منذ أسبوعين أخذنا على السيد حازم الأعرجي في هذا المكان بالذات انقطاعه عن الحياة والناس وعدم مبالاته بالمشاكل الكُبرى التي تعاني منها دولتنا ومجتمعنا (الإرهاب، الفقر، البطالة، الفساد المالي والإداري، الأميّة،
المحاصصة الطائفية والقومية والحزبية، سوء الخدمات العامة....) الى درجة انه يختار لخطبة يوم الجمعة في الحضرة الكاظمية موضوعاً ثانوياً للغاية بل لا أساس له، هو الغناء وشرب الخمور ولعب القمار والسفور في الكاظمية (إذا كان لهذه وجود ففي البيوت إذ ليس في الكاظمية كما نعرف ملهى ليلي أو حانة أو نادٍ للعب القمار). يومها كان الأعرجي قد هدّد بالدعاء على المسؤولين الحكوميين ما لم يتجندوا (ربما تحت رايته) لملاحقة السافرات والمغنين وشاربي الخمور ولاعبي القمار (الموجودين في مخيلته التي تتصور وجود ما لا وجود له في شوارع الكاظمية)، ودعوناه إلى أن يدعو –مادامت لديه الثقة بان أدعيته مُجابة من الله والأنبياء والأئمة– لتخليصنا من الإرهاب والإرهابيين والفساد والفاسدين خصوصاً فيكون قد قدّم خدمة لا تقدر بثمن لثلاثين مليون عراقي. لكن السيد الأعرجي بدلاً من ذلك اختار أن يمضي أبعد مما هدد به (الدعاء)، فقد نزل الى الشارع وأخذ يتجول بين الدكاكين التي تبيع الأشرطة الفنية غير مكتف بالحديث إلى الباعة عما سماه "حرمة" تجارتهم، وإنما اتّبع أسلوباً لا يخلو من إشارات الترهيب بتكسير الأشرطة علناً أمام الدكاكين (بعدما اشترى بعضاً منها)! ليس في الإمكان وصف عمل السيد الاعرجي إلا بأنه خروج عن القانون.. فرجل الدين يقوم هنا بأخذ القانون بيديه من دون تخويل من صاحب الشأن المكلف بتشريع القوانين وتطبيقها (الدولة). هذا عمل غير مبرر وغير مقبول، مثله مثل أن يقوم شخص آخر لديه موقف مخالف بأن يجلب فرقة رقص أو غناء إلى شوارع الكاظمية، أو أن يشتري ويكسر علناً الأشرطة التي تتضمن خطباً وأدعية دينية ويدعو الباعة إلى عدم التعامل بها، فهل سيقبل السيد الأعرجي بهذا؟ ألن يستصرخ الدولة للضرب بيد من حديد على فاعل مفترض كهذا؟ استناداً إلى أي دستور وطبقاً إلى أي قانون شرّعه مجلس النواب أو قرار اتخذته الحكومة قام الاعرجي بفعلته هذه؟ وبأي حق يتفرعن السيد الاعرجي على الناس فيُرهب باعة الأشرطة الفنية ومشتريها بهذه الطريقة؟ السيد الاعرجي من قيادات التيار الصدري وكان عليه أن يفكر مئة مرة قبل الإقدام على فعل يمكن أن يتسبب في جلب النفور والكراهية لتياره. الدولة من جانبها، وهي المكلفة والمفوضة من المجتمع بإدارته وحفظ السلم الأهلي، مطالبة بأن نرغم السيد الأعرجي على الالتزام بدستور البلاد وقوانينها، وإلا فانه وأمثاله لن يترددوا لاحقاً في أن يقتحموا علينا بيوتنا ويروّعوا عائلاتنا.
827 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع