هل رومني مهيأ للاستفادة من مؤتمر حزبه؟

                                              
لا يبدو حتى الآن أن المؤتمر العام للحزب الجمهوري الأميركي، سوف يحسن من موقف ميت رومني الانتخابي. فحين ينشر هذا المقال، يكون المؤتمر العام للحزب قد بدأ أعماله، ما لم يعرقله الإعصار الذي تتوقعه مدينة تامبا في ولاية فلوريدا التي سينعقد فيها.

والمؤتمر العام لكل من الحزبين، هو ثاني ثلاث مراحل تمر بها حملة انتخابات الرئاسة في أميركا. أما المرحلة الأولى، فهي الانتخابات التمهيدية التي تدور فيها المنافسة بين مرشحي الحزب وبعضهم، والفائز يخوض المعركة النهائية أمام مرشح الحزب الثاني.

ويأتي المؤتمر العام بعد الانتخابات التمهيدية وقبل المرحلة الثالثة، أي المعركة النهائية بين الحزبين، والتي تنتهي يوم الاقتراع العام في يوم الثلاثاء الذي يتلو أول اثنين في شهر نوفمبر.

وعلى غير ما يظن البعض من أن المؤتمر العام لا يعدو أن يكون مهرجانا مليئا بالبالونات والأعلام الملونة، ويتم فيه إعلان اسم مرشح الحزب الذي يكون معروفا سلفا، فإن للمؤتمر العام للحزب أهمية في التأثير على فرص الحزب في نوفمبر، ففي المؤتمر العام، يتم أيضا الإعلان عن البرنامج العام للحزب.

ورغم أن البرنامج العام للحزب ليس ملزما لمرشح الرئاسة حال فوزه، ولا حتى لأي سياسي آخر منتخب باسم الحزب، إلا أنه يعبر بوضوح عن توازنات القوى داخل الحزب، فالانتخابات الرئاسية في أميركا كلها غير مباشرة.

فمثلما يحدد المجمع الانتخابي الفائز بالرئاسة في مرحلة الخريف، فإن المرحلة التمهيدية تقوم في جوهرها على تحويل الأصوات التي يفوز بها كل مرشح، إلى مندوبين يحضرون باسمه المؤتمر العام.

ومن هنا، فإن كل المرشحين الذين يتساقطون الواحد تلو الآخر في المرحلة التمهيدية، يظلون من الناحية الفعلية على الساحة حتى المؤتمر العام لحزبهم، من خلال مندوبيهم في المؤتمر العام، والمندوبون هم الذين يكتبون برنامج الحزب.

 لذلك، فإن كتابة البرنامج تكون عبارة عن عملية تفاوض بين الأجنحة المختلفة للحزب، ويعبر مضمونه عن الجناح المهيمن.

وقد أثر مضمون البرنامج العام على فرص مرشحين للرئاسة في ما سبق، ففي عام 1996، رغم أن مرشح الرئاسة الجمهوري وقتها بوب دول أعلن أنه لا يعرف شيئا عن البرنامج ولن يلتزم به، إلا أن البرنامج استعدى المعتدلين في الحزب الجمهوري، بل والناخبين المستقلين الذين وجدوه يعبر بوضوح عن هيمنة تيار اليمين الأصولي.

ومن الواضح مما تسرب، حتى كتابة هذه السطور، أن البرنامج العام للحزب الجمهوري لهذا العام، يميل نحو أقصى اليمين، ليس فقط في القضايا الاجتماعية وإنما في الاقتصاد والسياسة الخارجية. وهيمنة ذلك الجناح قد تشحذ همم قواعد الحزب، ولكنها قد تستعدي قطاعات أخرى من الناخبين في معركة الخريف.

ومن الجدير بالتأمل أن رومني الذي اختار بول رايان ليثبت "يمينيته" لقواعد الحزب، لا يمكنه أن يفعل مثل بوب دول ويرفض علنا الربط بينه وبين برنامج الحزب.

ولا يقل أهمية عن برنامج الحزب، ما يتم إلقاؤه من خطب في المؤتمر العام. فاختيار الرموز التي تلقي تلك الخطب مضمون ما يقال فيها، يؤثر كثيرا على رؤية الناخبين للحزب ورؤاه الكلية.

ففي عام 1992 مثلا، تأثرت بشدة حملة إعادة انتخاب بوش الأب بما دار في المؤتمر، خصوصا الكلمة التي ألقاها بات بيوكانان، والتي تحدث فيها عن "الحرب الثقافية" الدائرة في البلاد، الأمر الذي كرس الانطباع بأن بوش الأب لا يشعر بمعاناة الناخبين الاقتصادية التي كانت الهم الأول في ذلك العام الانتخابي.

ولهذا السبب، صار هناك اتجاه "لبرمجة" البرنامج العام، إذا جاز التعبير، عبر سيطرة مرشح الرئاسة على اختيار المتحدثين بعناية، بل والترتيب معهم بشأن ما يقال وما لا يقال.. وهو ما فعله بوش الابن وجون ماكين.

والواضح حتى كتابة هذه السطور، أن المؤتمر العام للحزب الجمهوري سينعقد بينما حملة رومني تعاني ارتباكا واضحا، ينعكس بالضرورة على شعبية الرجل. فاختيار رومني لبول رايان كنائب له، لم يحدث أثرا يذكر في رفع شعبيته. بل إن أحداث ووقائع الأسبوع الماضي، تشير إلى احتمال أن يتحول رايان إلى متغير يخصم من فرص رومني، وليس العكس.

ففي الأيام الأولى، كان واضحا أن الرجلين ليسا على الموجة نفسها بشأن القضايا الكبرى، حيث تناقضت أقوالهما بشأن الميزانية وبرنامج الرعاية الصحية لكبار السن. بل الأسوأ من ذلك، هو أن رومني المتهم بعدم إلمامه بالتفاصيل الخاصة بالقضايا، لم يجد في رايان عونا، حيث اتضح أن الأخير أيضا لا يملك هو الآخر تفاصيل محددة لما يقدمه من اقتراحات بديلة لسياسات أوباما.

ولسوء حظ حملة رومني، خرج النائب الجمهوري تود أكين، على الناخبين بتصريح بالغ التطرف عن حالات اغتصاب النساء أثار جدلا صاخبا، وهو ما ينعكس سلبا على الحملة، لأن بول رايان كان قد شارك أكين في تبني مشروعات قوانين تخص المرأة، كانت تنطوي على مثل تلك الأفكار الفجة.

وقبل أيام من المؤتمر العام للحزب الجمهوري، يتفوق أوباما على رومني في استطلاعات الرأي بشأن قضايا الاقتصاد والرعاية الصحية، بل والسياسة الخارجية. وفي حسابات المجمع الانتخابي، التي تحسم انتخابات الرئاسة، فإن شعبية أوباما في ولايات عدة تعطيه 237 صوتا انتخابيا، مقابل 191 لرومني، بينما المطلوب للفوز بالرئاسة هو 270 صوتا انتخابيا.

والسؤال؛ هل يستطيع رومني أن يستخدم المؤتمر العام لاكتساب أرضية تسمح له ببدء مرحلة الخريف من نقطة تنافسية معقولة؟

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

371 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع