الفنَّانون العراقيون يتسابقون للحصول على شهادات دراسيَّة عليا

   

يتسابق الفنانون العراقيون من أجل الحصول على شهادات دراسية عليا لأسباب مختلفة على غير المتعارف عليه، علمًا أن الفنان لا يحتاج الى شهادة لإثبات إبداعه أو موهبته أو تألقه في مجالات الفن المختلفة.

إيلاف/ عبدالجبار العتابي/بغداد: أصبح من اللافت للإنتباه ذلك السعي الحثيث عند الفنانين العراقيين من أجل الحصول على شهادات عليا، الماجستير والدكتوراه، ولم يعد من المستغرب أن تجد فنانًا حاملاً لشهادة عليا بل ان المستغرب هو العكس من ذلك، وبات من السهولة اقتران صفة الدكتور بأسماء العديد من الفنانين، وهذا ما جعل الآخرون يسعون الى ذلك من باب أن ليس هنالك أحد افضل من أحد، خصوصًا أن الكثيرين ممن يسعون الى مناصب ادارية يجدون ان الشهادة هي من تشفع لهم افضل من غيرهم، كما ان هناك من ينتمي الى صفوف الاحزاب ولا يجد ما يرفع من قيمته عندها الا الشهادة التي يتباهى في كونها عنوانه الاخر، كما يرى اخرون ان هنا من يبحث عن زيادة في راتبه من خلال الشهادة التي يرى الكثيرون ان هذا التسابق نحوها يأتي من سهولة الحصول عليها وهو ما فتح باب المناقشة حول قيمة هذه الأطاريح التي في مجملها نظرية ولا تؤدي أية خدمة للبلد ولا للدارسين.

ويقول الفنان أحمد شرجي: "قد تكون الحسابات مادية بحكم الوظيفة حيث شهادة الدكتورة تعطي حوافز مئة بالمئة والماجستير 75 بالمئة، فهو من الممكن أن يكون طموحًا، ولكن بشكل عام وبرأيي ان الفنان المبدع الحقيقي أهم من الشهادة لأنها في كل الأحوال هي مشروع بحثي، بعيدًا عن منصات الخشبة او الكاميرات، ولكن الذي يبقى هو ما الذي يضيفه الفنان للشهادة، فأنا لا اريد الشهادة لتشرفني بقدر ما اريد انا اشرف الشهادة التي تحمل اسمي ان كنت فنانًا حقيقيًا ومبدعًا".

واضاف: "اعتقد ان هناك سهولة في الحصول على الشهادة، فنحن لدينا دائمًا مبررات الظروف، بينما القضية مختلفة ونحن نعرف ان في الماجستير والدكتوراه بحث حقيقي ولابد ان يكون هنالك جديد، فما الجديد في مجموعة الأطاريح التي قدمت، وما الذي تضيفه للمكتبة المسرحية او الفنية، فأنا أرى أن الاتجاه العاطفي يأخذ منحى كبيرًا عند لجنة المناقشة، مثلا في المغرب لا ترشح الاطروحة للمناقشة ان لم تمر على ثلاثة اشخاص بصفة بروفيسور، يسمونها لجنة فحص، وبعد ثلاثة شهور يقررون إن كانت تصلح للمناقشة ام لا، وبالتالي تشعر ان هناك قيمة للشهادة ولجهدك البحثي، وهي متعة حقيقية، ولكن ما يحدث عندنا هو هروب من الوظيفة، كما يعتبرونها نوعًا من "البرستيج" الاجتماعي".

وقالت الفنانة آلاء حسين: "بالتأكيد السبب بالدرجة الاولى من اجل تحسين رواتبهم، هذا ما اعتقده، واحتمال هناك ناس وجدوا انفسهم في فترة ما ليس لديهم منجز او لا يوجد مشروع يقدمهم بشكل جيد فحاولوا استغلال هذا الفراغ بالحصول على شهادة، فلا اعتقد انهم يبحثون عن الوجاهة، بقدر ما اعرف انها تحسين للراتب او أن البعض حين يصل الى مرحلة من العمر  يبدأ معها لا يقتنع بالاشياء التي يقدمها او لا يرضى عن منجز فيحاول استغلال الوقت للحصول على شهادة عليا، لكنني ارى ان هذا الموضوع صار ازيد من اللازم، وهناك نسمع عن اخرين يكتبون الاطاريح للبعض مقابل مبالغ مالية".

وقال المخرج المسرحي قاسم السومري: "الظاهرة اللافتة للنظر فعلاً ان بعد عام 2003 صار هناك طلب شديد على ضرورة الحصول على شهادة عليا، وبتفسيري ان الفنان كحالة اعتبارية قد لا تضيف له الشهادة شيئًا، وحتى ان اضافت فاضافتها قليلة، وبتقديري ان الجانب المالي الذي يتعلق بالوظيفة بالدرجة الاساس بعد ان تعدلت الرواتب حسب الشهادات هو الدافع واءها، ولكن حتى هذا المعيار خاطئ لان في العالم ما عادت الشهادة هي المقياس لتحديد الراتب وانما الكفاءة ، فأحيانًا تجد شخصًا بوظيفة معينة لا يمتلك شهادة ولكنه يمتلك مهارة فيأخذ راتبًا اكصر من راتب دكتور في المكان نفسه، وهذا هو الجانب الاساس، فيما الجانب الاعتباري الاخر أو الثانوي هي الوجاهة، وربما نجد البلد لا يحتاج الى هذا الكم الهائل من الشهادات العليا وخصوصًا بالدراسات الانسانية".

واضاف: "ارى ان الفنان بالدرجة الاساس لا يحتاج الشهادة لانها لن تضيف اليه شيئًا، لان الجانب الاعتباري كونه فنانًا اكبر من كونه يمتلك شهادة لان الموهبة يمتلكها محدودون بينما الشهادات من الممكن لأي واحد أن يمتلكها".

اما المصورة السينمائية سناء علي فقالت: "الفن ليس بالشهادة، وان كان العلم الفني يشذب الأمانات الابداعية عند الفنان، ولكن الاغلبية العظمى من الباحثين عن الشهادات العليا تهدف لتعديل رواتبها، وليس من اجل تحسين الوضع الفني او الاستفادة منها لغرض زيادة الثقافة، لان الفنان العراقي لا يعطيه البلد حقه ولا يحترم امكانيته، فنحن نرى الفنانين في اي بلد ومها دول الجوار غير النفطية تعطيهم دولهم اجورًا ترضيه وتجعله يشعر بالاكتفاء اكثر من اللازم، لكن فناننا هنا بلا حقوق ومغبون ويركض خلف لقمة العيش، ولا اعتقد ان الفنان العراقي بات يبحث عن الوجاهة، ولو فسح المجال لجميع الفنانين لذهبوا للحصول على شهادات لان شغل الفن لا يعطيه حقه".

 فيما قال الفنان طه المشهداني: "بصراحة ان استسهال للدراسة الفنية في العراق هو سبب رئيسي لامراض سرطان المسرح، فبدأ اكثر فنانينا يتركون الفن ويتجهون الى اكمال الدراسة، وهذا ليس عيبًا، بل انه شيء صحيح وينمي القابلية ويصقل الموهبة، لكن المفروض ان تكون هناك اسس للفنانين، فلا يوجد فنان يحمل شيئًا اسمه شهادة دكتوراه او ماجستير الا عندنا نحن، وهذا اعتقده بسبب الضعف في الفن ، فحسب اعتقادي ان الفن ليس فيه شهادة عليا مقننة، وهذا الفنان يحمل ماجستير وذاك دكتوراه ، وانا اعتقد ان الذين يسعون اليها بسبب الفراغ، خصوصًا ان الدراسة اصبحت سهلة جدًا، فلماذا لا يكملونها اذا هي بهذه البساطة ومن ثم هي تمثل نوعًا من الوجاهة".

أما الفنان الدكتور خالد أحمد مصطفى من كلية الفنون الجميلة فقال: "الطموح يبقى يراود الانسان خصوصًا اذا كانت الفرصة سانحة، وليس شرطًا الماجستير والدكتوراه، فقد شاهدنا فنانين يكملون الدراسة في معهد الفنون الجميلة او الدراسة الثانوية المسائية وهذا جميل، وانا واحد من الناس الذين يطمحون اطمح لدراسة اللغة الفرنسية او الفنون التشكيلية التي احبها، ولكن اللافت للنظر هو ما حدث بعد عام 2003 من تغيرات ومنها التغيير في الراتب وصار الذي لديه شهادة يختلف راتبه، وصار البحث عن الشهادة مهمًا لان في التسعينيات ما كانت الوظيفة تعين، وكان الراتب لا يعني شيئًا والراتب ضئيل، فالشهادة بعد 2003 صارت عاملاً مساعدًا لرفع الراتب".

واضاف: "صحيح انني لا استطيع الحكم تمامًا على ان الحصول على الشهادة اصبح سهلاً ولكن هناك بعض الناس اخذوا شهادات انا شخصيًا غير مقتنع بأنه يجتازها، واكاديميًا احكي لك ان هناك بعض الخلل وهذا الخلل نحاول ان نجتازه".

وأوضح: "البعض أخذ شهادة دكتوراه بالاخراج المسرحي وهو لم يخرج مسرحية، فالقضية ليست نظرية، مسألة الفنون الجميلة والرياضة لابد ان تبتعد عن النظريات تمامًا، هل يجوز ان آخذ دكتوراه بالرسم وانا لا اعرف الرسم؟ او آخذ دكتوراه بالتمثيل وهو لم يصعد على خشبة المسرح، وهناك العديد ممن نعرفهم، التمثيل ليس تنظيرًا، وربما جزء منه تنظير ولكن التجربة الأهم هي العملية، والبعض اخذ دكتوراه بالتقنيات ونحن في العراق لا توجد لدينا اية تقنية او قل اننا ضعيفون بالتقنيات".

وتابع: "مشكلة اعطاء الشهادات تعتمد على النظريات وهذه مشكلة كبيرة، فأنا واحد من الناس الذين أصروا على ان لا تمنح شهادة الدكتوراه ولا الماجستير ولا الترقية العلمية على اساس النظريات، حيث من السهولة ان اؤلف كتابًا، فالمصادر موجودة والمكتبات عامرة والنت ما شاء الله موجود، فالنقنيات لا تعطى نظريات، والحالة نفسها في التربية الرياضية اذ لا يمكن ان اعطي شهادة دكتوراه بالنظريات، فملاحظتي الاساسية ان البعض ممن اخذوا شهادات الماجستير والدكتوراه لم يكن فعالاً في المجال وهو غير موجود في الساحة الفنية، والآن حسب ما سمعت ان الجامعة وضعت شرط تقديم تجربة عملية مصاحبة للبحث العلمي وستطبق بدءًا من السنة المقبلة".

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1385 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع