الى متى يبقى (شلع قلع ) على التل؟

                                               

                           بدري نوئيل يوسف

قراءنا في كتاب القراءة الخلدونية مرحلة الدراسية الابتدائية سؤال( الى متى يبقى البعير على التل .؟) ،

والإجابة على هذا السؤال معروفة للجميع لا بد من نهاية لوقوف البعير فوق التل ، ومهما وقف البعير فوق التل فلا بد وان ينزل ، ومن يضمن نزول البعير من فوق التل لوحده دون وجود راعي ، هكذا جاء التعبير اللغوي الجديد (شلع قلع) الذي اطلقه زعيم التيار الصدري سماحة السيد مقتدى الصدر باللهجة العراقية الدارجة ، في التظاهرة التي دعا لها في ساحة التحرير نهاية شباط الماضي قاصدا نزلوا البعير من فوق الكرسي . ومعنى شلع مفردة شعبية من فصيح العامي تستخدم عند التعبير عن نزع الشيء ورفعه أي قلع الشيء الثابت ، وكلمة ( شلع ) موجودة في المعجمية السريانية (الآرامية) بمعنى قلع واستأصل ، والقلع بمعنى استأصلها ، وانتزعها من مكانها .
(شلع قلع)  تعبير لغوي له مدلولات باللغة الشعبية الدارجة ، رفعه المتظاهرين في ساحة التحرير ، أي بإجراء تغيير وزاري شامل في الكابينة الحكومية لتكون دلالة واضحة للطبقة الحاكمة بمغادرة قصورها وامتيازاتها الشخصية ، والمتظاهرين منحوه شرعيّته ، فأصبح التعبير اللغوي كشعار شرعي.
 (شلع قلع) مع دخوله على الخط استطاع أن يستقطب المتظاهرين ضد الفساد ويطالبون محاسبة المتسببين والتنديد بالحالة التي وصلت إليها البلاد ، وبدأت الاحتجاجات الشعبية تكبر وتزداد تنظيما ، وزادت شعبيه التعبير اللغوي بإضافته كنص أدبي لشعارات كتبت فوق صور ورسومات ساخرة لبعض المسئولين في الحكومة ، وأصبح شعار رفعه طلاب الجامعات في محافظات جنوب البلاد اثناء قيام المظاهرات الحاشدة احتجاجا على الفساد الثقافي والمالي في المؤسسات التعليمية .
(شلع قلع) له دلالات ابسطها شلع الفاسدين الملصوقين على الكراسي في كل مفاصل المؤسسات الحكومية ، والفساد المتفشي والمستشري في كل مفاصل الدولة  ابتداء من العاصمة الى أصغر وحدة سكنية في العراق ،وأعلى دلالاته قلع الجدران المحيطة حول الفاسدين التي تحمي من أنتج كلّ هذا الفساد ، وجعل المسئول المقصّر في أداء واجبه يدرك أنّ وجوده في المنصب لا يدوم ، وعلى هذا الاساس سيكون لِ (شلع قلع) قراءة خاصة عند كل مسئول وعند كل فاسد منطلقاً من فهمه وعمق قراءته للتعبير اللغوي كرمز .
(شلع قلع)  في هذه الايام يحوم حول كلّ المسئولين بكلّ درجاتهم الوظيفية في الدولة والذين يشكون بنزاهتهم ، ويشمل من الرأس الى الصغير والكلّ مشلوع ومقلوع ومن يعيق عملية بناء الوطن.
(شلع قلع) ثقافة المحاصصة التي جعلت الكتل السياسية تتصارع على الموقع السمين ، وليس على اداء وتقديم الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية وثقافة كل المطبلين والمزمرين في خطاباتهم المسمومة بالنفاق والفتن والتي تلعب بعواطف الفقراء ، ومن أخفوا الحسابات الختامية للموازنات العامة للدولة للتغطية على حجم السرقات والفساد الذي تتعرض له الموازنة في سنواتها المالية المتلاحقة ، ومَن كان السبب في هجرة وطرد الكفاءات الاكاديمية ومَن فتح باب الحروب الطائفية واحرق الاخضر واليابس ، وكل من جعل العراق من البلدان المتأخرة وبات متربعا على عرش الفساد .
(شلع قلع) من يتاجروا بدماء ابناء العراق ، ومن الفاسدين الذين يديروا دفة الحكم وسلموا العراق لأعدائه ، وكل مسئول يستخدم العنف ضدّ المتظاهرين بشكلٍ سلمي من في الصف الاول لكافّة الأحزاب المشتركة في الحكومة والذين بدون أيّ حسٍّ وطني، والموظفين الذين ظهروا على الساحة ويعرقلون انجاز معامله المواطن ويستخدمون اسلوب احتيالي للحصول على المال .
(شلع قلع) السياسيين الذين قدموا للمواطن بوعود كاذبة لقاء حصوله على اصوات المواطنين والناخبين ، و المقاول الذي يكذب على الدوله بمساعدة معاونه من موظفين مرتشين فاسدين ولا ينجز عملا ، والمتجاوزين على أملاك الدولة واستغلالها لأغراض السكن وغيره ، والفاسدين من يقوموا بتصريف النقود وتبيضها والتحايل لتهريبها .
(شلع قلع) كل من يقف وراء ارتفاع الاسعار والخدمات التي يحتاجها المواطن ومساعدته لظهور السوق السوداء واختفاء السلع في قنوات التوزيع الرسمية التي تؤدي لانخفاض القوة الشرائية ، والغشاشين من كبار التجار وشركات كبيرة يستوردون بمبالغ ضخمة اطنانا من المواد الغذائية الفاسدة ويستغلون ضعف الرقابة وأجهزة السيطرة والتقييس النوعي ويقومون بغش المواد الغذائية .
(شلع قلع) المتسترين على سوء التنظيم وعدم الاستقرار الاداري وعدم وجود هيكل تنظيمي جيد ،والفاسدين المؤيدين لعدم وجود دليل تنظيمي يتضمن ارشادات وتوجيهات ادارية لسلوك الموظفين والعاملين وكل من  يساهم في تدني السلوك الوظيفي المرغوب ويؤدي الى تفشي السلوك اللا اخلاقي في الحكومة .
(شلع قلع) كل من يقف وراء ضعف تطبيق القوانين والأنظمة والقرارات التي تنظم الوظيفة والعمل وتنظم سلوك العاملين في الحكومة ،ومنَ يعرقل تطبيق القوانين والنظم والقرارات التي يحتاجها الوطن ، ومن لا يلتزم دينيا وأخلاقيا في اداء الواجب والعمل ، ولا يمتلك الشجاعة والقدرة في مواجهة الفساد والتسيب ومن لا يكون مستعد للتضحية بالمصلحة الشخصية من اجل خدمة الوطن والمجتمع .
(شلع قلع) كل من لا امنيا في تطبيق الاجراءات العلمية اثناء اختيار وتعين الموظفين ومن لا يستخدم اسلوب المقابلات الشخصية والاختبارات اللازمة لاختيار العاملين الذين تتوفر فيهم الكفاءة والصدق والأمانة في التعامل والعمل و مَن يهمل استخدام التقارير السنوية وتقويم الاداء ومعايير الترفيع والترقية .
الى متى يبقى (شلع قلع ) على التل؟

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1841 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع