الدكتور هيثم الشيباني خبير في البيئه
مؤتمر باريس ومعركة المناخ
1.المقدمه
اقتبست تسمية معركه من الرئيس الفرنسي (ماكرون ) , وهو يشعر بالمرارة لأن بعض الدول ذات الثقل المؤثر في مصير البشرية تتصرف بمنتهى السطحيه.
والمعركة بمعناها المألوف هي صراع بين مجموعتين أو أكثر و عادة ما تقوم المعارك في سباق , حيث يتفاوت عدد المقاتلين حسب الغاية , و تنتهي المعركة غالبا بفوز أحد الطرفين. وهذا الصراع الذي يناقشه المقال هو معركة بين البشريه والمناخ الذي قام بغزوات دمرت مدنا بكاملها وأغرقت سواحل وقرى بأمطار وثلوج وغيرها راح ضحيتها الاف البشر.
ويعتبر تغير المناخ من أبرز التحديات الرئيسية في هذا العصر , فقد عرضت فضائيات الأخبار العالميه على الشاشات وأبرزها الCNN وBBC طبقات الثلوج التي غطت الصحراء الجزائريه الحاره , ومقاطعة كاليفورينيا التي شاهدت قبل ذلك بشهر حرائق مخيفه تعذر اطفاؤها لكنها واجهت بعدها سيولا وانهيارات طينيه مروعة , فالآثار العالمية لتغير المناخ واسعة النطاق ولم يسبق لها مثيل من حيث القوة والتأثير , مثل تغير أنماط الطقس التي تهدد الإنتاج الغذائي والحيواني , و ارتفاع منسوب مياه البحار التي تزيد من خطر الفيضانات الكارثية. إن التعامل مع هذه التأثيرات سيكون أكثر صعوبة ومكلفا في المستقبل إذا لم يتم القيام بإتخاذ إجراءات جذرية فورا . تحدث الغازات المسببة للاحتباس الحراري بشكل طبيعي وهي ضرورية لبقاء البشر والملايين من الكائنات الحية الأخرى على قيد الحياة عن طريق الحفاظ على جزء من دفء الشمس وعكسها مرة أخرى إلى الفضاء لتجعل الأرض صالحة للعيش , على أن لا تتجاوز هذه الغازات الحدود المحسوبة علميا و المتفق عليها دوليا. وقد أدى قرن ونصف من التصنيع , بما في ذلك قطع الأشجار الجائر في الغابات وأساليب معينة في الزراعة , الى ارتفاع كميات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي. وبينما تنمو مستويات المعيشة للسكان , فإن مستوى تراكم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري (الغازات الدفيئة) آخذة في الإرتفاع أيضا.
تزايد تركيز الغازات منذ عهد الثوره الصناعيه , مصحوبا بازدياد حرق الوقود الأحفوري (نفط غاز فحم)وزيادة ثاني أوكسيد الكاربون.
يبدو أن التنافس أو الحرب البارده تنطوي على ( المصالح ) , فالرياضة (مصالح) ومراكز البحوث ( مصالح) والجامعات ( مصالح ) والترقيات العلميه ( مصالح ) والمناصب الوظيفيه ( مصالح) ومشاريع العمل الأنساني ( ظاهرها الرحمة وباطنها المصالح ) والطب ( مثل علاج السرطان ومعظم الأمراض المستعصيه مصالح),وادارة اللجوء أو الهجره في منظمات الأمم المتحده ( مصالح) والعمل مع الأحزاب السياسيه ( مصالح ) والعمليات الانتخابيه ( مصالح ) والقائمة طويلة .
أما في مسألة الاحتباس الحراري فقد شاهدت البشريه المسحوقه والمغلوب على أمرها أكبر مهرجان في التأريخ للمساومات وحسابات الكلفه وحسابات الحصص والأرباح والخسائر المحدوده , والأنانيات الضيقه .
وهكذا فان من يدير ظهره اليوم عل تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري , كأنه يسمع استغاثات أهله يموتون غرقا أواختناقا أو حرقا فلا تنفع كل وسائل الاسعاف المحدوده بعد فوات الأوان.
2. اتفاقية باريس وتطوراتها
تنص الاتفاقية على التزام جميع الدول بمحاربة تغيير المناخ ,وتقليل مستوى الغازات المسببة للاحتباس الحراري إلى مستويات يمكن للأشجار والتربة والمحيطات امتصاصها بشكل طبيعي .
وقع على الاتفاقية 195 دولة من بين الـ 197 بلدا الأعضاء في مجموعة الأمم المتحدة للتغير المناخي , بغياب سوريا ونيكاراغوا ,وكانت البداية في 12 ديسمبر / كانون الأول 2015 ,حيث وافقت قمة باريس على حصر حرارة الأرض في درجتين مئوييتين لتقليص مخاطر التغيير المناخي , ومراجعة التعهدات الالتزاميه ( كل خمس سنوات) وزيادة المساعدات الماليه لدول الجنوب , بخصوص التنميه المستدامه.
ثم بذلت جهود حثيثه للتوصل الى خفض الحراراه الى أقل من 1,5 درجه مئويه , نظرا الى ما نبهت اليه بعض الدول بأنها معرضة لخطر الغرق , والتأكيد على استعمال الطاقة البديله والتوقف عن قطع الأشجار واعادة تشجير الغابات.
وأعلنت الدول الموقعة إجراءات للحد من تقليص انبعاثاتها من الغازات الدفيئة خلال الفترة 2025-2030.
ويتمثل أحد أهم إجراءات الاتفاق الذي وصفه رئيس قمة المناخ وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بأنه (اتفاق تاريخي عادل ومتوازن وملزم قانونيا) في وضع آلية مراجعة كل خمس سنوات للتعهدات الوطنية التي ستبقى اختيارية. وستـُجرى أول مراجعة إجبارية لاتفاق باريس في عام 2025 , ويتعين أن تشهد المراجعات التالية إحراز تقدم.
وقبل ذلك، دُعيت مجموعة الخبراء الدوليين في المناخ لإعداد تقرير 2018 خاص بسبل التوصل لمستوى الـ1.5 درجة مئوية والجهود المرتبطة بمثل هذا الارتفاع في درجات الحرارة.
ويتعين أن تكون الدول المتقدمة في الطليعة على مستوى اعتماد أهداف خفض الانبعاثات , في حين يتعين على الدول النامية مواصلة تحسين جهودها في التصدي للاحتباس الحراري في ضوء أوضاعها الوطنية. وذلك لوقف ارتفاع حرارة الأرض تفاديا للتبعات الكارثية للاختلال المناخي الذي بات ملحوظا , مثل تزايد الفيضانات وموجات الجفاف وذوبان الكتل الجليدية.
ويفترض أن يسرع هذا الاتفاق الذي سيدخل حيز التنفيذ في 2020 العمل لخفض استخدام الطاقة الأحفورية مثل النفط والفحم والغاز, ويشجع على اللجوء إلى مصادر للطاقة المتجددة ويغير أساليب إدارة الغابات والأراضي الزراعية.
وبخصوص تعهد الدول الغنية عام 2009 بتقديم مئة مليار دولار سنويا بداية من 2020 لمساعدة الدول النامية على تمويل انتقالها إلى الطاقات النظيفة لتتلاءم مع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تعتبر هي أولى ضحاياها , نص الاتفاق بناء على طلب الدول النامية على أن مبلغ المئة مليار دولار ليس سوى (حد أدنى) , وسيتم اقتراح هدف جديد وأعلى عام 2025.
ومن جهة أخرى ترفض الدول المتقدمة أن تدفع وحدها المساعدة , وتطالب دولا مثل الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة والدول النفطية الغنية بأن تساهم , ولذلك نص الاتفاق على وجوب أن تقدم الدول المتقدمة موارد مالية لمساعدة الدول النامية , ويعني ذلك مساعدة الدول التي تتأثر بالاحتباس الحراري , وتشمل الخسائر التي لا يمكن تعويضها والمرتبطة بذوبان كتل الجليد أو ارتفاع مستوى المياه مثلا , مما يشكل خطورة على الإنتاج الزراعي والثروات البحرية في العديد من المناطق.
خصص اتفاق باريس فصلا كاملا لمسألة ذوبان الجليد بسبب التغير المناخي , وهو ما يشكل إنجازا للدول الأشد هشاشة مثل الدول الواقعة على جزر .
يشار إلى أن الصين والولايات المتحدة هما أكبر ملوثين في العالم , وتنتج الصين من الغازات الدفيئة ضعف الكمية التي تنتجها الولايات المتحدة.
وإضافة إلى ترحيب الدول المشاركة في القمة بهذا الاتفاق, عبرت المنظمات غير الحكومية عن رضاها عنه لأنه يؤكد ضرورة عدم تجاوز سقف الدرجتين المئويتين مقارنة مع مستوى ما قبل الثورة الصناعية .
وبعد أن عبر العالم عن فرحته بالاتفاق التأريخي بما تمخض عن اتفاق باريس فوجئ العالم في 1 حزيران /2017 بعزم ترامب انسحاب بلاده من اتفاقية باريس للمناخ و التفاوض للتوصل الى اتفاق بديل لها , زاعما أن الاتفاقية تكلف الشعب الأمريكي 2.5 تريليون دولار , وأنه ينوي التفاوض من أجل صيغة بديله .
وقال ترمب في خطاب من البيت الأبيض إن اتفاقية باريس للمناخ ستزيد الكلفة على الشعب الأميركي بشكل غير متناسب , وأضاف أنه بهذا القرار يفي بتعهده بأن (يضع العمال الأميركيين أولا).
واعتبر ترمب أن اتفاق باريس لا يصب في صالح الولايات المتحدة ويوقف تطوير مناجم الفحم النظيفة .
عبّركل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتيلوني , عن الأسف لقرار الولايات المتحدة الانسحاب من اتفاق باريس , مشددين في الوقت ذاته على عدم إمكانية إعادة التفاوض على الاتفاق.
وأعلنوا رفضهم للقرار , وقالوا إنهم لن يتفاوضوا على اتفاق جديد , فيما عبّرت الأمم المتحدة عن خيبتها لما أقدم عليه ترمب.
واعتبر ماكرون أن الرئيس الأميركي ارتكب خطأ تاريخيا بالانسحاب من اتفاق باريس للمناخ , ودعا علماء المناخ ورجال الأعمال الأميركيين المحبطين للمجيء إلى فرنسا والعمل فيها.
كما ندد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الذي كان أبرز مهندسي اتفاق باريس للمناخ بقرار ترمب الانسحاب من الاتفاق.
مع العلم يترتب على أي بلد يريد الانسحاب من الاتفاق إبلاغ أمانة سر اتفاقية الامم المتحدة للمناخ , لكن بعد انقضاء ثلاث سنوات على سريان النص الذي تم في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2016. و يفترض صدور إشعار قبل عام ليتم الانسحاب الفعلي.
3. قمة كوكب واحد تكرس ايمانويل ماكرون زعيما (لمعركة المناخ)
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعلن في آب/أغسطس الماضي (2017), أن فرنسا ستنظم في 12 كنون الأول/ديسمبر من العام نفسه قمة دولية للاطلاع على التقدم المحرز في إطار اتفاق باريس حول المناخ وحشد التمويلات اللازمة لتنفيذه .
أعلنت فرنسا قمة دوليه للمناخ بعد مرور عامين على اتفاق باريس وهكذا استضافت واحتضنت باريس القمة لتفعيل اتفاق باريس الدولي للمناخ, الذي سبق أن وقعت عليه 196 دولة في الثاني عشر من كانون الأول / ديسمبر عام 2015 .
وقد نجح (ماكرون) عند استضافة وترؤس ( قمة الكوكب الواحد) بالتشارك مع رئيس البنك الدولي والأمين العام للأمم المتحدة وحضور 50 رئيس دولة وحكومة ومئات الخبراء والمصرفيين ومديري المؤسسات العامة والخاصة والمجتمع المدني ووسط تغطية إعلامية دولية واسعة, في أن يفرض نفسه حامل راية الدفاع عن المناخ في العالم .
حيث أن باريس احتضنت توقيع اتفاقية المناخ في ديسمبر (كانون الأول) عام 2015. فان العاصمة الفرنسية هي التي سعت هذه المره لإعادة تعبئة المجتمع الدولي من أجل تنفيذ التعهدات والالتزامات التي وقعت عليها الأغلبية الساحقة من دول العالم بعد أن برزت مؤشرات تدل على أجواء من التراخي بسبب انسحاب دونالد ترمب من الاتفاقية وغياب آلية متابعة جدية للالتزامات الموقع عليها .
وخلال القمة كان صوت الرئيس الشاب الذي لم يتعد التاسعة والثلاثين من العمر هو الأقوى.
لقد اقترح ( ماكرون ) عقد قمة سنوية, على غرار تلك التي استضافتها باريس خصوصا لمتابعة الإجراءات التي أعلن عنها بنهاية الاجتماع ولقياس مدى التزام الدول الموقعة على اتفاقية باريس بالأهداف الرئيسية وأهمها العمل على ألا تزيد حرارة الأرض على درجتين قياسا لما كانت عليه قبل العصر الصناعي.
أن أهمية القمة هي أن أهداف اتفاقية باريس ليست حكرا على الحكومات بل هي شأن يخص الجميع من المواطنين و المؤسسات والشركات الخاصة و المجتمع المدني. يضاف إلى ذلك حرص منظموا المؤتمر على وضع أصحاب المشاريع الصغيرة والكبيرة وجها لوجه . وكان لافتا تركيز القمة على الوصول إلى اقتصاد غير كربوني. وفي هذا السياق , برز تأكيد رئيس البنك الدولي جيم يونغ على أن المؤسسة العالمية (ستتوقف عن تمويل مشاريع التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما اعتبارا من 2019 ). ودفع هذا الإعلان بالمؤسسات المصرفية والشركات الكبيرة على التأكيد على تعهداتها بالابتعاد عن الوقود الأحفوري المسبب لارتفاع حرارة الأرض. وذهبت أبعد من ذلك بالإعلان عن تخصيص مليارات الدولارات لوقف العمل في مشاريع الفحم والنفط والغاز. ويبدو دور البنك الدولي مهما في تحقيق أهداف اتفاقية المناخ بالنظر لثقله وقدرته في التأثير على اقتصاد العالم. وأعرب رئيسه عن العزم على (العمل مع الجميع لوضع السياسات الصحيحة في مكانها وجعل محركات السوق تسير في الاتجاه الصحيح ووضع المال على الطاولة وتسريع العمل). وتعهد ممثل عملاق البنوك البريطاني ( إتش . إس . بي . سي ) بممارسة حملة للضغط على الشركات الكبرى التي تصدر انبعاثات مسببة للاحتباس الحراري لمراعاة البيئة بشكل أكبر. وأعلن ممثل بنك (بنك إينغ ) الهولندي أن المصرف الذي يمثله سيتوقف بشكل شبه كامل عن تمويل مشاريع لتوليد الطاقة من الفحم بحلول 2025 .
يعترف الخبراء بأن الأخطار البيئية التي تهدد الأرض (ليست موزعة بالتساوي ) بين البلدان الغنية والصناعيه وبين البلدان الفقيرة وفي طور النمو. وثمة توافق مبدئي على أن تقوم الدول الغنية بمساعدة الدول النامية على السير نحو ما يسمى (الاقتصاد الأخضر ) أي غير المتسبب بانبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ومما اتفق عليه أن توفر الدول الغنية 100 مليار دولار سنويا للدول التي في طور النمو بدءا من العام 2020 . لذا فإن الإعلان في المؤتمر عن الالتزام بتوفير 300 مليون دولار لمحاربة التصحر بدا ضعيفا لمواجهة الكوارث الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الناجمه عن تسارع التصحر في الكثير من البلدان الأفريقية. وفيما تشكو البلدان الأوروبية من ظاهرة الهجرة ومن تأثيراتها في الداخل الأوروبي , فإن تقاعس الدول الغنية عن الوفاء بالتزاماتها المالية سيزيد من صعوبات البلدان المتأثرة بالتصحر وبالتالي من صعوبات البلدان التي يقصدها المهاجرون. وبقيت في الأذهان كلمة الأمين العام للأمم المتحدة أنطوني غوتيريش الذي أعلن أن التغير المناخي ( يهدد مستقبل قدرة البشر على العيش في كوكب الأرض , مضيفا أن ذلك يفرض حربا وجودية على البشرية ). ودعا غوتيريش الحكومات والشركات ورجال الأعمال إلى الاستثمار في المستقبل والاستفادة من التقدم التكنولوجي والعلمي الذي تشهده البشريه.
و لم ينج الرئيس الأميركي من الانتقادات الحادة التي وجهها إليه المشاركون بمن فيهم الأميركيون ومن أبرزهم وزير الخارجية السابق جون كيري وكذلك مؤسس مايكروسوفت بيل غيتس .
برهن الحاضرون على أن التغيرات المناخية تنذر بكوارث ستصيب البشرية وأبرزها التصحر و الجفاف و ارتفاع مستوى المياه بسبب ذوبان الجبال الجليدي.
شارك في القمّة التي عقدت بالتعاون مع البنك الدولي قرابة 53 رئيس دولة وحكومة وأكثر من 130 وزيرا بالإضافة للمنظمات غير الحكومية ورجال الأعمال وأهل الثقافة والفن من كل أنحاء العالم .
وسميت القمة (قمّة الكوكب الواحد) لرفع التحديات المناخية والبيئيّة وأهمها مسألة الاحتباس الحراري ولتفعيل قرارات اتفاق باريس الدولي للمناخ.
وتضمن برنامج القمة أربع موائد مستديرة في الفترة الصباحية حول التحوّل البيئي, وفي المساء توقعت جهات فاعلة باتّخاذ إجراءات ملموسة بالإضافة لتقديم تبرعات .
وألقي كل من الرئيس الفرنسي ماكرون والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم ، الكلمة الافتتاحية للقمة في الساعة الثانية والنصف من بعد الظهر بتوقيت (غرينيتش).
ووصف اتفاق باريس الدولي للمناخ الذي تم التوقيع عليه في عام 2015 ودخل حيز التنفيذ في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر 2016, بـ (الاتفاق التاريخي).
الحضور العربي في مؤتمر باريس للمناخ
من بين أهم المشاركين عربياً, ولي عهد السعودية محمد بن نايف وملك المغرب محمد السادس والرئيس التونسي الباجي قائد السبسي ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إضافة لآخرين .
بالنسبة للدول النفطيه العربيه ان تقليص انبعاث الغازات الدفيئه يتعارض مع مصالحها الأقتصاديه , كما طالبت الدول العربيه بضمنها السعوديه بضرورة حصولها على مساعدات فنية ومالية لتنفيذ برامجها البيئية .
هناك صراع حاد في المصالح بين الدول الصناعية والدول العربية النفطية فيما يخص علاقة النفط بالمالية والبيئة. فالدول العربية النفطية مصدرة للخام , وهي تستغل قسطا من ثروتها الطبيعية لإشباع حاجاتها المحلية والقيام ببرامجها التنموية , كما تعتمد اعتمادا أساسيا على حصيلة صادراتها النفطية من الزاويتين التجارية والمالية, الأمر الذي ينعكس مباشرة وبصورة كبيرة على موازينها الخارجية وميزانياتها العامة. لذلك تقتضي مصالحها زيادة الاستهلاك والتصدير .
أما الدول الصناعية فهي عادة غير منتجة بل مستوردة للنفط , كما أن قدرتها التكنولوجية الحالية والمستقبلية كفيلة بالحد من الاستهلاك وقد تطورت مصادر الطاقه البديله الصديقه للبيئه لديها بشكل سريع جدا وبالتالي تقليص الاستيراد دون أن تتأثر اقتصادياتها سلبيا. ويسهم هذا التقليص في دعم موازينها التجارية والمحافظة على سلامة البيئة. وهكذا تصطدم المصالح الاقتصادية للدول الصناعية مع المصالح الاقتصادية للبلدان النفطية .
4. أبرز نقاط اتفاق باريس التاريخي حول المناخ.
تتمثل أبرز نقاط الاتفاق الذي تم إقراره في باريس في اختتام قمة المناخ ,على الحد من ارتفاع الحرارة )أدنى بكثير من درجتين مئويتين ( ومراجعة التعهدات الإلزامية )كل خمس سنوات( , وزيادة المساعدة المالية لدول الجنوب.
وتعهد المجتمع الدولي بحصر ارتفاع درجة حرارة الأرض وإبقائه )دون درجتين مئويتين ( و )بمتابعة الجهود لوقف ارتفاع الحرارة عند 1.5 درجة مئوية (.
وتم الاتفاق على الاستثمار في الطاقات البديلة وإعادة تشجير الغابات.
وتؤكد دول عديدة - خصوصا الواقعة على الجزر المهددة بارتفاع مستوى البحر- أنها ستصبح في خطر إذا تجاوز ارتفاع حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية.
وأعلنت 186 دولة من 195 عن إجراءات للحد من تقليص انبعاثاتها من الغازات الدفيئة في أفق الفترة 2025-2030.
وتتمثل إحدى أهم إجراءات الاتفاق في وضع آلية مراجعة كل خمس سنوات للتعهدات الوطنية التي تبقى اختيارية , وستجرى أول مراجعة إجبارية عام 2025.
وقد دعيت مجموعة الخبراء الدوليين في المناخ إلى إعداد تقرير خاص عام 2018 حول سبل التوصل إلى الـ1.5 درجة مئوية , وتُجري الـ195 دولة أول تقييم لأنشطتها الجماعية, وستدعى عام 2020 على الأرجح لمراجعة مساهماتها.
كما يتعين أن تكون الدول المتقدمة في الطليعة في اعتماد أهداف خفض الانبعاثات , في حين يتعين على الدول النامية مواصلة جهودها في التصدي للاحتباس الحراري في ضوء أوضاعها الوطنية .
وقد تعهدت الدول الغنية عام 2009 بتقديم مئة مليار دولار سنويا بداية من 2020 لمساعدة الدول النامية على تمويل انتقالها إلى الطاقات النظيفة , لأنها من أولى ضحايا انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري , كما طلبت الدول النامية أن ينص الاتفاق على أن مبلغ المئة مليار دولار يمثل الحد الأدنى , وسيتم اقتراح مبلغ جديد في عام 2025 , و ترفض الدول المتقدمة أن تدفع وحدها المساعدة , وتطالب دولا مثل الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة والدول النفطية الغنية للمساهمه.
ونص الاتفاق على أن تقدم الدول المتقدمة موارد مالية لمساعدة الدول النامية .
ومن حيث الخسائر والتعويضات لمساعدة الدول التي تتأثر بالاحتباس الحراري حينما تكون الخسائر التي لا يمكن تعويضها بسبب ذوبان كتل الجليد أو ارتفاع مستوى المياه , وقد خصص اتفاق باريس فصلا كاملا للدول الأشد هشاشة مثل الدول الواقعة على جزر.
5. الخاتمه:
أولا. ظهر الرئيس الفرنسي (ايمانويل ماكرون) في مؤتمر المناخ الأخير , كزعيم عالمي يحمل هموم البشريه ومخاوف تقلبات المناخ والكوارث المترتبه على ارتفاع درجات حرارة الأرض , على عموم المعموره وليس على فرنسا وحدها.
ثانيا. نجح (ايمانويل ماكرون) بمهمته بدعم واسناد كل الشرفاء من زعماء العالم الرسميين والمثقفين والمنظمات الأمميه وغير الحكوميه أبرزهم الأمين العام للأمم المتحده ورئيس البنك الدولي وزعيمة ألمانيا ( أنجيلينا ميركل) ورئيس وزراء ايطاليا.
ثالثا. على الدول النفطيه أن تتسارع نحو اللحاق بالركب العالمي في التوجه نحو الطاقه البديله الصديقة للبيئه , واستثمار ثرواتها النفطيه من الخام الى الصناعات التحويله النظيفه.
رابعا. ان من واجب منظمي المؤتمر التركيز على إيجابيات القمة وما أنتجته من توافق بين الأطراف المشاركة ولفت الأنظار إلى حلول التقدم العلمي والتكنولوجي لمعالجة التغيرات المناخية وضرورة أن تتجذر في الممارسة اليومية لسكان الأرض .
3058 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع