ايمان البستاني
من حكايا بنت البستاني - تنور الطين
طقسين غريبين في حياتي حضرتهما عندما زرت بيت عمتي في محلة اليهود في الموصل وانا بعمر ٤ سنوات , اولها عندما شاطرت جوق الصبية طقس التفتيش الحازم الذي تجريه عمتي على رأس القوم للتأكد من خلو شعرهم لما يسمى ب( القمل ) , رفض الجميع اشتراكي معهم بحجة انني كنت بباريس قبلها بيوم مما يمنحني حصانة دبلوماسية على الاقل مدة من الزمن ولكن اغراء وضع رأسي بحضن عمتي وهي جالسة على تختة خشبية وقد بدت منشرحة وهي تكتم ضحكة قوية , سرت عدوى الضحك على الجميع عندما وصلني الدور , دفنت رأسي بحضن عمتي وكأن اول احساس راودني هو انني تنبأت باليقين الكامل ماذا سيكون غدائنا , رائحة المطبخ كله في حضنها مضاف اليه طقس سيبدأ بعد ان اقوم الا وهو اشعال تنور الطين لتحضير خبز كفافنا بعد ان عجنت طشت عجين لم اوفق برؤيته
دلفت عمتي الغرفة و خرجت متنكرة بملابس رثة نصفها رجالي , كانت ترتدي قمصان زوجها واحداً فوق الاخر و قد لفت ايديها بخرق قماش , ظننت للوهلة الاولى انها قد عوقبت من قبل العشيرة وهذه اول لحظة لتشردها , ولكنها اتجهت للتنور واشعلته بالحطب حتى وصل لهب النار اعالي السماء , فبدت لي عمتي بطلة اسطورية تمتلك تنين ينفث ناراً ويرافقها اينما تذهب
اقوى لقطة تصويرية لحظة ادخالها لقرص العجين داخل فوهة التنور وانا فاغرة الفم بعد ان لعبت به شاطي باطي ليبدو مستديراً رقيقاً وكأنه خارج من ألة , لم تمض لحظة حتى مدت يدها ثانية في اللهب واذا بها تخرج رغيف خبز لم اذق بعمري اطيب منه حين رمته بسلة خوص وقالت (اول رغيف نصيب أمونة ) ومن يومها اصبح طقس العجين ورائحة الخبز مقدساً عندي حتى وان كان هندامه كومة أسمال.
في أمان الله
اللوحة المرفقة من أعمالي
868 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع