حرية الصحافة بين التشريع والتطبيق

                                             

                                جودت هوشيار

حرية الصحافة أحد أهم أشكال حرية الرأي و التعبير وهي  المحك الحقيقي للحريات الاخرى وأداة اساسية في النقد والمتابعة والرقابة على اداء السلطة التنفيذية , والحرية الصحفية التي نقصدها ، هي تلك التي تسمح بالنقد الموضوعي وتحري الوقائع وتقصي الحقائق وصولا لأيجاد الحلول لمشاكل المجتمع .

وهي القوة التي تصوغ أكثر من أي قوة أخرى الآراء و الأذواق والسلوك.
، ان حرية الصحافة يمكن النظر اليها من ثلاث زوايا، وهي : ويرى بعض الباحثين
حرية المعرفة: وهي الحق في الحصول على المعلومات اللازمة لتنظيم حياتنا والحصول على قدر من المشاركة في الحكم، وهو حق اجتماعي لعامة الجماهير.
حرية القول: وهي الحق في نقل المعلومات، بحرية، وتكوين رأي، في أي موضوع، والمناقشة حوله. وهو ما يقصد به "حرية الصحافة" وهو بدوره حق المجتمع، تؤديه عنه وسائل الأعلام.
حرية البحث: وهي الحق في اتصال وسائل الأعلام ، بمصادر المعلومات، التي يجب معرفتها، ونشرها. وهو حق للمجتمع كذلك، تؤديه عنه وسائل الأعلام..
إن المسؤولية الأساسية للصحافة، هي الدفاع عن هذه الحريات الثلاث ضد كل تدخل خارجي ، مهما كان مصدره سواء من جانب الحكومة أوالقوى المؤ ثرة، في داخل المؤسسات الأعلامية نفسها . ان تثبيت حرية الصحافة في نصوص الدستور أو القانون، لا يعني، بالضرورة، توافر حرية الصحافة، وإنما ينبغي توافر ضمانات تدعم هذا الحق .
                           وتنص قوانين الصحافة في ظل الأنظمة الديمقراطية و بخاصة في الدول الغربية المتقدمة ، على منح الحرية لكل مواطن كامل الأهلية  في أصدار اي مطبوع  دوري دون أذن مسبق شريطة ان يتم لاحقا اخطار الجهات المعنية بذلك , وكذلك  أعطاء الصحفي حق التعبير عن رأيه بحرية دون رقابة وضمان حق المواطن في الحصول على المعلومات الضرورية  للأسهام في اتخاذ القرار الذي يمس حياته والمجتمع الذي يعيش فيه ..
اما على مستوى الممارسة والتطبيق فان الحرية الصحفية نسبية و غير مطلقة حتى في أكثر الدول ديمقراطية والتي تضع خطوطا حمراء أمام العديد من الموضوعات الحساسة بالنسبة اليها دون ضغط أو أكراه مباشرين بل تفعل ذلك بأساليب شديدة الفعالية والذكاء , حتى لتبدو وكأنها لا تتدخل في شؤون الصحافة
اما الانظمة الأستبدادية  فأنها لا تكتفي بوضع القيود المجحفة الواردة في قوانين الصحافة و المطبوعات بل تلجأ في كثير من الاحيان الى وضع مواد وبنود فضفاضة  في تلك القوانين يمكن تفسيرها بأشكال مختلفة مثل الفقرات الخاصة بمصالح البلد العليا و الأمن الوطني وتقاليد المجتمع و عاداته  وما شابه ذلك.  
الصحافة رسالة قبل ان تكون مهنة و صناعة و من الضروري أن تلعب دوراً تنويرياً في نبذ تلك العادات وليس الحفاظ عليها وعدم المساس بها .
ورغم ان قوانين الصحافة حتى في ظل الانظمة المنغلقة  تنص على ضمان حرية النقد , الا ان هذه الحرية شكلية الى حد كبير وتبقى حبرا على ورق أو يوضع لها سقف محدد لايمكن تجاوزه دون الوقوع تحت طائلة المساءلة . فعلى سبيل المثال نجد ان الأنظمة المغلّفة بغشاء ديمقراطي زائف ، تسمح بأنتقاد المسؤولين من ذوي المناصب الدنيا أو المتوسطة و تحظر توجيه النقد الى رئيس الدولة او رئيس الوزراء أو الوزراء كما كان الأمر مثلاً ،  في ظل النظام الصدامي أو تمنع المساس بالأداء الحكومي عموماً و ان كان هذا الأداء فاشلاً أو فاسدأ أو ظالماً
و تلجأ الحكومات القمعية الى شتى اساليب الترهيب والترغيب لمنع الكاتب او الصحفي من التعبير عما يعتمل في ذهنه او يشغل باله ومن تسجيل الوقائع والاحداث بصدق  وامانة اذا كانت دلالاتها تتعارض مع وجهة النظر الرسمية , و الصحافة في ظل مثل هذه الأنظمة تتحدث في العادة عن الأنجازات و الأيجابيات فقط و تعمد الى  أغفال السلبيات و الأخطاء ومواطن الخلل و الزلل ، مما يؤدي الى تفاقمها و صعوبة معالجتها مستقبلاً . ان الهوة التي تفصل بين التشريع والتطبيق في أي بلد ، تضيق او تتسع حسب هامش الحرية الحقيقية  المسموح به للصحافة .
" يرى " شريدان "(1 ) : خير لنا أن نكون بدون برلمان من أن نكون بلا حرية صحافة ، الأفضل أن نحرم من المسؤولية الوزارية ومن الحرية الشخصية ومن حق التصويت على الضرائب على أن نحرم من حرية ا لصحافة وذلك انه يمكن بهذه الحرية وحدها أن تعيد الحريات الأخرى إن عاجلا أم أجلا. حيث تلعب حرية الصحافة دورا كبيرا ليس في الوصول إلى الحقيقة فحسب بل أنها تشعر الصحفي بالارتياح والطمأنينة ، وتكون بمثابة الغذاء بالقياس إلى أجسام البشر.
جودت هوشيار
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

2192 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع