د. عبد الكريم الوزان
في سالف الزمان لم تكن وسائل اللهو ومنها الألعاب متوفرة كما هي اليوم ، فقد كانت بسيطة جدا وفي متناول اليد ومن ذلك استخدام عظام الحيوانات في لعبة ( الجعاب ) .
و (صول الجعب) هو مفصل العظام وشكله شبيه بشكل الشخاطة . ويثقب ( الصول ) من أحد جوانبه ثم يملأ بمعدن من نوع الرصاص ، ويحاول كل طفل ان يضرب ( جعب ) زميله ، والـ ( الجعب ) المتميز يسمى ( الصول ) حيث يتم استخدامه كما يستخدم لاعب (الدعبل اليمن ) أو الأيمن . و (مضيع صول جعابة ) كناية عن فقدان السيطرة بعد ضياع اللاعب الرئيس ( الصول ) فيفقد صوابه لأنه لايستطيع التصرف بدونه فيخسر لامحال. وهكذا قيل لأي شخص طرف في اللعبة يفقد ( الصول) بأنه ( مضيع صول جعابه ).
وفي حياتنا اليوم نجد ان غياب القائد أو الولي أو الراعي بكل مايتميز به من دراية وحكمة وعدالة وسعة أفق وحسم وحزم يؤدي الى ضياع حق الأغلبية وتزوير متعمد لحقائق التأريخ والجغرافية وبالنتيجة يؤدي الى مزيد من الفتن والتناحر والإضطرابات في الداخل والخارج.
ولدينا وقائع على الأرض مشهودة ومؤلمة ، منها مايتعلق بأحقية ميناء خور عبدالله العراقي ومحاولة سلخه سواء بالقوة أو بتزوير الحقائق والقفز فوقها وتسليمه للكويت وسط تداول ورواج أنباء عن اتمام العملية مقابل تقاضي عمولات ورشى من قبل أطراف عراقية مفاوضة ورسمية معنية ، مما حدى بالعراقيين الى الخروج بتظاهرات في أماكن عديدة مطالبة بوقف تقطيع أوصال أرضهم. وقبل ذلك ماأثير حول ناحية ام قصر والممرات المائية وخطوط أنابيب النفط والحدود البرية والبحرية وغيرها حيث رسمت وأقرت أحيانا عبر قرارات مجحفة غير متوازنة بحق العراق تحت رعاية وإشراف مجلس الأمن .
ومحافظة نينوى ام الربيعين وهي في طريقها للتحرر من براثن داعش ، نجد ان هناك من أعد العدة لتغيير واقعها الديموغرافي ، فهذا يطالب بتقسيمها لعدة محافظات على حساب وحدة أرضها وتأريخها ، وآخر يهدد بعدم اعادة ماحرره وضمه الى حدوده الإدارية ، ودول غربية واقليمية تصرح وتطلق الوعود لحلفائها بضم وتجزئة وتهجير واعادة..الخ.
وقس على ذلك مايتعلق بحدود العراق مع دول الجوار الأخرى وماخفي كان أعظم بل وصل الحال الى احتدام النزاع الحدودي بين محافظات العراق نفسها حتى صار هذا يحفر خندقا وذاك يبني سورا!! .
يقينا نحن لانبغي تصعيد الموقف بين الشعوب المعنية، او إثارة فتنة ضد المسؤولين ، لكن يجب إحاطة الشعب علما وتنويره بما له وماعليه ، وأرى انه في مثل هكذا حالات مصيرية يجب تنظيم إستفتاء شعبي واقعي وحقيقي، وبهذا وحده تنصلح الأمور وتهدأ النفوس ويأخذ كل ذي حقه حقه. ورحم الله إمرءا جب الغيبة عن نفسه .
ان أرض العراق ملك للعراقيين منذ الأزل ، ولايحق لكائن من كان ان يهب أو يزور حقائق هذه الملكية ، ومابني على باطل فهو باطل . وأبناء العراق لحمة واحدة وعلى قلب رجل واحد ، فلا الطائفية التي جاء بها الأعداء تفرقهم ، ولا المذهبية تنسيهم دينهم الذي وحدهم ، ولا الكتل والمكونات والأعراق وكل المسميات المقيتة الأخرى تمحو عراقيتهم ، فأبناء العراق اليوم تفور دماؤهم ، و تثور ثائرتهم بلاهوادة ، ويحدث التأريخ الأعداء قبل الأصدقاء بحقيقة أنهم لم ولن يناموا على ضيم ، وقد صبروا كثيرا حتى مل الصبر من صبرهم ، فاحذروا من غضب الحليم إذا غضب ، وها هي تدنو ساعتها بعد أن ايقن شعب العراق.. ان هناك من أضاع بل باع.. ( صول جعابه )..!!.
824 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع