من زيورخ السويسرية الى السليمانيه / الحلقة الأولى
من فضائل الأعمال التي يقوم بها الأنسان تفقد صلة الرحم ،وبمفهومها العلمي هم الأهل ،الأقارب ،وزيارة الاصدقاء المقربين ،وتفقد صغيرهم وكبيرهم ،والمرضى منهم ،وهي واجب إنساني ،إجتماعي …الخ
وهنا أود القول لأخوتي وإخواتي القراء ،مهما يكن العيش في أجمل البلدان كما أنا حاليا في سويسرا التي أطلق عليها اسم عروس اوربا ،لجمالها ،طبيعتها ،عذوبة مائها ونقاوة هوائها ، بلد الشكولاته ،والساعات حيث المتانة والجمال والدقة المتناهيه ،كل هذه المتعة المتوفرة في سويسراً التي أحسد عليها ،لكن الذاكرة تبقى معي ماثلة في أعماق قلبي ، ذاكرة الآباء والأجداد ،ذاكرة مجتمع عشت فيه أحلى ذكريات طفولتي ،شبابي ،يربطني فيها تاريخ واحداث لم أجدها في بلد الساعات السويسرية رغم ماذكرته من الصفات الجميلة …كل واحد منا يعتز بمكان ولد فيه ،حتى العصافير ،وطيور الحب ،أما طيور الزاجل فلها شأن مختلف ،فأينما ذهبت بها تعود لمكان ولادتها ، وغالبا مانطلق على أنفسنا نحن العراقين طيور الزاجل أو كما تسمى بالعامية (طيور جلد) …
من هنا وددت أن أعطي للقارىء الكريم موجزا ليس بغريب لكون عموم العراقين إما أن كان مهاجرا خلف الحدود ،او مهجراً داخل الحدود …
بعد خمس سنوات قررت السفر الى السليمانية لأكحل عيناي بأهلي وأحبتي والأهم بجبل (پيرمگرون) الشامخ عبر العصور والذي لا يغيب عن مخيلتي، وكيف يغيب ومنذ ان فتحت عيناي اراه أمامي وأتغزل به و أعتبره بمثابة الأب الروحي لي ولعشيرتي وأهلي.
كثيرة هي المفاجآت أهمها عندما حطت الطائرة مطار أربيل ودون أية مقدمات انحيت وبالتالي قمت بطبع قبلة على ارض المطار وأحمرت عيناي والدموع باتت تتساقط من غير توقف.
كيف لا أقبل أرضي وترابي وتراب وطني من تراب الجنة!!.
كان عدد من الأخوة وأولاد العم في استقبالي خارج أسوار المطار فكانت فرحة لا توصف وعقارب الساعة تشير الى الرابعة صباحا.
سلكنا طريق جديد غير طريق أربيل - كركوك ، ولا طريق كويسنجق.
الطريق الأخر عبر منطقة( سماقولي) حيث المناظر الخلابة على جانبي الطريق من المزارع والأنهار و الأبنية الجميلة حيث شيدت بأعلى درجات الذوق والقرميد الأحمر وقد أزداد جمالا كونها تقع وسط الأشجار المثمرة.
منذ الصباح الباكر كانت هناك سيارات حمل صغيرة لبيع( الرقي والبطيخ والخيار) .
قبل الذهاب الى البيت
بعد وصولنا الى السليمانية قرر الشباب أن نتاول( الفشافيش) عند أشهر من يقدم هذه الأكلة وهو ( أحمد گوله) والذي لايزال في نفس مكانه منذ عقود وعقود.
تناولنا أسياخ (المعلاك و الحلولو والقلب) مع طاسات من اللبن والطماطة المشوية و البصل الأخضر.
كانت الذ وجبة تناولتها بعد سنوات وسنوات ، بعدها لابد من أستكان شاي أمهيل والمخدر على الفحم.
كانت لحظات جميلة وكنت أرى الفرحة على وجوه الجميع والتي لم يستطيعوا أخفائها.
زيارة مسقط رأسي قرية چرمگا
بعد أيام من الأستراحة وأستقبال المئات من الأهل وألاصدقاء كان لابد من زيارة الأهل والعشيرة في قريتنا
وصادف يوم الجمعة حيث أدينا صلاة الجماعة خلف أمام المسجد الشيخ الشاب (كاروخ) خريج كلية الشريعة والذي أبهرنا بصوته الجميل و خطبته الرائعة عن مكارم ومحاسن ديننا الأسلامي الحنيف.
بعد الصلاة كانت هنالك وليمة كبيرة في دار ابن عمتي والشخصية الأجتماعية الكبيرة ( كويخا جمال) حيث شاركنا عدد من الأقارب وكانت لحظات جميلة حيث ذكريات الطفولة من أيام ذلك الزمن الجميل.
زيارة ثانية
كانت بدعوة من عدد من الأقرباء في مقدمتهم ( بهروز خسرو) حيث كان الكرم واضحا خلال الأستقبال والمائدة التي أعدت في ظهيرة ذلك اليوم.
الكهرباء في القرى أفضل من المدن حيث قلة المواد الكهربائية من مكيفات و غيرها ، لذلك كانت أوقات بعيدة عن حرارة شهر تموز.
أسواق السليمانية
لم أقصر في التجول في أغلبية الأسواق والمحلات القديمة فكانت أوقات رائعة حيث أمتزجت الذكريات والفرح وللأسف كانت تمر بسرعة البرق.
كباب و كفتة السليمانية
كفتة السليمانية (كبة السليمانية) تعمل من مزيج من الرز واللحم المثروم وتحشى با اللحم والكشمش و اللوز.
الوليمة الأولى كانت عند أحد أقربائي( كاك عبد القادر) حيث كانت زوجته الأخت( گولاله خان) قد أبدعت في صناعة وطبخ أروع والذ كفتة.
كنت حريصا جداً على تناول الكباب لكون هذه الأكلة من أشهر الأكلات في السليمانية وألمهم هناك مئات المطاعم بهذه الأكلة، وبيني وبينكم (لعبت لعبتي) و تقريباً أكتفيت في تلك الفترة.
نكتة جميلة داخل المطعم
كنت برفقة شقيقي (أبو علي) في مطعم(حم) لكونه من المطاعم الشهيرة بالأخص في تقديم الكباب والخبز الحار.
جاء النادل وطلب منا ما نريد ، فطلبت (نفر كباب) ، لاحظت التعجب على وجهه فعرفت أنه كثير وحينها سألته عن حجم الشيش ، فكان رده انه بحدود 30 سنتمر.
لذلك قررت أن يجلب لي ثلاثة اشياش ، وعند تقديهما رأيت العجب لكونه كثير جداً ولا يمكنني تناوله في وجبة واحدة.
بعد أن تناولنا الوجبة أخبرني شقيقي بأنه كان من المفروض ان يخبرني بحجم الشيش في هذه المطاعم ، ولكنه كان لابد أن أكشف الحقيقة بنفسي !!.
لو خُليت قُلبت!!
قادتني الصدفة الى أحد المواطنين ويدعى( فاضل چاومار) محله في احدى الأسواق بالقرب من الجامع الكبير.
هذا الرجل السبعيني نذر نفسه لخدمة الناس ، حيث أجر محلاً وكوم فيه الملابس القديمة ( البالات) ويقدمها مجاناً للفقراء.
أستغربت جداً حين علمت بأنه يشتري الملابس ومن جيبه وكذلك ايجار المحل!!.
الرجل ليس ميسور الحال بل متقاعد ولكنه غني النفس و يحترمه الجميع.
تمثال لوزير الداخلية الأسبق المرحوم/ سعيد قزاز على سطح بناية في شارع بيره ميرد
عدد من شباب العشيرة
مع ابن شقيقتي (محمد ) وهو من التلاميذ المتوفقين.. نشكر الله
ملاحظة: هنالك حلقات اخرى بأذنه تعالى.
465 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع