رجال في حياة الملك فيصل الاول/الجزء الاول
ما قبل التتويج
ولد فيصل بن الشريف حسين بن علي في عام 1883 م في مكه وعهد في تربيته الى قبيلة بني عتيبه البدويه كما دأب آل البيت في تربية ابنائهم لاكتساب الخشونه والتحمل وفصاحة اللغه وقضى جزءا من شبابه مع ابيه في عاصمة الخلافه الاسلاميه في استانبول وشارك بعدها في الثوره العربيه الكبرى وقاد قواته في تحرير بلاد الشام ودخل الشام فاتحا في استقبال حافل من الاهالي ..
التوقيع على معاهدة سلام في قاعة المرايا، فرساي، 28 يونيو 1919، من قبل السير وليام
من اكثر المحطات اهمية هي حضوره الى مؤتمر فرساي ( شباط 1919) وطرح قضية العرب بكل تفاصيلها حيث اثبت حنكته ومهارته السياسيه ونال اعجاب الحاضرين حيث علق سكرتير الرئيس الامريكي ( ان قوامه النحيف وجسمه المنتصب الذي يبدو اطول مما هو عليه وعباءته الفضفاضه وعقاله المذهب وكوفيته المدلاة على كتفيه كل ذلك زاد من وقاره وان الذي ينظر الى محياه وابتسامته الساحره يؤمن بان الذي امامه رجلا قد اضائته الطبيعه ليكون زعيما وانه اهل لتلك الزعامه ) ..
في اليوم الثامن من آذار 1919 نودي بفيصل ملكا على سوريا واطلق اسم صاحب الجلاله الملك فيصل الاول في الوقت الذي كانت سوريا تدق الاسس الازمه لكيان وطني وبثبات يشاركها في ذلك فيصل وكانت القرارات الوطنيه مثل التجنيد الاجباري والغاء التعامل بالعمله الفرنسيه وعدم السماح للجيش الفرنسي بالتحرك بدون رقيب وطالب بمنفذ على البحر وتجهيز الجيش بمعدات حديثه وبالطبع لم يرق ذلك للجنرال الفرنسي ( نمورو) الذي ارسل انذارا الى فيصل يطالبه فيها الغاء القرارات الخاصه بالعمله والتجنيد الاجباري والقبول بالانتداب الفرنسي وعلى اثر ذلك اجتمع مجلس الوزراء ورفض الانذار الامر الذي تسبب في دخول الجيش الفرنسي مدينة الشام بعد معركه (ميسلون) واخراج فيصل الاول من سوريا.
زار فيصل لندن وكانت تلك اول زياره له الى المملكة المتحده وهناك نوه له ملك بريطانيا بعرش العراق وكان مؤتمر القاهره الذي حضره السير ( برسي كوكس ) وطرحت اسماء المرشحين لعرش العراق وهم :
1 . عبد الرحمن الگيلاني
2 . طالب النقيب
3 . الامير عبد العزيز امير نجد
4 . الشيخ خزعل امير المحمره
5 . الامير برهان الدين العثماني
6 . هادي باشا العمري الموصلي
الا ان وزير المستعمرات البريطاني ( ونستون تشرشل ) اعلن ان المرشح الاوفر حظا هو فيصل بن الحسين لانه من بيت رفيع وابن ملك وحصل على دعم الحكومه البريطانيه ..
زار وفدا من زعماء العراق مكه المكرمه وقابلوا الشريف حسين طالبين تنسيب ابنه عبد الله ملكا على العراق واجابهم الشريف حسين موجها كلامه الى السيد ( نور الياسري ) لكونه الاكبر سنا قائلا ( سيد نور لقد اخترت لكم ابني فيصل وهو محل ثقتي وكنت قد استودعته جدتنا فاطمة الزهراء البتول واليوم استودعه عندكم ) فكانت اجابة الحاضرين بانهم لايرجحون احد من انجالك على الاخر وان فيصل محل احترامنا وقبولنا وسوف نضحي من اجله بكل شيء ..
قبل هذا الحدث كانت قد وصلت عدة رسائل الى الشريف حسين حول الموضوع منها رساله من اهالي بغداد حيث يقول الشيخ على البازركان عند زيارته للشريف حسين وطرح الموضوع قال الشريف حسين ( خذها ياشيخ علي واقرأها ) وسحب ورقه من تحت الفراش وسلمها للشيخ علي وفيها ( نرجو ارسال الملك فيصل الى العراق ليكون ملكا دستوريا منتظرين تشريفه ) اصحاب التوقيع :
السيد محمد مهدي الصدر
نوري السعيد
حمدي الباججي
محي الدين السهروردي
بهجت زينل
قال الشريف حسين هل تعرف اصحاب هذه الرساله .. فقال الشيخ علي نعم وان السيد محمد هو من اكابر الساده في العراق وهو ابن السيد المجتهد اسماعيل الصدر اما نوري السعيد فانتم تعرفونه جيدا والبقيه هم من سادة المجتمع .
قال الشريف حسين لقد طالب العراقيون في بادىء الامر بالامير عبد الله ومن ثم طالبوا بالملك فيصل وبما انه اليوم بدون عمل ولكني اخشى عليه اهل العراق خوفا ان يعاملوه كما عاملوا جده الحسين (ع) من قبل ؟
قال الشيخ علي .. سيدي لقد تغير الزمن والعراقيين اليوم ليسوا كأسلافهم في زمن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهما السلام فهم اليوم يكرمون الضيف ويقومون على خدمة ملكهم .. هنا صفق بيديه ونادى على فيصل واخبره ان يجهز نفسه للسفر الى العراق ..!!
لم يكن جميع العراقيين موافقون على فيصل بل كان هناك معارضين وعلى رأسهم عبد الرحمن الگيلاني نقيب اشراف بغداد كما ورد ذلك في مذكرة رفعتها ( المس بيل ) في عام 1919 حيث يقول ( انني من اقارب فيصل ومن نفس السلاله ونفس المذهب وارجو ان تفهموني بانني لست مدفوعا بدافع الاختلاف بالدم او العقيده عندما اقول لكم انني لم ولن اوافق على تعين الشريف حسين او احد اولاده حاكما على العراق لان الحجاز ليس العراق وليست هناك علاقه بينهما سوى العقيده فسياستنا وتجارتنا وزراعتنا وحياتنا تختلف عن سياسة وزراعة وتجارة الحجاز واني افضل الف مره عودة الاتراك الى العراق على ان ارى الشريف حسين او احد اولاده على دست الحكم )
وبعد ان وافق الشريف حسين على فيصل ملكا على العراق ابرق الى بغداد قائلا مايلي :
( نشكركم على دعوتكم لنا لمعاونتكم فيما ينتابكم من المشكلات وليس بخاف على اهل العراق ما بذلنا من المجهودات والقوى اثناء الحرب الكبرى في سبيل تحقيق رغبات العرب القوميه وذلك بمعونة الله عز وجل وحلفائي والتي لم ازل ابذل هذا الجهد حتى الان وحيث اني انظر الى دعوتكم كدعوه عربيه خالصه لذلك فأني سأبعث اليكم فيصل ليعينكم والله اسأل ان يتوج اعمالنا بالنجاح ويهدينا جميعا لما فيه خير الامه وسعادتها .. الحسين )
كما بعث فيصل برقيه الى السيد عبد الرحمن الگيلاني نقيب اشراف بغداد جاء فيها :
( من فيصل الى صاحب السعاده نقيب اشراف بغداد ,, عندما كنت في اوربا ومن زمن بعيد اتضح لي ان اهل العراق يميلون الينا ان نشاركهم في ادارة شؤونهم والان وقد رجعت الى مكه والتحقت بوالدي واستشرته فوافق ان اساعد مملكتي واهلها بقدر طاقتي فأذا كان اهل العراق يرغبون بحضوري فأنا مستعد للحضور ولي امل وطيد ان سعادتكم ستعينوني ولاتحرموني من مؤازرتكم ومسؤلياتكم ,, اسأل الله ان يعيننا على فعل الخير .. فيصل )
كما ارسل فيصل برقيه الى غريمه في عرش العراق السيد طالب النقيب جاء فيها :
( السيد طالب باشا النقيب \بغداد ,, بعد ان امضيت مده من الزمن في اوربا عدت الى مكه وقابلت والدي ولقد تحقق لي في اوربا وهنا ان الشعوب العربيه ترغب في معوانتنا لهم ولآجل الاعداد لمستقبل بلادهم فأن الامل لاان اجد منك معاونة واخاء في تحقيق رغائب اهل العراق وانا أأمل ان تكون النتيجه احسن منها الان وان يتوج الله اعمالنا بالنجاح انه على كل شيء قدير .. اخوك فيصل )
غادر فيصل الى العراق في حزيران 1921م وقد سبقته برقيه من والده الشريف حسين الى السيد عبد الرحمن الگيلاني نقيب اشراف بغداد يبلغه فيها بتوجه فيصل الى العراق ويطلب منه العنايه به ومساعدته ,, وكان بصحبة فيصل مجموعه من رجالات العراق وهم :
علي جودت الأيوبي
السويدي الكبير , محمد الصدر , علوان الياسري , هادي مكوطر , محسن ابو طبيخ , رابح العطيه , رستم حيدر , علي جودت الايوبي , تحسين قدري , ابراهيم كمال , صبيح نجيب , مكي الشريفي . السير كورنواليس .
وصل فيصل الى العراق عن طريق البحر الى ميناء البصره واستقبل استقبالا كبيرا والقى كلمة الى الاهالي طلب منهم التآزر ووحدة الصف والكلمه وانهم على اعتاب عهد جديد وكان في استقباله وفدا من العاصمة بغداد مؤلفا من ستين شخصيه شاركت في استقباله ......والى الجزء التالي
عبد الكريم الحسيني
2204 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع