تسربت بين أعوام 1826 وعام 1836 حوالي 83 مليون من الدولارات الفضية إلى أيادي التجار الأوربيين .
ولم يؤد هذا إلى مضاعفة التضخم فحسب، الرواتب والضرائب تدفع بالفضة، وأدى إلى تراجع وتدهور سريع في معدلات سعر العملات مقابل العملات النحاسية، أدى إلى أعداد لا حصر لها من المزارعين وعمال الورش، فيما سعى الموظفون في تعويض التراجع الاقتصادي بالفساد. فيما كان تدخين الأفيون كان يوفر فرصة الهروب من الحلقة المفرغة من الجوع وإنعدام الأمن والفقر. وسريعاً ما أصبح الكثير من الفرق العسكرية في وضع لا يمكنهم أداء واجباتهم، لأنهم فروا إلى الأحلام الجميلة التي يوفرها لهم مهربي المخدرات، والعصابات فاتحين لهم المجال لأنشطة وأعمال أخرى.
(الصورة : الملك داوغوانغ (حكم بين 1820 و 1850) حاول عبثاً مكافحة تهريب الأفيون)
غيرت الأزمة من صورة الواقع، الذي كان الأوربيون يعرفونه عن الصين. الامبراطورية البعيدة التي كانت كمأوى للحكمة العظيمة، وأصل الكثير من المخترعات،" المومياء البالاحتجاجات وبغلقروغليفية وملفوفة بالحرير "، كما صاغها يوهان غوتفريد هيردر (أديب ألماني بارز). التي كانت بعد نهاية الاحتكار الشركة (EIC) على تجارة الأفيون ومساهمة التجار من سائر الدول الغربية في التجارة بالمخدرات القوية . وبدلاً من ذلك ينظر المرء إلى سياسة التجارة العدوانية حسب القانون الدولي التي قوبلت من الصين بالاحتجاجات وبغلق الموانئ.
في أواسط عام 1830، دعا الإمبراطور داوغاونغ إلى التصدي للأزمة، وعين كبير موظفيه لين زيكسو كمفوض عام، الذي مارس أقصى القوة والقسوة الشديدة ضد عصابات المهربين. وأعتقل عناصر العصابات، وخربت الزوارق وكبار التجار والمتعاطين المخدرات أعدموا شنقاً علناً .
وفي عام 1839ـ أستهدف المفوض العام لين الموردين الأجانب أيضاً، والقي القبض على 350 من الأجانب وأرسل الرسالة المشهورة إلى الملكة فيكتوريا فيما قامت السلطات بإحراق أكثر من 20,000 من صناديق الأفيون الهندي.
(الصورة : باخرة من البحرية الملكية البريطانية تهاجم سفاً صينية في دلتها نهر اللؤلؤ)
أعلن كبار تجار المخدرات البريطانيون، عن استعدادهم الدفاع عن التجارة الحرة، وطالبوا القوات البحرية الملكية بالقيام بهجمات. وبدون إعلان رسمي للحرب تحرك أسطول بريطاني من السفن الحربية يتألف من 48 سفينة (ضمن الأسطول 4 بواخر مدرعة) وبلغوا في حزيران 1840 إلى المياه الصينية، حيث طالبوا " بالترضية والتعويض "، "كانت حرباً غير متكافئة، حارب فيها الصينيون بسفن خشبية، ضد بواخر مدرعة وسفن مدفعية، بالرماح والسيوف ضد المدفعية الحديثة، بميليشيا من الفلاحين ضد جنود محترفين ". هكذا وصف المؤرخ الألماني من هامبورغ كاي فوكلزانغ ما أطلق عليه بحرب الأفيون الأولى.
وكقاعدة مستقبلية للتجارة، جرى احتلال الجزيرة الصينية هونغ كونغ عام 1840 في مصب نهر اللؤلؤ، التي تم إدراجها ضمن اتفاقية 20 كانون الثاني 1841، وجعلوا لها حكومة محلية . وحطمت مدافع البحرية الملكية مقاومة الإمبراطور، ففي 29 / آب / 1842 كان داوغونغ أن يوقع من على متن الباخرة البريطانية (HMS Cornwallis) ، أمام مفاوضيه الانكليز على اتفاقية يسمح بها للتجار البريطانيين دخولاً حراً إلى الموانئ الصينية، والتنازل عن هونغ كونغ ودفع 21 مليون دولار من الصين كبدل تعويض عن أضرار، وبعد ذلك بقليل أعلنت هونغ كونغ كمستعمرة للتاج البريطاني.
(الصورة : الاتفاقية التي وقعت بتاريخ 20 / كانون الثاني / 1841 التي وضعت هونغ كونغ كمستعمرة بريطانية حتى ا/ تموز / 1997 " 150 عام وستة شهور")
وهذا العقد الغير المتكافئ الأول أصبح كارثياً على الصين. إذ أعقب ذلك إملاءات أخرى على الصين من دول غربية أخرى،التي كانت توسع دائماً من نطاق نفوذها، فيما كانت الأزمة تتعمق وتشتد في البلاد، الزيادات السكانية، التضخم، الفساد، والكوارث الطبيعية وانتفاضات خلقت أرضية خصبة لتجارة الأفيون، والتي قادت لاحقاً إلى حرب الأفيون الثانية ضد الصين عام 1858 التي شاركت فيها فرنسا إلى جانب بريطانيا.
ويكتب المؤرخ الألماني فوكلزانغ من هامبورغ أن في غضون ذلك، بدأ الكثير من الفلاحين الصينيين بزراعة الخشخاش بدلاً من الأرز. وبحسب التقديرات أن 10% من الصينيين كانوا يدخنون الأفيون في القرن التاسع عشر. 3 إلى 5 % بإفراط " و حتى نهاية القرن التاسع عشر كان هناك نحو 15 مليون مدمن على المخدرات، يعيشون حالة هزال بدني، ويموتون ببطء.
ملحق معلومات عن هونغ كونغ
تعتبر هونغ كونغ حالياً منطقة إدارية صينية تتمتع بحكم ذاتي يمنحها مزايا عديدة تميزها عن بقية مناطق الصين. وتعتبر من أهم المراكز المالية العالمية، وهي الوجهة السياحية الأبرز للصينيين.
تقع هونغ كونغ على ساحل الصين الجنوبي بالقرب من مصب نهر زهو زيانغ، وتبلغ مساحتها 1104 كيلومترات مربعة. وتتشكل المنطقة من شبه جزيرة تتصل بالبر الصيني إضافة إلى نحو 240 جزيرة، وعاصمتها فيكتوريا حيث مركز الأنشطة السياسية والمالية.
يبلغ عدد سكان هونغ كونغ سبعة ملايين نسمة (حسب إحصاء عام 2011) يتكلمون اللغتين الصينية والإنجليزية، ويمثل الصينيون 93% من سكان المدينة، بينما تنحدر النسبة الباقية من عرقيات مختلفة معظمها من جنوب آسيا والدول الغربية.
ظلت هونغ كونغ طوال تاريخها جزءا من الصين حتى خضعت لسيطرة الإمبراطورية البريطانية بعد حرب الأفيون الأولى (1839-1842)، واحتلها اليابانيون أثناء حرب المحيط الهادي في أربعينيات القرن العشرين. ولكن بريطانيا استعادت سيطرتها على هونغ كونغ بعد انتهاء هذه الحرب وظلت تحت وصايتها حتى يوم 1 يوليو/تموز 1997، وهو اليوم الذي استعادتها فيه الصين إثر تفاهمات مع بريطانيا.
مُنحت هونغ كونغ (بموجب تلك التفاهمات) حكما ذاتيا ووضعية متميزة تقضي بعدم تدخل بكين في اقتصادها وقوانينها إلا في نطاق محدود، وهو ما جعل سكانها يعيشون أجواء مختلفة عن باقي أقاليم الصين، وذلك طبقا لمبدأ " بلد واحد ونظامان مختلفان".
2190 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع