واقعة كربلاء مراسيم الفداء و البطولة

                                              

                      بقلم المحامي المستشار
                     محي الدين محمد يونس

        

    

     واقعة كربلاء مراسيم الفداء والبطولة

في كل عام وبحلول الأيام العشرة الأوائل من شهر محرم الحرام تعود بي ذاكرتي إلى الفترة التي سكنا فيها مدينة الثورة (الصدر) من عام 1961 ولغاية عام 1980، حيث تقام الشعائر الدينية بمناسبة عاشوراء في جميع أنحاء المدينة والتي كانت مؤلفة من قطاعات يربو عددها على التسعين قطاعاً تتنافس فيما بينها على تنظيم هذه الشعائر من خلال المواكب الحسينية التي تطوف في شوارع كل قطاع مع تواجد جمع غفير من ساكني تلك المناطق والمناطق الأخرى من الجنسين وبمختلف الأعمار وقيام البعض متبرعاً بالمال أو الجهد لتهيئة وجبات الطعام المختلفة للمشاركين في هذه الشعائر وخاصة المشهور منها في هذه المناسبة من الهريسة والقيمة.

يتوج صباح اليوم العاشر ولغاية فترة الظهيرة بشعائر التشابيه وفيه تجري مراسيم إحياء واقعة الطف الأليمة وذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي وأولاده وجمع من أهل بيته وأصحابه عليهم السلام في طف كربلاء.

تسمى هذه المراسيم بالتشابيه حيث يتم فيها إعادة عرض ما حصل في يوم الاثنين العاشر من شهر محرم سنة 61 هجرية والمصادف ليوم 12 تشرين الأول من عام 680 ميلادية من احداث مؤلمة عندما قام الجيش الأموي الذي كان يقوده (عمر بن سعد بن أبي وقاص) باعتراض طريق الإمام الحسين ومن معه أثناء توجههم إلى الكوفة، لقد أغرت المصالح الدنيوية هذا الرجل لكي يقوم بتنفيذ هذه الجريمة الشنعاء عندما قام بقتل (الإمام الحسين) حفيد الرسول وابن ابنته فاطمة الزهراء بتلك الطريقة البشعة وهو ابن الصحابي (سعد بن أبي وقاص) أحد كبار الصحابة والسابقين الأولين إلى الإسلام وأحد العشرة المبشرين بالجنة.

    

احدى الموائد في يوم عاشوراء
تذكرني هذه المناسبة وفي هذا اليوم بالذات بهذه الحكاية التي وقعت في نهاية السبعينيات من القرن الماضي عند اجراء مراسيم التشابيه من قبل مجموعة من الأشخاص من خلال تقمصهم لأدوار شخصيات هذا الحدث وإعادة إحيائه بنفس التفاصيل الواردة في كتب السير...

          

كربلاء المقدسة احياء يوم عاشوراء
كانت دارنا تقع في الطرف الخارجي للحي الذي نسكن فيه وتقع أمامها ساحة كبيرة تتخذ مكاناً لإقامة مراسيم التشابيه في كل عام وكان المواطنون يحتشدون على الأطراف الخارجية للساحة لمشاهدة فصول إعادة مشاهد هذا الحدث التاريخي المؤثر والذي يستغرق منذ الصباح وإلى ما بعد ظهر ذلك اليوم وينتهي بقيام المجرم الشرير (شمر بن ذي الجوشن) بالإجهاز على حياة (الإمام الحسين) عليه السلام وقطع رأسه.

   

احدى مراسم تمثيل لأحداث التشابيه

اللحظات الأخيرة من أحداث التشابيه هي أقساها عندما ينفذ هذا المجرم فعلته الشنيعة ويؤجج مشاعر مشاهدي هذا المنظر المؤلم وتحوله إلى بكاء ونحيب ولطم وغضب وعندها يشعر الشمر الملعون بالخوف على حياته من الجماهير المحتشدة الغاضبة عليه ومن أجل أن ينجو بنفسه من هذا المصير لابد أن يتصرف بكل سرعة وحذر قبل أن يقع في أيديهم... وأن يختار مكاناً آمناً يتوارى فيه وكان أقرب مكان يحقق له ذلك هي دارنا حيث اتجه صوبها مسرعاً وأسرعت الخطى خلفه وأغلقت الباب وطلبت منه الهروب من الجانب الخلفي للدار من خلال تسلق الجدار الخارجي, انتقلت إلى سطح الدار حيث شاهدت تجمع عدد كبير من الناس أمامها وهم يطرقون الباب بشدة ويصرخون مطالبين بتسليمهم (الشمر) ورغم ابلاغهم بأنه لم يعد موجوداً في دارنا إلا أنهم لم يقتنعوا بكلامي إلا بعد أن تأكدوا من ذلك من خلال تسلق أحد الفتيان لجدار دارنا وتفتيشه لكافة ملاحقه وصعوده على سطح الدار وهو يصرخ بأعلى صوته ويعلن هروب (الشمر الملعون) إلى جهة مجهولة وعدم تواجده في دارنا وخلق حالة من الخوف والفزع لدى أفراد عائلتي عند دخوله دارنا وهو يرتدي الملابس القديمة ويحمل سيفاً بيده... محاولاً التخلص من ملاحقة الناس له وندمي على مساعدتي له ونجاته من العقاب... والمشهد ربما يتكرر في كل عام وفي العديد من مراسيم التشابيه مع من ارتضى لنفسه القيام بهذا الدور المشؤوم لشخصية (الشمر) الملعون إلى يوم الدين.
وخير ما أختم به مقالي هذا هو أن أذكر ما سطرته الباحثة والكاتبة الدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) في مقالة لها عن واقعة كربلاء حيث تقول: ((وبكى الجميع... وابكي يا ابن آدم على ما لحق بآل بيت نبينا صلى الله عليه وسلم وصلى الله عليهم أجمعين بكاء أبكى كل شيء حتى السماء والأرض بكت لموت سيد شباب أهل الجنة)).

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1037 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع