مقدمة:
ان معظم جيوش العالم التي احتلت العراق رغم جبروتها وسلاحها المتهور. لم تكن قادرت على وقف الارهاب. بل المصالحة سابقا و- يحتمل حاليا - فقط قادرة على تحقيق السلام. لكن العقلية العنادبية والعصابية التلقينية المعتمدة والمتعمدة بالمناهج الثقافية لبعض القوى.
سيما تلك التي تعاني من التناقض ما بين الايديولجيا والسايكولجيا السياسية والتي دفع ثمنها غاليا قادة العملية السياسية والعراقين وبالملايين من شهداء وارامل وايتام ومعوقين ومهاجرين ومهجرين....هؤلاء وغيرهم يريدون الصلح والسلام ولكن يخشون ذلك( فوبي). فالمسلم والمسيحي والصابئي, العربي والكردي والتركماني حتى عدد لاباس به من الحكومة والبرلمان وعامة الشعب يريدون الصلح والسلام لكنهم يخشون ذلك ايظا لانهم مصابون بداء الرهاب والارهاب!.
عدا الشعب فهو الذي لا يخشى الا من عند الله.
اجتثاث النازية ونشوء المقاومة الالمانية ثم؟
في اطار تجربة اجتثاث النازية تم محاكمة الوف النازين الالمان ، واعتقل منهم عشرات الالوف بتهم شتى، واحيل الى القضاء ما يقرب ستة الاف، وشنق منهم قرابة ثمانمائة.هذه الاجراءات شبيهة بواقع الحال بالعراق اليوم. رغم ان المعارضة العراقية السلمية والمسلحة للعديد من الاحزاب داخل وخارج العملية السياسية لم تكن على قائمة الارهاب والعنصرية كحالة النازية وهنا يكمن سر خطرها.
خلال السنتين الاوليتين من بدء "اجتثاث النازية" نشأت حركة مقاومة مسلحة سرية ضد الجيش الاميركي بصورة خاصة. كما جرى ويجري من قبل القوى اعلاه وغيرها.
وفي العام 1947، اي بعد عامين، اعادت ادارة الرئيس ترومان النظر في السياسة الاميركية المسمات انذاك باسم "سياسة الثأر Vengence" والانتقام المراد بها تأديب المانيا على سلوكها العنصري . بعدها تبنت السياسة الاميركية مبدء الانفتاح، والغاء سياسة "اللاءات العربية الكاركاتورية الثلاث: لا صلح لا تفاوض لا استسلام" مع الجميع- ثم ماذا حصل فيما بعد-؟ . المصالحة الشاملة وتحقيق الامن والسلم الاجتماعي بالمانيا عدا فلسطين.
مانديلا مبادئ واخلاق وطنية سامية
كان لاستخدام المناهج العلمية في ادارة الازمات من قبل الكفاءات الوطنية ووفق مبادئ التحاور ومهارات التفاوض والاصغاء الجيد دورا كبيرا في ازالة ذلك الارث الثقيل من التمييز العنصري لقرون خلت. كما ان سر نجاح المصالحة الافريقية يكمن بتركيبة القيادة والقيادة المضادة اللذان كانا اللذان كانا يتمتعان بالعقل السليم والجسم السليم معا بلا( فوبي ) وبمستوى راق من التفكير والشعور بالمسؤلية التاريخية والوطنية. لقداعتمدت المصالحة الافريقية على الاسس والمبادئ الاتية :
السلم الاهلي
تم اتفاق الاغلبية السوداء والاقلية البيضاء في حوارها على مبدء جوهري:
نعطي ولا ناخذ فلم يحصل اي طرف منهم على مئة بالمائة مما اراده.عكس نظام المقايضة و الصفقات.
التسامح شهامة العظام المؤمنين
.مما تجدر الاشارة اليه ان الاغلبية السوداء سامحت الاقلية البيضاء التي كانت تنتهك حقوقها لعقود من السنين. لذلك لم تجرى اي محاكمات كالتي جرت في ( نورنبيرغ ) بعد سقوط النازية.كما ان المثال الاكثر رقي في التسامح قيام نيلسون مانديلا بالصفح عن اللذين وضعوه بالسجن ٢٧ سنة. فمن تعرض للسجن 27 عاما ب (الثقيلة) ( او( المعاونية)... من القياداة الحالية يا ترى ؟ هذا هو سر سمو ونجاح المصالحة وشيوع السلام بسبب الشعور العالي بالمسؤلية الوطنية والتاريخية للقيادات المتحاورة. لذلك لم تطالب الاغلبية السوداء بالانفصال واقامة فدرالية او دولة اخرى ولا حتى بتهجيرهم. رغم سيطرة الاقلية البيضاء على الثروات الاقتصادية والبيئية لعموم البلاد. وذلك بفضل الوعي الجمعي للسود خاصة وقيادتهما على حد سواء حيث عملا يدا بيد ضد الفصل العنصري لا الانفصال الفدرالي المثبت بالدستور.
حسن النوايا( انما الاعمال بالنيات) والعفو عند المقدرة.
ان حسن النوايا لدى قيادات الاحزاب الافريقية كان وراء سر نجاح المصالحة الوطنية للاضداد. ففي عام 1990 اعلن رئيس حكومة الفصل العنصري فردريك دي كليرك نواياه الحسنة امام البرلمان بنبذ العنف وتحقيق المصالحة من اجل السلام والتنمية والديمقراطية وقد اقترنت اقواله بالافعال الاتية:
اعادة كتابة دستورا ديمقراطيا جديدا
منح حق الانتخاب للجميع.
المساواة امام قضاء مستقل
وفي خطوة ايجابية صادقة نحو المصالحة رفع دي كليرك الحظر عن حزب المؤتمر الوطني الافريقي وحزب المؤتمر القومي معلنا نهاية حقبة الفصل العنصري بين العرق الارقى والعرق الادنى بعد قرائتهما المستقبلية للوضع الدولي بطريقة عقلانية غير عنادية و كوسيلة للاقناع والسعي نحو السلام والديمقراطية. لاسيما بعد سقوط جدار برلين وانهيارالانظمة الاشتراكيةواحدة بعد الاخرى. كما تتساقط اليوم النظم العربية الكاريكتورية عبر الانقلابات الجماهيريةبما يطلق عليه بالربيع( العربي) او( الغربي) الفرق فقط بالنقطة . بعد ان اصبحت سمعة حكومة الفصل العنصري قد وصلت للحضيض داخليا ودوليا.
بهذا الصدد وتاسيسا لما جاء في اعلاه فقد وصف المستشارالاسبق للأمن الوطني موفق الربيعي سلوك ونوايا بعض القادة بما ال اليه حال المصالحة والسلام بالعراق بالقول:
ان هناك قادة سياسيون يشبهون (المصالحة بالعلكة التي نلهو بها قليلا ونلهي بها الآخرين ثم نبصقها) هذه هي الحقيقة.كما اكد ؟ بان أكبر إخفاقاتنا هي أننا لم نستطع تحقيق المصالحة الوطنية.
الاربعـاء 19 رجـب 1431 هـ 30 يونيو 2010 العدد 11537
مانديلا والعدالة الانتقالية:
اعتمدت التجربة المسيحية هذا المبدء الذي يراد به القيام بسلسة من العمليات الاجرائية التي تهيئ الارضية الصلبة لمعالجة الملفات العالقة وفق مبدء التسامح السلمي .كما ارسى مبدء العدالة الانتقالية القاعدة الصلبة للمصالحة الوطنية بالعديد من الدول الاخرى. كما كان ذلك سببا في ازالة الحجاب الحاجز بين عقدة مصطلح النظام السابق والنظام الحالي.هذا وقد تضمنت عملية المصالحة عدم تقديم قادة النظام السابق لمحاكمات جنائية.
هيئة الحقيقة والمصالحة: هدفها تمرين الاضداد من الاحزاب على التفاهم والحوار والتسامح.فقد امر مانديلا عام 1995 بانشاء( هيئة الحقيقة والمصالحة) واصدار القانون رقم 34 الخاص بها لكشف النقاب عن الجرائم الكبرى التي ارتكبت بحقوق الانسان. وما أن تقتنع لجنة الحقيقة والمصالحة بالحقيقة كاملة حتى تطلق سراحهم .لذلك احتفظت الغالبية منهم بالوظائف التي كانوا يشغلونها كي يكونوا شركاء بالعملية الديمقراطية.لقد كانت محاكمات هؤلاء علنية ولم يكن غرضها انتقاميا بل لغرض الاحساس والاعتراف بالندم كخطوة نحو العفو العام.
كما امر مانديلا احتفاظ قائد الجيش بالنظام السابق وكبارالقادة العسكريين بمناصبهم لازالة المخاوف لديهم. مما دفع ذلك قائد الجيش من اداء التحية برحابة صدرلمانديلا اثناء تنصيبه كرئيس جديد اكراما لمواقفه.
هذا وتضم الهيئة اعلاه اللجان الاتية:
لجنة حقوق الانسان: للتحقيق بانتهاكات حقوق الانسان من 1960-1994. ولجنة التعويضات والتاهيل.
ان لجنة العفو.مهمتها اسقاط التهم والملاحقة القانونية ومنح العفو عن كوادر العهد السابق للفنرة من 1960-.1993 ان التجربة المسيحية كانت قائمة على الاخلاق الوطنية السامية والثقة والحوار الصادق والاعتراف بالذنب والاعتذار والعفو.وغلق ملفات المسائة مقابل احترام الانتقال الى الديمقراطية. ونبذ استبطان عقد الماضي كي لا تتحول الى كبت عدواني دامي وحقد منهجي وايديولجي منظم. كانت نتائج تلك السياسة العقلانية تحقيق المزايا الاتية: الامن,التنمية ,حماية ارواح المواطنين وتطوير الاقتصاد الوطني من خلال الاستفادة من كوادر النظام السابق في بناء الدولة.
دروس ومبادئ سايكو/ ايديولجية من تجربة مانديلا بالحوار والسلام :
نظرا لان السلام مفتاح وخاتمة الكلام بلغة القران( السلام عليكم) وان الصلح سيد الاحكام.
فالمصالحة الحقيقية ينبغي ان تقوم على ذلك وبدون نظارات شمسية وخالية من مساحيق التجميل لاخذ الصور التذكارية.
*كما ان الشخصية التصالحية يجب ان يكون لها ماض يتوائم مع غريزة التسامح. بهذا الخصوص اليكم هذه المثل العراقي الماورائي المقلوب والمغلوط بالزمن الالكتروني الحالي والقائل :
( عداوة الجلب) اي ( الكلب) والبزون( القط) وعداوة القط والفار !
فالكلب لا يزال يقتل (البزون) ببلدنا, والقطة تقتل وتاكل الفارة في عراقنا. كما يقتل الانسان اخيه الانسان بالدين والديانات الاخرى. كما يرفض هذا القائد السياسي والديني الجلوس مع القادة الاخرين محللا قتلهم ومشرعا سجنهم. لكن هل تعلمون يا قوم ان الكلب والقطة والفار باوربا اصدقاء وليسوا اعداء. فهم ياكلون سويتا لا كما تاكل الاحزاب بعضها البعض -لا والله- ويتزاورون ويلعبون سويتا ويلتقون بحفلات اعياد ميلادهم . فهل يعقل ان غرائز الحيوان باوربا باتت ارق من غرائز الانسان! اذن نحن بحاجة الى:
*نسيان هموم وماسي الماضي.
*الثقة بالنفس لانها اساس الثقة بالاخرين.
*الشهامة والشجاعة بالاعتراف بالحقيقة للتخلص من الشعور الباطن بالذنب يقابله عفا الله عما سلف.
*تاهيل واصلاح برامج التنشئة السياسية للاحزاب وفق منطق العقل والعصر.
*الايمان بان العراق للجميع وليس لجميع احزاب العملية السياسية.
مع وجوب اعادة ترسيم من نحن فقط بدلا من هم ونحن
ان المصالحة التي تقوم على صدق النوايا تتطلب طرح تصور جديد لمفهوم ال(انا) وال(هو) وال(هم) وال(نحن).لان توطين او استبطان( فالح عبدالجبار) بعض هذه المفاهيم في الشخصية السياسية مؤداه توطين التعالي والشعور بالغطرسة ( مرض سياسي). كمرض يتوائم وفق مفهوم المذهب او العرق الاعلى والادنى لافكار سادت ثم بادت كالعنصر السامي وشعب الله المختارالقائم على حالة اللاتناغم واللاتوائم واللامساوت. وهذا يتطلب توحيد وانصهار ال(هم ) با (نحن) العراقية بالخطاب السياسي والاعلامي وتجريم من يخالف ذلك بالتلفظ مذهبيا ودينيا وقوميا.( اذا كان ذلك يصرف) افتونا.
ان هكذا سلوك لن يكون طريقه سالكا لا نحو المصالحة والسلام ولا نحو استقرار واصلاح العملية السياسية. لانه شكل من اشكال التمايز الاجتماعي والعرقي والديني المدان سلفا بلوائح حقوق الانسان والعمل الديمقراطي.
سيما ان الوطن العربي مقبل على العديد من المتغيرات الدولية الاقليمية والعربية. ان سقوط جدار برلين تبعه سقوط العديد من الدول التي اعيد ترسيمها. اذن لابد من اعادة ترسيم وهيكلة الشخصية العراقية السياسية واعادة ترسيم برامجها الثقافية.ولابد من الاعتراف بالحقيقة للتخلص من الشعور بالذنب والتفريق بين الانتقاد والانتقام .كما تتطلب المصالحة من المتصالحين المصارحة وطلب العفو من الشعب اولا كي يعفو الشعب عنهم بدون محاكمات ان استطاعوا لذلك سبيلا .
ختاما نعلم
لا يكلف الله نفسا الا وسعها ولكي لا يطوف غدا القادة محمولين- ان حملوا؟- ويوكل في الرمي عنهم اوعليهم ونحوهم من هم منهم قبل غيرهم. والمنتظر القادم قد يكون اكبر والله اعلم.
راي خطا لكنه يحتمل الصواب راي غيري صواب لكنه يحتمل الخطا.
اتركم سالمين غانمين من الامراض السياسية مع منلوج( دكتور) للفنان عزيز علي عسى ان نجد فيه الحل والعلاج .
http://www.youtube.com/watch?v=xw4rG0SdAyY
متمنين لمرضانا السياسين بالعراق الشفاء العاجل ولعراقنا ربيع و(كمرة ) كما يقول عزيز علي ب(منلوج الركعة زغيرة والشك جبير) بالرابط ادناه:
http://www.youtube.com/watch?v=KPiFWxWeiSw
وانا لله وانا اليه راجعووووووووون
887 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع