المدى/بغداد/ إيناس طارق:أمراض ودمار شامل، تشريد وتهجير، بضاعة ملوثة ومشعة، والنتيجة واحدة؛ سرطان وتشوهات خلقية لكل عائلة عراقية، بعد أن ماتت البطاقة التموينية، والمواطن أخذ يلجأ إلى الطعام والبضائع الرخيصة لأننا الآن في زمن الكل يعمل ويموت ليشبع المسؤول.
بضائع محملة بطيب الإشعاع النووي الياباني من جميع المداخل الحدودية برية، بحرية، وجوية.. أجهزة كهربائية، ملابس أطفال نسائية رجالية، إطارات بطاريات، أجهزة هاتف نقال، حاسبات وآي فون وباد "إبادة جماعية للعراقيين" تملأ الأسواق وعمارات كاملة في ساحة الطيران والباب الشرقي؛ شيب وشباب نساء وفتيات بعمر الزهور يتهافتون عليها لاقتناء ما لا يستطيعون الحصول عليه لو كان بسعره الحقيقي، صفقات وخفايا لا يعلم سرها إلا التاجر والمسؤول والدولة المشعة! واليكم الحكاية.
صدفة خير من ألف ميعاد
بالصدفة كنا نسير في ساحة الطيران بسبب غلق الشوارع من قبل القوات الأمنية، لان ساحة التحرير سوف تشهد تظاهرات، من ينظمها؟ علمها عند الله! شاهدنا تجمهر كبير من الناس قرب إحدى العمارات المطلة على الشارع في ساحة الطيران من جهة الشارع الأيمن، ذهبنا إلى هناك رأينا بضائع كثيرة وبأحجام مختلفة لم ترتب إنما صفّت بشكل عشوائي واحدة لا تشبه الأخرى أمام واجهاتها فهي جديدة البناء، الطابق الأول من العمارة يتكون من 3 محال تجارية لا تختلف بالمساحة تقريباً، مظهر البضائع يجعلك لا تخرج إلا وأنت تحمل واحدة منها فالماركة يابانية أصلية وبسعر مغرٍ جدا!
بالة أصلي وياباني
تقليب البضاعة وفحصها للتأكد من أنها تعمل أو عاطلة مسموح ، كل شي عجيب غريب "والله زمن "، فالبضائع اليابانية مرمية على الارض وعلى مصاطب قديمة وفي متناول الجميع ،حاولنا طرح سؤال على البائع الذي كان شابا لا يتجاوز عمره العقد الثالث ويدعى مازن هل هذه البضائع أصلية أجاب وهو منحني الرأس يقوم بتشغيل ماكنة لحيم يابانية وبسعر 25 ألف دينار يفحصها كهربائيا لامرأة كانت تنتظر ان يكمل عمله لتشتريها قال :"هذه البضائع جديدة وكما ترون ما زالت في كراتينها ولم تفتح"، وهم يقومون بفتحها بعد طلب الزبون شراءها ويحصلون على البضائع من منطقة البيع الحر في "جكوك" مركز بيع البالة ، وهنا علقت المرأة قائلة بعد أن فتحت حقيبتها لتخرج الورقة الحمراء "25" ألف البضائع أصلية ورخيصة ونفس الماكنة تباع بمبلغ 150 ألف دينار "باله مو باله كلها تثرم اللحم".
الصناعة الوطنية في خبر كان
المحل الآخر المجاور كان يبيع الملابس الجميلة جدا والقطنية الداخلية والخارجية، الجلد الطبيعي والصوف، ألوان براقة وجذابة، بنطال جينز وقديفة، معلقة ومرمية على أكياس نايلون، فرشت داخل أرضية المحل، جذبتنا قمصلة جلد سوداء رائعة الجمال أثناء تقليبها من قبلنا، جاءنا البائع وقال إنها مصنوعة من الجلد الطبيعي واخرج ولاعة سكائر من جيبه وقام بإشعال حافة القمصلة التي لم تحترق! هذا الموقف ذكرنا بصناعتنا الوطنية للجلود التي أصبحت في خبر كان ولم يكن! المهم سعرها 10 آلاف دينار ومنشأها ياباني، عرفنا ذلك من اليبل المعلق بها مع الماركة. صاحب المحال سحب القمصلة منا ورماها أرضا وقال انتم لا تشترون لو قلت لكم بـ(50 ألفا) تشترون هذه بضاعة أصلية ومستوردة من اليابان وجئنا بها من منطقة البصرة، هنا قاطعنا الرجل وسألناه ولماذا من البصرة قال لأنها تأتي عن طريق البحر ولا تخضع إلى الكمرك لهذا أسعارها رخيصة، والناس تأتي لشرائها، فالشتاء بارد واغلب الشباب يأتون لشراء القماصل والبنطال الجينز الجيد النوعية وليس صينيا حسب تعبيره.
بضائع فوكو شيما
تركنا الرجل يرتب بضاعته ويتلمسها بحرص ويتمتم بإحدى الأغاني الشبابية ولا يعلم ما يخفي إليه الزمن، فقد تذكرنا حينها الأخبار التي نقلت عن دخول بضائع يابانية الصنع إلى العراق ملوثة بالإشعاع النووي بعد أن تعرضت اليابان في 11 آذار عام 2011 إلى أعنف زلزال في تأريخها بلغت قوته 8.9 درجات على مقياس ريختر العالمي للعزم الزلزالي، وأدى إلى حصول أمواج مد بحري عاتية (تسونامي) بلغ ارتفاعها 10 أمتار، واجتاحت مناطق تقع شمال شرق اليابان، ما أدى لسقوط مئات القتلى والجرحى والمفقودين، كما خلفت أضراراً مادية فادحة تضمنت تعرض أربع محطات نووية لتوليد الطاقة الكهربائية إلى أضرار من جراء الزلزال، ومنها محطة (فوكوشيما) التي تسرب منها إشعاعات بنسب عالية دفعت بالسلطات إلى إغلاقها وإخلاء المناطق القريبة منها من السكان، هذه الخبر كان حديث الزمان والمكان والخوف من أن ينتقل الإشعاع الى العراق عبر الهواء الذي نستنشقه وجدنا أنفسنا "نلامسه ونأكله ونلبسه" يدخل بيوتنا بكل رحابة صدر فالبضائع تنتشر في كل مكان من العاصمة حيث اكتشفنا في جولتنا أن هناك عمارة أخرى في منطقة الباب الشرقي تختص ببيع الأجهزة اليابانية ذات التقنية الحديثة من الحاسبات وما يخطر على بالك من تقنية، الأمر خطير ويجب معالجته.. الناس تشتري وتستخدمها والإشعاع يشع ويدخل أجسامنا ما العمل؟ الناس لا تعلم أنها تنقل الخطر بنفسها، لقد باعت الحكومة شعبها إلى الموت البطيء؛ فلجنة الصحة والبيئة البرلمانية رفضت التصريحات حول وجود مواد مشعة في البضائع المستوردة للعراق، حيث قال النائب حبيب الطرفي في تصريح لـ(المدى)قائلا: لا يمكن أن يصدق كل ما ينشر من كلام في الإعلام. هناك رقابة ولجان فحص وبين فترة وأخرى تطلق مثل تلك التصريحات، الأمر يحتاج إلى تأكد وصحة معلومة قبل نشرها ولا نعتقد هناك من يريد إيذاء الشعب بهكذا صورة وإذا تأكد الأمر فلن يسمح بالتهاون وسوف يحاسب المسؤول عن استيرادها، والبضائع التي تدخل الى العراق تخضع إلى الفحص ، لهذا يجب التأكد من مثل تلك التصريحات.
التاريخ يعيد نفسه
يذكر أن وزارة التخطيط كانت قد صرحت العام الفائت وعلى لسان وزيرها علي شكري: إن شحنة الاطارات اليابانية الملوثة بالإشعاعات ، في (25 آب 2011)، والقادمة من اليابان دخل قسم منها إلى العراق، مستغلة فترة السماح التي حددتها الحكومة، مشيرا الى ان الوزارة ستعمل على فحص البضائع في بلد المنشأ، وقال إن الوزارة غير مسؤولة عن دخول تلك الإطارات الملوثة، وأن "الجهة المسؤولة عن دخولها هي المنافذ الحدودية والكمارك".
لكن الحال يبقى كما هو عليه؛ البضائع تدخل إلى العراق ويكتشف أنها ملوثة بالإشعاع وتباع بالأسواق، فيما تتقدم اليابان بطلب إلى وزارة التجارة العام الحالي 2013 لإعفاء بضائعها من شهادة فحص الإشعاع، بينما تسعى اليابان جاهدة وحسب تصريح مدير دائرة العلاقات الاقتصادية بوزارة الخارجية هاشم محمد حاتم عقب لقائه الوزير المفوض في السفارة اليابانية ميساكو تاكا هاشي، إن "اليابان طلبت من العراق إمكانية إعفاء البضائع اليابانية المصدرة إليه من شهادة فحص الإشعاع أسوة بباقي الدول العربية..
التقييس والسيطرة النوعية
ويشير رئيس جهاز التقييس والسيطرة النوعية سعد عبد الوهاب في تصريح لـ(المدى ) الى أن جميع المواد التي تدخل الاراضي العراقية تخضع الى الفحوصات، وهناك وزارتا الصحة والبيئة إضافة الى الجهاز النوعي تشارك بالفحص وهناك تعليمات أصدرت من قبل الجهات الحكومية بضرورة حث التجار على استيراد البضائع الجيدة والخالية من التلوث والإشعاع، ويجب ان تحمل ضمانات من حيث تاريخ الصنع والاستهلاك ونوعيتها.
يذكر أن العراق يرتبط مع الدول المجاورة من خلال 13 منفذا حدوديا، جوية وخمسة أخرى بحرية، إضافة إلى خمسة منافذ، وتدخل العراق كميات كبيرة من المواد الغذائية المعلبة والمشروبات الغازية واللحوم والزيوت النباتية والأجبان، إضافة إلى المواد المنزلية والأجهزة الكهربائية، من دول عربية وأجنبية كسوريا ومصر وإيران والصين، عبر منافذ العراق الحدودية، ولا تخضع هذه المواد في معظم الأحيان إلى فحص يؤكد صلاحيتها للاستخدام البشري وهذا ما هو واضح حيث تنتشر المعلبات المنتهية الإصلاحية وتباع بأسعار بخسة جدا ومع الأسف المواطن يشتريها، حيث يقول المحلل السياسي حميد المنصور أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد في اتصال هاتفي مع المدى: إن الظروف الصعبة وقلة التوعية للمواطن البسيط وعدم معرفته بما يخفيه المستقبل له من أمراض جراء شراء البضائع الملوثة والأغذية المعلبة الرخيصة جعلته يكون حقل تجارب لعدة دول ومع الأسف الواقع السياسي والأمني المضطرب جعل العراق يكون مكباً للنفايات النووية وهذا هو ما جناه العراقي من حكومته المنتخبة أمراض سرطانية تنتشر بسرعة فيروس مميت وقاتل ولا احد يبالي بهذا الشعب لماذا لا تفعل الحكومة مثل بقية الدول لدول المتحضرة التي تخشى على أبناء شعوبهم من الإصابة بأنواع الأمراض السرطانية تصدره منها وحكومتنا تستورده لنا وكل ذلك بسبب البطالة والعوز المادي وحتى الجوع يجعل الفقير يريد الأكل ليعيش ولا يهمه الموت بالسرطان أو بعبوة ناسفة أو طلق ناري عشوائي فالواقع العراقي جعل المواطن لا يأبه بالحياة .
المحافظات والإشعاع
فيما ناشد نائب رئيس غرفة تجارة كربلاء محمد الرشدي الحكومة بضرورة اتخاذ قرارات حاسمة ومحاسبة التجار الذين ادخلوا هذه البضائع إلى البلاد بعد أن اكتشفت بضائع ملوثة في المحافظة
فيما دعا النائب عن ائتلاف دولة القانون عبد السلام المالكي ، الحكومة العراقية إلى تشكيل لجنة متخصصة للحد من تهريب قطع الغيار الملوثة بالإشعاعات إلى داخل القطر.
وقال المالكي إن في كل فترة تحدث حالات ضبطٍ لبضائع ملوثة بالإشعاعات عبر المنافذ الحدودية، حيث يتم تهريبها من قبل مافيات اقتصادية متنفذة،
وأضاف أن شركات إماراتية تعمل بالتنسيق مع تجار عراقيين على إدخال تلك القطع الملوثة إلى العراق دون أدنى مراعاة للأضرار البيئية والصحية التي قد تسببها للمواطنين ورغم الإجراءات التي يتم تنفيذها على المنافذ الحدودية إلا ان هناك جهات متنفذة تعمل على تمرير بعض تلك البضائع إلى الاسواق العراقية، وطالب المالكي الحكومة العراقية بــ " تشكيل لجنة خاصة من الوزارات والجهات المعنية لمتابعة تلك الحالات ولمنع تهريب تلك القطع الملوثة ومحاسبة التجار الذين يثبت تورطهم بتوريدها بغية معرفة الجهات المتنفذة التي تقف خلفهم ، وأن الفرقة الرقابية التابعة لمديرية ذي قار التابعة الى وزارة البيئة كشفت عن وجود مواد ملوثة إشعاعيا في عدد من قطع الغيار السيارات مستوردة من ميناء البصرة حيث تم إدخالها بطريقة غير قانونية للبلد.
وألقت الأجهزة الأمنية في محافظة البصرة القبض على تاجر عراقي يستورد بضائع ملوثة بإشعاعات نووية إلى العراق عبر ميناء البصرة. إضافة إلى أن محافظة ديالى شهدت نصب أجهزة فحص ميداني للإشعاع في مركز المنذرية لكشف البضائع الملوثة بالإشعاع وفحصها جيداً. وأخيرا نقول هذا ما جناه العراقي من حكومته؛ بضائع ملوثة تستورد وأرصدة مالية تزيد في حساباتهم وأمراض تنتظر أجيالا وأجيالا يشهدوا على ما جنا عليه آباؤهم بانتخاب حكومة ومسؤولين ودولة يموت المواطن فيها ليعيش المسؤول.
744 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع