بالفيديو / الأديب الراحل طه حسين في لقاء تلفزيوني نادر

    

وثيقة تلفزيونية الأديب الراحل طه حسين في لقاء تلفزيوني نادر:
اللغة الفصحى هي الطريقة الوحيدة إلى تحقيق الوحدة بين الأمم العربية.

 

                

                  إعداد: لحسن وريغ

        

             

استضافت الإعلامية المصرية "ليلى رستم" في برنامجها الشهير "نجمك المفضل" الذي بثه التلفزيون المصري ذات زمان، عميد الأدب العربي طه حسين إلى جانب نخبة من أسماء المشهد الثقافي المصري أنذاك: نجيب محفوظ،  يوسف السباعي، عبد الرحمن بدوي، ثروت أباظة ، عبد الرحن صدقي،  عبد الرحمان الشرقاوي ، أمين العالم ، أنيس منصور،  كمال زهيري وأمين يوسف غراب.. 

وقد جرى النقاش حول  الكتابة بالعربية الفصحى أو العامية. الراحل طه الحسين كان واضحا وحاسما في أن أداته في الإبداع والتنظير هي اللغة العربية الفصحى،ولم يساير حركة دعاة العامية التي تعبأ لها المستشرقون والمستغربون .وفي تعليقها على هذا اللقاء التلفزيوني الممتع والمفيد، قالت ليلى رستم:« أبهرنى طه حسين الذى أعتقد أنه لم يقل الكثير مما كان يفكر فيه، فما قاله أقل بكثير مما كان يدور فى داخله

« نجمك المفضل» برنامج تلفزيوني من إعداد مفيد فوزي.  استمر ثلاث سنوات، قدمت خلاله ليلى رستم 150 حلقة مع كبار الممثلين والأدباء والشعراء من بينهم: محمد عبد الوهاب، إحسان عبد القدوس، عبد الحليم حافظ، فريد شوقي، نجيب محفوظ، مصطفى أمين وعلي أمين…]

وفي ما يلي التسجيل الكامل لهذا اللقاء التلفزيوني النادر الذي ننشره [بالعامية المصرية والعربية الفصحى] تعميما للفائدة والمتعة.

* ليلى رستم: عشان منتعبكش يا أفندم، نبتدإ بالأسئلة مباشرة..  وأعتقد أن أول السائلين يوسف السباعي…

*يوسف السباعي : السؤال الذي كنت أريد أن أوجه إلى الأستاذ طه حسين عن قضية اللغة الفصحى واللغة العامية. في الواقع، المعركة بين الفصحى والعامية طول عمرها موجودة.. يعني الدكتور طه كان دائما يوجه لنا اللوم بأننا نكتب بالعامية.. ورغم ذلك كان يعجب بكتبنا.. وما كانش فيه خصومة.. ذي الوقتي أن شايف أن الخصومة بين الفصحى والعامية وصلت لحد تبادل التهم السياسية.. كنت عايز أسأل رأي الدكتور طه في الموضوع  اللغة الفصحى والعامية ؟ ، وإيه ورأيه في الحد الذي وصلت إليه المناقشة؟

** لا تخف يا سيدي.. فلا يستطيع أحد أن يتهمك بالشيوعي [يوسف السباعي يضحك]..لاأنت ولا كثير من إخواننا الذين يكتبون أحيانا بالعامية الصرف وأحيانا بمزاج من العامية و الفصحى.. وأنت من هؤلاء، لأنك لا تكتب باللغة العامية الخالصة ولا باللغة الفصحى الخالصة، وإنما بمزاج من اللغتين في أكثر الكتب.   [ليلى رستم تحاول أن تقاطع جواب طه حسين، لكنها تركته يتابع…] ما زلت إلى الآن من أنصار الفصحى ومن خصوم العامية. وليس معنى هذه الخصومة أني لاأحب أن تدخل جملة أو جمل قليلة في كتاب من الكتب باللغة العامية، وإنما الذي أكرهه هو أن تكون الكتابة كلها باللغة العامية، وأنتم بدل اللغة الفصحى،وأن تنبذ اللغة الفصحى نبذا تاما. *يوسف السباعي: هل تحديد الجمل.. عدد الجمل.. لو كان تحديدا موضوعيا بالنسبة للحوار.. و يعني بالنسبة لحوار الأشخاص…[طه حسين يتدخل مقاطعا يوسف السباعي]

** إنما أحيانا فيه جمل معينة إذا أديت بالفصحى لن تؤدي الغرض الطبيعي الذي يطلبه المتكلم . فهنا تستعمل بعض الألفاظ أو بعض المصطلحات العامية، لكن لا أحب أن يكون كل الحوار بالعامية..

*يوسف السباعي: لأي حد ندي له تصريح ممكن للواحد يتجاوزه.. ويعتبره تصريحا ممكن.. بدل جملة جملتين.. وبدل جملتين أربعة…

** أنا لا أقصد الجمل.. [ الجميع يضحك على ذلك]

*ليلى رستم:على العموم، واضح أوي دكتور طه حسين .. عندما تكون الكلمة أو الجملة العامية خير من الجملة الفصحى في التعبير عن الشخصية… [طه حسين يلتفت إلى ليلى رستم مقاطعا]: عندما تلزم..

* ليلى رستم: عندما تلزم.. إذن نستعلمها.. * طه حسين : و هذا مظهر قديم جدا.. يعنى أن الجاحظ تكلم عن استعمال الألفاظ العامية في القرن الثالث للهجرة. فقال إن هذا لا بأس به إذا احتيج إليه.. ولكن بشرط ألا تكتب مباشرة ودائما باللغة العامية. * ليلى رستم: بالمناسبة، وبما أن السائل هو يوسف السباعي.. سيادتك، أظن أنك أقريت أن «السقا مات»، وهي إحدى أعمال الأستاذ يوسف السباعي، يمكن أن تترجم.. [كاميرا البرنامج تتوقف عند وجه الكاتب والروائي نجيب محفوظ الذي يستمع بإمعان لطه حسين خاصة و أن السؤال يتعلق بكتابة الرواية]

* طه حسين :  أحسن من غيري من رواياتي..  وتستحق أن تنقل إلى اللغات الأجنبية. ولكن ليست مكتوبة باللغة العامية من أولها إلى آخرها، وإنما تشيع فيها اللغة العامية أحيانا.

**  ليلى رستم: على ذكر العامية، أو  قضية اللغة العامية والفصحى.. هي قضية قديمة وناقشها الأدباء منذ عشرات السنين. و أظن أنه حول هذه القضية، الأستاذ كمال الزهيري كان عايز يوجه سؤالا... * كامل زهيري : يلاحظ الذين يؤرخون لمعارك الأدب فيما مضى، أن هذه القضية قد أثيرت من قبل.. وقد انقسم الأدباء بين مدافع عن العامية و مدافع عن الفصحى.. فهل تعتقدون أن ما يثار الآن حولها هو في الحق قضية تشبه القضايا المزيفة؟ ** طه حسين: ليست مزيفة مطلقا.. اللغة الفصحى هي الطريقة الوحيدة إلى تحقيق الوحدة بين الأمم العربية. إذا كتبت بالفصحى فهمك العرب جميعا من المحيط إلى الخليج، كما يقال.. وإذا كتبت بالعامية، لن يفهمك إلا عامة المصريين.. والفصحاء، أو أنصار الفصحى، يفهمون العامية لكن يضيقون بها أشد الضيق.. مثلا إذا كتبت باللغة العامية[المصرية]،العراقي لا يستطيع أن يفهمك، والمغربي لا يستطيع أن يفهمك.. وإذا كتب المغربي بلغته، فلن نستطيع نحن أن نفهمه.[مرة أخرى يبتسم الراحل نجيب محفوظ وهو ينظر إلى طه حسين]… ولا أنسى عندما زرت المغرب الأقصى، وكان المرحوم محمد الخامس قد استقبلني وكان يحدثني، ويقول في الحديث إنه مسرور جدا.. يريد أن يقول إنه مسرور جدا من موقف مصر بالقياس إلى استقلال المغرب. فكان التعبير: «نحن مسرورون من الموقف دْيَالْكُمْ أمام قضية الاستقلال».. [ هذه الجملة جعلت كل الحاضرين يرسخون نظراتهم تجاه المتحدث طه حسين]… فَدْيَالْكُمْ هذه، لم أفهمها إلا فيما بعد بعد أن سألت عنها.. بعدما خرجت من عند الملك.. وسألت بعض إخواننا؛ وأظن أني سألت الأستاذ[ لم يتذكر طه حسين اسمه]… مستشارنا الثقافي في ذلك الوقت، فهو الذي فسرها لي.. وكنت أتنذر بها طول إقامتي في المغرب..  ولا أنسى عندما بدأنا نسافر من  المغرب وركبنا السفينة، وتركنا المودعون، كلمتهم من بعيد فقلت لهم: وجهوا التحية مني إلا البلاد دْيَالْكُمْ [الجميع يبتسم بما في ذلك طه حسين نفسه].. فضحكوا.. وضحكنا.

أعده للنشر: لحسن وريغ

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

934 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع