طارق الهاشمي للشرق: بيئة العراق مهيأة للتغيير‏

    

أدار اللقاء: جابر الحرمي

أعده للنشر: طه حسين — عز الدين عبده:

أكد السيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية العراقي ثقته في قدوم التغيير في العراق بثورة شعبية سوف تندلع بعد الحسم الشعبي في سورية، مشددا على ان الازمة الحالية في العراق هي ازمة حكم وأنه لا أمل في الاصلاح او سحب الثقة من حكومة المالكي بعدما انتهج نوري سياسة غريبة على الشعب العراقي تقوم على الاستهداف وتصفية الحسابات وتلفيق التهم.

الهاشمي الذي لبى دعوة وجهها له الأستاذ جابر الحرمي رئيس التحرير لزيارة "الشرق" أثنى خلال اللقاء مع أسرة التحرير على إنجازات "الشرق" ومواقفها المناصرة لقضيته ولقضية الشعب العراقي مؤكدا ان الملايين في العراق وخارجه يتابعون ما تكتبه الشرق في قضية العراق وأن رصيدها يتطور ويتنامى بمرور الوقت وهي تسجل موقفا تاريخيا في مرحلة من مراحل حرجة تمر بها الامة وتحملت في سبيل ذلك المتاعب وتلقت التهديدات لإثنائها عن مواقفها.

وتحدث الهاشمي في الحوار عن الأزمات التي يفتعلها المالكي مع الاكراد ونزاعاته مع المحافظات مؤكدا انه يخالف صريح الدستور في فرض السيطرة الامنية على الاقاليم، ويهدف الى التضييق على اقليم كردستان ومحاصرته عسكريا، قائلا إن اطلاق العمليات في هذا الوقت بالذات لا مبرر له خصوصا ان الأوضاع الأمنية شهدت قبل اطلاق العمليات تحسنا امنيا ملحوظا، لافتا الى ان محافظات كركوك وديالى وصلاح الدين المعنية بهذه العمليات قد تشهد تدهورا امنيا غير مسبوق جراء هذا التصعيد.

وفيما يلي نص اللقاء

— دعنا نبدأ بإطلالة على المشهد العراقي في ضوء الاعباء المثقل بها هذا البلد الشقيق الذي طالما قدم للانسانية الكثير لكن يبدو ان حديث الالام يطغى على حديث الامال، فكيف تقرؤون هذا المشهد في ظل حكومة نوري المالكي؟

— بداية أنا سعيد بوجودي في الشرق وممتن بإنجازاتها حتى قبل ان تتولى الدفاع عن قضيتي وقضية الشعب العراقي، وهي تستحق الشكر على ما تقوم به من اجل الدفاع عن الحق والتصدي للظلم والفساد غير المعقول الذي يجري في العراق، ولا أعبر عن موقف شخصي فهناك الالاف بل الملايين يتابعون ما تكتبه الشرق في قضية العراق ورصيدها يتطور ويتنامى بمرور الوقت وهي تسجل موقفا تاريخيا في مرحلة من مراحل حرجة تمر بها الامة في الوقت الحاضر وتحملت في سبيل ذلك المتاعب وتلقت التهديدات لإثنائها عن مواقفها، وأشكر دعوتي وامتناني وكونوا على يقين انكم واقلامكم على الحق، فقد كنا نسمع عن ان الصحافة تباع وتشترى والمالكي سخر ثروات العراق ليشتري دولا وليس فقط صحافة، ونحن امام صحيفة تحملت مسؤوليتها في طروف صعبة ولكن في نهاية المطاف لا يصح الا الصحيح، فهذا القلم الحر — الشرق — له اليوم صدى كبير جدا.

أما وضع العراق فلا يحسد عليه في حقيقة الامر ولا يسر الصديق فالاوضاع مزرية وحرجة للغاية وما حصل قبل اسابيع من تمدد المالكي على محافظات صلاح الدين وديالى وكركوك له ما له من تداعيات على المستقبل وهي تشكل ضربة استباقية لما يمكن ان يتوقع المالكي بعد التغييرات التي ستقع في سورية وربما تقع انتفاضة في العراق بسبب ملايين المحبطين والمظلومين وهؤلاء لن يسكتوا على هذا الواقع المؤسف الذي يعيشه العراق بكل امكانياته المادية الهائلة وفي نفس الوقت لايزال الوضع الاقتصادي والمعيشي والحياتي للمواطن العادي اقل بكثير مما يمكن ان تحققه هذه الثروة الهائلة حتى ان 35 % من ابناء الشعب العراقي تحت خط الفقر ولا يجدون طعاما يسد جوعهم، واليوم تفاقمت الامور بعد ان كانت المشاكل محصورة في العملية السياسية في بغداد وانتقلت اليوم واستخدمت القوة العسكرية كما هو دأب العالمي، وواحدةمن المآخذ الكبيرة عليه ان وظف السلطة والقوة من اجل تسوية الخلافات مع المعارضين وتجاوز هذا المسألة الى كردستان، والسؤال هو: متى كانت العلاقات بين اربيل وبغداد طيبة حتى يدفع المالكي ويمدد سيطرته الامنية والعسكرية على المحافظات الثلاث ويقول ان كردستان تتصرف خلاف الدستور؟ وبقية المناطق معلقة منذ كتابة الدستور في تاريخ مجلس الحكم حيث اخطأوا وسموا بعض المناطق بانها مناطق متنازع عليها وانا شخصيا اعترضت عليها لان هذه تحدث بين دول فكيف تحدث في اطار بلد واحد موحد وهناك دستور اكد على وحدة هذا البلد والقضية معلقة منذ كتابة الدستور عام 2005. فهذا الرجل يشعر بحرج ويريد ان يوظف القوة العسكرية والامتداد الذي حدث في كركوك وصلاح الدين وديالى لم يكن له هناك سبب يدفع باتجاه استهداف هذه المحافظات الى العمليات العسكرية.

— وماذا يعني القيام بعمليات عسكرية في هذه المحافظات؟

— المالكي قائد عام للقوات المسلحة وهذه المحافظات وفق الدستور هي مسؤولة عن امنها الداخلي لكن عندما يقرر القائد العام للقوات المسلحة ان يؤسس مناطق عمليات في هذه المحافظات فيجعل القضية الامنية لهذه المحافظات مرتبطة بمكتبه مباشرة وبالتالي الاعتقالات وكل الملف الامني ينتقل من المحافظة الى مكتب القائد العام للقوات المسلحة في بغداد وتسقط مسؤولية المحافظ ومجلس المحافظة فيما يتعلق بالملف الامني ليصبح المالكي الحاكم بأمره في هذه المحافظات كما وقع في الانبار التي اصبحت تحت سيطرته وصلاح الدين وديالى وكركوك وبغداد بالتأكيد لكن السؤال لماذا لا يمتد جنوبا؟ وقد لاحظنا انه بعد ايام من الفتور تقع تفجيرات وقتل وعندئذ يقول المالكي ان المحافظ غير قادر على ضبط الامن وبدلا من ان يجلس مع المحافظ ويبحث معه كيفية تدارك الموضوع وتعزيز الامن اذا به لا يعطي المجال للمحافظ حتى يبرر ويشرح، واتساءل كيف وانت قائد عام للقوات الملسحة يحدث بين مواطني بلدك الانفلات الامني؟ وقبل ان تقرر تاسيس عمليات في هذه الفترة اقدم خبراتي قبل ان تقرر اخضاع هذه المحافظة الى سلطته المباشرة كقائد عام للقوات المسلحة، وندهش كيف انه في اليوم التالي الذي تقع فيه اختراقات امنية يصدر قرار بأن هذه المحافظة هي جزء من العمليات. وهذا حدث في الماضي قبل سنوات في الانبار وكنت مسؤولا عنها ونسقت مع محافظ الانبار في وقتها الا تخضع الانبار ابدا وعندما سألت المحافظ قال ان من يقوم بالتفجيرات هم جماعة المالكي في الجيش وهم الذين يزرعون العبوات وسط المدنيين، وعام 2006 كان وزير الداخلية بيان جبر وكنت الامين العام للحزب الاسلامي ففرض حظر التجول ذات يوم عند الساعة الحادية عشرة وبعدها بدقيقة انطلقت سيارات الشرطة في المناطق العربية السنية في بغداد تعتقل الشباب وفي اليوم التالي اسأله عن المعتقلين ينكر انه اعتقلهم ويقول ليس لنا علاقة، رغم ان 30 سيارة شرطة كانت تنطلق من وزارة الداخلية للمناطق لاعتقال الشباب الذين كنا نجدهم جثثا بعد ايام.

— في ظل هذه المخالفات وانتهاكات حقوق الانسان والفساد والفقر، لم نجد الشعب العراقي يثور على هذه الاوضاع ويبدو انه قابل بذلك فمتى يمكن ان يصل الربيع العربي الى العراق والمالكي يجهز لفترة ثالثة؟

— البلد يعيش حالة استثنائية وهناك غضب على حكومة المالكي لانها متهمة بالظلم والفساد وسوء الادارة، والموارد الضخمة دخلت الميزانية لكن الحاصل ان الشعب في فقر وشريحة كبيرة من الشعب العراقي جائعة وقد سمعتم عن قطع البطاقة التموينية رغم ان العراق لديه الموارد الكافية وكان يجب ان يتوسع في هذه المسألة لا أن يقلصها والواقع مُزرٍ وهناك ملاييين من المحبطين يشعرون بالظلم وان العراق لم يعد بلدهم اذا لم تحقق لهم الحياة الكريمة فما علاقتهم بالوطن وما الذي يقدمه الوطن لهم؟!

واليوم البيئة مهيأة للتغيير وكل الكتل السياسية حاولت ان تجري التغيير عن طريق الدستور، فإما ان يحسن المالكي المسار او تسحب الكتل السياسية الثقة منه، والمالكي فشل في ان يصحح مسار الحكم والازمة الحالية في العراق هي ازمة حكم وفي نفس الوقت ضغطت ايران على الكيانات السياسية التي حاولت ان تسحب الثقة وقبل اشهر عندما حدث ائتلاف بين التحالف العراقي والكردستاني والتيار الصدري مارست ايران ضغوطا على هذا الطرف او ذلك من اجل سحب الطلب بسحب الثقة من المالكي واليوم العملية السياسية مشلولة بالكامل ولا امل في الاصلاح او سحب الثقة. والمجال مفتوح للتغيير بطرق اخرى والارضية داخل العراق مهيأة وربما ما سوف يحدث في سورية سوف يكون مصدر إلهام للشعب العراقي لاجراء التغيير المنتظر وحركة المالكي وتوسعة نفوذه في اطار شمول صلاح الدين وكركوك وديالى هي علميات تشكل ضربة استباقية لمواجهة اية انتفاضة قد تندلع مستقبلا في هذه المحافظات.

— بعد 4 احكام بالاعدام اصدرها المالكي ضدك هل تتوقع المزيد من الاحكام؟

— اخشى ان يرتفع العدد فلا يتسع المجال لحمل هذه الاوسمة.

— لكن كيف تمت صياغة 4 احكام ضدك؟

— آخر رسالة وصلتني في الشهر الثالث وكنت في اربيل عن طريق احد اعضاء مجلس النواب قالت الاتي: غادر العراق تسلم. وعندما سألت: مم؟

قال المالكي: مستعد لغلق الملفات بالكامل بشرط أن تغادر العراق، ولكن قلت له ماذا عن سمعتي، وما الذي سيقوله الشعب العراقي؟ فسمعتي قبل منصبي وانا رجل صادق فيما اقول وقدمت كل ما لدى في سبيل بلدي، ليس اكثر من ان ثلاثة من اخوتي يذبحون وأسكت على ذلك ولا اطالب بثأرهم وانا اعلم من قتلهم!! فما هو المطلوب لان اقدم اكثر من هذا كسياسي، وقد تميزت بالتضحيات التي قدمتها لشعبي فهل فوق هذا أفقد سمعتي ايضا؟! وقلت أبلغوا المالكي انني لن أخرج، قال اذن سوف تمضي المحكمة، وما يحدث ليس مفاجأة لي وهناك حكم الشهر القادم سوف يضاف للاحكام والمهزلة ما هو دوري انا في هذه الجرائم التي ارتكبت؟؟. وأشهد الله على ما دار بيني وبين سكرتيري ومسؤول الحماية وهو بريء والله الذي لا إله الا هو، وان الحديث ما خرج عن قضية الترتيبات الامنية للتنقلات والامن لحمايتي الشخصية. ولم اتكلم بغير ذلك لكنهم ادعوا أنني أعطيت أفراد حمايتي الترخيص بالقتل وأنني كنت أمنح القاتل مظروفا به 500 دولار وكتاب شكر من نائب رئيس الجمهورية. فهل هذا منطق؟ وانا ضابط ركن في كلية الاركان العراقية فاذا كان لي ان اتحول الى قاتل فهل اقتل بهذه الطريقة البائسة وامنح القاتل 500 دولار. واليوم اطلب منهم ان يظهروا كتب الشكر المزعومة وأنا مستعد أن أقدم نفسي لقضاء كردستان.

— هل إذا اعيدت المحاكمة في كردستان ستقبل؟

— نعم، ولكنهم من البداية يرفضون نقل المحاكمة.

— هل حدثت وساطات بينكم؟

— نعم، وكانت هناك محاولة حقيقية من بعض دول مجلس التعاون الخليجي وفي مؤتمر القمة أوصلوا رسالة واضحة إلى المالكي أن ما حدث للهاشمي غير مقبول وقالوا نحن نعلم هذا الرجل ونعلم تاريخه ولا نصدق هذا الاتهامات ونعتبرها استهدافا شخصيا وسياسيا للهاشمي ونطلب الغاء هذه التهم، لكن الاجابة كانت سلبية وقد لاحظتم التمثيل المتدني في القمة وذهب مسؤول من مجلس التعاون الخليجي بعدة مطالب احدها يتعلق بي لكن المالكي لم يستجب وسعت تركيا وحاولت من خلال الكرد واوصلت رسالة لكنه لم يستجب وكأنما القرار ليس في يده.

— هل تقصد ان الحل وقرار العفو عنك في يد ايران؟

— ربما، لان ما حصل لا يخدم المالكي وان الامور تفاقمت الى حد كبير واليوم تفاقمت العلاقات مع دول الخليج وتركيا والوضع في المناطق العربية السنية به احتقان واحباط كبير من كل من شاركوا في العملية السياسية بعد ان قرر المالكي استهدافي وخسر خسارة كبيرة باستهدافي.

— لكنك كنت شريكه في العملية السياسية رغم ما كنت تعلم عنه فهل انت نادم على مشاركتك.. ولماذا لم تنسحب منها؟

— ربما لو عاد التاريخ نفسه ربما أتخذ هذا القرار ولا اشارك في هذه المهزلة، وانا اتكلم عما لي وعلي فعلى الصعيد الشخصي فقدت لكن على الصعيد الوطني اتذكر كيف كنت اواجه الناس في المناطق السنية وتهطل عليهم الهاونات والقتل ووصلوا عنوة الى صناديق الاقتراع حتى يصوتوا للهاشمي ومنحوني نحو 250 الف صوت وهذه هي النقطة التي اتوقف امامها وقبل الازمة بأشهر كان خيار الاستقالة والخروج هو الخيار الارجح بشكل واضح لكني لم استطع ان ابلور الاليات والتوقيت في الوقت المناسب والنقظة الاساسية كانت كيف سأواجه من انتخبوني وما الذي سأقوله لهم وكيف اتخلى عن مهمتي في تلك اللحظة ولكن تفاقمت الامور بعد ذلك والمالكي قبل اسابيع من الازمة طوق بيتي بالدبابات وبناقلات الافراد المدرعة وكان من يدخل ويخرج من مكتبي تتم مراقبته ويدقق وكنت صابرا على ذلك ووصلت تلك الرسالة للدول الصديقة للهاشمي بأن وضعي اصبح هكذا وكانوا يستغربون من تصرف رئيس وزراء هكذا.. وخلال 2006 — 2010 انا كنت عضو رئاسة وصلاحياتي صلاحيات رئيس جمهورية ومنصبي منصب سيادي فكيف يتعدى علي ولو عاد التاريخ نفسه لكنت اتخذت قرار الابتعاد فهذه العملية السياسية كانت عملية فاشلة ونحن كنا منذ عام 2004 الى اليوم الذي اجبرت فيه على العملية السياسية وأجبرت ان اكون الامين العام للحزب الاسلامي العراقي واجبرت ان اكون نائب رئيس جمهورية ولم اتقدم بمقترح من عندي ابدا وكانت لدي نفس التحفظات التي لديكم.

— لكنك قبلت الدخول في العملية السياسية فهل قدمت لمن انتخبوك الخدمات التي يستحقونها وهل دافعت عنهم؟

— الهاشمي: ربما تميزت منذ 2006 بأني نائب رئيس جمهورية بمتابعة ملف حقوق الانسان العراقي وزيارتي للسجون عام 2008 كشفت المستور عن سجون المالكي لأول مرة امام الرأي العام في الداخل والخارج.وقصمت ظهر المالكي في هذه القضية وجن بعد ان كشفت بالصورة والصوت امام العالم فجيعة ابرياء يؤخذون بالشبهة ويبقون خلف القضبان سنوات دون تحقيق ودون احكام، والملف الثاني الذي عنيت به هو ان الاحتلال ترك عائلات مفجوعة في العراق وثقوا عندما يرفع الغطاء سوف يطلع العالم على الفاجعة الاجتماعية التي حلت بالعراق وبعدد الارامل والايتام والمعوقين وعدد المرضى النفسيين وعدد المهجرين فما حدث في العراق لم يحدث لأمة من امم الارض وارقام شهدائنا بالملايين وقد انصرفت خلال فترة وجودي للقضية الاغاثية والجانب الاخر المهم اني وانا عضو في مجلس الرئاسة وبما املكه من صلاحيات كبيرة جدا لم اسمح للمالكي بان تتوجه الدولة التوجه الطائفي وطرحت مشروعا عام 2007 لتأسيس حكومة وطنية مبنية على الهوية الوطنية ولكن لم احصل على الدعم المطلوب من الدول المعنية بالشأن العراقي، والاحتلال وفق الاتفاقية الامنية تمت جدولة الانسحاب الامريكي وكنت انا طرفا بالموضوع وفرضت شرطين لتوقيع الاتفاقية الامنية انها ينبغي ان تخضع للاستفتاء وينبغي ان تترافق مع وثيقة الاصلاح الوطني التي اضطر المالكي لتقديمها لمجلس النواب لكنه ايضا كلفني التنفيذ، كما انني عنيت بالمحافظة على الهوية العربية والاسلامية والعروبة اصبحت اليوم تهمة في العراق والهاشمي يتكلم بخطاب عروبي اسلامي ولم اكترث بايران ومن الذي فضح النفوذ الايراني في العراقي؟ الهاشمي عندما وقفت في ابو الخصيب بالبصرة وامام الحدود الايرانية وقلت بعد ان اغلقت ايران 42 نهرا وحولت شط العرب من مياه حلوة صالحة للشرب الى مكب للنفايات ومياه الصرف الايرانية واصبح هذا النهر مالحا ودمرت كل بساتين النخيل في ابو الخصيب ووقفت على شط العرب انادي ايران هل انتم بصدد "كربلاء" جديدة في العراق؟ عطشوا اهلنا في البصرة وايران ترسل رسائل الغضب والاستنكار فعندما جاء رافسنجاني الى العراق وترفع الهاشمي عن استقباله في الوقت الذي كان يقول فيه احد السياسيين الكبار ان وجود رافسنجاني في العراق هبة من السماء. وهذه مواقف للتاريخ، وفي زيارتي الوحيدة لطهران التي التقيت فيها مع الساسة هناك عندما غادرت المطار لم يكن احد في وداعي لان ايران غضبت وفي كل اللقاءات التي اجريتها سواء مع احمدي نجاد او قاسم سليماني او وزير الاطلاعات او رافسنجاني كنت الاشد وقلت لهم انتم اسأتم الى الجيرة ومتى تعيدون النظر في هذا الموقف؟ وقد بذلت جهودا في مجالات الادب والثقافة وتشغيل الشباب ورعاية المرأة وقدمت الكثير ولم اقصّر وغيابي عن الساحة اليوم ترك فراغا ليس من السهل لأي سياسي آخر ان يشغله.

— لكن كيف ستتعامل مع الازمة على المستوى الشخصي ماذا في بالك هل ستصبح امين عام منظمة التعاون الاسلامي كما قيل؟

— انا اتابع القضية في الداخل وطلبت من المحامين ان ينسحبوا لان المحكمة التي ترفض للمتهم ان يستعين بشاهد نفي فالقرار صدر بدون شهود نفي والمحكمة اكتفت بشهود الاثبات فهل سمع احد بذلك من قبل؟ وطلبت تطبيق القانون في محاكمتي فرفضوا وطلبت ان تنقل المحاكمة فرفضوا فالقضية سياسية وتصدر احكاما سياسية فلتصدر، وكنت اعول على المنظمات الدولية المتخصصة في حقوق الانسان وهذه المنظمات حركتها بطيئة ولا تتناسب مع طبيعة وحجم المأساة التي يواجهها الشعب العراقي اليوم.

— لكن هناك خيارا آخر وهو تشكيل معارضة عراقية قوية خارج العراق اذا كان من هم في الداخل ملاحقين؟

— مسؤوليتي تتجاوز قضيتي الشخصية الى انقاذ بلدي ولن اقف متفرجا لما يحصل لبلدي على الاطلاق وهناك قوى عديدة نتواصل معها وعندي الكثير من الافكار والمشاريع.

— فيما يتعلق بملف حقوق الانسان هل حان الوقت لطلب تعيين مقرر خاص لحقوق الانسان في العراق؟

— خاطبت الامم المتحدة والمقرر الخاص المعني بالتعذيب والمقرر الخاص للجنة تقصي الحقائق وطلبت تعيين مقرر خاص اممي لحقوق الانسان بالعراق واننا بحاجة الى الدعم العربي لجهودي والعراق لايزال خاضعا للبند السابع وبالتالي يفترض ان المجتمع الدولي يتابع ما الذي يجري في العراق والوصاية الدولية على العراق مازالت قائمة حتى هذه اللحظة، لكن جزءا من المعضلة هي كيف تتعامل الحكومة مع ابناء شعبها! واليوم اقول ان الحكومة العراقية تقتل ابناء شعبها وتضطهدهم وهذا الموضوع يحتاج الى وقفة عربية اولا ووقفة اسلامية ثانيا ووقفة دولية ثالثا واسأل اين الجامعة العربية والمنظمة العربية لحقوق الانسان قبل ان نتكلم عن المنظمات الدولية وابناء الشعب يعانون والمطلوب ان تنبري دول لتدافع عن حقوق الشعب لتنتصر لقضية الشعب ضد حكومة تقتل ابناء شعبها واناشد الدول العربية والاسلامية ان تقف بحزم تجاه ما يجري من مظالم تجاه شعب العراق.

— سيدي يبدو ان العروبة اصبحت تهمة في العراق فهل هناك بوادر للعمل على ان يكون هناك اقليم خاص بالعرب السنة؟.

— رب ضارة نافعة فدستور عام 2005 قاتلت من اجل تعديله رغم ان البعض يتهمني ويلقي كلاما على عواهنه واخذت توقيع القادة على ان نعدل الدستور خلال 4 اشهر واعلم ان فيه ثغرات عديدة واحدة منها الفيدرالية وانا رجل وحدوي وبلدي لا تناسبه الفيدرالية واليوم بعد ان رأينا تجربة كردستان وما فعله المالكي في محافظاتنا رب ضارة نافعة فبقي الدستور كما هو وما يزال حق المحافظات ان تتحول الى اقاليم ربما اليوم اصبحت ميزة حتى تتخلص من تغول السلطة المركزية في بغداد واخضاعها لسيطرة القائد العام للقوات المسلحة خوفا من ان تتحول الى اقليم كما تحولت مناطق الشمال اربيل ودهوك والسليمانية. وتحول المحافظات الى اقليم حق دستوري لكن لن يسمح به المالكي فقد جرت 3 محاولات في صلاح الدين وديالى والانبار، والمالكي حرك القوات العسكرية وبدأ يبتز المحافظين ورؤساء مجالس المحافظات بانه اذا ذهبتم الى الاقليم فلدي ملفات والتهمة 4 ارهاب جاهزة للتلفيق لكل من يعارض المالكي، ونجح في ابتزاز هذه المحافظات باستثناء محافظة ديالى التي اضطر مجلس المحافظة فيها ان يهرب الى خانقين التي تقع تحت سيطرة كردستان ويعقد اجتماعاته اليومية هناك بينما يفترض ان يعقدها في بعقوبة مركز ديالى. هربا من سطوة المالكي ومن حق المحافظات بدافع الامن والتخلص من سطوة الحكومة المركزية وفساد الحكومة فان 17 % من الميزانية تؤول الى كردستان 100 % واذا تحولت محافظاتنا الى اقليم فسوف تتمتع بكامل التخصيصات المالية في الميزانية السنوية.

— حدث توتر بين بغداد وكردستان وهناك تلويح بالتدخل عسكريا لمنع اي توجه لفكرة الاقليم فكيف ستؤول الامور؟

— ربما الى حرب اهلية لان الحشود ليس لها مبرر والخلافات الموجودة بين المركز والاقاليم يمكن ان تحل سلميا وفق الدستور وليس هناك حاجة لاستخدام القوة العسكرية ولا مبرر للحشود التي يحشدها المالكي لانها يمكن ان تقود الى صراع عسكري مع كردستان، وهي صفحة جديدة لتدهور الحياة العامة في العراق اليوم.

— كيف تنظرون الى تفاقم الخلاف بين المركز واقليم كردستان حول ما اصطلح عليه عمليات دجلة؟

اطلاق العمليات فى هذا الوقت بالذات لا مبرر له خصوصا وان الأوضاع الأمنية شهدت قبل اطلاق العمليات تحسنا امنيا ملحوظا، بل قد يحدث العكس الان اذ من المتوقع ان تشهد محافظات كركوك وديالى وصلاح الدين المعنية بهذه العمليات تدهورا امنيا غير مسبوق كما يحصل فى المحافظات التى تشملها هذه العمليات وهى تخضع مباشرة لنورى المالكى الفاشل امنيا باعتباره القائد العام للقوات المسلحة وبالتالى فان الغرض الاساسى من وراء القرار يتلخص فى التضييق على اقليم كردستان ومحاصرته عسكريا الى جانب اعتبار اطلاق هذه العمليات وكأنه بمثابة حركة استباقية يراد منها اجهاض اى تحرك شعبى متوقع ان يحصل بعد سقوط النظام السوري.

 كيف تردون على المالكى وهو يدعى بان دافعه الرئيسى المحافظة على وحدة العراق ومنع انضمام كركوك الى اقليم كردستان وهو مطلب للعرب والتركمان؟

— لا انكر ان أمامنا ارثا من المشاكل المعلقة ينبغى ان يضع العراقيون لها الحل المناسب القائم على التراضى وعلى قاعدة لا ضرر ولا ضرار، الحل يأتى من خلال السلام والجلوس على طاولة مفاوضات وليس على هدير الدبابات وقعقعة السلاح كما يحاول المالكي، وبعد اطلاق العمليات تعقدت العلاقات المعقدة اصلا مع اقليم كردستان وتدهورت حالة عدم الثقة الى مستويات خطيرة، اسمع ان المالكى يحاول ان يدغدغ عواطف عرب كركوك عارضا نفسه المنقذ؟! وهو كالعادة يضلل ويراوغ. ليبرهن المالكى على صدقه بان يشكل الفرقة العسكرية المسؤولة عن امن كركوك من اهالى كركوك حصرا، اتحداه ان يفعل ذلك، بدل ان يعمد على توطين اهالى الجنوب من افراد الجيش فى كركوك والمحافظات ذات الأغلبية العربية السنية، هو فعل الشيء ذاته فى نينوى / الموصل وكذا فى ديالى والأنبار وصلاح الدين...وعن طريق العمليات يعمل المالكى على التغيير الديموغرافى المنهجى والمنظم، وهو بذلك لا يختلف عما كان يفعله النظام السابق فى نقل مواطنى المحافظات الجنوبية الى المحافظات فى الوسط والشمال وبالتالى التضييق على السكان الاصليين فى هذه المحافظات بما يرقى ان يكون شكلا من اشكال التطهير العرقى والمذهبي.

المالكى يكذب عندما يقول ان هذه العمليات باتت مطلوبة للحفاظ على كركوك بالقوة ومنع انضمامها الى كردستان، لان الكرد ببساطة لم يحاولوا أبدا ضم كركوك الى كردستان بالقوة المسلحة ولو أرادوا ذلك لفعلوه منذ سنوات مضت حيث لم يكن للعراق قوات مسلحة بينما كان الكرد ولازالوا يحتفظون بقوة البيشمركة المنظمة والمدربة.

كما لاخوف على العراق من التقسيم، الا اذا واصل المالكى ظلمه وجوره وفساده اذ ليس هناك ماهو اخطرمن ذلك على وحدة العراق، وليس بالقوة العسكرية والقهر نحافظ على وحدة العراق اذ تبقى وحدة الجغرافيا مرهونة اصلا بوحدة القلوب. هذه الثقافة لا يفهمها المالكي.

ـ ابو زياد ما تقييمك لموقف القائمة العراقية من قضيتك وعدم انسحابها واستمرارها شريكة فى الحكم مع استهداف أهم رؤسها؟ ولماذا لم تتول  القائمة تشكيل الوزارة ولم تحكم رغم حصولها على الأغلبية؟ حدثنا عن حقيقة علاقة مقتدى الصدر بالمالكي؟

ــ فى موضوع القائمة العراقية كنت حقيقة أتمنى أن أكون فى موقف أفضل مما موقفى هذا وبالتأكيد ترك هذا الموقف الضعيف انطباعات سيئة لدى جمهور العراقيين، وأنا اليوم أخاطب مختلف القادة فى القائمة.. ما الذى تنتظرون؟ وكان لدى القائمة الكثير من أوراق الضغط التى لم تمارسها غير الانسحاب من الحكومة أو غير ذلك.

وبالتالى جاء موقف التحالف الكردستانى مشرفاً ووطنياً ومنصفاً وبخاصة السيد مسعود البرزاني، أكثر بكثير مما أتى به زعيم من زعماء القائمة العراقية.

أنا أشعر بالاحباط والأسف ولا أريد أن أحمل القائمة أكثر مما تتحمل لكنها خسرت جمهورها بسبب موقفها الضعيف من استهدافي.

وفيما يخص موضوع مقتدى الصدر، تعلمون أن التيار الصدرى وكتلة الأحرار هى جزء من النسيج الوطنى والتحالف الوطنى وهذا التيار محكوم بالسياسة العامة للتحالف، وربما يحاول التيار الصدرى أن ينسق مع الأكراد فى قضية سياسية كبرى مثل سحب الثقة من نور الماللكي، لكن لا ضمانات لديه، لأن تيار الصدر جزء من تحالف قد يخضع لضغوط ايرانية.

العمل السياسى يحتمل هذا الذى يجرى فى العراق وقد يحدث فى دول أخرى، واليوم قطبا الرحى اذا استطاعا أن يتماسكا فى الداخل فهذه مهمة سياسية، والجانب الثانى هو موضوع التحالف الكردستاني، فاذا حدث تنسيق بين الطرفين أعتقد سيكون بالامكان اجراء تغييرات منتظرة وهذا الذى حصل عام 2006، فمن الذى غير ابراهيم الجعفرى فى ذلك العام؟ ليس الهاشمى بل مسعود البرزاني.

وأنا قلت لا بسبب ما حدث للعراق والمذابح التى وقعت فى بغداد مع تفجيرات سامراء وحين قلت أنا لا ومسعود البرزانى قال لا، لم يستطع ابراهيم الجعفرى أن يمدد لدورة قادمة، لكن اليوم لو تماسك التحالف الوطنى وتماسكت العراقية ونسق الطرفان،أعتقد أنه بالامكان تشكيل قوة كبيرة لاجراء التغيير المنتظر.

ــ اذا أين البرلمان العراقى من قضيتك؟

ـ البرلمان   عبارة عن ممثلى هذه الكيانات السياسية ويأتمرون بأمرهم، فاذا كانت القائمة قوية سيكون نوابها بالبرلمان أقوياء وكذلك أحزاب كردستان.

كما أن استقطاب السلطة الذى حدث فى العراق وقام به نور المالكى من استقطاب للأمن والسيطرة على الاعلان الرسمى فهى مصادر قوة لا يستهان بها، فالمعارضة فى العراق لها ثمن باهظ.

وبالتالى اليوم حين نجح فى استهداف 6 شخصيات مرموقة واستطاع أن يبعدها عن المسرح السياسي، والآن هو يطلب رفع الحصانة عن أربعة أعضاء فى مجلس النواب. فالبعض يسألنا ويقول لماذا لا تعارضون فى مجلس النواب؟ ان أى معارضة حقيقية داخل مجلس النواب ستكون مدفوعة الثمن وهذا سائر على كل النواب، اما أن يصمتوا أو أن يضحوا بمستقبلهم السياسي، وهنا من يتعرض للمادة 4 دستور يعنى سيحاكم بالاعدام، ومن اتهم بالفساد سيتم اقصاؤه فليس كل النواب لديهم الاستعداد أن يواصلوا حتى نهاية الشوط.

ــ هل أمريكا تنازلت كليا للمالكى وايران عن العراق ولم يعد هناك تدخل أمريكى فى الشأن العراقي؟

ـ لا أجيب عن هذا السؤال نيابة عن أوباما، لكنه قال ان مهمتهم فى العراق انتهت وتركوه مستقلا، وهو غير مستقل، وقال انه مستقر، وهو مزعزع ومنقسم، وقال ان العراق أصبح غنى ومزدهرا، وهو فقير فى حقيقته، هذا ماقاله أوباما حين استقبل المالكى فى حديقة الزهور، وهذه التوصيفات اعترضت عليها فى أكثر من لقاء وأكثر من مقال نشرته فى صحف أمريكية.

وأنا كوطنى يسعدنى ألا يكون لأى بلد أجنبي  تأثير على بلدى أو تدخل فيها، لكن هذا هو واقع الحال كما أن المصالح المتشابكة مع الولايات المتحدة الأمريكية التى تجعلها قوة عظمى فى نظام أحادى القطب، هل لم يبق  للولايات المتحدة شيء حتى أصبحت لا تستطيع أن تعين العراقيين اليوم فى استعادة سيادتهم من دولة جارة فعلت بالعراق كل هذا الخراب فى مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الموقف الأمريكى غريب فى حقيقة الأمر لكن فى نهاية المطاف أقول ما حك جلدك مثل ظفرك، واليوم لا ينبغى أن نستعين بأحد ليس قريبا منا بل نطلبها ممن هم قريبون منا ويشعرون بانهم معنا فى زورق واحد واذا غرق العراق سيغرقون.

ــ ما قراءتك للموقف الاقليمى المحيط بالعراق فى ظل استحداث ما يسمى بالاعلام الشيعى وحضور العراق فى المشهد السورى وايران طامعة فيها وتأثير سقوط نظام الأسد؟

ــ المنطقة تمر بمخاض وأعتقد أن هناك تغيرات جيوسياسية ستطرأ على منطقة الشرق الأوسط وستتغير مناطق النفوذ، لكن المهم أن تستمر المساعى من أجل تحقيق آمال هذه  الشعوب المضطهدة لتحقق أهدافها النهائية، البعض يصف الربيع العربى بانه أتى من العراق وربما هذه هى الصفحة الأولى فى التغيير، وفى اعتقادى أنها بداية لقدوم النظام البديل.

والناس تتساءل لماذا قامت الثورات العربية؟ لأنها ترفض أنظمة الحكم فيها التى اتهمت بالفساد والاستبداد، وهنا قضية جوهرية، هى أننا اذا لم نستطع بعد سقوط النظام أن نؤسس ونشكل نظاما جديدا يضمن عدم الاستبداد ويضمن الحرص أو التعامل مع المال العام بالشفافية والنزاهة المطلوبة، لن نستطيع أن نقول ان الربيع العربى تحقق فى هذا البلد.

لاحظوا ما جرى فى العراق اليوم، نعم نجحنا فى اكمال الصفحة الأولى فى تغيير نظام قائم وكانت لدينا الاعتراضات التى يعلمها الجميع ولكن أن أخفقنا فى حين نجحنا خلال أيام، أخفقنا فى تأسيس النظام البديل يكون أفضل من النظام السابق الذى يضمن حياة حرة كريمة واستقلالا للعراق.

ــ حدثنا عن أرقام المعتقلين فى سجون المالكى سواء السياسيين أو من دول الجوار؟

ــ الأرقام غير دقيقة وبالامكان أن نحصل على أرقام من المنظمات الدولية كالصليب الأحمر لكن الاشكالية فى العراق أننا حتى الآن لدينا فى العراق سجون سرية لا أحد يعرف كيف يصل اليها ولا نعلم عدد المعتقلين فيها وهذه حقيقة، فهناك تقرير من لجنة حقوق الانسان تابعة لمجلس النواب أكدت أن العراق لاتزال به سجون سرية حتى هذه اللحظة وبالتالى نحن لا نعرف العدد الموجود فى السجون التى تتبع المالكى مباشرة.

كما أنه لا يجب أن يدخل السجن من لم تصدر بحقه أية أحكام نهائية، كما أن هناك معتقلين لم يحقق معهم حتى الآن، كما أن المالكى لا يسمح لأى منظمة حقوقية أن تزور السجون أو أن تحقق فى أسباب اعتقالهم.

وبالتالى الوضع فى كارثة ويقال ان المعتقلين وصل عددهم الى 35 ألف معتقل وأعتقد أنه رقم غير دقيق لأن حملة الاعتقالات مستمرة على مدار الساعة ولأتفه الأسباب.

ــ ما  أكبر شرائح المجتمع التى تملأ السجون؟

ـ العرب السنة ونسبتهم أكثر من 95 %، وهذه قضية طائفية 100 % وهو أمر واضح للعيان، وأتحدى أن يعلن المالكى عدد المعتقلين ويفصح عن انتماءاتهم، لأن المداهمات تجرى فقط فى محافظات بعينها وأنا قلت قبل قليل ان هناك ستة من السياسيين تم استهدافهم أتعرفون من هم.. انهم حارث الضارى وطارق الهاشمى وأسعد الهاشمى وعبدالناصر الجنابى ومحمد الداينى وعدنان الدليمي، وجرى استهدافهم على مدى السنوات الماضية، حتى منهم من لم يؤمن بالعملية السياسية د. حارث الضارى تم استهدافه وصدر بحقه أمر اعتقال، بينما هناك قادة شيعة متهمون بجرائم قتل والأمريكان قدموا الأدلة الكافية ضدهم وصدرت بحقهم أوامر ضبط ولكن المالكى لم ينفذ.

 لكن فيما يتعلق بالفساد فالمقارنة كالآتي، على مدار خمس سنوات دخل الميزانية 525 مليار دولار ما الذى تحقق فى الخدمات على سبيل المثال؟ هل استطاعت حكومة المالكى أن تعالج مشكلات الكهرباء؟ لا. مشكلات مياه الشرب؟ لا.، البيئة؟ لا، ومازال لدينا مدارس  مبنية بالطين، والبطاقة التموينية لم تفعل، اذاً أين ذهبت الـ 525 مليار دولار؟؟!!

كما أن المالكى استهدف أعضاء الهيئة العامة للنزاهة، وبدأها براضى الراضى لأنه أعلن يوماً أن هناك 8 مليارات دولار ضاعت لا يعرف أين ذهبت وقال ان حكومة نور المالكى مسئولة عنها واستقر الآن فى نيويورك.

وحين حاول المالكي أن يوفر للرصيد العملة الصعبة 63 مليار دولار للبنك المركزي، وأنا أعرف سنان الشبيب محافظ البنك المركزي وهو صديقي، كان يحكي لي معاناته مع المالكي، وقال: إن المالكي حاول سحب الرصيد ليكون تحت سيطرته مباشرة لكن شبيب رفض، وهنا انتظر المالكي حتى سافر شبيب إلى اليابان ليحاضر في ندوة فأصدر أمر قبض بحقه حتى لا يعود إلى البلاد، وكان هذا الرجل من أنزه العراقيين التكنوقراط ومن أشرف العائلات العراقية.

 على ذكر السجون قال بعض ممن أفلتوا من السجون: إن هناك محققين إيرانيين حققوا معهم.. ما صحة هذه المعلومة؟

ــ أعتقد أن هذا الذي حدث مع القضاء وتسييس القضايا هو ثقافة إيرانية بامتياز. في الماضي إذا وقعت مشكلة بين اثنين عراقيين تنتهي الأمور سريعاً، وحين قرأت ماذا فعلت الثورة الإيرانية بأهلها عرفت أن ما يحدث على أرض العراق من استخدام نفس التهم وفبركة القضايا وطرق الإعدامات تعرف أنها ليست طريقة عراقية بل هي إيرانية.

 حول الموضوع الإيراني تداولت تقارير حول دور قاسم سليمان في الساحة العراقية.. ما هو؟

ــ نعم له دور فالذي اختاره هو المرشد الأعلى للثورة، وهو مسؤول ملف العراق وسوريا ولبنان ويملك مفاتيح الوضع في العراق وسوريا وفي لبنان.

* في العدوان الأخير على غزة نجحت مصر وقطر وتركيا في التنسيق لوقف العدوان.. ما تقييمكم لهذا الدور وكيف يمكن استثمار النجاح الذي قامت به الدول الثلاث في حلحلة كثير من القضايا العربية، ومن بينها القضية العراقية.. وأين كانت العراق باعتبارها رئيسة الدورة الحالية بالجامعة العربية مما حدث في غزة؟

ــ دور قطر وتركيا ومصر أمر مشكورين عليه، ولا أعتقد أن هذه الدول من سياسياتها أن تحركت لحسابات خاصة بل حركتها المروءة والغيرة في الدفاع عن المظلومين في غزة، ولولا هذا التدخل لتعرضوا لأبشع مما رأوا.. على يد الإسرائيليين!! وهذه الدول بينها تقارب ومصر وتركيا بينهما اتفاقيات في هذا الإطار، كما أن وجود تركيا بجوار المعادلة العربية قيمة مضافة لحل كثير من الأزمات السياسية التي تحدث من حولنا.

بالنسبة لموضوع العراق يكفي ما به من الهموم، لذا هو غير مؤهل ليقوم بأي دور عربي مع كل أسف، كما أن قيادته للجامعة العربية هذا العام لا يعني أي شيء خصوصاً أن غرد المالكي خارج السرب وطعن في الموقف العربي الذي ترجم في البيان الختامي لمؤتمر القمة العربية في مايو الماضي، وكانت تصريحاته خيبة أمل، ونكسة بحق العراق وكان عليه أن يعبر عن الضمير العربي والإجماع العربي.

 في نفس المؤتمر الذي أشرت إليه قال: إن سوريا لن تسقط.. وهو ما تبعه أحاديث عن دعم عراقي رسمي بالجنود للنظام السوري وتمريره لكميات من السلاح الإيراني عبر الأراضي العراقية إلى سوريا.. ما صحة هذه الأقاويل؟

ــ أعتقد أن من أثار هذه القضية هي الإدارة الأمريكية وهي تراقب الأجواء العراقية، وذكرت أن هناك طائرات مدنية تستخدم الأجواء العراقية ربما في نقل  الجنود إلى سوريا.

لكن ليس فقط المجال الجوي بل البري أيضاً يوظف لنقل الأسلحة والمعدات والمتفجرات والأشخاص ووسائل النقل التي تعبر الحدود من زرباطيا نقطة الحدود العراقية ـ الإيرانية إلى منفذ الوليد إلى سوريا، وهذه الشاحنات تمر بخطوط السيطرة دون تفتيش وحتى نوافذها مظللة ولا أحد يعلم ما الموجود بداخلها، وعلى هذا الأساس النقل العراقي أصبح ممراً لإيران باتجاه سوريا ينقل كل شيء، وحين تعهد نوري المالكي بتفتيش بعض الطائرات بطريقة عشوائية غير مخططة، ضحكت، وقلت: إنه لن تنزل للتفتيش سوى الطائرات التي تحمل الأغذية والأدوية والمواد الإغاثية وهذا ما حدث بالفعل.

ـ القضية لا تتعلق بالجانب السياسي بل إنها أكبر بكثير، فلاحظوا حين يقول وزير النقل العراقي: إن مرجعيتي هو المرشد علي خامنئي فماذا بعد ذلك!! وعندما تصدر تعليمات خامنئي الذي بدأ يمارس دورا متعاظما في الجانب السياسي داخلياً وخارجياً، وبالتالي قضية سوريا اليوم هي واحدة من الملفات التي تدار من مكتب المرشد.. وعندما يصدر مكتب المرشد أمراً لأحد تابعيه بأن يسهل مرور الأسلحة والمعدات الإيرانية باتجاه سوريا هل يستطيع وزير النقل العراقي أن يعترض؟؟ حتى من الناحية الدينية، وليس السياسية فحسب!! فالقرار العراقي أصبح في طهران وليس في بغداد، لذا هذا الشكل الهجين اليوم في أنظمة الحكم جعل الوضع يضطرب في العراق.

 صفقة الأسلحة مع روسيا أعلن عنها ثم جمدت ثم أعيدت مرة أخرى للتفعيل.. ما تفسيرك؟

ــ كتبت مقالة قلت فيها تفاصيل القضية، وأن المستهدف بها هو رأس العرب السنة ورأس الكرد، والمالكي حين سئل عن أسباب الصفقة: هل بسبب تهديد خارجي؟ فقال لا هذه الأسلحة مطلوبة لعمليات صحراوية ولعمليات جبلية. وإن سبب تجمدها ثم عودتها هو العمولة التي اتفق عليها كانت 10 % من 4.2 مليار دولار، لاتجد دولة يباع فيها المال العام ويشترى كما هو الحال اليوم في بلدي، وحزين أن أقول هذا وأنا نائب رئيس الجمهورية، لكن العراق لم يعهد هذا الفساد بهذا الوضع المزري، لذا لا تتوقعوا عمراناً ولا تتوقعوا تنمية ولا تتوقعوا خدمات بسبب الفساد.

 مدى صحة ترشيحكم أمينا عاما لمنظمة التعاون الإسلامي؟

ـ أنا الآن في معركة وقضيتي ليست في البحث عن وظيفة بالخارج، والمالكي منذ البداية يريد الهاشمي خارج العراق، وأنا مصر على أنني بريء وأن مكاني الطبيعي أن أعود إلى بلدي لأخدم بلادي لوضع أفضل.

 إذا عرض عليك منصب إقليمي؟

ــ لا.. لا.. أبدا لا أقبل، وهذه مسألة مبدأ، وعلي أن أكسر المؤامرة التي حيكت ضدي، وأن أعود إلى بلدي وأسعف شعبي.

 بالنسبة للانتخابات الإيرانية.. هل يكون لها تأثير في العلاقات مع العراق أو سوريا؟

ـ المنطقة كلها في مخاض وربما بعد التغيير في سوريا قد ينتقل المخاض إلى إيران لأن الوضع فيها ليس متماسكاً كما كان في السابق، كما أن هناك بوادر لخلافات وانشقاقات وربما يكون ربيع إيراني في الطريق أيضاً.

هل ترى أن ملامح التغيير في سوريا أصبحت قريبة خاصة بعد تشكيل الائتلاف الوطني واعتراف عدد من الدول به؟

ــ هذه خطوة توحيدية في الاتجاه الصحيح، وأزالت كثيرا من سوء الفهم مما يجري داخل سوريا، وآمل أن هذا الذي تحقق يفضي إلى اعتراف دولي يتنامى ويعجل بالتغيير في سوريا، وبالتأكيد القضية محسومة والمسألة مسألة وقت.. لا أكثر ولا أقل، ولابد أن ينهض المجتمع الدولي من أجل وقف شلال الدم، لكنه واقف يتفرج.

 رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني قام بجولة للعراق وسوريا وحزب الله.. ما الرسائل التي نقلها في اعتقادك؟

ــ أنا لا أعتقد أكثر من الجرعة المعنوية، وبالتالي يقول لهم لا تستسلموا، فلاريجاني شخصية لها اليوم مكانة مرموقة في السلطة السياسية داخل إيران، لكن الزيارة لن تضيف شيئا لتطور الأمور، وربما تعمل على تعجيل الحسم في سوريا خصوصاً بعدما قال للنظام السوري: أنتم لا تقاتلون وحدكم وإنما إيران مستعدة أن تقاتل معكم، وهذا دليل على أن مهمة العرب تجاه سوريا أصبحت تتجاوز مجرد الانتصار لقضية شعب مظلوم بل لابد من موقف عربي صارم يمنع التغول الإيراني، وامتداد النفوذ إلى الدول العربية، حتى تستطيع أن ترتب أوضاعها الداخلية بمعزل عن أي ضغوط خارجية.

لو حدث تغيير في سوريا كيف ستكون انعكاساته على الداخل العراقي؟

ــ التغيير في سوريا سيكون مصدر إلهام لملايين المحبطين والمظلومين والفقراء، وهم وقود التغيير المقبل، وبالتالي إن ما أتوقعه سيحدد الانتفاضة بشكل طوعي من قبل الناس، إذا لم يجري التعديل وفق الدستور. فإذا بقي نوري المالكي في الحكم وإذا تمدد للدورة القادمة، أعتقد أن الشعب العراقي سوف ينتفض من أجل تغيير واقع الحال.

ما شكل التغيير القادم في العراق.. سلمي أم ثوري؟

ــ اليوم العملية السياسية موجودة وهناك آليات يمكن استثمارها.

 لكنها وسائل معطلة؟

ـــ تعطيلها يأتي بسبب إيران، فلو كان حكم المالكي رشيدا لكان من حق التحالف الوطني الشيعي أن يدافع عن حكم المالكي، لكن الذي فعله هو، أساء للشيعة قبل السنة، لأنه كان من المفروض أن يقدم نموذجا لإدارة حكم رشيد، لكن المالكي أجهض هذه الفرصة، ولا أعرف لماذا هم متمسكون به، ألم تلد العراقيات غيره؟!

هل المالكي مدعوم شيعياً داخل العراق؟

ـ هو ليس مدعوم شيعياً.. هو مدعوم أمريكياً.

هناك صراع سياسي ممزوج بصراع ديني في العراق وإيران وسوريا وفي البحرين والسعودية والكويت.. كيف نستطيع أن نفصل بين الصراع السياسي والديني وما الحل؟

ــ العراق ضحية لهذا الصراع، ولم يكن سبباً فيه، ولا أعتقد أننا كنا سنفرق بين مواطن ومواطن على أي أساس مذهبي، لذلك نحن اليوم ضحايا لهذه الثقافة، ولابد أن نتصدى لهذه الثقافة.. فقبل عام 1979 لم تكن هذه المسألة ظاهرة، لكن شيعت المسألة الطائفية بعد الثورة الإيرانية، وهذه إشكالية، ولكن على إيران أن تعيد حساباتها، فتفريق المواطنين على أساس مذهبي لم يكن ثقافة راشدة ولا يصب حتى في مصلحتها.. واليوم اذا استبدلنا الهوية الوطنية بالولاء للطائفة فسينطبق هذا على المجتمع الإيراني الذي هو أيضاً مجتمع متعدد الثقافات والأعراق، كما أن الأكراد أصبح لهم صوت، ويريدون ان يتنامى صوتهم، والعرب في الهواجر مثلهم، والآذريون والبلوش والتركمان، وكل هؤلاء يتطلعون للخصوصية مادام الفرس يريدون أن تكون لهم خصوصيتهم.. إيران تعي خطورة هذه الثقافة وعليها أن تضع لها حداً؛ لأن ذلك لن يكون في صالحها، وعلينا كمجتمعات عربية أن نتصدى للثقافة العرقية ـ الطائفية ولا نستسلم. والمظلوم هو العربي السني، وكنا نقول: الشيعة مظلومون في زمن سابق، وقلنا إن إخواننا المسيحيين ظلموا، والآشوريين ظلموا. فهل الظلم يبرر الظلم؟، إذا ظلمك أحد في الماضي ولم تستطع صده تأتي اليوم حين تكون قادراً فتظلم أخاك الذي لم يظلمك؟! لابد من تكريس الهوية الوطنية.

كيف ترى المستقبل.. متفائل أنت أم متشائم؟

ــ أنا متفائل لكن ليس في الأمد القصير، لأن العراق ينتظره مخاض، والمستقبل أصبح مرشحا لشتى الاحتمالات، لكن على الأمد البعيد هناك أمل أن يتعافى البلد.

 أعلن المالكي أنه طلب من تركيا تسليمك بمذكرة رسمية.. هل هذا صحيح؟

ــ لا لم يحدث على الإطلاق.. ولو قالها فهو كاذب!

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

872 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تابعونا على الفيس بوك