استهلكت 33 مليار دينار من المال العام
العاصمة التي تزينها الأسلاك الشائكة والحفريات وبرك المياه وصخور كونكريتية لإغلاق مداخلها، تلك المشاهد تجعل المواطن المبتلى على أمره أمام أسئلة عــدة يطرحها على بعض المسؤولين الذين لا يروق لهم غير السرقة !
متى سيتحقق حلم العراقيين ؟ متى سيتم تنفيذ المشاريع الستراتيجية التي ترفع شأن العراق الجديد وتضعه بين البلدان المتطورة، حيث لا يعقل ان يكون مدخل العاصمة بغداد بهذا السوء مما يعيق حركة النقل ويُثقل كاهل المواطن؟ ماذا لو نفذ مشروع بوابة بغداد؟
طرق لم تتغير منذ عقود، بل زادت ضيقاً وإهمالاً، وتزاحمت السيارات مع بعضها في علاقة حميمية تتمنّاها لقادة السياسة ونواب الشعب، سكان بغداد يلعنون اليوم الذي ولدوا فيه وهم يشاهدون نقاط التفتيش الأمنية التي تسبب لهم الاختناقات المرورية والاحباطات ، والعنف الذي يجعل هذه الحواجز الصامتة ضرورية. ألم يكن من المفروض متابعة ملف هذه البوابات، وتشكـَّل لجان خاصة لمتابعة ومحاسبة المقصرين المسؤولين عن هذا التأخر ومن يقف وراء الفساد المالي والاداري في ضياع مبلغ يتجاوز 300 مليار دينار؟!
نار العراقيين مَن يُطفئها؟
في بغداد ظل الزئبق يتناقص ليشير إلى معدلات درجات حرارة منخفضة ، لكن لا تبرد نار البغداديين التي اشتعلت بسبب الزحام المروري الذي لا ينتهي داخل العاصمة وعند مداخلها الرئيسة! سيطرات أمنية في كل مكان وزحام حركة المرور في المدينة لا ينتهي، سيطرات تبدو شبيهة أكثر بالمكاتب منها إلى الشارع ، وتزيين الجدران الكونكريتية المكدسة بالزهور البلاستيكية والمقاعد والكراسي، هل هذه الواجهة المعبرة عن وجه المدينة ؟
في مدينة يقارب عدد سكانها قرابة السبعة ملايين نسمة يعيشون في محيط 850 كيلومترا مربعا، ونحو مليوني سيارة تسد شوارعها فضلا عن الحواجز الكونكريتية التي صُفت بكل مكان وبشكل عشوائي ! بعد كل ذلك السؤال الذي يطرح نفسه أين أصبحت بوابات بغداد ؟
والبوابات الخمسة هي :مدخل الكوت المحال إلى شركة راية العلمين، ومدخل الحلة المحال إلى شركة بيرق الأمير، ومدخل الموصل المحال إلى شركة الصيفي، ومدخل بغداد – بعقوبة المحال الى شركة حصن الأخيضر، ومدخل أبو غريب المحال إلى شركة دار الكوثر.
مجلس محافظة بغداد
يقول عضو مجلس محافظة بغداد محمد الربيعي في تصريح لـ(المدى): إن مشروع بوابات بغداد هو منذ عهد المحافظ السابق حسين الطحان ولم يكتمل المشروع في زمن المحافظ صلاح عبد الرزاق وحتى الدورة الحالية للمحافظ علي التميمي ، واشار الربيعي في حديثه : المشروع تعرض الى تقاطع سياسي اضافة الى ان الإحالة التي كانت مقررة عددها 2000 إحالة ولم تنفذ منها غير 16 إحالة !
اللجان المُشكلة لم تقدم دراستها
لذلك الموضوع والكلام للربيعي تغير بعد الاتفاق مع عمليات بغداد الى ترك البوابات و تشكيل سيطرات بعدد 18 سيطرة امنية بدلاً عن هذه البوابات ، وهو امر كان غير مجدٍ وحقيقة الأمر يحتاج الى تنفيذ وجدية في متابعة المشروع لكن مازال عند وقف التنفيذ حتى في هذه الدورة الجديدة للمحافظ الامر على حاله ،ويمكن ان تنفذ ويتم العمل بالبوابات التي اُنجز منها نسبة 60% او 50% والتي اصبحت قديمة وتعرضت الى الاندثار يترك العمل بها ،واستدرك الربيعي في حديثه قائلاً: بكل صراحة ان الدراسة التي كان يجب ان تقدم من قبل اللجنة الفنية والتجارية المُشكـَّلة من محافظة بغداد ومجلس محافظتها بتاريخ 25/11/2013لم تقدم مقترحاتها بخصوص البوابات حتى الآن .
الوضع الأمني كان أفضل
فيما أضاف عضو مجلس محافظة بغداد غالب الزاملي في تصريح لـ(المدى ) قائلاً: جميع دول العالم مداخلها تبين وتعكس وجه العاصمة والمدينة التي يدخل اليها الزائر والمواطن ،وما يحدث الآن أن السيطرات الأمنية المنتشرة بدل تلك البوابات هي واجهة غير حضارية وتسبب الزحامات المرورية ولو اُكملت البوابات لكان الوضع الأمني أفضل بكثير ،لذلك يجب حل الاشكالات التي تسببت بإيقاف تنفيذ هذه البوابات مشيرا الزاملي في حديثه : لو ُكملت البوابات ستكون عبارة وأشبه بمدينة منتظمة تضم كاميرات مراقبة وسونار لكشف المتفجرات والكثير من المميزات الاخرى اضافة الى ان المشروع يقدم خدمة تمتد لكيلومترات من كل مدخل للعاصمة، من خدمات ودور استراحة وطرق حديثة وتشجير ،ووضع ميزان لقياس أحمال السيارات الداخلة الى بغداد من المنافذ المختلفة، وفرض رسوم حسب الأوزان لافتة الى ان "المجلس يفكر في تقليل الرسوم على السيارات الداخلة من المحافظة نفسها، فيما يرفعها على سيارات المحافظات، وأن الأوزان غير المحسوبة لسيارات النقل الكبيرة، ادت الى تدمير الشارع، وزادت من صعوبة المرور بسبب المطبات التي سببتها الزيادة في الحمولات !
تدهور البُنى التحتية
وأكدت النائب فيان دخيل رئيسة لجنة الخدمات والإعمار في تصريح لـ(المدى )قائلة :
ان المواطن يعاني من تدهور في البنية التحتية، مؤكدة ان بعض الشركات المتلكئة تحظى بحماية قانونية ولا تنفذ المشاريع المهمة للمواطن العراقي الذي هو بحاجة اليها من اجل الخلاص مما يعانيه من صعوبة في الوصول الى عمله او حتى منزله ، المشاريع التي تجعله يرتاح قليلا من هذا الضغط النفسي بسبب الزحامات الكبيرة التي تشكلها نقاط التفتيش والتي لو وجدت بوابات في مداخل العاصمة لما حدث ذلك .
إن فشل أية وزارة يقاس إما بالفساد أو بتلكؤ انجاز المشاريع أو بالاحالة على شركات غير عالمية وليست رصينة.
إيقاف 18 سيطرة بكلفة 200ملياردينار
وكان مجلس المحافظة أوقف مشروعاً يتضمن إنشاء 18 سيطرة نموذجية في مداخل بغداد، بكلفة 200 مليار دينار، بسبب الفساد ووجد المجلس ان 14 سيطرة نسب انجازها دون الـ20%، وأبقى فقط على اربع سيطرات.
الى ذلك اعترف عضو مجلس محافظة بغداد علي السرهيد ان مشكلة السيطرة في منطقة الشعب كبيرة، مبيناً أن "السيطرة تفتح ممرين فقط لدخول السيارات، فيما مجلس المحافظة طالبها بفتح أربعة منافذ لتسهيل دخول السيارات".
واضاف السرهيد في تصريح لـ"المدى" سابقاً ان "سيارات النقل الكبيرة، تعرقل مرور السيارات، وكان من المفروض ان يتم انشاء منطقة للتبادل من سيارات النقل الكبيرة الى السيارات الأصغر (2 طن)، لكن الامر لا يسير بسرعة"، مؤكدا ان مشروع بوابات بغداد، يواجه الكثير من المشاكل، لان المشروع ضخم جدا وتكاليفه مرتفعة، لذا يحتاج وقتاً لإكماله، كاشفاً ان المشروع يقدم خدمة تمتد لكيلومترات من كل مدخل للعاصمة.
آراء المواطنين
يقول حميد طعمة مهندس يعمل في إحدى الوزارات : كيف تم اختيارهم لتلك البوابات الم يكن الاختيار وفق دراسة وخطط وبعد مرور 9 سنوات يتذكرون ان عدم الدقة كانت في اختيار الاراضي المخصصة لإنشائها ، لو أنفقت المحافظة ومجلسها مبلغ 32 مليار دينارفي بناء مجمعات سكنية افضل مما لو قاموا بإنفاقها بشراء أجهزة سونار عملاقة متطورة لكشف المفخخات والإرهابيين، بينما علق احمد سالم وهو سائق سيارة اجرة : الجميع متفق على ان السبب الرئيس في تدني الخدمات هو الفساد المالي والادري المتفشي في كل مؤسسات ودوائر الدولة ،ولا تهم المسؤولين في المحافظة او مجلسها هموم الشعب وما يعانيه بسبب تلك السيطرات وهل يمكن ان يكون وجه العاصمة هذه السيطرات الامنية التي تجعلنا نقف ساعات طوالا من اجل الدخول والخروج؟ لا يمكن أن ينسى هولاء ان الشعب هو من انتخبهم فليتقوا الله بحاله .
يذكر ان هناك تحقيقات كبيرة بملفات الفساد في محافظة بغداد وحسب ماصرح محافظ بغداد علي التميمي تصل الى نحو 200 ملف فساد يجري التحقيق فيها حاليا بوجود سرقة تقدر بمليارات الدنانير , اذ قد يصل حجم الفساد في مشروع واحد الى معدل 80 مليار دينار وهو ما يعادل بناء مجمع سكني لأهالي بغداد بحدود 800 وحدة سكنية كاملة مع خدماتها فضلا عن وجود سرقات اخرى في عقود التجهيز ومشاريع صغيرة اخرى بالمليارات ايضا، فكيف يمكن ان يصل الفساد المالي والاداري في بوابات بغداد الى 33 مليار دينار؟!
1149 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع