المدى برس/ الديوانية:"البرد القارس يقتلنا ولا نستطيع أن نمسك الاقلام لان ايدينا متجمدة من البرد"، و"نشرب من ماء البئر المالح كل يوم لانه ليس لنا حصة من الماء الصالح للشرب"،
هكذا بدأ طلبة مدرسة (أسوان) في منطقة الطابو جنوبي الديوانية، بعد أن هدمت وزارة التربية مدرستهم كونها آيلة للسقوط، دون ان يستكمل بنائها حتى اليوم، رغم "مضي سنتين" على هدمها.
ويبين أحد المعلمين أنهم يدرسون الطلبة "تحت ظل الشجرة" معانين من "المطر وبرد الشتاء وحر الصيف"، مشيرا الى أنهم اضطروا الى "دمج تلاميذ مرحلتين يدرسهما معلمّان اثنان في صف واحد"، فيما حملت تربية الديوانية "وزارتي الصناعة والاسكان مسؤولية تأخير انجاز 45 مدرسة طينية"، وأكدت أنها اتفقت مع حكومة الديوانية على "شراء 150 كرفانا توزع قريبا على المدارس".
ويقول الطالب سامي عبد الحسين فرحان، وهو في الصف الخامس الابتدائي، في حديث الى (المدى برس)، إن "مدرستنا السابقة (أسوان) هدمت منذ سنتين ومنذ ذلك اليوم ندرس كل يوم تحت الشجرة"، ويوضح أن "البرد القارس يقتلنا ولا نستطيع أن نمسك الاقلام لان ايدينا تتجمد احيانا، ونريد أن يعلم المسؤولون بحالنا".
فيما يقول الطالب يوسف مجبل حمزة، في الصف الثاني الابتدائي، في حديث الى (المدى برس)، "نطالب التربية ببناء مدرستنا الطينية بعد ان هدمت جدرانها وسقفها المبني بجذوع النخل والقصب وبقينا دون مأوى نحتمي به من البرد والحر"، ودعا التربية الى أن "تخصص لهم حصة من الماء الصالح للشرب بدلا عن ماء البئر المالح الذي يشربونه كل يوم ويسبب لهم الامراض".
معلم: الاشراف لايسمح لنا بتدريس الطلبة في غرف ويسمح لنا بتدريسهم في العراء
ومن جانبه، يقول المعلم في مدرسة أسوان، صفاء حاتم، في حديث الى (المدى برس)، إن "المدرسة كانت آيلة للسقوط وهدمت منذ عامين وحصلنا على أمر بنائها بصعوبة"، ويتابع "ارسلنا عدة طلبات ندعو المسؤولين الى الرأفة بحالنا وارسال أربعة كرفانات صغيرة"، مشيرا الى أن "المدرسة تضم ستة صفوف اضافة الى الادارة وغرفة المعلمين".
ويضيف حاتم أن "معاناتنا ازدادت بسبب دمج تلاميذ مرحلتين يدرسهما معلمّان اثنان في صف واحد"، ويلفت الى أن "أحد سكان القرية بادر ومنحنا احدى غرف بيته الطيني لندرس فيها تلاميذ الصف الاول لكي لا يهربوا من الدراسة بسبب البرد والحر"، مؤكدا أن "الاشراف التربوي يمنعنا ان نمارس تعليم التلاميذ في الغرفة بسبب التعليمات التربوية دون ان يجد لنا حلا آخر ولا نعرف ماذا نعمل".
ويبين أن "قرار المشرفين اضطرنا الى ان نعلم التلاميذ وندرسهم تحت ظل الشجرة لنتلقى المطر والبرد وحر الصيف ونبقى مع معاناتنا اليومية في مدرسة أسوان".
وبدوره، يقول صاحب البيت الذي آوى التلاميذ، جاسم حمادي، في حديث إلى (المدى برس)، إن "هدم المدرسة قبل عامين لم يتأخر أكثر من يوم واحد وأخذ المقاول كل شيء صالح من المواد"، ويؤكد أن "رؤيتي للتلاميذ كل يوم وهم يعانون ويتراجفون من برد الشتاء دعتني الى منح ادارة المدرسة احدى غرف بيتي الطينية لتحميهم من البرد وتقيهم أشعة الشمس".
تربية الديوانية: وزارتا الصناعة والاسكان يتحملان مسؤولية التأخير
الى ذلك، يقول معاون مدير تربية الديوانية، سامي يحيى السماوي، في حديث الى (المدى برس)، إن "التربية أحالت العديد من مشاريع أبنية المدارس الى شركة المنصور التابعة لوزارة الاسكان والاعمار، وشركة الفاروق وشركات اخرى تابعة الى وزارة الصناعة"، ويتابع "من ضمن هذه المشاريع 45 مدرسة طينية كان من المقرر انجازها قبل بداية العام الدراسي الماضي في شهر آب 2012"، ويستدرك "لكنها تلكأت رغم المتابعة المستمرة مع الوزارات المعنية".
ويضيف السماوي أن "الزيارات واللقاءات مع الوزراء المعنيين لم تنفع ولم تسرع نسب الانجاز إلا أنها أثمرت عن الموافقة على اشغال عشرة من المدارس وليس استلامها"، ويشير الى أن "تأخير تسليم المدارس أدى الى زيادة أعداد التلاميذ في مدارس أخرى".
ويبين معاون مدير التربية أنه "لم تنفع الكرفانات التي زودت بها التربية لقلة عددها قياسا بعدد الدارسين"، ويلفت الى أن "اتفاقا ابرمته التربية مع حكومة الديوانية المحلية يتضمن شراء 150 كرفانا خلال الايام المقبلة توزع على المدارس التي تحتاج اليها".
وكانت لجنة التربية في مجلس محافظة الديوانية،(يبعد مركزها 180كم جنوب بغداد)، أعلنت في، (30 آب 2013)، عن حاجة المحافظة إلى 400 بناية مدرسية لفك الدوام المزدوج والثلاثي في مدارسها، بحسب دراسة قدمتها الى المجلس، مضيفة أن "الدراسة وضعت لإقرار خطط على مدى أربعة سنوات لقطاع التربية من خلال بناء مدارس في مختلف مناطق المحافظة".
وكانت وزارة التربية، باشرت في العام الماضي بهدم 34 مدرسة في عموم الديوانية من أجل ترميمها إلا أن العمل فيها تلكأ وسبب زحاما في عدد مدارس المحافظة.
وكانت وزارة التربية أعلنت، في (23 كانون الثاني 2012)، عن وضع خطة ستراتيجية لحل مشاكل المدارس الطينية وفك ازدواج الدوام من خلال بناء عشرات المدارس الجديدة خلال المدة المقبلة، في حين كشفت الوزارة في آذار المنصرم، عن حاجة العراق لنحو 5800 مدرسة لتجاوز مشكلة الأبنية المدرسية، مؤكدة أنها عازمة على بناء 200 مدرسة خلال عام 2012 .
يذكر أن العراق يعاني منذ ثمانينات القرن الماضي، من قلة المدارس للمراحل الابتدائية والمتوسطة والإعدادية، إضافة إلى وجود مئات المدارس الطينية التي تنتشر في الأرياف والمناطق النائية في البلاد، مما جعل أكثر المدارس الموجودة تتبنى الدوام الثنائي والثلاثي في مسعى "غير مجد" لحل المشكلة.
769 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع