عدنان حسين
لم يكن الأمر يحتاج إلى أن يكون المرء عبقرياً ليحتلّ منصب النائب الثاني لرئيس مجلس النواب العراقي في هذا العهد بالذات.
ولم يكن الأمر ليحتاج إلى أن يكون النائب الثاني هذا عبقرياً لـ" يكتشف" أنّ مجلسه، وليس مفوضية الانتخابات، هو المستهدف بالتظاهرات الشعبية الاحتجاجية الجارية الآن، فحتى أبسط الناس في هذه البلاد يعرفون أن المفوضية هي صنيعة مجلس النواب، وأن الاثنين، المجلس والمفوضية، هما وليدا نظام المحاصصة وصاحبته الطبقة السياسية الفاسدة التي ينتمي إليها النائب الثاني وسائر أعضاء المجلس.
من حيث المبدأ، أن تكون نائباً لرئيس البرلمان، حتى لو كان النائب رقم 2 ، أي الأدنى مرتبة في تشكيلة الرئاسة، فإنك لا تعدم السلطة والنفوذ اللذين يمكن أن يجعلاك تعوّق الى حين تقديم مشاريع القوانين للمناقشة في المجلس، مثلاً، أو تعرقل بعض الإجراءات الإدارية، أو حتى أن تطلب أثاثاً فاخراً لمكتبك بينه طاولة تشبة طاولة الرئيس الأميركي في المكتب البيضاوي بالبيت الابيض حتى لو كانت كلفتها عشرة آلاف دولار!
وأن تكون نائباً ثانياً لرئيس مجلس النواب في بلد كالعراق في عهد كهذا يؤهلك لأن تجاهر بموقفك المنطوي على نوع من شتيمة المتظاهرين المطالبين بالتغيير بالقول إنّ هدفهم المجلس وليس المفوضية، مع أنك من حركة اتخذت لنفسها اسم (كوران) "التغيير"، انتهى بها المطاف بعد بلوغها السلطة الى التماثل مع مَنْ كانت تستهدفهم بشعاراتها التغييرية!
النائب الثاني لرئيس مجلس النواب الاتحادي، آرام شيخ محمد، قدّم لنا خدمة مجانيّة بالإفصاح علناً وبصراحة عن موقفه، ولابدّ انه موقف حركته، المناهض للحراك الجماهيري المطالب بتغيير المفوضية العليا للانتخابات كونها غير مستقلة وبتعديل قانون الانتخابات الذي لا يعارض تعديله بين كل العراقيين ، عرباً وكرداً ومن سائر القوميات، سوى الطبقة السياسية الحاكمة الفاسدة التي تدافع بموقفها هذا عن فسادها الذي يؤمّنه لها القانون الحالي والمفوضية الحاليّة، وهو (شيخ محمد) بهذا إنما يدلل على صحة القاعدة المعروفة المقرّرة أن التغييرات الكميّة تؤول الى تغيير نوعي، ومع شيخ محمد وحركته فإن تغييرات العوائد الماليّة المتأتية من مناصب الدولة وسواها قد أثمرت تغييراً نوعيّاً في موقف حركة التغيير من التغييرات التي تطالب بها جماهير الشعب العراقي.
ربما كانت حركة التغيير مخطئة كثيراً باختيارها شيخ محمد ليكون ممثلها في مجلس النواب الاتحادي وفي هيئة رئاسته، وربما كان الأنفع والأجدى لها أن تحقّق له ما كان حلمه الأكبر، وهو أن يكون عضواً في مجلس المفوضية. هذا كان سيكون أنفع لنا أيضاً، لأن شيخ محمد كان سيكون من الأهداف المباشرة للمطالب الشعبية الموشكة على التحقّق .. مطالب تغيير المفوضية.
756 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع