بدري نوئيل يوسف
عادت حفيدتي من المدرسة مسرورة سعيدة يبدو لي انها تحمل أخبار مفرحة ، رمت حقيبتها المدرسية على الاريكة و جلست بجانبي وقالت لي بفرح وسرور : اليوم معلمة الرياضيات حدثتنا عن طالب عراقي مقيم في السويد منذ ستة اعوام تمكن من فك أحجية رياضيات وشغلت الخبراء لأكثر من 300 عام .
قلت لها : وماذا تقصدين من هذا الكلام .
قالت لي ببراءة الطفولة : يعني يوجد عراقيين اذكاء في الرياضيات .
نهضتُ وجلبُ دفتر الذكريات وبدأت اقلب صفحاته وحفيدتي تنظر الى باستغراب ثم قالت : عن اي شيء تبحث
قلت لها : سأقص لك حكاية قديمة من دفتر الذكريات ، كان التلفزيون العراقي يبث برنامج اسمه العلم للجميع يقدمه كامل الدباغ .
قاطعتني على الفور مستفسرة : من هو كامل الدباغ .
قلت لها : غدا احدثك عن المرحوم كامل الدباغ الذي قدم برنامج العلم للجميع كان البرنامج اسبوعي ومن اروع البرامج التي قدمها التلفزيون في العراق ، لكن اليوم سأكمل لك الحديث عن شاب عراقي عبقري موهوب في الرياضيات وليس فقط هذا الطالب الذي يعيش في السويد هو الوحيد فقد سبقه موهوبون قبله .
قبل خمسة وخمسين عام تقريبا قدم الاستاذ كامل الدباغ ضمن برنامجه العلم للجميع الموهوبين للمشاهدين ومنهم شاب اسمه عادل شعلان من محافظة الكوت قدمه كموهبة وأعجوبة في الرياضيات ، كان بارعاً في لغة الأرقام بكل عملياتها عن ظهر قلب من دون أن يستخدم القلم ولم يكن حاسبة في ذلك الوقت ، بلمح البصر بقدرته العجيبة في الرياضيات كان يقسّم عدد من الارقام على مجموعة ارقام ، ويستخرج الجذر التربيعي لعدد من الارقام و يضرب أصعب الأرقام ويطرح ويجمع بسرعة ويعطي الجواب ، لم يكن شابا عاديا فقد ادهش العراقيين في تلك الفترة ، ونحن شباب مشدودين للتلفزيون لبديهيته ونباهته وموهبته ، وبقي في ذاكرتنا حتى اصبح اسمه يضرب به المثل عندما نحل عملية حسابية بسرعة نقول (هاي شنو صرت عادل شعلان) بعدها ظهرت صورته وأخباره في الصحف .
قالت لي : ماذا تعرف عن هذا الطالب العراقي الذي يعيش في السويد .
قلت لها : في كانون الثاني من عام 2009 قرأت عنه في الصحف السويدية عن فتى عراقي فك رموز معادلة حيرت العلماء 300 عام ، اسمه محمد التميمي عمره 16 عاما استطاع في غضون أربعة أشهر ايجاد صيغة لتفسير وتبسيط الأحجية المسماة أرقام برنولي وهي سلسلة من الحسابات سميت تيمنا بعالم الرياضيات السويسري جاكوب برنولي الذي عاش في القرن السابع عشر ، في البداية لم يقتنع معلميه وبعد الاتصال مع جامعة ابسالا وهي إحدى الجامعات السويدية طالبين من اساتذة الرياضيات التدقيق في حل الطالب للرموز ، استجاب الأساتذة لطلب المعلمين وجدوا أن حل الطالب صحيح وبعد اكتشاف موهبته تقدمت الجامعات وعلماء الرياضات للوقوف معه ، وعرضت عليه الجامعة للانضمام اليها والدراسة .
قالت : وما هي اخبار ذاك العبقري عادل شعلان .
قلت لها : تخرج من كلية الزراعة ولم يحالفه الحظ ان يكون في قسم الرياضيات او الهندسة خدم في الجيش العراقي واشترك في الحرب العراقية الايرانية ووقع اسيرا وغاب عن الأهل والوطن عدة سنوات وبعد اطلاق سراحه عمل بائع اطارات للسيارات في قضاء الشطرة ، مع الاسف عادل شعلان بعد معاناته من المرض ومتاعب الفقر مات الفقيد العبقري معدما .
قالت لي : الله يرحمه ، لماذا لم تساعده الجامعات العراقية لدراسة اختصاصه مثل ما قدمت جامعة ابسالا للطالب التميمي الدعم المادي والمعنوي .
قلت لها : اصعب سؤال موجه لي....! لا استطيع الاجابة عليه ... نأمل من الجامعات العراقية ان تتبنى الموهوبين وتحقق للشباب امنياتهم لكي تأخذ بيدهم الى بر الامان والشباب في العراق هم اولا وأخيرا عماده ومستقبله ويحتاج سؤالكِ لدراسة كاملة من قبل المختصين والجواب لدى الجامعات العراقية
1165 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع