نموذجان عراقي ولبناني.. ماذا ينتظر إيران بعد "استراحة" ترامب؟

شفق نيوز/ مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صباح الثلاثاء وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران المستمر منذ 12 يوماً، يتوقع مراقبون أن يدخل التصعيد بين الطرفين مرحلة انتقالية تتسم بطور جديد قد ينتهي على غرار اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان الذي تخرقه إسرائيل باستمرار.

ويرى المراقبون، أن هذه الهدنة هشة وفقاً للمعطيات الحالية وشعور كلا من إيران وإسرائيل أنه لم يحقق أهدافه بعد، خاصة تل أبيب، لذلك من المتوقع حصول خروق وتبادل اتهامات بين الطرفين، إلى جانب استمرار الأعمال العدائية الاستخبارية والسياسية والاقتصادية والتي قد تشعل الصراع الحربي مرة أخرى تبعاً لذلك.

وتتعزز مخاوف المراقبين مع ما أكده ترامب لاحقاً أن كلاً من إسرائيل وإيران انتهكتا وقف إطلاق النار الذي أعلنه قبل ساعات، مضيفاً أنه غير راض عن أي منها، وخاصة إسرائيل.

"سابق لأوانه"

وبناءً على ذلك، قال الكاتب في الشأن السياسي من لبنان، قاسم قصير، إن إعلان وقف إطلاق النار "لا يمكن اعتباره نهاية للحرب"، وبانتظار ترتيبات الاتفاق والدول الراعية له، لذلك الوضع في مرحلة انتقالية والحديث عن السلام سابق لأوانه.

وبين قصير، لوكالة شفق نيوز، أن الحرب الإسرائيلية كان لها أهداف معلنة، وهي ضرب المنشآت الإيرانية النووية والمنظومة الصاروخية، "أما الهدف غير المعلن فهو إسقاط النظام في إيران"، بدليل حجم شبكات التجسس التي تم ضبطها والتي ساهمت بإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة.

واتفق رئيس المجموعة المستقلة للأبحاث، الدكتور منقذ داغر، مع ما ذهب إليه قاسم قصير، بأن "الصراع لم ينته بل لا زال مستمراً، لأن طرفي الصراع (إيران وإسرائيل) يشعر كل منهما لحد الآن أنه لم يحقق أهدافه بعد، وخاصة إسرائيل.

"فرصة ذهبية"

ولفت داغر، خلال حديثه للوكالة، إلى أن إسرائيل ترى أن ما يحصل الآن "فرصة ذهبية" لن تتكرر ليس للقضاء على البرنامج النووي الإيراني فقط، وإنما يمكن الذهاب إلى أبعد من ذلك بـ"محاولة إسقاط النظام".

ونتيجة لذلك، توقع داغر، أن وقف إطلاق النار قد يحصل، "لكن ستستمر الحرب بطرق أخرى منها استخبارية وسياسية واقتصادية وغير ذلك، وقد يشتعل الصراع الحربي مرة أخرى تبعاً لذلك".

أما إعلان ترامب لوقف إطلاق النار، يرى داغر أن ترامب كان يريد "نصراً دعائياً لتقليل ضغط اللوبي الصهيوني عليه لعدم مشاركته في الحرب، وبالتالي حاول إظهار نفسه كبطل حرب دخلها وأنهاها بسرعة".

هدنة هشة

بدوره، أخبر أستاذ العلوم السياسية، الدكتور عصام الفيلي، أن ترامب أراد اثبات للعالم أنه قادر على إيقاف الحرب، وإذا استطاع تثبيت وقف إطلاق النار، فهذا سيحسب له باعتباره "منجز سياسي كبير في تاريخ الشعوب".

لكن على أرض الواقع، نبه الفيلي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "المعطيات الحالية تشير إلى أن هذه الهدنة ستكون هشة"، لأنه من غير المعلوم الأسس التي ارتكز عليها وقف إطلاق النار، لذلك من المتوقع حصول خروق وتبادل اتهامات بين الطرفين.

وبالإضافة إلى ذلك، بين الفيلي، أن "طرفي الصراع يريد الانتقام، حيث أن إيران لن تنسى اغتيال قاداتها، كما أن إسرائيل لا تريد الإبقاء على أي برنامج نووي أو صاروخي، بل والقضاء على النظام الإيراني، لمنع أي حواجز أمام المشروع الإبراهيمي الذي يمثل ديمومة إسرائيل في المنطقة".

"انتهاء" النووي والباليستي

وبهذا السياق، أكد الكاتب والباحث السياسي من لبنان، جورج العاقوري، أن وقف إطلاق النار إن كان مستداماً أو متقطعاً أو حتى في حال انفراطه، "يعكس حقيقة أن إيران النووية والباليستية قد انتهت بعد جهود عشرات السنين في مشوار سعيها للحصول على النووي، حيث تم القضاء عليه خلال دقائق بالضربات الأمريكية، كما تم تذويب الصواريخ الباليستية".

وذكر العاقوري، للوكالة، أن "أذرع إيران في المنطقة لم تتحرك، بل ليس لديها القدرة على التحرك من حزب الله في لبنان إلى الواقع الجديد في سوريا وصولاً إلى اليمن، وأي تحرك لهم كان سيكون عملاً انتحارياً".

ولفت إلى أن "المرشد الإيراني علي خامنئي، ربما سيتجرع كأس عام 1988 مرة ثانية حينما تم الاتفاق على إنهاء الحرب مع العراق، لأنه يدرك أن مصير نظامه على المحك، واستمرار الحرب لن يكون إلا على حسابه، لذلك ربما ينتهي الأمر باتفاق وقف إطلق النار على غرار الاتفاق الذي ارتضاه حزب الله في لبنان".

النموذج العراقي

وفي هذا الصدد، قال سالم الجميلي وهو ضابط سابق في المخابرات العراقية، إن إيران اليوم باتت أمام نموذجين لا ثالث لهما، الأول (نموذج اليابان) بعد الحرب العالمية الثانية، حين اختارت طيّ صفحة الصراع، وتحولت إلى قوة صناعية كبرى وتحالف استراتيجي مع أميركا، مقابل البقاء والتقدم.

أما النموذج الثاني، بحسب الجميلي، فهو (نموذج العراق) بعد حرب الكويت، حيث اختار المناورة والمراوغة، وأبقى شعارات العداء مفتوحة، حتى أتت أميركا بعد 12 عامًا وأسقطت النظام بالكامل.

وأشار الجميلي، إلى أن "إيران اليوم تُدرك أن محور روسيا والصين وكوريا الشمالية لا يحمي أحدًا، وأنه مجرد توازن هشّ لا يصمد في وجه اميركا".

السيناريو اللبناني

وهو ما ذهب إليه أيضاً مدير مركز JSM للأبحاث والدراسات في موسكو، الدكتور آصف ملحم، بأن غاية الصراع كانت "جعل الجبهة في إيران شبه مستباحة كما هو الحال في لبنان التي تخرقها إسرائيل باستمرار".

وشرح ملحم، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "أمريكا ترى أن إسرائيل عبارة عن رأس حربة وقاعدة متقدمة وإداة تنفيذ لها في المنطقة العربية، وبالتالي يجب أن تبقى في حالة من الصِدام المستمر، لكن الميزة في الحرب الحالية أنها لم تكن في المحيط الجغرافي لإسرائيل بل قفزت إلى منطقة بعيدة عن المحيط الأمني لها".

ورأى، أن الحرب لم يكن هدفها البرنامج النووي الإيراني، "بل إشعال إيران ومحيطها وهذا يعني آسيا الوسطى والقوقاز وباكستان وأفغانستان، فكل هذه المناطق تؤثر بشكل مباشر على روسيا والصين والهند".

وتابع ملحم: "لذلك كانت الغاية إشعال هذه الجبهة لتبقى شبه مستباحة كما هو الحال في لبنان التي تخرقها إسرائيل باستمرار، وهذا الأمر سيتكرر مع إيران، والغاية من ذلك هو التأثير على الصين وروسيا والدول التي تناهض الولايات المتحدة الأمريكية".

وأضاف في تحليله، أن روسيا والصين كانتا تسعيان لإقامة جبهة جديدة مناهضة لأمريكا عبر مجموعة (بريكس) و(منظمة شنغهاي للتعاون) وأصبحت الصين وإيران وروسيا وكوريا الشمالية نواة لهذا القطب الجديد الذي يناهض القطب الغربي، لذلك كانت وظيفة إسرائيل في هذه المرحلة هي إشعال المنطقة".

وأشار إلى أن "الحرب لم تنتهِ بل انتقلت إلى طور جديد يرتفع فيه الابتزاز والضغط، وبالتالي حصلت أمريكا على ما تريد التي تستخدم الحروب أداة من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية".

هذا وتسببت الحرب منذ بدء المواجهة بين إسرائيل وإيران في 13 حزيران/يونيو الجاري، بمقتل من الجانب الإيراني 606 أشخاص و5332 جريحاً، ومن الجانب الإسرائيلي 28 قتيلاً، وفقاً لإحصائية اليوم الثلاثاء.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

649 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع