عامرالسلطاني
يبدو ان المشهد السياسي الجديد في العراق بعد تكليف السيد حيدرالعبادي لرئاسه الوزراء قد جمع جميع الاقطاب على اعلان موقف رسمي مؤيداً لهذا التكليف مقاربة جديدة في العلاقة السعودية الإيرانية بعد إزالة عقدة نوري المالكي والتوافق على المرشح الجديد.
هذه خطوة مهمة مبشّرة باحتمال أن يكون العراق بوابة التفاهمات الأوسع عراقياً، وتصبح الساحة العراقية بوابة التفاهمات الإقليمية، السعودية- الإيرانية تحديداً. هذه قد تكون بدايه متكاملة لقلب موازين العلاقة الثنائية، فالطريق طويل، والثقة لم تولد فجأة بمجرد إزالة عقدة المالكي أو الالتقاء على مكافحة «داعش» وإرهابه. الأمل بألا يكون الحدث العراقي خطوه تكتيكيه وتهيئه الاستعدادات لإحياء الاستراتيجية الأصلية. الأمل بأن يوصل الحدث العراقي إلى عتبة جديدة للعراق نفسه كي يخرج من هذا النفق ويسير نحو الطريق الصحيح لبناء البلد ، هناك مؤشرات على احتمال تمكّن الحدث العراقي من إحداث تغيير إيجابي في التفاهمات الإقليمية والدولية لأسباب متنوعة ومتعددة. وحتى الآن، موقتاً كان أو مبشّراً على ديمومته، يتسلق الاعتدال إلى مكانة جديدة ليحاول جميع الاطراف زرع بوادر حسن النيه والثقه والدعم للحكومه الجديده .
لاسيما ظهور داعش بزخم المفاجأة وتقهقر الجيش العراقي أمامه بأحداث ما زالت مجهولة المعالِم والخلفية والمنطق. وهويه داعش ومن يدعمها ومن هي الدول التي تقف وراءها وتقوم بتمويلها وماهذه الامكانيه القويه التي جيش نظامي يتقهقر وينهزم امامها وبدون قتال !!!؟
لكن التاريخ لن يغفر لـ «داعش» ومن يدعمه أو يتفهمه ارتكابه الفظائع ضد المسيحيين والأيزيديين والكرد والشيعة وغيرهم من الأقليات أينما كان. وبالتأكيد،جرائم «داعش» حقّرت إرهاب الآخرين وطمست جرائم الآخرين وبات «داعش» العنوان الجديد لمكافحة الارهاب وتوافقتالقيادة الأميركية والسعودية والإيرانية والأوروبية على التخلص من خطر داعش والمالكي وبرزت مواقف عراقية مهمة ضد الاثنين معاً.
ولعلهما معاً ساهما من دون قصد في تقوية كفّة الاعتدال ضد التطرف ليس فقط في العراق وإنما أيضاً في المعركة الدائرة إيرانياً بين قوى التطرف التي يقودها قاسم سليماني و «الحرس الثوري» وقوى الاعتدال بقيادة الرئيس حسن روحاني.
حالياً، واضح انحسار سليماني وصعود روحاني عبر مواقف مرشد الجمهورية آية الله خامنئي الذي دعم توّلي حيدر العبادي رئاسة حكومة العراق وكانت تلك صفعة لسليماني الذي تمسّك بالمالكي وأراد الاستفادة من الفوضى التي أطلقها «داعش» في العراق ليفرض حاجة العراق للمالكي. إنما ليس من الواضح إذا كان هذا تكتيكاً ضمن توزيع الأدوار كما شاء آية الله خامنئي، أو تقهقهراً جدياً لقوى التطرف الذي يسيطر عليها تيار سليماني بإيعاز من آية الله خامنئي، كما يُقال.
فإذا كان صعود حظوظ الاعتدال داخل إيران تطوراً جديّاً بقرار من مرشد الجمهورية وليس ضمن تكتيك توزيع الأدوار، فإن حدث العراق سيكون فائق الأهمية لأنه سيُطلق توجهاً إيرانياً جديداً وكذلك حديثاً إيرانياً- سعودياً مختلفاً عن السابق.
القيادة السعودية أظهرت أنها تتبنى سياسه قويه لمحاربه الارهاب عبر تبرعاتها السخيه لصندوق الاممم المتحده لمحاربه الارهاب .
قد يقال انه لولا نمو وحش داعش إلى درجة دب الرعب في القلوب لما كان إنعاش التوافقات بين الاطراف المتنازعه الاقليميه والدوليه على شخص السيد العبادي .
القرار السعودي الرسمي اليوم هو رفع راية مكافحة الإرهاب والتطرف عالية بإجراءات ومواقف مدروسة سياسياً أيضاً، فالهبة بمئة مليون دولار للأمم المتحدة للحشد العالمي لمكافحة الإرهاب مهمة ليس فقط من ناحية دلالتها المالية والإعلامية وإنما من ناحية الدلالة السياسيه .
الهبة السعودية للأمم المتحدة أتت برسالة سياسية لسحب البساط من تحت أقدام من يدعي انها داعمه للارهاب !!؟.
كما أن قيام الحكومة السعودية بتقديم الأموال لمكافحة الإرهاب للأمم المتحدة بالإضافة إلى هبات أخرى لدعم جهودها في العراق تأتي جزءاً من استراتيجيتها الأشمل، القائمة على انفتاح جديد على المنظمة الدولية وعلى التعاون العالمي في مكافحة الإرهاب وفي مساعدة العراق على التعافي شرط التوقف عن إقصاء السُنّة وهضم حقوقهم بقرار من ايران !!! .
رحيل المالكي يعطي مساحه اوسع للتفاؤل بتوجه جديد للبلدين وبهامش تفاهمات ممكنة بين القيادتين السعودية والإيرانية على وتر الاعتدال لمكافحة التطرف .
الموقف الامريكي ، تحرك بخطوات صغيرة ظهرت وكأنها حصراً لدعم الأكراد وإن كان عبر قصف مواقع «داعش» أو عبر النظر في احتمال توسيع الدور الأميركي في العراق عن طريق الطائرات بلا طيار هكذا بدا أوباما جاهزاً للتحرك ضد التطرف الإرهابي على نسق جرائم «داعش»، بالتزامن مع التوافق على إزاحة نوري المالكي عن السلطة .
أوباما لن يجر أميركا إلى المعركة المباشرة مع «داعش» أو غيرها لأنه عقد العزم على عدم التورط في حروب الآخرين تلبية للمطالب الشعبية الأميركية .
حدث العراق يشكّل فرصة للرئيس الأميركي لإعادة فرز العلاقات الأميركية بكل من المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية نحو رعاية التفاهمات ودعم الاعتدال حقاً. فهكذا ينفض باراك أوباما غبار الانحياز للسعوديه لإرضاء إيران لتكون له تركته التاريخية .
قد يفيد الرئيس الأميركي أن يرسم مساراً متوازياً مع انصبابه على إرضاء طهران ويأخذ من حدث العراق موقع قدم لإطلاق صورة جديدة عنه تبيّنه داعماً جدياً وصارماً لقوى الاعتدال.
داخلياً المرجعيات الدينيه والاحزاب السياسيه الشيعيه والسنيه والكرديه باركت ودعمت تولي العبادي رئاسه الوزراء ، واستبشرت خيراً في سياسه جديده تظم كافه الاقطاب وعدم تهميش أحد متئملين تكاتف الجميع من اجل مواجه الخطر الذي يهدد البلد .
شعبياً على الصعيد الداخلي يبدو ارتياحاً واضحاً لعموم الشعب العراقي للتغير الحاصل بعد تجربه مريره لثماني سنوات لم يحصد منها العراقيين غير الويلات أملين ان يكون القادم أفضل .
في ظل هذه المتغيرات يبقى السؤال المهم هل سيشهد الوضع العراقي تغيراً جوهرياً وهل سيتمكن رئيس الوزراء الجديد أن يقود السفينه الى بر الأمان . هذا مانتمناه .
1354 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع