محاضرة جغرافية كردستان / ثانيا

     

        محاضرة جغرافية كردستان(2)

     

                     


          الفريق الركن الدكتور عبد العزيز المفتي

       

أقول مأثورة عن الكرد
* من أقوال الزعيم الهندي (جواهر لال نهرو) قال:
[أستغرب كيف أن الأتراك الذين ناضلوا من أجل حريتهم يقمعون بهذه الوحشية؟ الشعب الكردي الذي يناضل من أجل الهدف نفسه ـ أي الحرية ... كما هو غريب أن تتحول قومية أعلنت احترامها لحقوق الإنسان إلى قومية عدوانية بهذا الشكل ... وأن يتحول نضالها من أجل الحرية إلى محاولة لاستبعاد الآخرين .... ونسمع عن المآسي التي يتعرض لها الشعب الكردي الذي استقر في عدة دول، ولم تتيح له الظروف التاريخية أو السياسية تشكيل دولة تضم قوميته (الكردية)]
جواهر لال نهرو
* [وهكذا فالأتراك الذين لم يمض إلا وقت قصير على كفاحهم من أجل حريتهم عمدو إلى سحق الكرد الذين سعوا بدورهم إلى نيل حريتهم. ومن الغريب كيف تنقلب القومية المدافعة إلى قومية معتدية، ويتغلب الكفاح من أجل الحرية إلى كفاح من أجل التحكم بالآخرين. ففي عام 1929 نشبت ثورة أخرى عند الكرد. إلا أنها سحقت من جديد، مؤقتاً على الأقل. ولكن كيف يسمح أحداً أن يسحق شعباً يصر على نيل حريته وحقوقه القومية وهو على استعداد لدفع ثمنها ...]
جواهر لال نهرو
* وصف الكاتب التركي س. أوستونغل:
[نشاهد القرويين عائدين من مراكز الشرطة والجندرمة وهم على قيد الحياة رغم أن الكثير منهم كانوا مثخنين بالجراح، أما بالقسوة تجاه الشعب الكردي فقد فاق الكماليون السلاطين العثمانيين. المخضبة أيديهم بالدم الكردي. إنهم يثقفون بالقسوة التي ينتهجونها إزاء الأكراد والأقليات الأخرى. التي يحاولون تتريكها بالقوة. لقد أرحلوا القبائل الكردية عن أوطانهم وهم يجهزون على الكرد بالجملة، مثلما فعلوا بالأرمن تماماً..... ].
وصف الكاتب التركي س. أوستونغل
 * نلسون مانديلا:
[سأل أحد الصحفيين السيد نلسون مانديلا عن سبب رفضه لجائزة أتاتورك ... قال مانديلا: (حاول أن تكون كردياً ساعة واحدة ثم أخبرني عن شعورك وستعلم لماذا رفضت جائزة أتاتورك) ]
نلسون مانديلا
* من أقوال الدكتور عبد الرحمن البزاز رئيس وزراء العراق الأسبق( ):
1- (إن القضية الكردية هي مشكلة العراق الأساسية المرتبطة بوجودهُ، ولن يتأتى له الاستقرار إلا إذا حلها حلاً عادلاً ينصف الأطراف المعنية كلها، فتتحقق نتيجة ذلك وحدة الشعب الكردي).
من كتابه (العراق من الاحتلال إلى الاستقلال)
2- (القضية الكردية ليست وليدة فترة زمنية متأخرة أو حصيلة وضع سياسي معين، أو نتيجة تحريض شخص أو بضع أشخاص، كما يتوهم بعض العراقيين اليوم، وإن تأكيد هذا الأمر أصبح في الوقت الحاضر ضرورياً لأن بعض المسؤولين لم يدركوا بعد حقيقة هذه المشكلة الكردية في العراق، ولم يتح لهم أن يسبروا عمق أغوارها).
من كتابه (العراق من الاحتلال إلى الاستقلال)
3- (الشعب الكردي لا يريد الانفصال ولا يريد إلا الحفاظ على وجوده، ونحن مستعدون أن نعترف بالوجود الكردي وأن نعترف بالذاتية الكردية كقومية متميزة لها لغتها وتراثها وأمجادها، ومن حقهم الحفاظ عليها).
في 15/6/1966م (ندوة تلفزيونية)
* الدكتور (الطبيب) فهمي الشناوي:
في كتابه (الكرد يتامى المسلمين أم ضحاياهم)
1-إن الأكراد هم يتامى المسلمين، وأنّ ثرواتهم الطائلة قد قام عليها إخوتهم المسلمون الآخرون، ونهبوها لأنفسهم دون الوريث المستحق الأصلي (ص8).
2-الأكراد الخمسة والثلاثون مليوناً يملكون منابع أنهار الشرق الأوسط، ويملكون معظم نفط هذه البلدان، يملكونه أصلاً، ولكنهم محرومون منه فعلاً. يملكون المياه والنفط ولكن ملكياتهم منهوبة عند إخوانهم وجيرانهم (ص41).
3-وأقصى ما وصل إليه وازعٌ ضمير المغتصب، هو أن يعطي الأكراد في مناطقهم ما يشبه (الحكم الذاتي ...) ولكن لا يتمتّع صاحب هذا الحكم الذاتي برسم السياسة، أو الاشتراك في الحكم، ولا توجيه الدولة حرباً ولا سلماً ولا تفاوضاً مع الأجنبي بأي حال، لأنه غير مؤتمن على الدولة، فوضعهم مثلُ وضع عرب فلسطين تحت الحكم الإسرائيلي (ص15).
4-"الحكم الذاتي ما هو إلا رقّ واسترقاق سياسي" (ص16).
5-"كل من حول الأكراد يتباهى بالوطنية صباح مساء، ويجعل منها أيديولوجيا، ويتغنى بتراب الوطن، ويتشدّق بالموت في سبيل الوطن، حتى إذا طلب الأخ الكردي أن يكون له وطن مثلهم لا أكثر ولا أقل، أنكروا عليه ذلك، واعتبروه معتدياً على ما في يدهم" (ص20).
6-فالقومية العربية لا تكفُّ عن التباهي والتفاخر، ولها مؤسساتها، سواء فاشلة أو ناجحة، ويجعل زعماؤها منها ديناً مقدساً، ... فإذا طلب الأكراد أن يكون لهم قومية استنكروا فهم هذا (ص21).
*صدام حسين:
[كردستان جنة الله على الأرض].
صدام حسين
* نزار بابان (كاتب ومناضل كردي):
[كردستان جنة الله وجحيم أمة].    
نزار بابان

                       
 
محاضرة جغرافية كردستان

* حدود العراق الجغرافية والتاريخية
احتلت الدولة العثمانية في القرن السادس عشر الجزء الأكبر من البلاد الكردية مما يطلق عليه الآن تعبير كردستان الشمالية التي تحكمها الآن تركية وكردستان الجنوبية التي تحت سيطرة العراق كما احتلت في أوج قوتها البلدان العربية من العراق حتى اليمن والجزائر ونتيجة انتصار بريطانيا والدول الحليفة لها في الحرب العالمية الأولى تحرر العرب وأسست بريطانيا وفرنسا لهم دولا عديدة ونشرتا بينهم حضارة الغرب ولكنهما وخاصة بريطانيا أجرمت بحق هذا الشعب الكردي المستعبد وزادت في الطين بلة عندما ألحقت كردستان الجنوبية بالدولة العراقية الحديثة رغم الاحتجاجات الكردية ورغم ثورات الزعيم الكردي الشيخ محمود الحفيد والشيخ أحمد البارزاني كما ألحقت فرنسا جزءاً آخر من البلاد الكردية بدولة سورية وهكذا أصبحت كردستان مقسمة بين أربع دول بينما كانت مقسمة قبل الحرب العالمية الأولى بين الدولة العثمانية والدولة الفارسية الإيرانية فقط.
لقد قسمت الدولة العباسية إمبراطوريتها الواسعة إداريا إلى أقاليم منها وأهمها (إقليم العراق مركز الدولة ومنها إقليم الجزيرة وإقليم الجبل وإقليم أذربيجان وإقليم الشام) ... وكان هذا التقسيم للأقاليم موجودا قبل الإسلام وكانت كردستان الجنوبية في العهد العباسي مقسمة إلى ثلاثة أقاليم وهي: (العراق والجزيرة وإقليم الجبل) وكانت المنطقة الكردية الممتدة من جبل حمرين حتى حلوان (ألوان – درتنك – زهاب – زهاو) قد ألحقت بالعراق من الناحية المالية فقط حيث كان خراجها يجبى من قبل إقليم العراق ويضاف إلى ماليته وكانت تشمل مدن خانقين (أرتميتا في العهد السلوقي) وقصر شيرين وحلوان والمدينتان الأخيرتان أصبحت حاليا ضمن الدولة الإيرانية وان هذا الإلحاق كان يقدر بحوالي قرن ونصف من العهد العباسي إلى وقت ما من القرن الثالث الهجري (القرن التاسع الميلادي) ثم فصلت هذه المنطقة من العراق وضمنت إلى (إقليم الجبل) أما منطقة باجرمى (بيت كرماي – بالكردية كه رميان). التي مركزها مدينة كرخ سلوخ أي مدينة (كركوك) الواقعة بين نهر الزاب الصغير ونهر سيروان ثم نهر ديالى (نهر تامرا) فكانت مع منطقة (حزّة – حدياب) أي منطقة أربيل الواقعة بين الزابين أي الزاب الصغير والزاب الكبير ومنطقة شهروزور عنها في عهد هارون الرشيد (786-809م) واعتبرت منطقة مستقلة برأسها بينما ظلت منطقتا باجرمى وحزه تابعتين لإقليم الجزيرة ولم تكونا في وقت ما ضمن إقليم العراق كما لم تصل حدود العراق إلى جبل حمرين (جبل بارما) من ابتدائه إلى نهر ديالى على ما سنذكر تفاصيل هذه الحقيقة وكوسيلة لتوضيح هذا ندرج هنا خارطة العراق في العهد العباسي مأخوذة من (الدليل الجغرافي العراقي) للدكتور أحمد سوسة حيث تشاهد فيها كركوك وداقوقا خارجتين عن إقليم العراق وداخلتين ضمن إقليم الجزيرة.
هذا وفي النصف الثاني من القرن العاشر الميلادي انفصلت منطقة كركوك حتى الزاب الصغير عن إقليم الجزيرة وعن الموصل بالذات ودخلت مع مندلى تحت الحكم الكردي المباشر مدة حوالي قرن ونصف حيث دخلت ضمن الدولة الحسنويهية الكردية التي تأسست في سنة (344هـ - 955م) ودامت إلى سنة (406هـ -1015م) وكانت عاصمتها (مدينة دينور) وكانت بلادها تمتد من الزاب الصغير إلى حدود همدان ومن حدود أذربيجان شمالا إلى حدود الأهواز جنوبا ثم دخلت تحت سلطة دولة بني عناز الكردية التي تأسست سنة 406هـ أو قبيلها ودامت حتى سنة (500هـ/1107م) أو بعيدها وكانت (حلوان) عاصمتها وكانت تحكم البلاد التي حكمتها الدولة الحسنويهية الكردية بصورة عامة وبضمنها (خانقين ومندلي) كما كانت منطقة (شهربان وبلدروز) ضمن الدولة العنازية الكردية. وكان سكانهما من الأكراد على ما سنذكره مفصلا ولما كانت مدينة كركوك الكردية تابعة للموصل خاصة في (العهد الحمداني) فإن (الدولة العقيلية) التي تأسست في الموصل على أنقاض الدولة الحمدانية سنة (381هـ/991م) كانت تنازع الدولة الحسنويهية والعنازية الكرديتين عليها وكانت تابعة للدولة العنازية حتى وفاة الأمير سرخاب بن بدر العنازي سنة (500هـ/1107م) ولم يكن التركمان السلاجقة موجودين في كركوك حتى هذا التاريخ.
لقد حدد البلدانيون أي الجغرافيون العرب والمسلمون الذين عاش معظمهم في العهد العباسي إقليم العراق حدوده الإدارية ووضعوا له الخرائط في مؤلفاتهم فقال البلخي (احمد بن سهل المتوفي عام 322هـ/934م) "وأما العراق فحدها في الطول من حد تكريت إلى عبادان على بحر فارس (الخليج العربي) وفي العرض عند بغداد من قادسية الكوفة إلى حلوان".
أي أن حدوده عبرت جبل حمرين من جهة خانقين وشملت خانقين وقصر شيرين إلى مدينة – حلوان (زهاب – زهاو) والمدينتان الأخيرتان تقعان الآن في كردستان إيران وكانتا تقعان على الطريق الملكي أو (طريق الحرير)( ) إلى إيران وخراسان (أفغانستان) وقد رسم البلخي خارطته لإقليم العراق (صورة العراق) موقع خمس مدن في شرق بغداد لاشك أن الثانية هي جلولاء القديمة الواقعة بقرب حمرين (خلف شهربان) والثالثة – هي خانقين والرابعة قصر شيرين والخامسة مدينة حلوان أما الأولى فلعلها الدسكرة (زيندان) الواقعة في جنوب شرقي (شهربان) وأدمج البعض بين الدسكرة وجلولاء وهو خطأ وهناك صورة خارطة البلخي على ما في (العراق في الخوارط القديمة للدكتور أحمد سوسة كما أخذ منه باقي الخرائط ما عدا خارطتين لابن حوقل) وأخذ تلك الخرائط من النسخ الخطية من مؤلفاتهم وتم نشرها.
أما الأصطخري (أبو اسحق إبراهيم بن محمد الفارسي) المعاصر لـ (البلخي) فقال بصدد تحديد العراق في (المسالك والممالك ص 78) ما نصه:
"وأما العراق فحدها في الطول من حد تكريت إلى عبادان على بحر (الخليج العربي) وفي العرض عند بغداد من قادسية الكوفة إلى حلوان ... والذي يطوف بحدودها من تكريت مما يلـي المشرق حتى يجوز بحدود شهرزور ثم يطوف على حدود حلوان وحدود سيروان والصميرة وحدود الطيب وحدود السوس (الشوش) حتى ينتهي إلى حدود جُبى ثم إلى البحر ..."( ).
رسم الأصطخري خارطة لإقليم العراق (صورة العراق) ورسم فيها مع ما رسم موقع جلولاء القديمة الواقعة عند جبل حمرين جنوبا لا شمالا خلف شهربان وعند موقع المنصورية – (الصدور الحالية) على نهر ديالى( ) وهي جلولاء (بفتح الجيم وضم اللام) التي حدثت فيها المعركة الشهيرة بين الفرس والعرب المسلمين وكان الفرس قد حصنوا معسكرهم بالأسلاك الشائكة (حسك) وذلك سنة (16هـ/637م) واعتبر اليعقوبي في القرن التاسع الميلادي في كتاب البلدان ص 34 جلولاء – أول الجبال أي انه أدخلها ضمن جبال كردستان.
حدد ابن حوقل (محمد بن علي الذي أصله من مدينة نصيبين) إقليم العراق: في كتابه (صورة الأرض ص208) وقد فرغ من تأليفه سنة (372هـ/982م) بما يلي:
"وأما العراق فإنه في الطول من حد تكريت إلى عبادان وعرضه من القادسية على الكوفة وبغداد إلى حلوان، أما حسب خارطته فإنه وسع العراق إلى دقوقا – داقوقا) حتى يجوز بحدود سهرورد وشهرزور ثم يمر على حدود حلوان وحدود سيروان والصميرة وحدود الطيب والسوس (الشوش) حتى ينتهي إلى حدود جُبى ثم إلى البحر ..." علما أننا لم نعلم بوجود مكان ما باسم سهرورد في منطقة كركوك حتى حلوان وأما سهرورد الشهيرة فإنها تقع في كردستان إيران بين همدان وزنجان( ) علما أن سكان سهرورد وكذلك (روذراور) كانوا من الأكراد.
أما دقوقا الواقعة على طريق كركوك – طوز (توز) فقال ابن جزداذبه أنها تقع ضمن منطقة كركوك (باجرمى) التابعة للموصل أي إقليم الجزيرة كما سنذكرها وكانت ناحية من قضاء طوز (توز) من محافظة كركوك وبينها وبين كركوك (37 كم) وأدخلها ضمن إقليم الجزيرة وكذلك ابن الفقيه الهمداني وإن ابن حوقل قد خطأ بصدد دقوقا وسهرورد. أما المقدسي فلم يكتب في أحسن التقاسيم بخصوص الحد الجغرافي للعراق تعريفا محددا موجزا وإنما حدد كورها وطساسيجها ولكنه وضع للعراق خارطة يعلم منها أن العراق يبدأ من شمال تكريت إلى عبادان على الخليج العربي طولا ومن الكوفة إلى حلوان عرضا.
لقد حدد ابن الفقيه الهمداني (أحمد بن محمد) من جغرافيي القرن العاشر الميلادي أيضا حدود العراق في كتاب البلدان ص 162 حيث قال "والعراق في الطول من عانة إلى البصرة".
أما الجيهاني (أحمد بن محمد بن نصر الساماني) من جغرافيي القرن العاشر الميلادي أيضا فقد وضع للعراق خارطة وهو يمتد من تكريت شمالا إلى الأبلة وعبادان جنوبا وعرضها من حدود الحيرة إلى قصر شيرين.
أما ابن سعيد المغربي فرسم أيضا خارطة العراق وهو يمتد من شمال تكريت إلى منطقة شرقاط جنوبي الموصل وانفرد في خط الحدود إلى ما وراء داقوق بكثير حيث خالف كافة الجغرافيين الذين ذكرناهم وفي خارطته أخطاء أخرى مثل تحديد موقع مدينة بعقوبة في شرق واسط (كوت) ومدينة حلوان في جنوبها الشرقي بكثير على ما تشاهد من صورها.
في (دليل الجمهورية العراقية ص 67) الذي صدر بقرار رسمي من مجلس الوزراء العراقي وبإشراف وزارة الإرشاد بتاريخ 1962 والذي كلف بتأليفه العلامة الدكتور مصطفى جواد كبير علماء العراق والدكتور احمد سوسة ومحمود فهمي درويش – جاء بخصوص التحديد الجغرافي والتاريخي لمصطلح السواد والعراق ما يلي:
"أطلق الأقدمون اسم السواد أو العراق أو أرض بابل على المنطقة الرسوبية العظيمة التي تؤلف العراق الجنوبي وأرض الأهواز وهي سهل مستطيل الشكل يمتد طوله من الشمال إلى الجنوب ويتراوح عرضه بين 160-200 ميل ويحد هذا الشكل من الشمال خط وهمي يمتد ما بين الفلوجة على نهر الفرات وشمال بلد على دجلة ثم امتداده إلى الجانبين حتى يتصل بجبال حمرين من جانب وبادية السماوة (منطقة الحياد) من الجانب الآخر ويحد من الشرق جبل حمرين وجبال بشتكوه وجبال البختيارية إلى نقطة ما بين نهر هنديان وبند دليم..."؟
هكذا نعلم مما جاء في هذا الدليل الرسمي للعراق والمعترف به من قبل الحكومة العراقية أن سلسلة حمرين هي الخط الفاصل بين العراق وكردستان الجنوبية بقدر طولها من نهر دجلة إلى الحدود العراقية الإيرانية بالقرب مندلى بطول حوالي (250 كم).

     
 
* من الأسطورة إلى التاريخ
استناداً لرأي موريير Morier كان سكان منطقة (ديـما فاند Dema Vend) حتى أوائل القرن التاسع عشر يحتفلون بعيدهم الوطني الذي ما زال يحتفل به حتى عصرنا هذا ويسمونه بعيد الكرد Alde Kurd، ويعني احتفالهم بذكرى انتصار (فريدون) على الطاغية (زحاك، ضحاك) أو (آزداهاك) ومعناها (الرجل ذو الرذائل العشرة) و(زحاك/ضحاك/ آزداهاك) هذا كان قد أتى من سورية وقاتل ضد الملك الأسطوري الشهير الفارسي (جمشيد Jamshid) وانتصر عليه، وحلّ مكانه على العرش ولكن زحاق/ضحاك هذا كان يعاني من عقاب الطبيعة الشريرة وينوء بالآلام المنبعثة باستمرار من جسمين برزا على كفتيه على هيئة الأفاعي، وعبثاً حاول أمهر الأطباء شفاء ذلك الرجل التعس بعد أن استنفذوا كل حيلة، وهنا تدخل الشيطان بدوره ليخفف عنه الألم فوصى بأن يواظب يومياً على تغذية الأفاعي البارزة على كتفه بأدمغة فتيان (شباب) بشرية من الرعية، وعلى هذا الشكل فقد هلك عدد كبير من الشباب الكرد (من الضحايا) البريئة.
في أحد الأيام قام الطباخان (كرمائيل وأرمائيل Karmail, Armail) اللذان كان عليهما إطعام آفات (أفاعي) زحاك / ضحاك البشعة بمغامرة، وبوحي من ضميرهما للإبقاء على حياة تلك الضحايا البريئة (شباب الأكرد) فقد  استعاضا عن الأدمغة البشرية بأدمغة خراف، ثم فرّ (من كان ينجو من الفتيان) مع غيرهم ممن بقي على قيد الحياة بين الجنسين إلى الجبال.
وبفعل مرور الزمن والتزاوج فقد أصبح هذا الشعب يعد من جدود الأكراد وقد لازموا الجبال حيث مارسوا الزراعة وتربية المواشي وكانوا رحلاً (لا يعرفون سكناً ثانياً لهم إذ كانوا يقيمون الخيام، ولم تكن قلوبهم تعرف مخافة الله).
في هذه الأثناء هزم (زحاك/ضحاك) على يد فريدون (Firidun) وسحب بالسلاسل حتى رأس جبل (دمافاندا Demavend) حيث مات ميتة بطيئة شنيعة على غرار (بردميثوس) شخصية خرافية كان يسرق النار من المساء وهذا ما جاء في (أسطورة الفردوسي) القصة وردت في (الشاهناما) أو (تاريخ ملوك الفرس).
ولكن ربما كانت هذه الرواية لا تعطي القناعة الكافية لأولئك الذين يعدونها صادقة جداً في ذكر أصل الأكراد. وقد ذهب بعض الكتاب العرب بعيداً بهذا الصدد فقالوا: (إن الأكراد هم فرع من الجن، وإن أصلهم معروف جداً. ودلوا على ذلك بما جاء عن الملك سليمان العظيم الذي كانت نفسه قد تأثرت جداً بالعادات والتقاليد الشرقية حتى أصبحت منها، وقد ترك كثيراً من آثار ملكه في كردستان، قرر ذات يوم أن يزيد عن عدد حريمهُ، فأرسل في طلب 400 من الفتيات الجميلات من الغرب وقد حدث أن اعترض نفر من الجن الفتيات أثناء الطريق واستولوا عليهن واعتدوا عليهن بناءً لأمر الجني الكبير (جسد Jasad) وعندما بلغت تلك الحادثة (الملك سليمان) أمر أن الفتيات مطرودات وغير جديرات بملكه. ونتيجة لمواصلة الجن للفتيات فقد أنجبن أولئك الأولاد الأكراد الرائعين.
وهناك (الإيتمولوجيا Etmology) التي تبحث في أصل الكلمة إذا اعتبرناها نجد أن بعض الكلمات هي أقرب ما تكون إلى الخيال. فأستناداً لكلمة GURD / كورد أي بطل بالفارسية، فالأكراد يمكن أن يكونوا (أبطالاً) أو ذئاباً من الكلمة الفارسية GURD أي ذئب، كل هذا لا يخرج عن كونه تخميناً بريئاً لا يعز بأحد إلا في عضو المجتمع العلمي السوفيتي (السيد مار Marr) تصور بوحي من أفكاره أن هناك صلة بين كلمة كورد Kurd وكلمة كورت Kurt الآمنية التي تبدو بأنها لها معنى كلمة Eunech (الذئاب) وعلى هذا الأساس يكون قد أحكم نظرية كاملة عن البيئة التي هي شكل من النظام الاجتماعي الذي يمكن أن يكون معروفاً لدى الأكراد. وبهذا يكون قد بالغ في تصوراته، ذلك بأن الأكراد إذا كانوا يفخرون بوصفهم بالأبطال ثم بالذئاب فهم قلما توجد مخلوقات سيئة الحظ مثلهم استناداً لقول الشاعر (جه كه ر خيون Cecerxwin) ومن المؤكد بأن هذه الترهات لا تنطبق عليهم أبداً ولا تنقصهم الصفات البشرية المحضة (توماس، بوا، تاريخ الأكراد، ص 19).
ثم إذا كانت الأساطير الشعبية وبحوث أصل الكلمة تشرح بعض مزايا الأكراد فهي لا تكفي لحل مشكلة معرفة أصلهم مطلقاً.

* التاريخ وعلم الآثار
هناك الشيء الوحيد الحقيقي وهي الأراضي التي يسكنها الأكراد اليوم وتسمى (كردستان) كانت تسكنها شعوب منذ القدم إذ يبرهن على ذلك ما استخرج من الحفريات التي أنجزت من قبل فرقة (من جامعة شيكاغو) خلال عام 1961م. منها (باردا بالكا/بردة بلكا Barda – Balka)، ومغارة شايندرا / شايندري Shanidar) بقرب (رواندوز) حيث تم اكتشاف اول هيكل عظيم لإنسان العصر الحجري في (كردستان العراق)، مما يثبت أن البلاد كانت آهلة من آلاف السنين، وفي مغارة هه زار ميرد (آلالف مارد) عثر على بقية أطعمة تركها السكان الأوائل، مثل عظام أرانب، ظباء، غزلان، ماعز، حمام، حجل بكميات كبيرة تعادل كمية عظام الحلزون Helix – salomonca) جمعت من أجل طعامهم اليومي.
وقرية (جارمو Jarmo) التي تقع في وادي جم جمال قرب السليمانية تعد أقدم قرية في الشرق الأوسط، ويحتمل أن تكون أحد الأماكن التي زرع فيها الرجل لأول مرة أنواع الحنطة والشعير، الحمص، العدس والشوفان، كانت تنمو أيضاً هناك وكذلك الكتان فقد كان يزرع منذ ثلاثة آلاف سنة قبل المسيح.
الفواكه بأنواعها والبندق بالإضافة إلى الزيتون واللوز والفستق والتين وحتى العنب تقدم في زراعته. أما الحيوانات فكانت تنمو بكثرة، البقرة والخنزير لم يكونا من النوع الأهلي وذلك منذ أكثر من 2500 سنة قبل المسيح. الأغنام كانت تربى من أجل خرافها وليس من أجل صوفها. الماعز عند الأهالي كان معروفاً منذ أكثر من 4000 سنة حينما ظهر الكلب آنئذ الذي لم يكن يؤكل ولكن أقرب أنبائه، الذئب والثعلب لم ينجوا من هذا القدر.
بالقرب من عقره / آكري Akr في كرية كندك Ganduk في كردستان العراق وفي كهف يسميه المسيحيون المجاورن لها بكهف (القديس يوحنا) اكتشف تماثيل منحوتة على الصخر يرجع تاريخها ربما إلى الزمن الذي كان فيه سكان تلك المنطقة يجهلون الزراعة وحيث كانت الحيوانات الأهلية نادرة جداً.
أحد هذه التماثيل يبرز مشهد صيد ساحر يشابه الصور والنقوش الموجودة في كهوف فرنسا لما قبل التاريخ بناءاً لما جاء عن (توفيق وهبي) [شخصية كردية علمية ومؤرخ ووزير سابق] زدّ على ذلك أنك في كل مكان من كردستان ابتداءً من منطقة (آرامار) وحتى قمم (جبل الجودي) حيث تستريح سفينة (نوح) تشاهد أنصاب ضخة سيكلوبية (هائلة) ترمز إلى جبابرة أو جن.
وآثار القلاع تنتشر بصخورها المتداعية هنا وهناك، والتي تشهد لبعد قدم هذا الوطن (كردستان).
وفي مدينة كركوك وفي (يورجان جيبي نازة Yorghan Jepe Naza) أثارة حضـارة (الأكاديين) [قضى الأكاديون على السومريين سنـة 2400 ق. م وحكمـوا بـلاد الرافديـن 125 سنة (الباحث)] ومثلها على رأس (جبل النسر) ما يعـرف بـ (جبل بيره مكرون Pira Magrun) حيث يُحتمل أن تكون (سفينة كلكامش) (Gilcamesh) قد توقفت هناك.
أقام ملك الأكاديين منذ 2000 سنة قبل  المسيح لوحة تكرس انتصاره على (ساتوني ملك اللولـو Lullu الكردي) في (دربندي جيور Derbendi – Gewr) هؤلاء (اللولو أو اللولويين) سكان جبال زاغروس Zagros هم أجداد الأكراد وكذلك (الكوتيين Guti) أيضاً سكان الجبال حتى شرق الزاب الصغيرة بالقرب من نهر (سيروان / ديالي) في العراق.
كان في ذلك الوقت (ملك الأكاديين سرجون) يحاول أن يحمي نفسه من غارات أولئك الغزاة والذين كانت فرقهم (قوتهم) في بعض الأحيان يقودها نساء.
والقسيطيون Kassites بدورهم ذو الأصل الهندي – الأوروبي حكموا بابل (1800 – 1200 ق.م) راحوا يقاتلون أولاد حمورابي إلى أن نفذوا / احتلوا بابل مسالمين بحجة العمل كمربين وسائسي للخيل وهكذا حتى تمكنوا بالنهاية من الاستيلاء بالقوة حتى على المنطقة التي تدعى اليوم (لورستان Luristan) وذلك بالقرن السابع عشر ق. م.
وقد حكم هؤلاء القسيطيون مملكة بابل لمدة ستة قرون، وقد عرف هؤلاء الغزاة بالقوة والشجاعة الخارقة، وقد أصبح الحصان الذي أدخلوه إلى البلاد (الرمز المقدس لهم) وقد كان (سرياش) ابن آلهتهم. كما كان زعماؤهم يرتبطون بصلة (بالميتانيين الكرد) الذين تزوج بناتهم بالفراعنة نحو 450 سنة قبل المسيح.
وقد وجدوا في قبور من البرونز في حوض (لورستان) الثلاثي حيث يفترض أن يكون (القسيطيون) قد نقلوها إلى هناك، (هؤلاء القسيطيون) الذين أبعدوا من قبل ملوك عيلام Elam [عيلام موقع عربستان حالياً، عاصمتها سوزا (ششتار)] (الباحث) أخيراً في القرن الثاني عشر قبل الميلاد يجب أن يكونوا قد لعبوا دوراً في تكوين الشعب الكردي حيث يعتقد بأنهم كانوا من (الميديين الكرد) في الوقت نفسه الذي برز فيه (الآشوريين) على المسرح من خلال صدامهم مع (المديين الكرد).
بناء لما ذكره الكاتب الأرمني (آرشاك سافراسيتان) في كتابه (الكرد وكردستان 1948م) أن الميديين الكرد يدينون بوجودهم لخطأ ارتكبه (هيرودوس) المؤرخ اليوناين ظهر لأول مرة في التاريخ على منقوشة تشير لأحياء ذكرى انتصار (سلمنصر Salm Anzar) الأول على المتمرد (يانغو Yangu) أمير حمري القسيطي (حمري هي كردستان اليوم) ونحو 100 سنة ق. م. تجلات فلاصر الأول Teglat Phalasari) كما أن (شمس حدد Shamsi Adad) أجبرهم فيما بعد على دفع الجزية حينما قاد (أداد حيراني الثالث Adid Hirani III)  زوج (سميرا ميس) الأسطورية عدة حملات عليهم، ولكن كان هناك تجلات فلاصر الرابع في القرن الثامن ق.م (عام 744 ق. م) الذي تقدم في خضم المعارك بين كثير من القبائل وتغلب عليهم وأعتقل نحو 60 ألف سجين، واستولى على غنائم ضخمة وعلى قطعان من الماشية، وأوغل في غزوة حتى أقاصي الجبال والوديان وأجبر أسراه على العمل في مشاريع بناء في دولة (الآشوريين).
وبعد مرور 15 عاماً استولى (سرجون الثاني Sargon II) الذي بني (خورساباد Khorsabad) على (سماريا Samaria) وقاد شعبها في الأسر حتى شواطئ الخابور وبلاد (الميديين الكردية) كما جاء في التوراة (وفي الجدير بالذكر أنه لا يزال يوجد في كردستان بأرض العراق كثير من قرى اليهود) وقد أعقب ذلك بأن (أشرحدون Ashar Haddon) تمكن من إخضاع ملوك (الميديين الأكراد) الذي قدموا إلى (نينوى Neneveh) (قبالة الموصل، على الشاطئ الشرقي لنهر دجلة) (الباحث) ليجمعوا منها من الأحجار الكريمة والخيل والعتاق.
لقد ترك (الأشوريين) من خلال الغزوات في أرض كردستان الكثير من الآثار التي تبين مدى قوتهم وأهميتهم، إذ تبدو تلك الآثار على المنحوتات والنقوش في (مالطائي Maltai) التي لا تبعد عن (دهوك وباتاس Batas) بين (شقلاوه ورواندوز) ومن (دربند الأول ورمكا Derbend, Ramkah) على نهر الزاب، الطريق الطبيعي بين (نينوى وفارس) ويوجد غيرها كثير.
وبعد تلك الفترة بقليل استطاع (الميديون الأكراد) نبذ نير الفرس بالوقت الذي كان فيه سنحاريب مشغولاً بتنظيم مناطق (بابل) (بابل وسط ما بين النهرين وموقع العاصمة (بابل) حالياً عند مدينة الحلة قرب بغداد وشرق كربلاء وشمال الكوفة) (الباحث) تحت زعامة إمارة مقتدرة. كان (المانيون الكرد) أثنائها (ديكوك أو دايوكو Deikokes or Dayaukku) أي (الميديون الأكراد) لا يزالون يشكلون القبائل الجبلية المتوحشة التي تتخذ حياة البداوة أو الإقامة في قرى بدائية وقد نجحوا بتنظيم أنفسهم، وقد كان شيخ القبيلة أثناءها بناءً لقول (هيرودوس) المؤرخ مضرب الأمثال وحكمة وعدله، وفي ذات يوم جميل انصرف كلباً حسب قوله ليحكم في قضايا تتعلق بالضرائب فقط، مهملاً شؤونه الخاصة مما سبب نتائج سلبية ما لبثت أن تفجرت إثرها المنازعات والغزوات بجميع أشكالها فعمت الفوضى التي نشأت عنها فكرة اختيار الملك، وهكذا أفقد اختيار (الميديون والدايوك) ملكاً لهم. ما لبث أن باشر عمله بأن أحاط بنفسه بفريق من الحراس المخلصين، ثم قرر أن يتخذ عاصمته (همدان Hamadan) (همدان حالياً في غرب إيران، شمال نهر نهاوند، شرق كرمنشاه) (الباحث) حيث حكم لمدة 53 سنة.
خلفه في الحكم من بعده ابنه (فراورنس Phraortes) وقد نجح في ضم الممالك الصغيرة المجاورة للملكته أثناء تلك الفترة، وتمكن من هزيمة (تايسبس Teispes) ملك (أنشان Anshan) أو فارس، إلا أنه ما لبث أن أرغم على التوقف أمام مقاومة (الآشوريين) تحت قيادة (أشور بانيبال Assur Banipal) ابن (أسر حمدون) الذي يعتقد بأن قبره كان في كهف (الفتى والعذراء) الأسطوري بالقرب من قرية (كورناك) وكان ابنه (سياكساروس Cyaxarus) واحداً من بين الرجال البارزين الذين كان يذكرهم التاريخ بين الحين والآخر بصفتهم من القادة العظام في الحرب ومن رجال الحكم البارعين أثناء السلم، وعوضاً من أن يجند جيوشه من القبائل التي كانت تقاتل بعضها بعضاً، قرر أن ينشئ جيشاً نظامياً شبيهاً بالجيش (الآشوري) فزود جنوده بالقوس والنبل، والسيف والرمح، وقد اعنى بصورة خاصة بفرقة الفرسان، وقد كان فرسانه أشبه بفرسان (البارثيين Parthians) خراسان قبل الساسانيين اللاحقين الذين كانوا يُدربون بدقة على رماية السهام.
حيث كانت تقذف رمية مزيفة خادعة في الهواء يتبعها وابل من السهام يمطر بها العدو مما كان يوقع حالة من الإرباك والفوضى والذعر بين صفوف الأعداء هذا الذعر كان يذكيه استعمال (النار الميدية) التي عرفت فيما بعد (بالنار الإغريقية) استناداً لقول (أمينوس مارسلينوس).
وقد كان (الميديون) يلطخون سهامهم بخليط من الزيت والنفط فينطلق السهم يشعل كل شيء يصيبه شريطة أن لا يطلق بشدة من القوس، ذلك لأن الرمية السريعة تجرده من مغاليته وقد كانت تستعمل المياه بالمقابل لإطفاء الحرائق، وهكذا فقد لعبت (نفط كردستان) دوراً هاماً في العمليات الحربية في تلك الفترة.
ظهرت الخرائط منذ القدم في بلاد ما بين النهرين وقدماء المصريين والأغريق والصينيين. وفي القرن السابع الميلادي، ظهرت الحاجة إلى خرائط يهتدي لها العرب الفاتحون لأراضي في الشرق والغرب لنشر دين الإسلام.
وكان من أصحاب الشأن الذي أشارة إلى أرض كردستان هو بذلك المؤرخ والجغرافي التركي "محمود الكاشغري" (1008 – 1102) الذي أشار في الخريطة التي أعدها بوجود أرض الكرد وحدودها من العراق إلى خراسان واذربيجان والشام ومصر. أما خريطة الإدريسي (1100 – 1166) وهو الرحالة العربي، فقد أشار هو الآخر في خريطته إلى إقليم الجبل بسبب الطبيعة الجبلية الغالبة على أرض كردستان.
وربما هناك من يجد الخرائط الأوروبية التي رُسمت للمنطقة هي الأكثر دقة واعتماداً ونظراً لتسارع المصالح البرتغالية والهولندية والفرنسية والإنجليزية على منطقة الخليج العربي منذ القرن الرابع عشر. وخاصة البرتغليين الذين وجدوا في تصالحهم مع الشاه الفارسي "إسماعيل الصفوي" عام 1501 السبيل لتقويض حكم الدولة، الدولة العثمانية القوية، وخصوصاً بعد معركة "جالديران" الفاصلة بين الجيشين العثماني والفارسي عام 1514( ). وكانت هذه المعركة التي انتصر فيها الجيش العثماني على الفرس قد ألبّت القوى الاستعمارية الأوروبية للدخول إلى مناطق الشرق ومعرّفة اسباب قوة الدولة العثمانية بعد أن تمكن السلطان العثماني "سليمان القانوني" عام 1529 من بلوغ النمسا وعاصمتها فينا".
كانت خريطة المكتشف والرحالة الهولندي "فان ليشوتين عام 1596، من أولى الخرائط الأوروبية، حيث بين على المنطقة المحصورة بين "ارمينيا وبحيرة وان" اسم أرك الكرد.
وبظهور شركة الهند الشرقية عام 1600، وهي انجليزية بهدف التجارة مع دول الشرق أول الأمر، إلا أن وبسبب قوة الأسطول البحري الإنجليزي، تحولت شركة الهند الشرقية إلى جهاز استخباراتي تنقل ما يدور بين سكان الخليج العربي من أعمال قرصنة بحرية على يد عائلة القواسم( ) وكذلك عمليات صيد الأسماك وجمع اللؤلؤ، وأن المصالح الإنجليزية أن لا تترك شيوخ وأمراء الساحل الغربي يتصرفون بالمعادن المكتشفة. وهناك احتمال أن يلجأوا إلى أي قوة أوربية إذا ما أمنت مصالحهم الشخصية بالدرجة الأساس.
وبدت الحاجة ماسة أمام إنجلترا لرسم الخرائط الخاصة بالخليج والجزُر العديدة في مدخله ونهايته، وكذلك الحدود التي توسعت إليها الدولة العثمانية والدولة الفارسية وأرمينيا وجورجيا في القرن السابع عشر. وكانت من الخرائط المرسومة عام 1680، هي تلك الخريطة التي رسمها الإنجليزي "عمانوئيل بوين" وعليها كلمة كردستان على شكل دائرة بيضوية الشكل تحيط جوانبها بحيرة أورمية. ولم يتأخر الفرنسيون الذين نافسوا الإنجليز أينما حَلّوا، فقد ذهب "هنري شاتلين" من أخراج خريطة هي الأخرى شملت كردستان عام 1711. ويظهر أن كلما تقدم الزمن، فإن الخرائط التي تلت خريطتي "بوين وشاتلين" لم يتأخر اسم كردستان من الظهور. وفي عام 1771 كانت خريطة الفرنسي "روبرت بون" تظم كركوك والموصل ضمن جغرافية كردستان.

الدكتور
عبد العزيز عبد الرحمن المفتي
عمان، نيسان، 2013
 

 

 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

872 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع