جمهور كركوكلي
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ ...
بهذه الكلمات المترعات بالألم خاطب ( المتنبي ) العيد ، وهو يكابد الشوق للقيا أحبته في العيد ..
وأحبتنا في العراق ، هم المكتون ابدا ، والمبتلون دائما ، باللوعة والاشتياق لوطن ، مزقته الحروب ، وتكالبت عليه صروف الدهر ، فغدوا ما بين مشرد في الغربة ، أو مبعد عن الأهل ، أو صابر يتجرع مر الحياة بأنتظار بصيص أمل يفضي به الى غد يكون أحسن من يومه وأمسه ..
في مترو الأنفاق الذي أكتظت مقاعده بعشرات المسافرين ، أستطعت أن أجد موطيء قدم لي ، وفسحة من المكان لحقيبتي السفرية ، وأنا متوجه صوب المطار في القسم الاوروبي من ( اسطنبول ) للحاق بطائرتنا العراقية التي ستقلع منتصف النهار ، متوجهة الى ارض الوطن ، لقضاء العيد بين الاهل والأحبة ، بعد ايام من الفراق كانت بمثابة الدهر ..
في الليلة الماضية استنفرت كل الاجهزة الحكومية اقصى أمكانياتها لتلافي وقوع الحوادث والاختناقات المرورية في شوارع وطرق اسطنبول ، حيث كثفت النشرات الاخبارية ، تحذيراتها للسابلة واصحاب المركبات على حد سواء ، على ضرورة الالتزام بقواعد السير ، ومراعاة جانب الحيطة والحذر ، لاسيما ان أن الارقام الرسمية أشارت الى أن اكثر من 12 مليون شخص سيتوجهون الى مدن الاناضول عبر الطرق البرية والبحرية ، بالاضافة الى الرحلات الجوية الداخلية ..
داخل المطار ، لم يكن الحال مختلفا ، حيث أكتظت الأروقة والممرات ونقاط التفتيش ، بالاف المسافرين من شتى الجنسيات ، وهم يتسابقون للحاق بطائراتهم ، والمذيع الداخلي ، يعلن بين اللحظة والأخرى ، عن تغيير اروقة وممرات عبور مسافري بعض الخطوط ، نتيجة الزحام الشديد الذي شهده مدرج المطار ..
عند بوابة طائرة الخطوط الجوية من نوع ( بوينغ737 ) استقبلتني المضيفة ذات السحنة السمراء : هله عيني هله ...!!
كلمات لها وقع مؤثر ، لا تجد مثيلا لها في كل بقاع الأرض الا في العراق، كلمات كأنها واحة أستراحة ، وأفياء اشجار وسط بحر من الرمال اللاهبة ، كلمات لا تحلو الا في فم عراقي أو عراقية ..
بأيمائة من الرأس ، وابتسامة سريعة ، أجبت المضيفة العراقية : تسلم عينج ماما ....!
هي بلاشك ، جزء من رد دين ...
حينما حلقت بنا اللطائرة ، وهي تشق عنان السماء ، وتخترق السحاب ، مددت رجلي ، لأستريح قليلا من التعب الذي أعياني وأنا اسابق الزمن كي لا أفوّت الطائرة التي ستقلني لقضاء العيد في الحبيبة ( كركوك ).
أغمضت عيني ، مستسلما لسلطان النوم ، ولم افق الا على صوت قبطان الطائرة وهو يدعو الركاب بلغة مهذبة وبلكنة عراقية محببة ، الى ضرورة شد أحزمة الأمان استعدادا للهبوط في مطار أربيل ...
والى أحاديث أخرى ، وكل عيد وأنتم بأبهى عيد ، وعراقنا بأمن وسلام .......
1016 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع