مؤتمر المعارضة الإيرانية بباريس: أجراس التغيير تدق في إيران

  

محدثين: لحسن الحظ أدركت الدول العربية حقيقة النظام الإيراني

رئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية محمد محدثين يقول إن معاقل العصيان في الداخل تتوسع.

تضاعف المعارضة الإيرانية في الخارج من تحركاتها في الفترة الأخيرة التي تشهد تصاعد الاحتجاجات الداخلية ضد النظام في إيران بالتزامن مع عودة العقوبات الأميركية والسياسة العربية ضد أجندة طهران في المنطقة. ويشير محمد محدثين، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وهو ائتلاف سياسي يضم مجموعات من المعارضين الإيرانيين منهم منظمة مجاهدي خلق، ويتخذ من فرنسا مقرا له، في حديث مع “العرب” عشية انعقاد المؤتمر السنوي للمقاومة الإيرانية، إلى أنه وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها النظام، صار موقف المقاومة على الصعيد الدولي أكثر رصانة بموازاة تصعيد انتفاضة الشعب.

العرب/باريس – تعقد المقاومة الإيرانية في الثلاثين من يونيو الجاري مؤتمرها السنوي العام في باريس، والذي يعد أكبر تجمع للإيرانيين خارج البلاد. ولأن هذا المؤتمر ينعقد في ظل ظروف إقليمية ودولية جعلت من إيران بسياسات نظامها العدوانية واحدا من أكثر المحاور حضورا في عملية صياغة المشهد السياسي في المنطقة والعلاقات المستقبلية بين دولها، توجهت “العرب” بعدد من الأسئلة إلى محمد محدثين، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية:

حوالي أربعين سنة من عمر النظام وأيضا من عمر المقاومة. ما الذي حدث على مستوى ميزان القوى بين الطرفين؟

يمكن تلخيص سجل هذه السنوات الأربعين في أن نظام الملالي استخدم جميع قواه العسكرية والإرهابية والسياسية والاقتصادية والدبلوماسية وقدرته الخاصة على ابتزاز قوى أجنبية، للقضاء على المقاومة الإيرانية. في هذه الحرب المستمرة، منذ اليوم الذي سرق فيه الملالي الثورة الإيرانية عام 1979، أصبح النظام أضعف يوما بعد يوم، وفي المقابل أصبحت قوة المقاومة أكثر فأكثر.

يمتلك النظام ورقة ضاغطة على الغرب، وهي الورقة الاقتصادية، ما الذي تمتلكه المقاومة في مقابل ذلك؟

اليوم، لم تعد ورقة الضغط الاقتصادي للنظام تشد الانتباه، حتى أنها لا تفيد كثيرا الدول الأوروبية، التي كانت حريصة على العلاقات الاقتصادية مع إيران، فالعقوبات الأميركية قوّضت فرص الشركات الأوروبية الكبرى في إمكانية العمل مع النظام الإيراني. وحتى في حال عدم وجود عقوبات أميركية، لن يكون هناك مستقبل للاستثمار في إيران بسبب عدم الاستقرار السياسي وانعدام الأمن.

تنتظر النظام أوقات عصيبة بسبب الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي وتجديد العقوبات الاقتصادية. ما الذي أعدّته المقاومة لتلك المرحلة؟

لم نتطلع إلى الغرب والولايات المتحدة لتغيير النظام في إيران. وحتى الآن، كانت سياسة الغرب تصب في صالح النظام الإيراني. والحقيقة هي أن سياسة المساومة والتغاضي عن الجرائم وانتهاكات النظام الإيراني داخل البلاد وخارجها، كانت أكبر مساعدة له. في التسعينات والعقد الأول من القرن الجديد، أعطت الدول الغربية لهذا النظام فرصة البقاء والحكم، وذلك من خلال وضع منظمة مجاهدي خلق على قائمة الإرهاب وقصف أعضائها في العراق والتقاعس والصمت عن مجازر طالت المعارضة، وأيضا فتح أبواب العراق للنظام الإيراني وتجاهل تدخلاته في سوريا واليمن ودول أخرى. إن التغيير في السياسة الأميركية والتوقف النسبي لسياسة المساومة مع النظام، بالطبع يخلقان الكثير من المشاكل له.

العرب وإيران
الموقف العربي من السياسات الإيرانية صار أكثر وضوحا. هل في ذلك الموقف من نفع للمقاومة؟ وهل تنسق المقاومة مواقفها مع أطراف عربية؟

جرائم هذا النظام ضد الشعب الإيراني وشعوب المنطقة تشبه الغزو المغولي، ولحسن الحظ، أدركت الدول العربية هذه الحقيقة، وهذه الحالة بالتأكيد خطوة إيجابية نحو تحقيق السلام والهدوء في المنطقة ودعم تطلعات الشعب الإيراني من أجل الحرية والديمقراطية. ومن وجهة نظرنا، إن السياسة الصحيحة في هذه المنطقة من العالم هي ممارسة الضغط والعقوبات ضد نظام الملالي وإقامة الصداقة والأخوة مع الشعب الإيراني.


ألا يساعد التصدي للتمدد الإيراني خارج إيران المقاومة في شيء أم أن العكس هو الصحيح، إذ يساهم ذلك التمدد في تبديد قوة النظام؟

تأسيس إمبراطورية إسلامية جزء من فلسفة هذا النظام. هذه الإمبراطورية لا تعترف بالحدود الجغرافية، وكان الخميني، قبل أربعة عقود من مجيء تنظيم الدولة الإسلامية (وإعلانه عن دولة الخلافة الإسلامية) وصف هذه الإمبراطورية بالخلافة الإسلامية، وهذه النظرية وردت في دستور النظام وتمت تسميتها باسم اتحاد الجماهير الإسلامية. ووفقا لنظرية ولاية الفقيه، إذا اعترف النظام بالحدود الجغرافية، فلن يبقى شيء من ولاية الفقيه، وبسبب هذا، ومنذ عام 1979 وضع الخميني ونظامه بلدين كهدف رئيسي لهما، العراق بسبب وجود مراقد للشيعة والسعودية بسبب وجود الحرمين الشريفين، وهما كانا أيضا من أغنى البلدان الإسلامية.

كان النظام يريد في البداية غزو العراق واحتلاله ووضعه كرأس جسر له لفرض هيمنته على بقية البلدان، ولحسن الحظ، هزم في حرب الثماني سنوات. لكن للأسف، غزو الكويت في عام 1990 والتطورات اللاحقة في العراق واحتلاله في عام 2003، كل ذلك تسبب في حصول النظام الإيراني على غنيمة باردة، لم يحصل عليها خلال حرب الثماني سنوات، ومدّ نفوذه في المنطقة.

تدخل النظام في المنطقة ليس في مصلحة الشعب والمقاومة الإيرانية، ولهذا السبب نحن نعارضه بكل ما نملك من قوة، كما أننا عارضنا الحرب مع العراق، وإذا انحصر النظام في حدود إيران، فإن إسقاطه سيكون أسهل بكثير. ولهذا السبب أكدنا مرارا على أن دول المنطقة والمجتمع الدولي يجب أن يتخذا خطوات ضرورية لإجبار النظام على مغادرة العراق وسوريا واليمن ولبنان ودول أخرى في المنطقة.

لا يجوز تقديم أي امتيازات للنظام في أي جزء من المنطقة، ولا يمكن تحمل أيّ من عملاء النظام في المنطقة، بل يجب قطع الشرايين الاقتصادية للنظام في المنطقة. الآن، العديد من الأطراف الرئيسية الموالية للنظام موجودة في هذه المنطقة. لو كانت الحدود العراقية مغلقة أمام إيران، ولو كانت حدود تركيا مغلقة أمام إيران، ولو كانت الدول الجارة الأخرى تشارك بنشاط في مقاطعة هذا النظام، لكان الأمر أكثر صعوبة عليه.

هل المطلوب عالميا مواجهة النظام مباشرة أم البدء بقصقصة أجنحته وذيوله الخارجية لكي ينكفئ على نفسه. ما هو الخيار الأفضل؟

هاتان المسألتان وجهان لعملة واحدة؛ ممارسة الضغط على هذا النظام في المنطقة وقص أجنحته سيؤديان إلى إضعافه داخل البلاد، والضغط على هذا النظام بسبب انتهاكاته داخل إيران وخارجها، يضعف دوره في المنطقة، وفي النهاية النتيجة واحدة. يمكننا مناقشة التكتيكات وتقديم أو تأخير في الإجراءات التنفيذية، لكن كما قلنا مرارا، فإن قضية إيران لا تقتصر فقط على المشاريع النووية والصاروخية. يجب استهداف الجوانب السياسة الثلاثة لهذا النظام لأنها مترابطة: المشاريع الصاروخية والنووية والتدخلات الإقليمية وانتهاكات حقوق الإنسان.

الغرب بين النظام ومعارضيه
هل تملك المقاومة تفسيرا لموقف أوروبا المتردد والمناور والملغز من المسألة الإيرانية؟

سياسات أوروبا تجاه إيران تعاني من تناقضين كبيرين: إعطاء الأسبقية المطلقة للمصالح الاقتصادية وتجاهل حقوق الإنسان التي هي مبدأ أساسي في تشكيل أوروبا، فضلا عن إهمال تهديدات نظام الملالي للسلام والأمن والتي تستهدف أوروبا أسرع بكثير من الولايات المتحدة. لن يصل مدى صواريخ النظام أبدا إلى الولايات المتحدة، لكنه يمكن أن يصل إلى أوروبا بسهولة. كما أن التاريخ يذكّر بالأنشطة الإرهابية للنظام في أوروبا.

تنظر أوروبا إلى مصالحها في إيران بنظرة قصيرة، بينما إذا رفعت أوروبا صوتها ضد انتهاكات حقوق الإنسان في الداخل وضد جرائم النظام في المنطقة، فإن ذلك سيزيد من مصداقيتها ليس فقط في الدول العربية والإسلامية في المنطقة، ولكن قبل ذلك لدى الشعب الإيراني، الأمر الذي له تأثير كبير على مستقبل علاقات إيران مع أوروبا. ناهيك عن أنه في الوقت الحالي، وعلى ضوء العقوبات الثانوية للولايات المتحدة، فإن نطاق المناورة الاقتصادية الأوروبية مع النظام أصبح محدودا أكثر من ذي قبل.

ما هي القضايا التي تعتمد عليها المقاومة الإيرانية في تحريك الشارع الإيراني ضد النظام؟

يطالب الشعب الإيراني بتغيير النظام، وحتى العديد من مسؤولي النظام يعترفون بحقيقة أن الشعب لا يريد نظام ولاية الفقيه. حتى بين رجال الدين، ازدادت معارضة حكم الدين وحكم ولاية الفقيه بشدة وأعربوا عن استيائهم. لذلك، نحن لسنا بحاجة لأن نقول للمواطنين يجب الإطاحة بهذا النظام. نحن نقول لهم إن قوة النظام كارتونية، وإذا تحركت إرادة الشعب، فإن هذا النظام لا يملك القدرة على التعامل معها، علينا أن نساعد في تنظيم الاحتجاجات الشعبية. وهذه هي الأعمال التي نقوم بها، سياسيا وعمليا وتنظيميا. معاقل العصيان ومجالس المقاومة في مناطق مختلفة من البلاد تتوسع لتنظيم الانتفاضات والإضرابات والاحتجاجات وتوجيهها نحو تغيير النظام.

ما هي السيناريوهات المتوقعة للوضع الداخلي في إيران إذا ما ترسّخت العقوبات الأميركية عالميا؟

تشديد العقوبات وتدويلها سيعودان بالنفع الكبير على الشعب الإيراني، وأنا أشير إلى حالتين اثنتين:

* أولا، هذه العقوبات تقول للمواطنين إن المجتمع الدولي ليس في جانب النظام الإيراني، بل هو يقف بجانب الشعب الإيراني في كفاحه من أجل الديمقراطية.

* ثانيا، أظهرت التجربة أن العقوبات تضعف النظام بشدة، وتزيد الأزمات والصراع على السلطة داخل النظام. ووفق المثل الإيراني المعروف “عندما تتصلب الأرض، تتناطح الثيران”. تذكروا أن نظام الملالي هو مجموعة من العصابات التي يتصارع بعضها مع بعض. واحتدام التناقض وتفاقم الصراع بينها على السلطة يساعدان بشكل كبير في التغيير.

آليات التغيير
تعتمد المقاومة سياسة التغيير من الداخل. فما هي مقوّمات ذلك الفعل الانقلابي داخل البنية الاجتماعية والثقافية الإيرانية وهل ثمة مؤشرات لذلك التحول؟

لا يوجد أي مكون أو فئة في المجتمع يكون راضيا بهذا النظام. خلال فترة حكم الملالي، انضم سكان المدن والطبقة الوسطى التي تشكّل الجزء الأكبر من المجتمع عمليا إلى الفقراء. والعمال يعيشون في حالة حرجة، وأتباع مختلف الديانات والمجموعات العرقية والطوائف في إيران يتعرضون لأشد الضغوط والمضايقات. ماعدا الباسداران (قوات الحرس الثوري) وعملاء ومرتزقة النظام وعائلاتهم. ويمكن أن نجد مؤشرات هذا الوضع في شعارات المنتفضين في مدن مختلفة. وكان مزارعو أصفهان، قد أداروا ظهورهم على إمام الجمعة وممثل خامنئي، وهم يهتفون “الخلف للعدو – ووجهنا للوطن”، أو كان أهالي كازرون يطلقون شعار “ويل لكم من اليوم الذي نرفع السلاح”، أو في العديد من الإضرابات، يشير الناس إلى النظام ويهتفون بأن عدونا هنا، ويقولون كذبا هو الولايات المتحدة. وفي كلمة واحدة، يطالب أكثر من 90 بالمئة من الشعب الإيراني بالتغيير، ويجب دعمهم وتعزيزهم وتنظيمهم.

هل تنسق المقاومة مع أطراف إقليمية ودولية معارضة لنظام ولاية الفقيه من أجل بناء وضع يسمح بثقة مشتركة بالمستقبل إذا ما تم تغيير النظام؟

نسعى جاهدين للتوصل إلى تفاهم حول سياسة عادلة وواقعية حيال النظام الإيراني مع جميع الأطراف الدولية ذات الصلة، وهذه السياسة قائمة على عدة ركائز:

* أولا، هذا النظام هو المصدر الرئيسي للمشكلات في إيران والمنطقة.

* ثانيا، تريد الأغلبية الساحقة من الشعب الإيراني إسقاط نظام الحكم.

* ثالثا، لقد كانت سياسة المساومة ومنح امتيازات لهذا النظام أهم عامل أدى إلى دعم النظام واستقوائه ويجب التخلي عنها.

* رابعا، يجب طرد هذا النظام من المجتمع الدولي ومحاسبته على جرائمه ضد الشعب الإيراني وبلدان المنطقة.

* خامسا، يجب إجبار النظام على وقف مشاريعه النووية والصاروخية والانسحاب الكامل من دول المنطقة.

هذه هي الخطوات الواجب اتخاذها في تفاهم على المستوى الإقليمي والدولي.

يتوقع الكثيرون أن التغيير سيكون عسيرا في إيران بسبب تداخل الديني بالسياسي بالاجتماعي بالثقافي، وهو وضع ملتبس. ما الذي تقوله المقاومة في ذلك الشأن؟

يكره الشعب الإيراني الدكتاتورية الدينية. لطالما كانت وجهة نظرنا هي ربط هذا النظام بالإسلام هو ظلم بحق الإسلام، لذا لا أحد في إيران يعتقد أن فرض العقوبات على هذا النظام أو ممارسة الضغط عليه، يعني مواجهة الإسلام والشيعة، من وجهة نظر الشعب الإيراني، لم يقم أي شخص بإيقاع الظلم على الإسلام والشيعة بقدر ما فعله هذا النظام.

متى يكون الحديث عن اقتراب ساعة التغيير في إيران ممكنا؟

التغيير ليس بحاجة إلى الإعلان المسبق. أجراس التغيير في إيران تدق، إن انتفاضات الشعب المستمرة منذ بداية هذا العام وتواصلها والأزمات المتلاحقة التي تطال النظام، تبشّر جميعها بالتغيير. معاقل العصيان في جميع أنحاء البلاد، وتظاهرات العمال الاحتجاجية في خوزستان ومدن أخرى في البلاد، وانتفاضة المزارعين في أصفهان وانتفاضة أبناء مدينة كازرون كلها تتحدث عن اقتراب وقت التغيير في إيران.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

710 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع