البعض من تأريخ المستشفيات والمؤسسات الصحية الأهلية في بغداد
كان العراق من أكثر بلدان الشرق الأوسط تطورا ورصانة في مجال الطب وذلك طيلة القرن العشرين تقريبا .
السبب في هذا التطور الكبير والذي بلغ قمته منذ بداية الأربعينيات وحتى نهاية الثمانينيات , هو الاساس المتين لكلية الطب الملكية ورصانة تأسسيسها من قبل خيرة الأساتذة الأكفاء , والدعم اللامحدود من جلالة المغفور له فيصل الأول ملك العراق .
كان الطب في العراق يتميز بالكفاءة, والدقة, والعلمية المتميزة, والاخلاق المهنية العالية التي نفتقدها اليوم في كل دول العالم .
شهد الطب مؤسسين عراقيين وأجانب , كان همهم الوحيد النهوض بهذه المهنة الشريفة المقدسة في بلد يتطور بسرعة من دولة متخلفة الى دولة عصرية بكل المفاهيم , ومن أهم هؤلاء الشخصيات الفذة المرحومين الاساتذة الاطباء الكبار :
هاشم الوتري , صائب شوكت , أسماعيل الصفار , سندرسن باشا , أبراهيم عاكف الالوسي , سامي سليمان , جوبنيان , سامي شوكت ,جاك عبود , وغيرهم من عمالقة الطب في ذلك الوقت .
في نفس الوقت كان التمريض في العراق يمر بمراحل تطور موازي لتطور الطب أن ذاك .
خرجت هذه الكلية العريقة خيرة الأطباء والطبيبات من العراقيين كافة, حيث خدم المسيحي في البصرة وكربلاء والكوت واليهودي في النجف والموصل وهكذا , وقبل أن تدخل المفاهيم السخيفة اليوم , وهؤلاء العراقيين جميعا هم الذين ساهموا في فتح كليات للطب أخرى تتميز بالرصانة العلمية والسمعة الفائقة , مثل طب الموصل والبصرة والمستنصرية والكوفة والنهرين وغيرها .
تلك مقدمة لكلمة حق يجب أن تذكر بحق الطب ورجاله في العراق والذي يتحسر عليهم معظم مرضى اليوم وحتى الساكنين في أكثر الدول تقدما .
كان دار التمريض الخاص في المستشفى الملكي هو أول المؤسسات التي كانت تقدم خدماتها مقابل أجور بسيطة وتشمل الغرف المنفردة ووجبات الغذاء . ( تم أفتتاح دار التمريض الخاص بدلها الان والتابعة لمدينة الطب ) . ( كذلك التمريض الخاص في مستشفى اليرموك ) .
بالنظر لتطور المجتمع في الأربعينيات والخمسينيات , فقد بادر عدد من الأطباء في ذلك الوقت لفتح مستشفيات أهلية وبأجور تبدو مجانية عند مقارنتها مع أجور الطب اليوم , من أول المستشفيات في ذلك الوقت كانت مستشفى مير الياس في العيواضية , ومستشفى الراهبات والتي لا تزال تقدم خدماتها الى اليوم وتعتبر مثالا للنظافة والنظام وقد عمل فيها عدد كبير من أساطين الطب والجراحة في العراق , تلاها فتح أول مستشفى خاص للأمراض العقلية والنفسية للمرحوم الأستاذ الدكتور جاك عبود في طريق معسكر الرشيد , ومستشفى صالح للدكتور محمد صالح في كرادة مريم ,
ومستشفى السامرائي للمرحوم الأستاذ الدكتور كمال السامرائي وهو أول مستشفى للأمراض النسائية والولادة وقد أفتتح سنة 1956 ( تم تهديم المستشفى وأصبح مركزا للعقم اليوم ) وقد خرجت أعلام من أطباء النسائية كالدكتور فيصل السوداني والمرحومة الاستاذة زينب الراوي والدكتورة أبتهاج الالوسي وغيرهم , ومستشفى الحيدري للأستاذ الدكتور المرحوم سالم الحيدري وهو متخصص للولادة والنسائية أيضا , ( كان يقوم بعض الجراحون بأجراء بعض العمليات بالجراحة العامة في هذين المستشفيين أيضا كالأستاذ الدكتور المرحوم عزيز محمود شكري وغيره), ومستشفى الفردوس قرب الجندي المجهول السابق ( تحولت الى مركز لأمراض القلب تابع الى مستشفى أبن النفيس بأشراف الأستاذ الدكتور المرحوم جعفر الكويتي ) , ومستشفى الأمام وعبد المجيد حسن في الكرادة الشرقية , ومستشفى أبن سينا في كرادة مريم والذي كان يملكها عدد من الأطباء منهم الدكتور الأستاذ مظفر الشذر أخصائي العيون أطال الله في عمره والدكتور الاستاذ المرحوم هادي السباك أخصائي الكسور والدكتور قاسم عبد المجيد وغيرهم ( تم أستملاك المستشفى وتحويلها الى مستشفى خاص برئاسة الجمهورية في نهاية السبعينيات ) .
كذلك كانت هنالك مستشفى الرازي في العطيفية والتي كان يملكها عدد من الأطباء من أبرزهم الدكتور عزت مصطفى وزير الصحة السابق .
أفتتحت في الستينيات عدد أخر من المستشفيات منها مستشفى الالوسي في شارع المغرب, للأستاذ الدكتور المرحوم حسني الالوسي أستاذ الأنف والاذن والحنجرة , وقد كانت تجرى فيها عمليات للجراحة العامة بالأضافة الى جراحة الأنف والأذن والحنجرة شارك فيها أعلام الجراحين مثل الأساتذة الدكاترة زهير البحراني وزهير الهادي ومزهر الدوري وهاشم مكي الهاشمي والمرحوم الاستاذ الدكتور معد محمود سلمان وغيرهم .
كذلك أفتتحت مستشفى الخيال ومقابل مستشفى الالوسي و المتخصصة بأمراض الكلى , للأستاذ اللواء الطبيب وليد الخيال , وكانت من أوائل مراكز زرع الكلى في الشرق الأوسط , وقد عمل بها عدد من الأطباء الجراحين منهم الدكتور غسان مكي العزاوي وغيره .
تم أفتتاح مستشفى الهلال الأحمر للولادة في المنصور وبجنب مصنع الأطراف الأصطناعية الذي هدم وتحول الى صدر القناة لاحقا مع المركز التأهيلي للعلاج الطبيعي والذي أسس من قبل وزارة الصحة وبأشراف وأدارة الدكتور نوري مصفى بهجت أطال الله في عمره .
كان مستشفى الهلال الأحمر للولادة تابعا الى جمعية الهلال الأحمر العراقية وقد شيد على أرض تملكها الجمعية في بداية مدينة المنصور مقابل نقابة الأطباء ومعرض بغداد الدولي , وقد تولى أدارة هذه المستشفى عدد من الأطباء كان من أولهم المرحوم الدكتور أبراهيم النوري رئيس جمعية الهلال الأحمر سابقا, والدكتور فاروق الالوسي أمينها العام سابقا وغيرهم . كانت هذه المستشفى موقعا لعمل كثير من الأطباء والطبيبات الأختصاصيين في الأمراض النسائية والتوليد ولفترة طويلة , لحقها بناء مستشفى الهلال الاحمر الجراحي في بداية التسعينيات .
كانت هنالك مستشفى خاصة بالكسور للدكتور منقذ الجيبه جي في الحارثية مقابل معرض بغداد الدولي .
أفتتحت أيضا في الثمانينات مستشفى المستنصرية في الوزيرية وقد تملكها عدد من الأساتذة الأطباء الكبار ومنهم الاساتذة زهير البحراني وغيره , حيث تدرب فيها عدد كبير من جراحي الجيل الثاني على يد الدكتور زهير البحراني وكان فيها أحد أعلام التخدير في العراق وهو الدكتور وجيه الالوسي ,,,, كانت هذه المستشفى من أهم مراكز جراحة الجهاز الهضمي والجراحة العامة في العراق والشرق الأوسط .
كذلك تم أفتتاح مستشفيات أهلية عديدة في نهاية الثمانينات وبداية التسعينيات منها , مستشفى الوزيرية للجراحة والولادة للدكتور الاستاذ المرحوم معد محمود سلمان وزوجته الدكتورة أبتهاج الألوسي , ( تم أفتتاح مركز لأطفال الأنابيب فيها الان ) , ومستشفى العلوية الأهلي حيث عمل فيها الأستاذ الدكتور قيس كبة أستشاري الأمراض النسائية , ومستشفى بغداد الاهلي في العلوية أيضا , ومستشفى الدهوي في الحارثية للدكتورة رجاء الدهوي أستشارية النسائية , ومستشفى الحارثية الاهلي , ومستشفى المختار في الكرنتينة , ومستشفى دجلة في راغبة خاتون بالأعظمية ومستشفى الدكتور معد مدحت في حي أور , ومستشفى الجامعة في حي الجامعة للدكتورة سامية الهاشمي والدكتور أمجد الخشالي وغيرهم من الشركاء , ومستشفيات أخرى لا يسعني ذكرها الان بسبب تقدم العمر ( نتذكر الأشياء القديمة والدماغ عمل مسح للذكريات الحديثة ) ,,
فاتني أن أذكر أن الأساتذة المرحومين الدكاترة أسماعيل ناجي وخالد ناجي قد أفتتحا عيادة خصص عدد من أيام الأسبوع فيها لمعالجة الفقراء مجانا .
بعد كل ما تقدم في هذه الكتابة , كان الكثير من العراقيين يشكون غلاء أجور العمليات في المستشفيات الخاصة العراقية وأجور الأطباء في ذلك الوقت حيث لا تزيد أجرة أي عملية فوق الكبرى عن ما يعادل الألف دولار حاليا مع أجور المستشفى والتخدير !!!!!
وها نحن نندم كعراقيين على ما فات كالعادة !!! حيث أرى معظم العراقيين اليوم يشكون من الأجور المرتفعة للتطبيب داخل وخارج العراق , أما المرضى في الدول المتقدمة وللذين لا يملكون تأمينا طبيا فليس لهم سوى الدعاء بالشفاء العاجل !! حيث تناقشت مع أحد الأطباء في الولايات المتحدة حول النظام الطبي الذي كان في العراق , وضربت له مثلا ( أن الأستاذ الدكتور سعد الوتري كان يقوم بأجراء جراحات الدماغ والجملة العصبية فوق الكبرى لمريض دفع 25 فلسا , هو أجور الباص(pass - بطاقة المراجعة , ودون دفع أي أجور أخرى ) مما جعله يتعجب ( همزين متخبل ) , كون هذه العملية تكلف ما يقارب المليون دولار في أميركا !!!!!!!!!
في النهاية أرجو الرحمة من الرحمن الرحيم لكل الأطباء العراقيين الراحلين وأهل التمريض كافة, وطول العمر والصحة والأستقرار للباقين ,,, وتحية الى كل الجنود المجهولين الذين بقوا يقدمون خدماتهم لأهلهم داخل العراق لحد هذا اليوم رغم الصعوبات والمعوقات ,, ,و الرحمة لكل الأطباء الشهداء الذين لم يبخلوا بدمائهم الزكية على البلاد .
كل الشكر والتقدير لموقع الگاردينيا العراقي الموقر المميز .
801 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع