السعودية ومجلس التعاون ومصر

                                          

                       د. محمد صالح المسفر

تابعت كغيري من المهتمين بالشأن الخليجي والعربي على وجه العموم منذ أن انبلج فجر الربيع العربي من تونس في الرابع من يناير 2011، وشاهدت دور الإعلام الخليجي في أحداث تلك الثورة، البعض يرى أن الإعلام الخليجي "الجزيرة " لعب دورا إيجابيا في نقل وقائع الثورة الشعبية في تونس وغيرها من الدول العربية التي اجتاحتها رياح الربيع العربي،

والبعض الآخر يرى أنه لعب دورا سلبيا ولكل منهما حججه التي تدعم آراءه، ولست هنا في مقام تحليل واقع الإعلام العربي المناصر لثورة الربيع العربي والمعادي لها والمناصر، لكنه بلا جدال كان إعلاما مؤثرا.
(2)
ما دفعني إلى ما قلت هي كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله آل سعود الموجهة إلى الأخوة في مصر بالأمس مناديا قادة الرأي والفكر ووسائل الإعلام في مصر العمل من أجل تحقيق التقارب الذي يهدف إلى إنهاء كل خلاف مهما كانت أسبابه، فالحكمة كما قال جلالة الملك عبد الله "ضالة المؤمن" فهل أدرك المشتغلون بالإعلام المصري الرسمي الخاص أهمية ما قاله خادم الحرمين الملك عبد الله؟ أتمنى ذلك.
(3)
ليس عندي كلمة أبلغ من كلمة "شكرا يا خادم الحرمين الشريفين"، "شكرا يا شيخ صباح الأحمد الصباح أمير الكويت" على ما فعلتماه من أجل إنجاح رأب الصدع في جدار مجلس التعاون الخليجي والخروج به من محنة القطيعة إلى آفاق المستقبل المبني على حسن النوايا والعلم بمخاطر ما يحيط بنا جميعا، والشكر موصولا لسمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر على حسن إدارته للأزمة التي نشأت بين ثلاث من دول المجلس ودولة قطر الأمر الذي أدى إلى استدعاء سفراء تلك الدول الثلاث من الدوحة في مارس العام الماضي والعمل مع إخوانه خادم الحرمين وأمير الكويت الشيخ صباح لعودة المياه إلى مجاريها إن لم تكن الأفضل.
الملك عبد الله ملك المملكة العربية السعودية قال في يناير 2002 في مؤتمر قمة مجلس التعاون في مسقط كلاما هاما جدا ما نصه "إننا لا نتجاوز الحقيقة إذا اعترفنا جميعا ــ ولا أستثني أحدا ــ بأننا أخطأنا في حق أمتنا الكبرى حين سمحنا لعلاقاتنا العربية والإسلامية أن تكون قائمة على الشك وسوء الظن بدلا من المفاتحة والمصارحة، وحين نشدنا العون من الغرب ونسينا القريب".
(4)
اليوم لا نتجاوز الحقيقة إن قلنا إننا أخطأنا في تعاملنا في مجلس التعاون الخليجي بعضنا مع بعض واليوم نعود للجادة الصحيحة بعد جهود القادة الثلاثة الملك عبد الله والشيخ صباح أمير الكويت والشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر وعلينا أن نبني لمستقبل مشرق لأبناء هذه المنطقة الحساسة من العالم، أريد تذكير كل صاحب قرار وصاحب رأي أنه عندما كانت إرادة كل من السعودية وقطر والكويت والإمارات متحدة ومتفقة في مطلع أحداث الربيع العربي أواخر عام 2010 حققنا إنجازات على المستوى السياسي لا سابقة لها في تاريخ الدبلوماسية الخليجية، قد يقول البعض إنها إنجازات سلبية والبعض الآخر ينفي عنها السلبية ولنا رأي في ذلك ليس هذا وقته، ولكن عندما اختلفنا ضاعت منا مصر وسورية والعراق واليمن وليبيا ونحن على الأرائك متكئون.
(5)
إن مناشدة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله إخواننا في مصر بقوله "إنني أناشد مصر شعبا وقيادة السعي معنا لإنجاح مسيرة التضامن العربي كما عهدناها دائما عونا وداعمة لجهود العمل المشترك" وهنا أقول إن دور مصر الفعال ومكانتها لا يشكك فيها أحد منا، وعليها دور في سياق التضامن العربي الذي نادى به خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله يجب أن تؤديه وأول تلك الأدوار إطلاق سراح جميع صحفيي الجزيرة المعتقلين في مصر بلا ذنب اقترفوه، ورفع الحصار عن قطاع غزة إلى الأبد لكي تصل مساعدات أهل الخليج إلى إخوانهم المحاصرين في قطاع غزة، ولا يجوز أن تتساوى مصر العروبة وإسرائيل في معاملة أهل غزة، والمطلب الثالث نصرة أهل القدس الذين يتعرضون لعدوان إرهابي مخيف يقوده قطعان المستوطنات وقيادات الكيان الصهيوني والعمل الجاد على حماية بيت المقدس من الانتهاكات الإسرائيلية.
(6)
نحن في مجلس التعاون الخليجي نملك كل وسائل القوة والإكراه إذا توفرت لدينا الإرادة السياسية وما علينا إلا أن نتقاسم الأدوار فيما بيننا لخدمة مصالحنا ومصالح أمتنا العربية والإسلامية. إنه لا يجوز لنا نحن خاصة أن نعادي جميع التيارات الإسلامية وأركز على كلمة جميع، ولا يجوز لنا معاداة التيار القومي، ولا معاداة التيار الليبرالي لأننا نحتاج إليهم جميعا وما علينا إلا أن نحسن التعامل مع تلك القوى لا التصادم معهم. إن تعاوننا مع كل القوى التي أتيت عليها فسنستطيع أن نهزم الإرهاب ونجتثه من جذوره.
إنه عندما اتفقت إرادتنا في الخليج عام 1973 واستخدمنا البترول لتحقيق هدفنا في تحرير الأراضي العربية المحتلة حققنا النصر ولو لم يعبث العابثون من بعض القادة العرب لحققنا تحرير فلسطين في ذلك العام ولكن خذلنا السادات جزاه الله بما يستحق.
آخر القول: تعالوا يا أهل الخليج نتفق على تحقيق مصالحنا دون تنافس حاقد أو حاسد، تعالوا إلى كلمة حق لن يتحقق أمننا وسلامة أوطاننا وسيادة أراضينا إلا بوحدتنا وتوادنا والعمل الجماعي، وألا نسمح لكل هماز مشاء بنميم بيننا أن يكون له مكانة في مجالس حكامنا.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1338 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع