فارس عمر:بمناسبة يوم الماء العالمي في الثاني والعشرين من آذار اصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الانسان تقريرا قالت فيه ان 2.5 مليار انسان في انحاء العالم محرومون من مياه الصرف الصحي ويقضون حاجتهم في العراء.
وان مئات الملايين غالبيتهم من النساء والأطفال يقطعون مسافات طويلة على الأقدام أو ينتظرون في طوابير طويلة لملء دلو أو دلوين من الماء الذي قد لا يكون صالحا للاستهلاك البشري اصلا.
واضاف التقرير ان أكثر من 1800 طفل يموتون كل يوم بسبب الاسهال الذي يصيبهم لعدم توفر الماء النظيف والظروف الصحية اللازمة. وبذلك يكونون ماتوا بمرض يمكن الوقاية منه وعلاجه.
وفي عام 2010 اعترفت 121 دولة بدور الماء والصرف الصحي في حياة البشر واعلنت في الجمعية العامة للأمم المتحدة ان الماء والصرف الصحي حق من حقوق الانسان الأساسية يجب ان يتوفر له بلا مقابل.
وعندما تتخلف الحكومات عن ضمان حق الانسان في الماء والصرف الصحي فان المعاناة تقع على النساء والأطفال بصورة غير متناسبة. واشار التقرير الى غياب البنات عن المدرسة من أجل الحصول على الماء للأسرة وانجاب النساء اطفالا في ظروف غير صحية وتحمم مئات الملايين وقضاء حاجتهم في أماكن عامة بسبب عدم توفر الماء في بيوتهم ، الأمر الذي يؤثر تأثيرا مباشرا على صحتهم وتعليمهم ويزيد خطر العنف والوفاة.
وفي العراق شهدت السنوات الماضية ترديا مطردا في وضعه المائي. ويتبدى هذا اولا وقبل كل شيء في انخفاض حصته من مياه دجلة والفرات والأنهر الأخرى التي يشترك بها مع الجيران. وبحسب تقديرات الأمم المتحدة فان مستوى نهري دجلة والفرات انخفض الى أقل من ثلث معدلاته الطبيعة. وازداد الوضع تفاقما مع تدهور قدرة التخزين.
اذاعة العراق الحر التقت مدير عام المشاريع في وزارة الموارد المائية علي هاشم الذي تناول التحديات الرئيسية التي تواجه العراق على جبهة الماء متمثلة بالتغيرات المناخية ، وهي خارج ارادة العراق ، والمشاريع الضخمة للدول المجاورة بهدف استثمار مصادر المياه المشتركة على حساب العراق ودون التنسيق معه معربا عن الأمل بأن تتمكن الحكومة العراقية من التوصل الى اتفاقيات مع هذه الدول تضمن حصة منصفة من الماء للعراق.
تتعاون منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" مع الحكومة العراقية في وضع استراتيجية ملائمة لادارة المياه. وتعمل اليونسكو مع وزارة الموارد المائية لتطوير قدرات العراق التقنية وتقوية مؤسساته لادارة الموارد المائية ادارة متكاملة وبلوة سياسة وطنية شاملة لاستخدام المياه بصورة مستدامة.
وفي هذا الشأن أكد مدير عام المشاريع في وزارة الموارد المائية علي هاشم ان العراق يعمل على اعداد استراتيجية طويلة الأمد لغاية 2035 بالتعاون مع مجموعة من الشركات الايطالية من اجل تنفيذ خطة متكاملة لاستخدام المياه والتربة على النحو الأمثل متوقعا ان تتبلور معالم الاستراتيجية المائية الجديدة بحلول نهاية العام الحالي.
عضو لجنة الزراعة والمياه في مجلس النواب كاظم قاسم علي لفت الى وضع العراق الخاص بوجود مصادر مياهه خارج حدوده وما يتطلبه ذلك من تفاهمات مع دول اخرى تشاركه هذه المصادر متهما تركيا بالتعنت في هذا الملف والتهرب من مناقشة هذه القضية رغم الزيارات التي قام بها العديد من المسؤولين العراقيين بمن فيهم رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي الى انقرة لهذا الغرض.
تقول اليونسكو ان العراق اصبح من اكبر الدول المستوردة للقمح في العالم من جراء تناقص موارده واحتياطاته المائية وآثار هذه العوامل الضاغطة على الزراعة. وهذا ما أكده ايضا وكيل وزارة الزراعة مهدي ضمد القيسي لاذاعة العراق الحر قائلا ان الماء اصبح التحدي الرئيسي الذي يواجه الوزارة مشيرا الى ان السبب الرئيسي لهذا التحدي هو تركيا ثم ايران دون ان يغفل آثار ما يفعله الجيران على الاستخدامات المنزلية للماء وليس الزراعة وحدها.
واوضح القيسي ان قلة الموارد المائية فرضت تقليص زراعة الشلب وخاصة رز العنبر والاصناف المشتقة منه بتحديد زراعتها في محافظات الفرات الأوسط ، النجف والديوانية والمثنى ، وضفاف الفرات في ذي قار ومنع زراعته بالكامل في حوض نهر دجلة.
الخبيرة المائية شروق العبايجي لاحظت ان المجتمع الدولي يسلط الضوء في يوم الماء العالمي على قضايا مثل الأمن الغذائي والطاقة ولكن ما يهم العراق ان التحكم بموارده المائية ليس بيده نظرا لوجود منابعها في دول اخرى وبالتالي يتعين إيجاد وسائل أخرى لحماية مصالح العراق المائية بما في ذلك ورقة التبادل التجاري والجغرافية السياسية والعمل الدبلوماسي.
ولفتت العبايجي الى مسؤولية الجانب العراقي ايضا من جراء الهدر بالاستمرار على انماط استهلاك متوارثة من ايام كان العراق يتمتع بفوائض مائية كبيرة وعدم ترشيد هذه الاستهلاك رغم ان كل قطرة ماء اصبح لها ثمنها الآن داعية الى مواجهة هذه التحديات سواء أكانت اقتصادية أو سياسية او اجتماعية فضلا عن المسؤولية عن ضمان حق الأجيال القادمة.
قال عضو لجنة الزراعة والمياه النيابية كاظم قاسم علي ان الحكومة ممثلة بوزارة الموارد المائية قدمت الى مجلس النواب مشروع قانون ينص على تشكيل مجلس وطني للمياه على رأس مهامه اعداد خطط استراتيجية
ترتقي الى مستوى التحديات المائية التي تواجه العراق ولكن مشروع القانون عُطل بسبب اعتراض كتلة النواب الكرد وخاصة على إدراج ادارة الموارد المائية ضمن سلطات المركز.
اذاعة العراق الحر التقت النائب السابق عن التحالف الكردستاني والخبير المائي لطيف حاجي الذي دعا الى تعاون الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان في ادارة الماء بوصفه هبة الهية من السماء يمكن تقاسمها معربا عن الأمل بألا تنشأ في هذا الملف خلافات على غرار الخلافات النفطية بين بغداد واربيل.
كثيرا ما يُقال ان الحروب القادمة في الشرق الأوسط ستكون حروبا على الماء ولكن حاجي استبعد ذلك قائلا ان الماء مادة يمكن السيطرة عليها وتقاسمها فضلا عن كون الأمطار احد مصادرها الطبيعية التي لا يمكن التحكم بها مشيرا الى ان بامكان الفرد ان يكتفي بعشرين لترا من الماء أو يستهلك مترا مكعبا منه في اليوم ، على حد تعبيره.
وفيما يتعلق بتركيز الأمم المتحدة في يوم الماء العالمي هذا العام على علاقة الماء بالطاقة لاحظ الخبير المائي لطيف حاجي ان توليد الطاقة يتطلب تدفق الماء وليس خزنه وبالتالي فان الطاقة تسهم في حل مشكلة تقاسم الماء.
يجري الاحتفال بيوم الماء العالمي منذ عام 1993 حين قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعلان الثاني والعشرين من آذار يوم الماء العالمي استجابة للمقترح الذي قدمه مؤتمر البيئة والتنمية العالمي الذي عُقد في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية عام 1992.
961 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع