عمار الحكيم ومقتدى الصدر
بغداد: حمزة مصطفى «الشرق الأوسط» - صعد الزعيمان الشيعيان البارزان، زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وزعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم، من موقفيهما المنددين بالتدهور الأمني المتسارع في البلاد في وقت التزم فيه زعيم ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء نوري المالكي الصمت حيال موجة التفجيرات التي ضربت بغداد والكثير من المحافظات الأحد الماضي.
وكانت التفجيرات، التي جاءت بعد أقل من أسبوع من هروب أكثر من 500 سجين بينهم قادة كبار في تنظيم القاعدة من سجني التاجي و«أبو غريب»، خلفت مئات القتلى والجرحى. وردا عليها، دعا الصدر في بيان له في وقت متأخر من مساء أول من أمس أعضاء التحالف الوطني الشيعي الحاكم إلى أن يستقيلوا أو يقيلوا والاجتماع على الحق لا على الباطل، بينما دعا الحكيم في بيان أمس القائمين على الملف الأمني في البلاد إلى التحلي بالشجاعة والاعتراف بفشلهم وتقديم استقالاتهم. وقال الصدر في بيانه: «لست هنا لأكتب استنكارا، فما عاد ينفع، لست هنا لأطالب الحكومة أو البرلمان، فكلاهما يحتضر أو هو كذلك». وأضاف «طالبت بإقالة الجهات والوزارات الأمنية وقائد القوات المسلحة فمن ذا الذي يقيلهم؟ البرلمان؟ أين هو وأنى يتفق وأنى يجتمع؟ أم القضاء وقد سُيّس؟ أم المرجعيات وقد ادعى (رأس الحكومة) أنه الحاكم الشرعي؟ وكم طالبته المرجعيات بأمور قد نقضها»، وأضاف «أطالب بتفعيل الدور الأمني؟ وهو السلك المخترق في السجون وفي الميادين، وهو السلك الذي سُيّس من جهة وأكلته الطائفية من جهة.. أم أطالب المنتمين لي بالانسحاب أو التجميد؟ وما الثمرة؟ أتكون بيد (الديكتاتور) ولا معارض له من الداخل؟ أم أجمد الوزارات الخدمية؟ وأنى لها دخل بالأمن والسلامة؟ أم أطالب التحالف الوطني؟ وهو الذي لم يجمع أمره، بل أعطى زمام الأمر لدولة رئيس الوزراء وفعل ما فعل.. أم أدعو السياسيين لمأدبة إفطار ليقبل بعضهم بعضا.. وما النتيجة؟».
ووجه الصدر كلامه إلى «ذوي الضمير من شيعة العراق، ولا سيما من في التحالف الوطني.. إخوتي حافظوا على سمعة التشيع، فليس أثناء (حكم الشيعة) تملأ الأرض مفخخات ويعم العراق الفقر والحاجة والعوز.. فإما أن تستقيلوا وإما أن تقيلوا وإما أن تجتمعوا على الحق لا على الباطل».
من جهته، انتقد زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم القائمين على الملف الأمني قائلا إن «توالي الخروقات الأمنية بالشكل الذي نراه الآن يدل بلا شك على وجود مقصرين في القائمين على إدارة الملف الأمني في البلاد»، مبينا أن «عملية التاجي وسجن أبو غريب التي مضى عليها بضعة أيام وتوالي العمليات الكبيرة والاستهدافات الواسعة تستلزم من القيادات السياسية للبلد عقد اجتماع عاجل لمناقشة الخطط الموضوعة». وعلى غرار الصدر، تساءل الحكيم أيضا عن مصير «المليارات من الدولارات التي تصرف على الملف الأمني، فضلا عن وجود مئات الآلاف من المنتسبين وواجبهم الحقيقي مع توالي العمليات الإرهابية النوعية والكبيرة»، كما تساءل عن «أسباب عدم مشاركة القيادات السياسية والمساهمة في إدارة هذا الملف»، مطالبا القائمين على إدارة هذا الملف بـ«التحلي بالشجاعة والاعتراف بالفشل وتقديم استقالاتهم».
من جهته، أكد أمير الكناني، عضو البرلمان عن التيار الصدري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المطالبات والمناشدات لم تعد تكفي وبالتالي فإن ما بات يطالب به السيد الصدر وكذلك السيد الحكيم من خلال الدعوة العاجلة لعقد اجتماع للتحالف الوطني فلأنه حان وقت اتخاذ القرارات»، مبينا أن «التيار الصدري جزء من التحالف الوطني وأن التحالف الوطني بوصفه الكتلة الأكبر هو المسؤول عن الأوضاع في البلاد وهو ما يعني بكل صراحة مسؤولية الشيعة ومن هنا جاءت دعوة السيد الصدر للحفاظ على سمعة التشيع وهو ما يتطلب صراحة تامة في التعامل مع هذه المسألة التي باتت حساسة». وأكد «إن التحالف الوطني سيبحث الأسباب والدوافع وبالتالي فإنه لا بد من القول إما أن نكون قادرين على تحمل المسؤولية أو لا». وأوضح أن «من بين السيناريوهات التي ستطرح أما إقالة السيد المالكي أو السيناريو المصري من خلال تحريك الشارع لإسقاط الحكومة أو انتظار نتائج الانتخابات البرلمانية المقبلة»، مؤكدا أن «السيناريو الأخير هو الأقرب بسبب أن التحالف عاجز عن اتخاذ مثل هذا القرار لأن الائتلاف الوطني الذي يتكون من التيار الصدري والمجلس الأعلى غير قادر وحده على ذلك في حين أن الكتل التي انضوت في ائتلاف دولة القانون ضعيفة وذابت شخصيتها داخل دولة القانون وبالتالي فإن قرارها بيد المالكي وهو متمسك بوجوده على هرم السلطة على الرغم من كل ما يجري أمامنا من تدهور أمني».
بدوره، أكد فرات الشرع، عضو البرلمان العراقي عن المجلس الأعلى الإسلامي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الدعوة إلى اجتماع عاجل للتحالف الوطني تأتي من أجل تدارس الوضع الراهن والتحديات المستقبلية بحيث يكون صريحا جدا لأنه من دون العمل على تأسيس دولة تعمل بقوة المؤسسات لا الأفراد وتعمل على ترسيخ الثقة بين مكونات الشعب التي انتزعت بسبب الخلافات وتكرار الفشل فإننا لا يمكن أن نتوقع استقرارا أمنيا». وأضاف الشرع أن «السيد عمار الحكيم دعا ليس فقط إلى اجتماع عاجل للتحالف الوطني بل طالب كل المسؤولين عن الملف الأمني إلى الاستقالة لأن هذا أقل ما يمكن أن يفعلوه في ضوء ما باتت الجماعات الإرهابية تسجله من نجاحات لم يعد ممكنا التساهل مع من يتسبب بها عمدا أو جهلا أو فشلا».
844 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع