رحيل الاستاذ صديق بكر توفيق آل اغوان
1944- 2013
أ.د. سيّار الجميل
بحزن وألم كبيرين ، تلقيت نبأ رحيل صديقنا وزميلنا المثقف الاكاديمي العراقي الاستاذ صديق بكر توفيق آل اغوان 1944- 2013، اثر جلطة دماغية أودت بحياته في الاسبوع الاخير من عام 2013 ، اثناء وجوده في العراق ، بعد ان رجع اليه يبحث له ولعائلته عن فرصة للعيش ونيل حقوقه التقاعدية. كان صديقا قديما ، فهو من ابناء الموصل ام الربيعين ، وهو سليل عائلة معروفة وقديمة ، فهو حفيد الشاعر المعروف توفيق حسين آل اغوان ، وعمه هو الاستاذ المؤرخ محمد توفيق حسين الذي عرفته جامعة بغداد ردحا طويلا من الزمن ..
عرفت الاخ الفقيد صديق منذ اكثر من اربعين سنة ، اذ كان من اوائل الذين اختيروا للتدريس العلمي المؤسس في جامعة الموصل ايام رئيسها العلامة الدكتور محمود الجليلي رحمه الله ، وقد عرف الاخ صديق في قسم اللغات الاوربية بكفاءته ورصانته وفعالياته .. واغتربنا في السنوات الصعبة ، فالتقيت بصديق في الاردن زميلا لي في جامعة آل البيت لأكثر من سنتين ، ثم التقيت به قبل عامين في الدوحة بدولة قطر ، وكان يعمل مترجما .. وكنت التقي به كثيرا حتى غاب عني في الشهرين الاخيرين ، وعلمت بأنه رجع الى العراق بعد اغتراب سنوات طويلة حتى فوجئت برحيله ، فكانت صدمة لي ولكل من عرفه ، واصابنا الحزن عليه كثيرا ..
لقد تخصص الاخ الراحل الاستاذ صديق بكر توفيق بآداب اللغة الانكليزية ، وبرع كثيرا فيها ، وتوغل في نقد الشعر الانكليزي ، وتخصص في الادب المسرحي ، وكتب اطروحته في الماجستير ببريطانيا عن الادب اللامعقول ، واجاد كثيرا وتفصيليا في ادب صموئيل بيكت ، وكان موسوعة في تخصصه .. كما كان من الاكاديميين الاقوياء في تدريس ادب شكسبير وتحليله في الجامعات والمعاهد التي عمل فيها .. كان صديق ، رحمه الله ، مثقفا مطلعا كثير القراءة ، واسع الافق ، سريع البديهة ، صبورا ، لا يكترث لتوافه الامور .. كان مهموما لما وصل اليه الحال ، لم يهتم بالسياسة ومن يشتغل بها ، يعشق العراق ومدينته ام الربيعين عشقا كبيرا ، وفيا لأصدقائه .. كما كان يمتلك ذاكرة ممتازة اذ حكى لي شهادته عن الاحداث التاريخية الصعبة التي عاشها في الموصل وبغداد .
لقد عانى الكثير على امتداد حياته ، وخصوصا في نهاياتها ، وكنت التقي به اسبوعيا في السنتين الاخيرتين ، وفي آخر لقاء لي معه قبل شهرين ، حمل اليّ همومه ومعاناته ، وما صادفه في العراق في زيارته الاولى له ، ولكن الظروف اضطرته ان يعود اليه ثانية، وكان يؤمل ان يصرف له تقاعده عن السنوات الطويلة التي صرفها في جامعات عراقية ، اذ تخرّج على يديه المئات من الطلبة والطالبات ، ولكنه رحل دون ان يجد بغيته كي تعينه على مصاعب الحياة بعد رحلة اغتراب طويلة حيث كان يترجم كي يعيش !
اتمنى مخلصا ان يقف المسؤولون عن التعليم العالي في جامعة الموصل لمنح ارملة الفقيد وولده الوحيد ( علي ) حقوق الفقيد ، خصوصا وان ولده يدرس الطب على حساب ابيه مراعين حقوق الفقيد من اجل مصير ولده ومصير ارملته من بعده . أتمنى على كل المثقفين والاكاديميين العراقيين مؤازرتي في المناشدة بمنح الفقيد حقوقه وكل الذين غبنوا وضاعت حقوقهم في العراق .
رحم الله صديقنا الراحل صديق بكر توفيق رحمة واسعة ، وألهم أسرته وذويه من آل اغوان الصبر والسلوان .
سيّار الجميل
4 يناير / كانون الثاني 2014 .
1687 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع