انكشف فساد أجهزة كشف المتفجرات، فجاء دور الكلاب البوليسية التي تريد السلطات العراقية استخدامها في التفتيش، بالرغم من أن العراقيين جميعًا يأبون ذلك لأسباب دينية، فالكلب في الإسلام حيوان نجس.
إيلاف/وسيم باسم/بغداد: تريد الجهات الامنية العراقية استبدال اجهزة كاشف المتفجرات التي اثبتت فشلها بالكلاب، ما يثير جدلًا واسعًا في اوساط العراقيين، بسبب الحساسية الدينية والاجتماعية من هذا الحيوان. وترى الباحثة الاجتماعية لمياء القاضي أن الامر يبدو اكثر تعقيدًا في ما يتعلق بالنساء، حيث افضت عمليات التفتيش بالكلاب في بعض الاماكن، ومنها مطار بغداد الدولي، إلى الكثير من المشاكل والشكاوى، وصلت إلى حد إقامة الدعاوى على الشركات الامنية. ويرفض اغلب العراقيين فكرة استخدام الكلاب على نطاق واسع مؤكدين انهم لن يسمحوا لها أن تقترب منهم أو من امتعتهم لأسباب عقائدية.
وكانت لجنة الأمن والدفاع النيابية أوصت هذا الاسبوع بتعزيز وجود الكلاب في نقاط التفتيش وأماكن التجمعات الكبيرة، كما يقول عضو اللجنة حسن جهاد. ويأتي الاعتماد على الكلاب البوليسية بعدما اثبتت اجهزة كشف المتفجرات فشلها، بسبب صفقة فساد كبيرة أدت إلى شراء أجهزة لا تستطيع كشف المتفجرات وفق ما هو مخطط له.
تدريب مكلف
لا يرى عميد الشرطة المتقاعد احسان علي أن الامن سيتعزز باستخدام الكلاب، مؤكدا أن جهاز كاشف المتفجرات لو كان يعمل بصورة صحيحة لكان أفضل من الكلاب، لانه يحتاج إلى دورات تعليمية قصيرة غير باهضة، في حين تستغرق دورات الكلاب البوليسية وقتًا اطول، وتكاليف أكثر. يضيف: "تحتاج الكلاب إلى اهتمام نوعي وخبرات لدى المشرفين عليها من حيث التأهيل والتغذية والراحة".
وبحسب ضابط الادارة حسن عبيس، فإن الاتجاه إلى شركات امنية تستثمر في هذا المجال افضل من الاعتماد على المقاولين والمتعاقدين المحليين، لأن الفساد سيتخلل الصفقة حتمًا وسيتكرر الخطأ مجددًا. ولا يعتقد عبيس أن استخدام الكلاب سيفضي إلى نتائج ملموسة، طالما تظل المعلومات الاستخبارية ليست بالكفاءة المطلوبة.
إشكالية دينية
ودأبت الشركات الامنية التي كانت موجودة في العراق على استخدام الكلاب للتفتيش، ما اثار انتقادات الكثير من المواطنين الذين رفضوا دخولها إلى بيوتهم واماكن عملهم لغرض البحث عن مسلحين او متفجرات. ويتذكر علي السعدي من المحمودية أنه رفض في العام 2007 أن تدخل منزله الكلاب مع مفرزة امنية اميركية للتفتيش، لكن ذلك لم يحل دون دخول الجنود عنوة إلى بيته، إذ ما كانوا يعبأون لعادات وتقاليد المجتمع.
ينبّه رجل الدين عمران الدليمي إلى اشكالية دينية في ما يتعلق بكلاب التفتيش، لأن الكلاب بحسب الشرع الاسلامي من المخلوقات النجِسة، وتماسّها مع الانسان ستنقض طهارته.
ويؤكد الدليمي على ضرورة أن تأخذ الجهات المختصة في الاعتبار أن الشرع يحرم على المسلم اقتناء الكلاب، وقد استثني من ذلك اقتناؤه للصيد ولحراسة الماشية والزرع شرط أن لا يكون الانسان في تماس مباشر معه.
العجلات وليس الأشخاص
يتوقع الباحث الاجتماعي عصام الليثي أن يقتصر عمل الكلاب على تفتيش السيارات، وفي نقاط التفتيش، من دون الاقتراب من الانسان والأغراض الشخصية، كما لا يمكنها تفتيش البيوت إذا ما أخذنا المحددات الدينية والاجتماعية في الاعتبار.
غير أن الباحث السياسي عمران القيسي يرى أن القضاء على عمليات الارهاب ومنع تفخيخ السيارات والمتفجرات لن يكون باستخدام الكلاب البوليسية مهما كثر عددها، "بسبب عدم معالجة الاسباب الحقيقية للتدهور الامني، وأولها صفقات الفساد بين المسؤولين الامنيين"، مؤكدًا أن التفجيرات المتواصلة ودوامة المفخخات التي حصدت ارواح المئات من الابرياء ليس سببها جهاز السونار المزيف وحده.
يضيف القيسي: "طالما لم يتسن اجتثاث اقطاب الفساد، فأي صفة قادمة، ومنها استيراد الكلاب البوليسية، لن تجدي، لأن الفساد سيطال هذه الصفقات بكل تاكيد، وقد اكد ذلك مجلس النواب الشهر الماضي، حين اوضح في بيانه أن استيراد تلك الكلاب لن يكون بعيدًا عن شبهات الفساد".
1011 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع