{شريعة السماجة} التراثية البغدادية.. سوق جاذبة للعائلات العراقية

     

التجار لا يؤمنون بالمقولة {ماكول مذموم} ويجدون البيع أصعب من الصيد

        

    الصباح/بغداد - وداد ابراهيم:"مع الإشراقة الأولى للفجر كنا نحث الخطى الى "الشريعة" علوة السمك، أنا وأبي وجدي لنجد أن المكان ازدحم بالوجوه، وان ضجيجا اغتال صمت الفجر بأصوات العربات وأصوات تجار السمك، تتزحلق تتلوى تتمايل بين كفوف الباعة انواع الشبوط والبز والكطان والبحري وابو خريزة والحمري، والزبيدي،اسماك تأتي من العمارة والبصرة وحديثة وسامراء والثرثار".

هذا ما تحدث به السماك صباح التميمي لجريدة"الصباح"، والذي يعد من أقدم باعة السمك في عموم بغداد، وأضاف "كانت سخونة الأسعار تلهب المزاد الذي يقيمه التجار وكأننا في مزاد للتحف النادرة حيث الصمت يعم المكان والدهشة والترقب يسودان على وجوه الباعة والتجار واصحاب العربات، دون ان يكون هناك من يقول انتهى المزاد، حتى تطلع الشمس لينفض هذا الجمع ولم يكن في الشريعة الا أصحاب الأحواض وقليل من صبية يدخلون الشريعة لتعلم المهنة والانتظار حتى يكون لهم دور لشراء السمك الحي ثم يجرون عرباتهم للبيع في أزقة بغداد وشوارعها".
وأشار ابوشهد الى أن "للنسوة حظا في دخول المزاد والمنافسة على الأسعار مثلها مثل باقي التجار بل على العكس فكثير من الاحيان كانت النسوة اول من يدخل الشريعة وقبل حلول الفجر للبحث عن الرزق والحصول على الافضل والانسب في السعر".
ويستذكر ابوشهد رحلته من البيت الى الشريعة قائلا "دخلت سوق الشريعة قبل خمسة وأربعين عاما حين كنت في العاشرة من عمري حين رافقت جدي ووالدي الى هذا المكان الذي أقف فيه الآن بعد أن تركت مقاعد الدراسة وانا في الصف الثاني متوسط لأتعلم الهدوء والصبر واللباقة في إقناع المشتري بأن للسمك ألف حكاية وحكاية مع الجسد، بما يمتلك من فوائد، ما جعل أجدادنا في الجنوب يحفظون السمك بطريقة التجفيف عبر تعليقه على حبل حتى تظهر على سطحه ثقوب من شدة التجفيف".
ويقول أبو شهد السماك "أنا لا أؤمن بالمقولة المشهورة (السمك مأكول مذموم) لأنه الوجبة المفضلة لدى العراقيين من الجنوب الى الشمال، وما يؤكد حديثي ان العراقيين حين يقيمون وليمة لشخص يزنونها بالسمك باعتباره الأفضل".
اما عن أسرار البيع فبيّن "بيع السمك أصعب من صيده، وباختصار، البائع أشطر من الصياد فماذا ينفع أن يكون في الحوض سمك طازج ولا يعرف السماك كيف يبيعه لأن الصيد حظ والبيع شطارة، فيدخل المشتري السوق يبحث عن
سمكة لكن يجهل التفاصيل الأخرى، وهنا يبدأ دور السماك في إقناعه بالأفضل، خصوصا وان المشتري لا يجد أمامه سمكا حيا بل أسماك تأتي من المحافظات وبأسعار أعلى بكثير من الأسماك التي تتلاعب امامه في الحوض لذا يجب ان يكون السماك ذكيا ولبقا وله أسلوب مقنع".
وعن أغرب ما واجه ابو شهد خلال عمله في سوق الشريعة فيقول  "هناك أنواع من الأسماك لا تهضم الطعام؛ أي انها تبتلعه، لذا كثيرا ما أجد سمكة داخل سمكة، وأذكر اني بعت في الثمانينيات سمك بز وصل وزنه الى 100 كيلو غرام، وهذا النوع من الأسماك كنت أحتفظ به لأصحاب الفنادق الكبيرة".
وفي حديثه لـ"الصباح" يوضح التاجر أبو محمد قائلا: "يوفر سوق الشريعة لمرتاديه الكثير من أنواع الأسماك، فيما ينقسم النوع الواحد من بعض الأسماك الى عدة أصناف، وأكثر أنواع الأسماك شهرة لدى العراقيين هي البني والقطان والزبيدي والشبوط والبز والبياح والتي تتمتع بقيمتها الغذائية العالية ومذاقها الطيب، فضلا عن القشريات مثل "الروبيان".
ويضيف "يبدأ السوق نشاطه في الخامسة فجرا، حيث يتوافد التجار والبائعون لحضور المزاد الأول على الأسماك الحية التي يأتي بها الصيادون من جميع محافظات العراق، وهو تقليد يحافظ عليه التجار والبائعون منذ القدم للدلالة على على أن السمك كله ما زال حياً".
ويشير أبو محمد الى أن "العادات الغذائية المتباينة لأهالي بغداد، تعكس ذاتها بوضوح شديد في سوق سمك الشريعة، فالمواطنون يقبلون على «البني » الكبير لأن دسم وطيب المذاق، وعلى سمك "القطان" لأن فيه فوائد جمة، كما يقبل المواطنون على الزبيدي وخصوصاً البصراوي لأنه بدون عضام".

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

408 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع