د.سراج أحمد جهانفر
النوروز كلمة فارسية يتكون من كلمتين؛ الأولى، نو، بمعنى جديد والثانية، روز، بمعنى يوم، فتكون العبارة، اليوم الجديد، ويطلق النوروز على اليوم الأول من الشهر الأول من السنة الشمسية المعتمدة في التقويم الفارسي، حيث تنتقل الشمس من برج الحوت إلى برج الحمل.
وللعالم والفلكي الفارسي الشهير ابي ريحان البيروني تعريف للنوروز، يقول فيه انه اليوم الأول من شهر فروردين، ومن هنا عُرف باليوم الجديد، ذلك أنه مقدمة للسنة الجديدة، وما يلي ذلك اليوم من تلك الأيام الخمسة هي للفرح والسرور. و قد عرفها الأقباط منذ الإحتلال الفارسي لمصر في قرن الخامس ق. م.
ومن أقدم وأعظم المصادر التاريخية التي تناولت النوروز وعاداته كتاب الآثار الباقية، لأبي ريحان البيروني المتوفي في عام ٤٤٠ هجري قمري حيث كتب البيروني في كتابه ذاك يقول: "السنة عند الفرس على أربعة فصول، وكان لهم في كل فصل من تلك الفصول عيداً ومن بين هذه الأعياد، عيد اليوم الأول من فروردين او عيد النوروز وهو عيد عظيم جداً لأنه عيد احياء الطبيعة، ويقال ان بدء خلق العالم كان في ذلك اليوم".
يحتفل الفرس والأكراد والأتراك وقوميات أخرى (مثل الهند، بنجلاديش، لبنان، تنزانيا، تايلاند) بعيد النوروز الذي يصادف أول أيام الربيع وتحول الفصول. ويعتبر عيد النوروز أهم الأعياد الوطنية في أفغانستان، إيران، طاجيكستان، أوزبكستان، تركمانستان، كازاخستان، أذربايجان، ألبانيا، تركيا والعراق. بمناسبة هذا العيد، تستمر عطلة النوروز بشكل رسمي لمدة خمسة أيامأو أكثر. وخلال عطلة النوروز يسافر الكثير منهم إلى مختلف المحافظات.
وفي أفغانستان، عيد النوروز رمز عالم الثقافة والسنن التي انتقلت إلي الشعب الأفغاني من صدور آبائهم وأمهاتهم طوال التاريخ القديم إلي الزمن الراهن ويصادف عيد النوروز مراسم خاص في أفغانستان. إن النوروز في تاريخ وثقافه أفغانستان رمز تكريم الحياة والطبيعة والقيم الإنسانية الساميةالتي تصل جذورها إلي الشعر والأدب والفن والتقاليد المحلية والوطنية والإجتماعية في هذا البلد. رغم عدم تواجد الوثائق عن كيفية و زمن ظهور النوروز يعتقد البعض أن تاريخ عيد النوروز في هذا البلد تصل قدمته إلي سابقة عريقة منذ زمن ظهور الآريائين في هذا البلد.
تقول السيدة الاستاذة الدكتورة / عفاف السيد زيدان أستاذة اللغة الفارسية وآدابها و عميد السابق لكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر الشريف أن سابقة الإحتفالات النوروزية في أفغانستان تصل إلي ثلاثة آلاف سنة ماضية وجذورها تنبثق عن النظام الديني الزرداشتي قبل الإسلام إلي العصر الإسلامي في هذا الاقليم. وتعتقد أن النوروز في أفغانستان لا يُنحصر بين قوم خاص طوال التاريخ واهتزاز راية الإمام علي (كرم الله وجهه) في مدينة مزار شريف من تعاليم وسنن نوروزيه في أفغانستان. وأضافت الدكتورة عفاف: وفي العصر الإسلامي يُعقد هذا المراسم من جانب الخلفاء الإسلاميين والأمراء المحليين في أفغانستان وتلعب الحكومات السامانية والغزنوية والسلجوقية والغورية دوراً موثراً وبارزاً في مواصلة هذه الإحتفالات في أفغانستان.
ويقيمون في بيوتهم خلال مراسم الإنتقال من السنة القديمة إلى الجديدة، مائدة "هفت سين" أي السينات السبعة.
وتوضع في هذه المائدة سبعة أشياء تبدأ بحرف السين في اللغة الفارسية وهي "سيب" أي التفاح و "سمنك" نوع من الحلوى المطبوخة من القمح و "سنجد" أي الزيزفون أو الخلاف و "سركة" أي الخل و "سماق" أي السماق و "سبزة" أي الخضرة والنبات و "سير" أي الثوم.
و"سبزة" هي إناء تزرع فيه قبل نحو شهر من بدء السنة الجديدة بعض الحبوب مثل القمح وما شابه لكي ينبت فيها النبات ويخضر ليحتفظ فيه على مائدة النوروز.
ويعتقدون بأن إعداد هذه المائدة التي تبدأ بحرف السين تبركاً بكلمة «سبز» أي الخضرة من شأنها أن توسع في رزقهم كما يحرصون على زيارة الأقارب والأصدقاء خلال أيام عطل رأس السنة والسفر إلى المناطق السياحية الخضراء للاستمتاع بمناخلها الخلاب والمعتدل.
كما يقومون بشراء أسماك الزينة الصغيرة التي يكون لونها أحمر وتوضع في إناء زجاجي يتم الإعتناء بها حتى يمر يوم الـ۱۳ من الشهر الأول للسنة الجديدة بإعتباره يوم نحس وشؤم حسب التقاليد الفارسية.
وفي هذا اليوم يخرجون إلى احضان الطبيعة متشائمين من هذا الرقم لكي يكونوا بمنأى عن النحس الذي قد يصيبهم في حال عدم الخروج والإرتماء في احضان الطبيعة باعتباره يوم نحس وشؤم حسب التقاليد والأعراف الفارسية القديمة.
وخلال أيام عطلة النوروز، يقوم الناس بزيارة منازل أحدهم الآخر وتبادل الزيارات للتهنئة بالعيد والسنة الجديدة.
وفقاً لبعض التخمينات يحتفل سنوياً ما يزيد عن ۳۰۰ مليون شخص بعيد النوروز في بلدان مختلفة من العالم أغلبها تقع في الشرق الأوسط ودول أسيا الوسطى.
بقلم: د. سراج أحمد جهانفر
1056 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع