الدكتور عادل البكري في ذمة الخلود
الموت مكتوب على الجميع و هو طريق مسلوك و منهل مورود ، وقد مات الرسل وهم أشرف الخلق عليهم الصلاة والسلام ، فلن يسلم أحد من الموت: (( كل نفس ذائقة الموت )) وهكذا جرت سنة الله ، فبقلب مفعم بالحزن والأسى ، تلقينا نبأ وفاة الدكتور عادل البكري البارحة 8-9-2018 في حادث سيارة على الطريق بين الموصل واربيل.
وكنت قد كتبت عنه رحمه الله في كتابي ( دليل الأطباء والصيادلة في الموصل ، الأطباء والصيادلة الموصليون الموهوبون في القرن العشرين ) مقالاً مطولاً أجتزأ هنا بعضاً مما كتبه :
الدكتور عادل البكري
(1930- 2018 )
الطبيب والمؤرخ والشاعر والكاتب حيناً في الموسيقى وأحياناً في الفلسفة ، الدكتور عادل محمد مصطفى محمد سعيد البكري ، ولد في محلة امام عون الدين في الموصل في 4/9/1930 من عائلة عربية عريقة محافظة( وتمتد جذور البيت البكري في الموصل إلى القرن السابع عشر للميلاد، ومن أجدادها أبي الفرج جمال الدين بن علي بن محمد جعفر الجوزي واعظ العراق ومؤلف عدد من كتب الدين والفقه والاجتماع ) ، متزوج وله ابنا واحدا وثلاثة بنات .درس الابتدائية في الموصل والمتوسطة في الشرقية والإعدادية في المركزية بالموصل .
درس الطب في كلية طب جامعة دمشق - سورية وتخرج سنة 1956 وفي اثناء دراسته الطب درس الفلسفة في كلية الاداب - جامعة دمشق . شغل منصب رئيس صحة الموصل سنة 1963 ، ثم أصبح رئيساً لصحة واسط (الكوت) 1964-1968 ، ومدير صحة محافظة الموصل ثانية عام 1968 .
سافر إلى إنكلترا وتخصص بطب المجتمع حيث حصل على شهادة دبلوم عالي D.T.P.H. من جامعة لندن سنة 1970 ، عاد للعراق وأصبح معاوناً لرئيس مؤسسة مدينة الطب حتى سنة 1975 . عين بعدها مديراً للصحة المدرسية عام 1976 - 1978 . وفي سنة 1978 نقلت خدماته إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي - جامعة المستنصرية- قسم طب المجتمع محاضراً في تاريخ الطب واداب الطب . وشغل أيضاً منصب مدير مستشفى الهلال الاحمر - بغداد
الانجازات العلمية والشخصية :
الدكتور البكري منغمس في الحياة الثقافية والسياسية العراقية منذ قرابة نصف قرن كان مسؤولاً عن تنظيمات حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق ، وكان اول أمين سر شعبة الحزب في الموصل . تم ابعاده من الموصل إلى مدينة الكوت اثناء المد الشيوعي وقبيل ثورة الشهيد الشواف . وبعد ثورة الشواف سنة1959 أستدعي من قبل محكمة المهداوي للتحقيق معه بأسلوب وحشي أصيب خلاله بكسر في ساقه ثم سجن لمدة سنة ونصف ثم أطلق سراحه
وهو طبيب وأديب وشاعر ومؤرخ وباحث في التراث العراقي والعربي وخاصة في تاريخ الطب والفلسفة .له أراء رصينة حول عروبة الارقام العربية التي تسمى خطأ أجنبية وقد قدم الدليل على عروبتها في ندوة تلفزيونية ، ادى إلى تبنيها من قبل الصحف العربية في الوطن العربي .
كما انه كان وراء الكشف عن شخصية الموسيقار المشهور ملاعثمان الموصلي وتعريفه للجمهور ، فاقيم تمثال ومهرجان لهذا الموسيقار العبقري بالموصل .
وهو وراء الكثير من المهرجانات الادبية ، ولعل من ابرز هذه المهرجانات ، مهرجان المتنبي الذي اقيم سنة 1977 بعد ان عثر الدكتور البكري نفسه على قبره في منطقة النعمانية بالكوت ، ومهرجان اطباء الموصل سنة .199 ، ومهرجان عثمان الموصلي سنة 1973 . وللدكتور البكري جهود حثيثة وموثقة في مجال تفسير (النوتة) الموسيقية العباسية التي دونها الارموي وقام بتنفيذها موسيقيا في احدى محاضراته في جمعية الفنون والتراث سنة 1977 .
وهو عضو في عدد من النقابات والجمعيات : مثل نقابة الاطباء في العراق ، جمعية المؤلفين والكتاب العراقيين 1968 ، مؤسس وامين سر الجمعية العراقية لتاريخ الطب 1989 ، اتحاد المؤرخين العرب 1989 .
مؤلفاته : كتبه المطبوعة تربو على 15 كتاباً منها :
1. عثمان الموصلي الموسيقار الشاعر المتصوف / بغداد 1966
2. تاريخ الكوت / بغداد 1967
3. نصف العيش للشيخ محمد بن الوحيد (تحقيق) / الموصل 1969
4. مع عثمان الموصلي في فنه وعبقريته / بغداد 1973
5. مدينة الطب في عامها الأول / بغداد1971
6. مدينة الطب في سنتها الخامسة / بغداد1974 .
7. صفي الدين الارموي مجدد الموسيقى العباسية / بغداد 1978
8. المختار من النشوار / الكويت 1985
9. الفلسفة لكل الناس / بغداد 1985
10. تحقيق مخطوطة (دعوة الاطباء لإبن بطلان ) سنة 2002 .
11. كتاب ( في هيكل الحكمة) 2004 .
12. وله اكثر من ديوان شعر ، طبع منه ديوانه الذي صدر عن دار الفتى سنة 2005 بعنوان: ((الجمان المنضود)) .
13. (الكامل في التراث الطبي العربي) الذي أصدره المجمع العلمي العراقي سنة 5..2 .
14. إضافة لكتب منهجية عن الصحة المدرسية و التربية الاسرية للصفوف الثانوية بالاشتراك مع اخرين . كما وان له أكثر من 20 محاضرة القيت في مؤتمرات وندوات ومثل هذا العدد من المقالات وهي تبحث في تاريخ الطب والموسيقى والفلسفة
وكان قد اصدر كتابه الأخير قبل وفاته رحمه الله سرد فيه ذكرياته .
كما وادرج فقرات مما كتبه شاعرين من الموصل في رثائه :
كتب الدكتور الشاعر وليد الصراف
رحل دعادل البكري فلم ينح الحمام الموصلي ولا اعول الموج الذي يمر قرب قره سراي ولانكست سروة غصنها حزنا ولا أضربت وردة عن الارج حدادا,رحل والكثير من الموصليين لايعرفونه ويعرفون هذا وذاك من الامعات والرويبضات في زمن تلاقى فيه تطور الاتصالات مع تخلف الذوق العام فكان هذا الواقع المرير .كم انا اسف يا د. عادل انني ابدا رثاءك بهجاء حاضرنا المزري واذرف الدمعة الاولى فينكرها خد الموصل.
وكتب الأستاذ الدكتور الشاعر عبد الوهاب العدواني قصيدة طويلة في رثائه فيما يلي بعض أبياتها
ما كان أطيبه طبيبا وادعا ووراء ذلك فيه صدر واسع
خدماته ميمونة .. و علومه مقروءة .. والطب منه النافع
العادل البكري رب سوابق وله لدى المولى بهن مراتع
الدكتور محمود الحاج قاسم محمد
677 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع