المدى برس/ نينوى:ما أن يحين وقت العصر حتى يتزاحم العشرات أمام محلات بيع عصير الزبيب (العنب المجفف)، في مدينة الموصل (مركز محافظة نينوى)، وفي الكثير من المدن العراقية الاخرى، لشراء كيس أو أكثر من هذا الشراب المحبب، والذي يقبل عليه الصائمون بنهم، بعد ساعات من التعرض للحر.
ويزداد إقبال الموصليين على تناول عصائر الفواكه بأنواعها المختلفة خلال شهر رمضان الكريم، ومنها شربت الزبيب بشكل خاص.
ويقول المواطن أحمد منعم (47 عاما) وقد بدت ملامح السعادة على وجهه وهو يحمل كيسين من الشربت قد ابتاعهما من محل العصير، في حديث إلى (المدى برس) "منذ الصغر اعتدت أن يكون شربت الزبيب موجودا على مائدة الإفطار".
ويضيف منعم "لقد توارثت هذه العادة عندما كبرت مثل باقي سكان المدينة، والسبب يعود لمذاقه اللذيذ حيث تشتهر الموصل بصناعته، إضافة إلى فوائده الصحية للجسم لتعوضه عن ساعات الصوم".
ويؤكد منعم أن "الكثيرين من أهل الموصل يعتبرون مائدة إفطار الشهر الفضيل غير متكاملة، إذا خلت من هذا العصير الأسود الذي اعتادوا شربه".
يذكر أن المائدة الموصلية تتميز بتنوع أشكال الأطعمة في وجبة الإفطار وعادة تكون الدولمة هي الطبق الرئيسي وتوجد معها الكبة أو البرياني أو الشيخ محشي وأنواع المرق إضافة إلى الطرشي والمقبلات، إلا أن الشراب الرئيسي يكون شربت الزبيب".
ويقول صباح احمد صاحب محل لبيع عصير الزبيب في حديث إلى (المدى برس) "اعمل بصناعة شربت الزبيب منذ أربعة عقود تقريبا، حيث تشتهر الموصل بصناعة هذا النوع من الشربت واعتاد سكانها على تناوله في أغلب فصول السنة، وخصوصا في فصل الصيف وفي شهر رمضان".
ويضيف أحمد "تتلخص صناعة شربت الزبيب بجلب ثمار العنب الأسود المجفف والمسماة باللهجة العامية (طحلك)، ثم نقوم بخلطها مع أوراق النعناع المجفف بعد تنظيفها جيدا، ويدخلهما للعصر في ماكنة شبيهة بماكنة ثرم اللحم التقليدية، والناتج يتم تخميره بالماء لليوم الثاني ثم يوضع بأكياس مصنوعة من القماش (الجنفاص الخشن) تدعى (الشالات) لكي تتم تصفيته".
ويتابع أحمد "ثم نضيف إليه قليل من السكر واللون ثم يعبا بأكياس ويباع في المحال"، لافتا إلى أن "هذه الصناعة تختلف في الموصل عن المحافظات الأخرى بجودتها وجودة المواد الأولية المستخدمة والتي يأتي أغلبها من شمال العراق".
ويوضح أحمد أنه "في الموصل لكل صاحب محل خصوصا القدماء لهم طريقتهم الخاصة في إعداد الشربت والمواد التي يأتون بها من عدة أماكن ولكل مكان له طعمه الخاص".
ويشير أحمد إلى أنه "في شهر رمضان نقوم بزيادة إنتاج شربت الزبيب بسبب تضاعف الطلب عليه عدة مرات من قبل الموصلين لأنه في الأيام العادية قد يتناول الشخص قدح أو أكثر كل أسبوع، بينما في أيام شهر رمضان يتم شراء كيس أو أكثر للعائلة الواحدة ما يتطلب منا زيادة إنتاجه".
ويتابع أحمد "نصنع أكثر من عشرة أنواع من العصائر من الفواكه الطبيعية إلا أن جهدنا الكبير يكون لشربت الزبيب، لأنه المشروب الرئيسي للسكان، فتجد الزبون يشتري كيس من أي نوع من أنوع العصائر ومعه كيس أو كيسين شربت زبيب".
محل بيع شربت زبيب
ويقول أستاذ التاريخ العربي الحديث في جامعة الموصل والمهتم بتوثيق التراث الموصلي أبراهيم خليل العلاف في حديث إلى (المدى برس) إن "شربت الزبيب يعد أحدى تقاليد شهر رمضان التراثية في الموصل، واعتقد أن سكان الموصل باتوا يشعرون بمتعة وهم يقفون بطوابير أمام محال شربت الزبيب، وخصوصا عند العصر فتشاهد في وقت النهار لا يوجد ذلك الزخم الموجود بعد فترة العصر وقبل أذان المغرب".
ويضيف العلاف "منذ سنوات طوال جدا اخذ شربت الزبيب الموصلي مكانه على مائدة الإفطار في المدينة، ويحرص الصائمون على أن يكون شرائهم للزبيب بشكل يومي، ليضمنوا أنه مصنوع بنفس اليوم".
من جانبه يقول الموطن ياسين عبد الله يقول في حديث إلى (المدى برس) "نحن أهل الموصل اعتدنا منذ القدم تناول شربت الزبيب وخاصة خلال شهر رمضان الكريم لذا هناك إقبال كبير عليه"، مبينا أن "هذا العصير طعمه حلو ولذيذ وفيه فوائد صحية عديدة لاسيما الصائمين إذا تناولوه بعد يوم حار".
ويضيف العلاف أنه "بالرغم من وجود العصائر الجاهزة والمعلبة والتي كثرت في السنوات الأخيرة إلا أن إقبال الناس لا يزال رئيسي على الطبيعية المصنوعة من الفواكه الطازجة أو المجففة وخاصة عصير الزبيب، لان صناعتها في الموصل نظيفة ويتم الاعتناء بها والحفاظ على المواد الطبيعية فيها".
ويعد شربت الزبيب (نوع خاص من عصير العنب الأحمر) أحد أهم مظاهر شهر رمضان في الموصل، حيث يلاحظ وقوف الناس في طوابير طويلة أمام محال بيع شربت الزبيب، خصوصا وقت العصر وقبل موعد الإفطار.
وتنتشر محال بيع العصائر في جميع مناطق الموصل، لكن المشهور منها والقديمة في هذه المهنة يتواجد في منطقة باب الطوب والدواسة وسط المدينة حيث تشهد هذه المحال زخما كبيرا من الزبائن في شهر رمضان.
يذكر أن شربت زبيب (الصباح) وسط الموصل، يعمل فيه نحو 25 متخصصا في صناعة العصير على إعداد الفواكه وعصرها وتهيئتها للبيع، واصبح شراء شربت الزبيب وشربه تقليدا موصليا صرفا وله خصوصية في شهر رمضان.
1097 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع