"الاب انستاس الكرملي المحقق والباحث والصحفي عاشق اللغة العربية وراهبها"
ان اللغات هي ذاكرة الانسانية، وواسطة نقل الافكار، والمعارف من الاباء الى الابناء، هي تمثل احدى الروابط بين الناطقين بها، وهي الاداة التي تمكن الموهوبين من كل قوم من ابراز مواهبهم وابداعاتهم، فاللغة العربية لغة العرب القومية، وهي لغة ذات إرث حضاري واسع وعميق، يقول البعض إن اللغة العربية هي أقرب اللغات السامية إلى "اللغة السامية الأم"، وذلك لأنها احتفظت بعناصر قديمة تعود إلى اللغة السامية الأم أكثر من أي لغة سامية أخرى، ففيها أصوات ليست موجودة في أي من اللغات السامية الأخرى، بالإضافة إلى وجود نظام الاعراب والعديد من الصيغ لمجموع التكسير، والعديد من الظواهر اللغوية الاخرى
لقد كانت هي لغة العلم والحضارة لقرون عديدة وفي بقاع امتدت من اطراف الصين إلى سواحل الاطلسي، وكتبت بها آلاف المصنفات العلمية العظيمة في شتى الفنون والعلوم والمعارف، هي لسان الأمة العربية حفظت تراثهم وروت أشعارهم، تعد العربيـة أكثر اللغات السامية انتشاراً في العالم، وبالنسبة للمسلمين تعد لغة القرآن الكريم، وهي مصدر التتشريع، وتعد ايضا لغة الشعائر لعدد كبير من الكنائس المسيحية في الوطن العربي، مثل كنائس الروم األرثوذكس، والروم الكاثوليك، والسريان، وبعض الكنائس البروتستانتية، كما كِتبت بها الكثير من الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى.
أن اللغة العربية تتميز بمميزات تميزها عن اللغات الأخريات فهي لغة في رسمها، في اصواتها، في معانيها، في مفرداتها، في ترادفها، في تراكيبها، الأمر الذي يجعلها من أغنى لغات العالم بعدد كلماتها مما يدل على غنى قاموسها اللغوي، كل من يتصفح أوراق التاريخ العربي والإسلامي سيبقى حائرا مشدوها أمام التراث الغني الزاخر الذي أدهش العالم وما يزال إلى يومنا هذا طوال تسعة قرون من العطاء والإنتاج في ميادين شتى واختصاصات مختلفة.
ففي العصر الجاهلي، كانت اللغة العربية لسان الشعر والإبداع الفني المتجسد في المعلقات العشر وشعر الصعاليك ونصوص المفضليات والأصمعيات وجمهرة أشعار العرب ومختارات الشعراء والنقاد، وأصبح هذا الشعر مصدر أساسيا لكل الأشعار العربية بعموده الفني المطبوع وعروضه الخليلي الموهوب، وتميزت اللغة العربية في حضن هذا الشعر بالفصاحة والبلاغة وروعة البيان والبديع و جودة النظم والتركيب.
ولما ظهر الأسلام، اقترن القرآن بهذه اللغة، وهي اللغة التي تقوم بها سائر العبادات، انتشرت الرسالة في بعض عقود حتى اقاصي الغرب على مشارف المحيط الاطلسي والى الشرق حتى سور الصين العظيم: الرسالة بلغتها العربية تضل قوة روحية حتى اليوم بعد اربعة عشر، وكانت أداة للتواصل والتفاهم مع الآخر، وهذه اللغة ترجمت لنا البلاغة الربانية في أعلى مستوياتها مجازا وفصاحة وتعبيرا ونظما ومقصدية، فعجز المبدعون والمثقفون العرب عن محاكاتها والسير على منوالها.
ومع العصر الأموي، بدأ عصرتعريب الدواوين خاصة في عهد عبد الملك بن مروان، وبدأ تجميع المعارف والعلوم في مصنفات وكتب ومؤلفات وستكتب باللغة العربية باعتبارها لغة الإسلام والحضارة العربية
عرفت اللغة العربية أوجها الحضاري والإشعاعي مع الدولة العباسية التي ستمتد في رقعة شاسعة ولاسيما مع عهد السلاطين الثلاثة: أبي جعفر المنصور والمأمون وهارون الرشيد، وستحظى اللغة العربية بأهمية كبرى باعتبارها لغة الترجمة لفكر اللغات الأجنبية كاليونانية والفارسية والهندية والرومانية كما يتمظهر ذلك واضحا في بيت الحكمة الذي أسسه الخليفة المأمون لنقل الإرث الثقافي اليوناني إلى اللغة العربية، وفي هذه الفترة انتشرت المعارف والعلوم وازدهر الأدب العربي وانفتحت اللغة العربية على قواميس ولغات وألسنة أخرى من باب التلاقح والاحتكاك الحضاري والمثاقفة، وصارت اللغة العربية لغة العلم والرياضيات والفلك والهندسة والمنطق والفلسفة والتصوف والفلاحة والصناعة والاقتصاد، وانتعشت بفضل غيرة العلماء عليها وانكبابهم على البحث العلمي والاختراع والتجريب والتحصيل المعرفي والتصنيف في شتى المجالات التي اعترف المستشرقون الغربيون بريادة العرب فيها كما نجد عند العالمة الألمانية زيغريد هونكه في كتابها القيم" شمس العرب تسطع على الغرب". وانتقلت الحضارة العلمية والأدبية والتقنية إلى أوربا عبر إيطاليا والأندلس والحروب الصليبية وطرق التجارة ، وتعلم الأوربيون اللغة العربية وآدابها وعلومها في طليطلة وفاس ومدن المغرب العربي ، وكانت أوربا في تلك الفترة تعيش في ظلمة العصور الوسطى بينما المسلمون كانوا يعيشون في زمن الأنوار والانتعاش الحضاري، هناك الكثير ممن أسهم في بناء ونشر الصرح البديع للغة العربية ووضع قواعده كالنحو والعروض والبلاغة منذ نزول القرآن الكريم، حتى سقوط الدولة العباسية، نذكر منهم:
أبو الأسود الدّوؤلي في زمن خلافة الامام علي بن ابي طالب، الدوؤلي اول من كتب في علم النحو، وتلاميذه عنْبسة الفِيل وعبد الرّحمن بن هرمز، وميمون الأقرن، وعبد الله بن عبّاس، وعبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، وعيسى بن عمر الثّقفي، وأبو عمر بن العلاء، وأبو الخطّاب الأخفش الأكبر، ويونس بن حبيب، وسيبويه صاحب "الكتاب"، وابن عبّاس، وأبو عبيدة، والخليل بن أحمد الفراهيديّ صاحب "العين" اول معجم في اللغة العربية، وواضع علم العروض العربية، وابن مالك الاندلسي صاحب "الالفية"، وأبي الحسن علي بن حمزة الكسائي، وأبو زكرياء يحيي الفرّاء، وأحمد بن يحيي ثعلب، وابن جنّي صاحب "الخصائص"، والأصمعي صاحب "رواية العرب"، والزبيدي صاحب "تاج العروس"، وأبي علي محمد بن المستنير المعروف بقُطرب، وأبي عثمان المازني، وابن اجدم، وأبي القاسم عبد الرحمن الزّجّاجي، وأبو الحسن محمد بن كيسان، و أبو الحسن محمد الوراق، وأبو موسى سليمان الحامض، وأبو بكر يحيي بن الخياط، وأبو عبد الله إبراهيم نفطويه، وأبو إسحاق إبراهيم الزجاج، وأبي علي الفارسي، وأبي القاسم محمود الزّمخشري، صاحب "الكشاف"، وأبي عمر، وجمال الدين بن الحاج، وأبي محمد بن هشام الأنصاري، وأبي البقاء، وأبي عبد الله محمد بن حيّان الأندلسي، ورضي الدّين الأستراباذي، وأبي البركات عبد الرحمن الأنباري، وأبي عبد الله البقاء العكبري، وابن هشام الأنصاري، وأبي العباس أحمد بن مضاء القرطبي، والمبرد، واسماعيل بن حمد الجوهري، ومجد الدين الفيروزبادي صاحب "القاموس المحيط"، وابن منظور صاحب "لسان العرب"، والأدباء في كلام العرب الفصحاء بوجه عام، ومن هؤلاء: أبو عثمان بن بحر الجاحظ صاحب "البيان والتّبيين"، و أبو العباس عبد الله بن المعتز، صاحب "البديع"، ولكن صرح هذا العلم لم يكتمل إلاّ في القرن الخامس الهجري على يدي عبد القاهر الجرجاني صاحب "دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة" اللّذين وضع فيهما أسس علمي المعاني والبيان.
شَهِدت اللغةُ العربيةُ تراجعاً عظيماً منذ سقوط الخلافة العباسية ودخول «هولاكو» بغداد وألقى الكتب في نهر «دجلة»، فأصبح أزرق اللون، وكانتْ من قبل اللغة الرسمية للدولة، ولمّا كانَ الناطقونَ بها أقوياءٌ فقد بسطتِ اللغةُ العربيةُ سُلطانَها على الأقاليم المفتوحة، وظهرَ مؤلفونَ من غيرِ العرب كتبوا بالعربية وتفوقوا فيها أكثرَ من العربِ أنفُسِهم، وهذه المحنة تماثلها المحنة التي حدثت في «أسبانيا» عندما سقطت غرناطة وأحرقت الكتب والمخطوطات العربية.
بدأت اللغة العربية في فترة الحكم العثماني حالة اشبه بالجمود نتيجة الركود الثقافي والاجتماعي، فتراجعت اللغة العربية امام سلطان اللغة التركية والفارسية واللغات المحلية الاخرى، واستمرت الحال على ماهي عليه حتى بدأت بوادر النهضة العربية بالظهور في نهايات القرن التاسع عشر، فشهدت اللغة العربية انتعاشاً على يد المفكرين والمتنورين من ادباء النهضة ورجالاتها، وكان الاستيقاظ الشعور الوطني دوره في بعث اللغة العربية، ثم جاءت الصحافة لتحرر اللغة العربية من مالصق عليها من رواسب عصور الانحطاط والتخلف، ثم جاءت المجامع اللغوية وسيلة فعالة لدعم النهضة السياسية والاجتماعية والفكرية والحفاظ على سلامة اللغة العربية وتطويرها، لعب المسيحيون العرب، بمختلف طوائفهم دوراً لا مثيل له في تجديد الثقافة العربية، وادخال عناصر الحداثة في الرواية والشعر والفكر، ومن أبرز الكتاب المسيحيين الذين عنوا بدراسات اللغة العربية في وقت كانت الدولة العثمانية تسعى لتتريك العرب: جبر ضومط الذي ألف فلسفة اللغة العربية وتطورها، وناصيف اليازجي (1800- 1871) صاحب (فصل الخطاب) في قواعد اللغة العربية ونار القرى في شرح جوف الفران في النحو، والمعلم (بطرس البستاني) (1819- 1883) صاحب قاموس (محيط المحيط) وصاحب قاموس (قطر المحيط)، و(عبدالله البستاني) (1854- 1930) وكان لغويا من الطبقة الاولى واحمد فارس الشدياق (1804- 1887) صاحب (الجاسوس على القاموس)،والأب لويس معيوف، والشيخ (ابراهيم الاحدب) صاحب فرائد اللآل في مجمع الامثال الذي نظم فيه الامثال التي جمعها الميداني في نحو ستة الاف بيت، ومارون عبود، وكان هؤلاء اركان النهضة اللغوية في لبنان ومؤلفاتهم ومعجماتهم ليساهموا بحفظ لغة القرآن الكريم، وفي مصر رفاعة الطهطاوي والافغاني واسماعيل بشر وجرجي زيدان اللبناني الذي اسس دار الهلال وجبر العلايلي والدكتور حسن عبد اللطيف الشافعي ومحمد توفيق رفعت باشا واحمد شوقي، وبن عقيل الضاهري، وفي الشام والقدس محمد كرد علي واحمد الشهابي واحمد كمال باشا واسعاف النشاشيبي، وفي العراق محمود شكري الآلوسي ومعروف الرصافي وجميل صدقي الزهاوي ومحمد رضا الشبيبي وانستاس ماري الكرملي ومحمد بهجت الاثري ونجم الدين الواعظ ومصطفى جواد، وكان الأب الكرملي من أبرز المثقَّفين المسيحيّين في العراق والوطن العربي في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الذي اوجد الوعي بالهوية للقومية العربية.
الاب انستاس ماري الكرملي:
ولد الأب أنستاس ماري الكرملي في بغداد العام 1866م من آب لبناني، ولد أبوه ميكائيل ماريني، واسمه الحقيقي جبرائيل عواد الماروني في بحر صاف من أحياء بكفيا في جبل لبنان العام 1823م، وابدل اسمه جبرائيل بميخائيل، لأمور سياسية كانت في ذلك العهد وكان بعضهم يتأثر الموارنة فيقتلونهم، فرحل من لبنان مرافقا وترجماناً لأحد الأمراء من اسرة نابليون بونابرت ورافقه في رحلة استغرقت سنتين، زار خلالها الاناضول، العراق، وبلاد فارس، وسوريا ومصر، وكان جبرائيل يفهم 14 لغة.
في سنة 1850م نزح الى بغداد فتوطنها، وفي بغداد عرف مريم مرغريتة "او لؤلؤة" من بيت اوغسطين جبران الكلداني البغدادي، فتزوجها فولد منها خمسة بنين وأربع بنات، وبطرس كان الابن الرابع من ابناء جبرائيل، سمي بأربعة أسماء بطرس وبولس وعبد الاحد وماري، في الثامنة من عمره استقر اسمه ببطرس، تلقى الكرملي الصبي دروسه الابتدائية في مدرسة الاباء الكرمليين ببغداد واتم دراسته الثانوية في مدرسة "الاتفاق الكاثوليكي" ببغداد ايضا، وتخرج فيها سنة 1882 وعين مدرسا للغة العربية في فجر شبابه في مدرسة الاباء الكرمليين وفي سنة 1886،غادر بغداد الى كلية الاباء اليسوعيين في بيروت حيث قام بتدريس اللغة العربية واتيح له ان يتعلم اللاتينية واليونانية، ويكمل دراسة اداب اللغة الفرنسية، ففي سنة 1886 لم ينشر في مجلة "الصفاء" اللبنانية الا مقالات لم تتجاوز السبع وهي موقعة باسمه القديم "بطرس ميخائيل الماريني"، وفي سنة 1889 لم ينشر سوى مقالين في مجلة "الكنيسة الكاثوليكية" في بيروت اولها جواب سؤال عن عادة في دمشق والثاني جواب سؤال عن بغداد، وقد وقعهما بـ"الاخ انستاس ماري المنتمي الى القديس ايليا الكرملي الحافي".
لم يقف طموح الكرملي عند حد، ولم يقنع بما لديه من معلومات فاتجه سنة 1887الى بلجيكا، حيث انتمى الى الرهبانية الكرملية في دير (شفرمون) قرب مدينة (لييج) وفي سنة 1889، غادر الى لاغتو قرب نيس في كورة جبال الالب البحرية، وفيها درس الفلسفة، ومن ثم ذهب الى مونبليه في ليرو في دير من اديرة الآباء الكرملين، وقرأ اللاهوت وتفسير الكتاب المقدس والتأريخ الكنسي الأكبر غادر حيث امضى ست سنوات في فرنسا،
عاد إلى بغداد بعد رحيله الى إسبانيا لزيارة الآثار العربيّة الإسلامية في الأندلس سنة 1894 ليدير المدرسة الكرملية التي درس فيها طفلا وليباشر صنيعه اللغوي الممزوج بتوجه قومي صادح، وعلم فيها العربية والفرنسية الى عام 1897، حيث أودعت إدارة المدرسة الى راهب آخر، فتفرغ بطرس للوعظ والخطابة والكتابة في المجلات والجرائد الفرنسية والعربية، وطلبته الصحف الكبيرة ليكتب فيها، وأغلب مباحثه لم يطرقها قبله طارق لأنه عني بما بقي مهملاً وليس بما أوضحه العلماء، ونُقِل كثير من مقالاته الى الفرنسية والانكليزية والروسية والالمانية والايطالية والاسبانية والتركية، ومن الكتاب من نقلها الى لغته فأدعاها لنفسه، وكان قد تعلم اللاتينية واليونانية وألم بطرف من اللغات الارمية والعبرية والحبشية والفارسية والتركية والصابئية، لدرس علاقاتها بالعربية، فأخذ منها ومن اصولها والفاضها ما يحتاج اليه منها، ونشر مقالات كثيرة في مجلات مصر والشام والعراق، موقعة بأسماء مستعارة "ساتسنا، أمكح، كلدة، فهر الجابري، الشيخ بعيث الخضري، مستهل، متطفل، منتهل، مبتدئ، ابن الخضراء"، والشكر موصول الى الاستاذ كوركيس عواد عندما جمع لنا تواقيع الاب انستاس المستعارة ورتبها حسب الحروف الهجائية ووضع ازاءها اسم المجلة او الجريدة.
وفي تموز من سنة 1911 أنشأ مجلة في بغداد سماها "لغة العرب" وهي مجلة شهرية، تُعنى باللغة والأدب والمصطلحات والتاريخ وعلم الاجتماع وعلم الإنسان، المجلة مصدر اثارة فكرية، وجدلية بين المثقفين من الادباء والكتاب، لتدفع بالثقافة الى النمو، وكانت ملتقى الناطقين بالضاد في كل انحاء الوطن العربي، حيث ساعدت على انماء الروابط القومية والشعور المشترك للوصول للاهداف المرجوة، استمرت في خدمة اللغة حتى عام 1932م، فكل ما صدر هو تسع مجلدات، وفيها موازين وفنون الكلام على المفردات والمصطلحات العلمية والفنية والتركيب، ما يشبع الدارسين والباحثين، والتي ما تزال مرجعا مهما في قضايا اللغة والتاريخ والفولكلور.
في العام 1911 جرى فيه انتخابه عضوا في مجمع اللغات المشرقية الألماني،
واختاره المجمع العلمي العربي في دمشق سنة 1920 ليكون عضو شرف فيه، هو والعلامة محمود شكري الآلوسي وعين عضوا في مجلس المعارف في العراق سنة 1917، وعضوا في لجنة الترجمة والتعريب سنة 1921.
نفته الحكومة العثمانية الى الأناضول سنة 1914 لأنه سمى مجلته لغة العرب التي يعدها اصل اللغات، ونشر فيها مقالات يحبب فيها العرب للناس،،وكذلك نشره قصيدة اللغويّ الصحفيّ الشاعر الشيخ إبراهيم اليازجي :
تنبّهوا واستفيقوا أيها العـربُ** فقد طمى الخطبُ حتّى غاصت الركبُ
فيم التعلُّـلُ بالآمالِ تخدعـكم** وأنـتُمُ بين راحـاتِ القـنا سُـلـبٌ
الله أكبرَ ما هـذا المـنامُ فقـد شكاكمُ** المهدُ واشتاقتكمُ التــــربُ
كم تُظلمونَ ولستم تشتكونَ وكم تُستغضَبون** فلا يبدو لكم غضـــبُ
وهي القصيدة التي كانت الرقابة العثمانيّة تمنع طباعتها، وعاملوه العثمانيون في منفاه في "قيصري" بقساوة وأنزلوا فيه أشد العذاب وبقى هناك سنة وعشرة اشهر، وفي سنة 1916 عاد الى بغداد.
رغب الانكليز بعد احتلال بغداد في اصدار جريدة تنطق بلسانهم وتعبر عن سياستهم، فأطلقوا عليها "باقتراح من الاب انستاس الكرملي" اسم العرب ، وصدر عددها الأول في 4 تموز (يوليو) 1917، وقد عهد بادارة الجريدة ورئاسة تحريرها الى المستر جون فيلبي في باديء الامر، وكان يساعده الاب انستاس، ثم تولت مس بيل ادارة سياستها بعد ان تركها فيلبي، وكتبت في ذلك الى والدها تقول: الاب انستاس، مساعد رئيس التحرير، يأتي اسبوعيا لقراة المقالات الافتتاحية التي اقوم بمراقبتها، وهو عربي اصله من لبنان، اشبه بشخصية خارجة على التو من احد مؤلفات شوسر، عظيم المعرفة بلغته، كما انه يتكلم الفرنسية ويكتبها وكأنه احد ابنائها، ثم تقول: ولا يقلل من حبي له اقتناعي بانه على الرغم من ثيابه الكهنوتية، رجل خبيث..، هذا مانقله الدبلوماسي "نجدت فتحي صفوت" في محاظرة له في لندن.
وفي عام 1918 تولى تحرير"دار السلام"، وهي نصف شهريّة تُعنى بشؤون العراق، واستمرت لاكثر من ثلالث سنوات.
تعين عند نشوء الدولة العراقية عضواً في مجلس المعارف
وفي عام 1920ـ انتُخِب عضواً في (المجمع العلميّ العربيّ) بدمشق، وكان المجمع قد أُسس قبيل أشهر في سنة 1919 من لدن الحكومة العربيّة التي تشكَّلت بقيادة الملك فيصل بن الحسين بعد دخوله دمشق على رأس الجيش العربي واستقلال سورية عن الدولة العثمانيّة،
ثم المجمع العلمي في جنيف واخيراً في مجمع فؤاد الاول في “ مصر” وقد اهدته الحكومة الفرنسية وساماً علمياً، كذلك اهدته الحكومة البريطانية شهادة تعادل الماجستير.
اشرف العلامة الكرملي في 16\4\1920 على تأسيس مكتبة السلام، واصبح اسمها "المكتبة العامة" عام 1929، وغدت المكتبة الرسمية للبلاد بأمر الملك فيصل الاول، وتعد المكتبة الوطنية العراقية من اهم صروح العراق التي كانت تضم كنوزا نادرة من المخطوطات والمؤلفات، طالتها يد الغوغاء بعد الاختلال ولا ندري ما حل بتلك المخطوطات والمؤلفات!؟.
في عام 1928، وفي دار رئيس الوزراء محسن السعدون، أدباء بغداد يقيمون له حفلاً تكريمياً بمناسبة مرور 50 عاماً على بدء نشاطه الفكريّ، ورأسَ الحفل صديقه الشاعر جميل صدقي الزهاوي، وتوالى الخطباء والشعراء من على منصة الاحتفال، حيث يكرم العلم والإبداع، نورد ماقاله احمد حامد الصراف:
وعشنا وعاشت في الدهور بلادنا*** جوامعنا في جنبهن الكنائس
وسوف يعيش الشعب في وحدة له*** عمائمنا في جنبهن القلانس
وفي عام 1932انتُخِب عضواً في (مجمع اللغة العربيّة الملكيّ) بالقاهرة عند تأسيسه اسمه اليوم: "مجمع اللغة العربيّة".
وفي عام 1937 أصدر الكرملي، أوَّل جريدة نسويه في العراق، اسمها<<فتاة العرب>> أصدرتها الآنسة مريم نرمي سنة 1937
وفي عام 1945اختير عضواً في لجنة التأليف والنشر في وزارة المعارف العراقيّة، وهي اللجنة التي تطوّرت إلى مجمع سُمِّي بـ (المجمع العلميّ العراقيّ) سنة 1947 بُعيد وفاته. ولهذا فهو يعد من مؤسسي المجمع، وإن لم يطُل به العمر ليكون عضواً عاملاً فيه.
واظبَ الكرملي على نشر مقالاته التي كانت متون لغوامض المعرفة وجذورها وهي ابحاث خدمةً للغة العربيّة في أشهر المجلات مثل: المشرق والمقتطف والهلال والمباحث والمقتبس، الآثار، البلاغ، الثقافة، الرسالة، الزهراء، الزهور، الاعتدال، والجوائب.
كتب الاديب روفائيل بطي : زرته مرة فى معتكفه بدير الآباء الكرمليين قبل سنتين من وفاته، وفى صومعته حيث هو غارق بين الكتب والدفاتر فلم أبصره فى موضعه من كرسيه، بل انبعث إلى أذنى أنين من داخل الحجرة الضيقة، فتجاوزت الباب، فرأيته مضطجعا فى سريره الخشبى الخشن يلهث، فبادرته بالسؤال عن حاله، فأجابنى بصوت متهدج تقطعه الزفرات: «إنى مريض أشكو عللا وشيخوخة تتهدم» فهونت عليه ودعوت له بالشفاء العاجل، فقاطعنى بقوله فى نفس خرج من أعماق قلبه: لا يخيفنى الموت يا ولدى، ولكنى متألم إذ ستحول المنية دون خدمتى للغة العربية التى أفنيت عمرى فى درسها وبحثها، وبكى بكاء مر.
تفاقم المرض على العلامة انستاس الكرملي في اواخر حياته، فألح عليه اصدقائه ومحبيه بالمعالجة والتداوي، فسافر الى فلسطين اوائل صيف 1946، ودخل الى احد مستشفياتها، ومن هناك بعث الى صديقه العلامة طه الراوي قال فيها" لقد تحسنن صحتي نوعا ما ولكن الشيخوخة لا بدواء ولا امل في شفائه، وعاد الى بغداد واشتد عليه المرض، تدهورت حالته الصحية وقد بلغ من العمر82 سنة، نقل الى المستشفى التعليمي الملكي في بغداد.
فى صباح الثلاثاء السابع من كانون الثاني 1947 أغمض العلامة اللغوى الأب أنستاس مارى الكرملى إغماضته الأخيرة، ورقد على سرير الموت فى المتسشفى الملكى بالعراق الرقدة الأبدية بثوبه الرهباني، ودفِن في الساحة عند باب كنيسة الدير المعروفة بكنيسة اللاتين الشامخة، والكثير يتذكر الكنيسة التي يقف عليها ويعشعش اللقلق، وضرب به المثل البغدادي "مينعرف من يا مله"، فدير الاباء الكرمليين، وسط بغداد على وجه التحديد بالقرب من سوق الشورجة، سوق التوراة سابقاً مقابل جامع الخلفاء أو ما اصطلح عليه منارة سوق الغزل او المسجد الجامع والذي سكنه لفترة طويلة ابن بغداد الشيخ جلال الحنفي من جهة شارع غازي ثم شارع الجمهورية ثم شارع الخلفاء اسماء تعاقبت على هذا الشارع العريق ، الدير بني عام 1737، والحقت به مدرسة للفتيان تخرج العديد فيها الذين شاركوا في ازدهار الحركة الثقافية في القطر كان على رأسهم الاب انستاس ماري الكرملي، كان في أيامه الأخيرة يطيل الجلوس في تلك البقعة من الساحة، الداخل الي هذه الكنيسة الجليلة يشاهد قبر الحارس الصلب والعاشق وراهب اللغة العربية الاب انستاس ماري الكرملي، وكتب على وجه القبر بيتان لتلميذه الشاعر مهدي مقلد التي ارتجلها عند مواراته التراب، جاء في هذه الابيات:
لطمت صدرها عليك لغاتٌ** في بوادي الاعراب يوم مماتك
وعروس اللغات قد شقت الجيب** وقامـتْ تنوحُ فوقَ رفاتِك.
كانت الطليعة المثقفة من رجالات بغداد على موعد لوداع ابن بغداد، كان جورج جبوري واحدا من الخطباء في حفل تابينه الى جانب الدكتور مصطفى جواد، كوركيس عواد، يوسف غنيمة، مير بصري، مهدي مقلة، روفائيل بطي، وغيرهم، جورج جبوري الّف كتاباً( الكرملي الخالد) ضمنه حياته، مآثره، والكلمات التي كتبت في رحيله، يقول مصطفى جواد يوم وري الاب التراب:" لقد فارقنا الفراق الاكبر، وودعنا الوداع الاخير آسفين عليك فاقدين بموتك صديقاً صادق الود، كريم الخلق ورجلاً وهب نفسه للغة العربية، فكان باراً بها"،
وأنشد الشاعر مهدي مقلد
فالقلب من دين ابن مريم وحيه***والفكر من لغة النبي محمد
ترك العلامة الكرملي مكتبة تعد من أضخم المكتبات الخاصة في العراق، ضمت نحو عشرين ألف مجلد، بينها 1335 مجلدا مخطوطا، هذه المكتبة او الخزانة كانت ستظم عددا اكبر من المخطوطات والكتب، حيث افاد الباحث والكاتب الاستاذ مهدي البزاز قائلاً: انه خلال الحرب العالمية الاولى كان في هذه المكتبة ما يقارب ال20 الف كتاب ومخطوطات، بعض منها تعرضت للحرق والتدمير امام عين الاب الكرملي، ومع ذلك استطاع تخليص الكثير منها، قضى ثلاثة وستين عاماً من عمره بالتأليف والتنتقيب والتحديث والتصحيح، عام 1956 هجر الرهبان الدير، وانتقلوا الى دير حديث في كرادة مريم شيد عام وفيه مكتبة ثمينة تضم كتبا ومخطوطات نفيسة من مقتنيات الرهبان الكرمليين، بظمنها مقتنيات العلامة الكرملي.
نشأ العلامة انستاس الكرملي، نشأة ناسك متعبد، زاهد، ذو قامة مليحة، وملامح حادة، وذهن متوقد، وسريرة صافية كسماء الربيع، رجل بلا اسرة او اولاد، لا يملك من متاع الدنيا شيئا ولا مطامح زائلةً، لكنه خلف اسرة من اجيال الثقافة العراقية وحراس اللغة وحاكلي مشاعلها، وكتبه وغزارة إنتاجه، كان ضخم الجثة، قوي البنية، جبلي القوام، أطلق للحيته العنان فجاءت كثة، طويلة مهيبة كالمتصوفين ، له صوت كأنه الزئير، وضحكاته كانت تشق انحاء الدير، وغضبه في ذات الوقت وانفعاله في ما يراه انحرافاً، يصل حد استعماله عصاه.
نسبه: صرّح العلامة انستاس الكرملي علانية لأصدقائه أن أصله عربي وكان هؤلاء الأصدقاء من الملازمين للأب الكرملي والعارفين بأسراره وأحوال، فقد كتب المرحوم مهدي مقلّد: أن الكرملي ذكر مرات عديدة انه ينتسب إلى قبائل المردة العربية الذين يسكنون جبال وانه وان المردة في الأصل من بني مراد القبيلة الكبيرة في اليمامة، بينما ذكر المرحوم الدكتور مصطفى جواد أن الكرملي ذكر في إحدى رسائله له أن حبه لأهل اليمن يعود إلى أن أرومته من تلك الأجزاء وهو من آل عوّاد لذلك يبطل الشك في نسبه، الكرملي دائما يقول" ولدت عربياً وعشت عربياً وسأموت عربياً.
القابه: العلامة لقب بالكرملي وهو ما اشتهر به، نسبة الى طريقته وهي تنسب الى جبل الكرمل بفلسطين، ويلقب بالحافي لأن من عادة الرهبان الكرمليين او اليسوعيين ان لا يلبسوا حذاء او جواريب، بل انتعال خف بسيط دلالة على التواضع والتقشف والعيش، والبغدادي لأنه ولد وترعرع ومات في بغداد، واخيراً الألياوي نسبة الى ايليا النبي صاحب المعجزات على جبل الكرمل.
العلامة انستاس الكرملي: عربي المحتدي والثقافة، عالم فذ من اعلام العراق والعرب البارزين في ميادين اللغة، فهو رائد الصحافة اللغوية، ذو عقل مبتكر قاموس ناطق،عالم لغات أصاب عراقيي العصر الحديث بجنون اللغة العربية، فصار أحد طلابه وهو مصطفى جواد يصر على تصحيح ما يتداوله الناس العاديون في الأسواق من مفردات وهو يردد “قل ولا تقل”، هيامه باللغة العربية دفعه إلى الإيمان بتفردها الإعجازي وهو القائل “إن لسان العرب فوق كل لسان ولا يدانيه لسان آخر من ألسنة العالم جمالا ولا تركيبا ولا أصولا ولا.. ولا”، كان من اشد العلماء خصومة للرأي القائل بلزوم" اتخاذ الحروف اللاتينية لكتابة اللغة العربية، وهو الذي رد على المستشرقين وصحح آراءهم وصحح أغلاط الأقدمين، من كتاب العرب ،وهو كذلك من ابرع من حرر مجلة بواضيعها اللغوية والفكرية قياساً الى معاصريه من جيله.
كان الاب الكرملي اول الداعين الى احياء العربية وانتشارها بين ابناء العرب، وضع لذلك وسائل انعاشها فقال:" خير الوسائل لانعاشها هي المدارس والمطبوعات بأنواعها، وتشجيع المؤلفين بجوائز تعطى لهم، وحمل اهل العقد والحل على بثها ونشرها، واذا امكن عقد مجمع لغوي مؤلف من اعضاءه من علماء من مختلف الديار العربية".
كان شغوفاً بالمطالعة والتأليف ولم يقل عمله اليومي في التأليف عن عشر ساعات على مدار العام، للغة والتاريخ والديانات والفلكلور والجغرافيا والأنثروبولوجيا.
كان الاب الكرملي واحدا ممن صنع لنا ثقافتنا العربية في مرحلة حاسمة، من أجل إيجاد وعي عام للقومية العربية، شرح وفصل لنا ما قدمه العلماء القدامى، وأضاف إليه، بغية الحفاظ على اللغة العربية وتطورها ونقلها سليمة صافية لجيله و للأجيال التالية، فهو وزملائه من رواد النهضة والفكر العربي حاملي مشعلها وغيرتهم عليها، لسان اللغة العربية يقول:
أرى لرجال الغرب عـزاً ومنعةً***وكم عـزَّ أقوامٌ بعـز لغـات
أنا البحر في أحشائه الدر كامنٌ. ***فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
كان من إسهاماته أيضا أنه أخذ يضع مقابلا عربيا للمصطلحات الحديثة، وكان يقول إنه يوجد في العربية ألفاظ تكفينا مئونة الاستعارة من غيرها من اللغات الأجنبية، وإن لغتنا مفتقرة إلى تحرير ألفاظها العلمية والإشارة إلى ما يقابلها في اللغة العربية وفي اللغات الأخرى حتى يهتدي الكاتب إلى استعمالها في مواطنها؛ ولذلك أثنى على معجم الحيوان الذي ألفه امين معيوف.
كان الأب الكرملي، يوجه بعض الكتاب أو يطلب منهم أن يكتبوا في مواضيع معينة، ومن تلك المواضيع البحث في العشائر، والأزياء الشعبية، والعادات، والشعر الشعبي، وفي كتاب "الشيخ جلال الحنفي" (المغنون البغداديون) عبارات صريحة بأن الكرملي وجهه إلى هذا البحث.
كرمته وزارة الثقافة عام 1972، واحتفاءً بالمناسبة اعد الاستاذ عامر السامرائي المدير العام في اوزارة كناباً عنه، كما اعد الاستاذ سالم الىلوسي كتاباً عنه ايضاً.
آثاره من المؤلفات المطبوعة والمخطوطات:
ألفَّ الكثير من المؤلفات، وأغلبها ضخمة وفي مجلدات كان يقصدها علماء بغداد والكاظمية والنجف وكربلاء، إلاّ أن الأتراك استولوا على أغلبها في سنة 1914، حين نفوه فمنها أحرقوها، ومنها تصرفوا فيها ونجت من أيديهم بعض المؤلفات، حدث وصنف امهات المصادر العربية القديمة في اللغة والتأريخ والبلدان والتراجم، كتب مقالات وتعليقات وخواطر في كل العلوم كاللغة والنحو وفقه اللغة.
المؤلفات المطبوعة:
قسم من معجم المعين الفراهيدي بغداد 1914، نخب الذخائر في احوال الجواهر القاهرة 1939،الفوز بالمراد في تاريخ بغداد 1911، شعراء بغداد، خلاصة تاريخ العراق البصرة 1919، أغلاط اللغويين الاقدمين بغداد 1933، رسالة في الكتابة العربية المنقحة بغداد 1936، نشوء اللغة العربية ونموها واكتهالها القاهرة 1936، النقود العربية وعلم النميات القاهرة 1939.
المؤلفات المخطوطة:
المساعد، معجم خلَّفه مخطوطاً، استغرق في تأليفه ومراجعته أكثر من أربعين عاماً ونشر فصول منه في الدوريات ويعد «المساعد» من أهم المصادر في درس العربية وأسرارها إذ إنه اعتمد «محيط المحيط» لبطرس البستاني وحذف منه وأضاف إليه ما استجد من أصول لغوية حديثة ومفردات ردها إلى أصولها وهذا الكتاب «المخطوط» يقع في خمسة مجلدات ونسخته الفريدة بخطه في دير الآباء الكرمليين في بغداد، ولم يطبع منه سوى الجزء الأول في بغداد عام 1972 بتحقيق وتعليق وصنع فهارس لكوركيس عواد وعبدالحميد العلوجي، الشفاء من دار الانشاء 1883، الشوارد اللغوية في الاشعار البدوية 1886، تراجم عراقيين اصليين وغيرهم من مشاهير العرب، الغرر والنواظر والدرر الزواخر، اغاني بغدادية عامية، حقَّقه الأستاذ عامر رشيد السامرائي، نُشِر في بغداد 1999، أديان العرب وخرافاتهم، حقَّقه د. وليِد محمود خالص، ونُشر في بيروت 2005،
واحدٌ من عديدِ جهودٍ انهمكَ فيها الأب أنستاس الكرمليّ - الباحث وَالمحقق اللغوي الراحل – وظلّت مخطوطةً مهملةً حتّى استعادها وليد محمود خالص وَأعاد تحقيقها مزوّداً إياها بالهوامش وَالشروح، وَالعمل الصغير في أصله إذ لا يتعدّى أربعين صفحة، تجميعٌ لحشدِ الرواياتِ المبثوثةِ في كتبِ التراثِ العربي، من لغةٍ وَسيرةٍ وَتاريخٍ وتفسير، بكل ما يتعلّق بعقائد العربِ وَأديانهم، الجهد الذي يبدو خفيفاً في عنوانه استغرقَ مؤلّفه أكثر من ثلاثين عاماً، يضيفُ إليه وَيكمل عليه، وَرحل عنه دونَ إكماله ككثيرٍ من مخطوطاته الأخرى، قصة التقويم "بالكلدانية"، خلّفه مخطوطاً، ثم نُشر في بغداد 1953، مختارات المفيد، فهارس ديوان الحماسة لأبي تمام 1895، اليزيدية 1895، ديوان شعراء نجد من العوام العصريين 1895-1900، خوطر علمية وسوانح دينية ومنشورات ادبية ولغوية وتأريخية، اسرار الموازين والمجموع، في ذكرى الملك فيصل الأول، "خطاب"، بغداد 1933، أرض النهرين، تأليف دوين بيڤان، ترجمه من الإنكليزيّة بمساعدة الأب لويس مرتين الكرملي، وتولى نشره حكمت توماشي، بغداد 1961، الإكليل، للهمداني (الجزء الثامن)، بغداد 1931، جمهرة اللغات، تحقيقات عن الكرد، كشكول من المحققين والمؤرخين واللغوين، امثال بغداد والموصل والبصرة وضم حكايات عامية باللغة الدارجة لمسيحي بغداد، بدوات الحاضر، جمهرة اللغات، حشو اللوزينج، تاريخ الكرد، فهرست الكتب الخطية، الرغائب، السحائب، العجائب اللغوية، فرائد الشرائد والشوارد، اللمح التاريخية والعلمية، مجلدان 1907، مزارات بغداد باللهجة العامية البغدادية والعربية الفصيحة، تحقيق د.باسم عبود الياسري، مراجعة وتقديم د. طالب البغدادي، ديوان التفتاف أو حكايات بغداديات، ونُشر في بيروت 2003، بتحقيق الأستاذ عامر رشيد السامرائي، الكوفيّة والعقال، القاهرة 1941، تراجم بعض العلماء العصريين، المجموعة الذهبية"خواطر فلسفية"، النغم الشحي في اغلاط الشيخ ابراهيم اليازجي، متفرقات تأريخية، الأنباء التأريخية، التحقيقات العصرية.
من كتبه المفقودة :
تصحيح أغلاط لسان العرب، تصحيح تاج العروس، تصحيح أقرب الموارد وماجاء فيه من المفاسد، الألفاظ اليونانية في اللغة العربية، الألفاظ الرومية (اللاتينية) في اللغة العربية، الألفاظ الدخيلة (من عبرية وهندية وقبطية وحبشية وتركية) في العربية، الألفاظ الفارسية في اللغة العربية،الألفاظ الارمية (السريانية والكلدانية) في العربية، الألفاظ العربية في اللغة الفرنسية.
وجه الأب انتقاداته إلى المعجمات الحديثة وبالأخص «محيط المحيط» و «أقرب الموارد» وفي رأيه أن أول من ارتكب هذه الهفوات الموجودة في تلك المعجمات بصورة عامة هو المستشرق الألماني «فريتاغ» [ت 1861م] الذي ألف معجماً عربياً لاتينياً طبع في سكسونيا عام 1830 – 1837 م وجاء بعده صاحب «محيط المحيط» ثم جاء «الشرتوني» ونقل أخطاء المعلم البستاني وهكذا حتى انتقلت هذه الأخطاء إلى معجمات اليسوعيين بعامة، وضمن أنستاس هذه الآراء اللغوية في كتابة <<أغلاط اللغويين الأقدمين>>.
رسائل الكرملي:
تبادل انستاس ماري الكرملي رسائل مع أحمد تيمور، والرئيس محمد كرد علي، وشكيب ارسلان، و سكرتير مجلس الوزراء في مصر شيخ العروبة أحمد زكي، والعلامة محمود شكري الآلوسي، ولويس شيخو، والشاعر طاغور، وامين الريحاني، والمستشرق لويس ماسنيون، والأديب الروسي كراشكوفسكي، والاديبة مي زيادة ، حول أدقِّ أسرار اللغة العربيّة وأصولَها، والمقالات العلمية والأدبية والمطبوعات، يقول كوركيس عواد من عاداته ان يجيب عن كل رسالة ترد إليه وكان جوابه عليها في الغالب يتم في اليوم نفسه الذي تنتهي خلاله إليه. اما في مراسلاته فقد كانت لفظة(سيدي) فاتحة للخطاب وعلى سبيل التمثيل رسائله إلى احمد تيمور(1871ـ1930م) حيث تجد(سيدي الاستاذ الجليل)) و(سيدي صاحب الفضل الجم والأدب الكريم) و((سيدي الاستاذ الاكبر)) ويختم رسائله بـ(الاب انستاس ماري الكرملي/ غم / وتعني((غم)) اختصاراً للفظتي(غير مستحق))وهو لقب كان يتخذه الآب انستاس من باب التواضع، من اراد تعلم ادب الرسائل فاليراجع ما كتبه العلامة الكرملي، لانها تمثل رفعة المخاطبات وطريقة طرح المبتغى ونهايات المراسلة.
العلامة الكرملي والسياسة:
اعتبر الدكتور علي القاسمي في كتابه المعنون"العراق في القلب، دراسات ي حضارة العراق" الصادر عن الدار العربية للموسوعات في بيروت : ان العلامة الكرملي سياسياً من طراز رفيع سعى إلى إبراز هوية العرب القومية من خلال البحث في لغتهم وتاريخهم وتراثهم الشعبي وعاداتهم وأزيائهم، وكل ما يميزهم عن العثمانيين الذين كانوا يحكمونهم، وأن هدفه كان إثارة الشعور القومي من أجل استقلال العرب، ووحدتهم، وتبني الديمقراطية والتنمية البشرية، وقد مهّد الأب الكرملي ببحوثه ودراساته الطريق للثورة العربية بقيادة الشريف الحسين بن علي في مكة المكرمة سنة 1914م، ويلتقي الأب أنستاس ماري الكرملي في ذلك مع أعلام النهضة العربية في الشام ومصر، ولهذا عاقبته السلطة العثمانية بنفيه من بغداد إلى تركيا، تقارب السنتين.
مجلس العلامة الكرملي:
عرفت بغداد بمجالسها الأدبية والعلمية، ولعل مجلس العلامة أنستاس ماري الكرملي كان من أشهرها فهو واحة ومنتدى لرجال لفكر والمثقفين والأدباء والصحفيين، وكان موعد افتتاحه الجمعة الساعة الثامنة صباحاً خلافاً لبقية مجالس بغداد التي تبدأ مساء ، وكانت الساعية الثانية عشرة موعداً لانتهاء مجلس الأب حينها يقدّم الغداء للرهبان وعرف عن مجلس الكرملي عدم تناول المأكولات لأنه رجل دين كما عرف عنه منع مناقشة السياسة والدين لأنهما محل خلاف ولحضور أشخاص من قوميات وإثنيات وأديان مختلفة فقد ضم مجلسه المسلم والمسيحي واليهودي وكان من عادته أن يرحّب بزائريه أشد ترحيب ويطلعهم على الكتب التي وردت حديثاً لخزانته في دير الكرمليين، يقول الدكتور إبراهيم السامرائي: (لقد ترددت سنوات إلى مجلس الأب أنستاس ، امتدت بين سنة 1936و 1946م فكنت التقي هناك بجماعة من الأفاضل، فيهم عدد غير قليل ممن فارق هذه الدنيا ، ولعل من الخير للتاريخ، أن أسرد أسماء من أتذكر منهم : وقد رتبتها على السياق الهجائي (وقد اقتبس الباحث بعض من أسماء الأفاضل الذين يؤمنون المجلس): إبراهيم حكمت العمر، أحمد ناجي القيسي، أنور شاؤول، جلال الحنفي، رزوق غنام، رفائيل بطي، طه الراوي، عباس العزاوي،عبد الرحمن البناء، عبد الرزاق الحسني، عبد الصاحب الملائكة، عبد القادر البراك، الملا عبود الكرخي، كاظم الدجيلي، كوركيس عواد، محمد رضا الشبيبي، محمود العبطة، الدكتور مصطفى جواد، مهدي مقلّد، ميخائيل عواد، مير بصري، الدكتور هاشم الوتري، يعقوب سركيس، يوسف غنيمة، يوسف مسكوني)، كما كان يستقبل زواره من المستشرقين والرحالة الاجانب وطلاب العلم، ويطلعهم على المكتبة الثمينة التي تضم كتبا ومخطوطات نفيسة من مقتنياته ومقتنيات الرهبان الكرمليين.
مكانة العلامة الكرملي دولياً:
يقول الاستاذ كوركيس عواد في مقالة له عن الاب تحت عنوان "لمحات في حياة الاب انستاس مار ي الكرملي تحدث فيها عن مكانة الرجل على مستوى العالم قائلا:
"حدثني الاب ذات يوم ان ملك بلجيكا "البيرالاول"حين زار بغداد سنة 1930 حضر الصلاة في كنيسة اللاتين صباح يوم احد وبعد الانتهاء من الصلاة، طلب جلالته ان يلتقي بالاب انستاس..فحظي الاب بالمثول بين يديه، فقال الملك "انني مسرور برؤيتك، فقد اوصاني الاب هنري رافيسي اليسوعي وهو احد كبار المستشرقين البلجيك بأن لا تفوتني الفرصة في زيارة بغداد دون ان اراك"وهذا يدل على المكانة المرموقة التي حظي بها الاب عن صفوة المستشرقين والملوك.
القاضي عبد الرحمن البزاز وورثة الاب الكرملي:
اقام بعض ورثة الاب الكرملي عام 1951 الدعوى امام قاضي محكمة بداءة بغداد القاضي عبد الرحمن البزاز، للمطالبة بالمكتبة الضخمة التي تركها الاب انستاس الكرملي، باعتبارها جزءا من تركته وطلبوا الحكم على الراهب بالدير الذي ترك فيه الاب الكرملي المكتبة بتسليمها لهم فهم الورثة والمكتبة من التركة والتركة لهم ولكن القاضي البزاز رفض دعواهم وردها اعتمادا على ان ما موجود في الدير من اموال للراهب تعود للدير وليس ملكا شخصيا للراهب، وبالتالي فأن المكتبة تعود للدير ولا تعود للراهب الاب الكرملي، وبالتالي ليس لهم المطالبة باموال تعود للدير ولا تعود لمورثهم الاب الكرملي وقد صادقت محكمة التمييز على حكم الزاز كما ذكر ذلك في كتابه مبادئ اصول القانون، والمعروف ان
عبد الرحمن البزاز اصبح رئيس وزراء ورئيس الجمهورية سنة 1966 بعد مقتل الرئيس عبد السلام عارف، والبزاز اشغل مناصب عليا بما فيها عمادة كلية القانون وصاحب الدور الرئيسي في منظمة اوبك.
اهدى الآباء الكرمليين مكتبة المَتحف اوطني العراقي بعد رحيل العلامة الكرملي، المكتبة الحافلة التي جمعها العلامة، وهي هدية نفيسة عظيمة الشأن، ولا نعلم ماحل بها بعد ان استولى عليها السراق وخربو ما خربوا وسرقوا ما سرقوا، وتحت انظار المحتل.
العلامة الكرملي والعقاد:
في عام 1928صدر «ديوان العقاد»، والذي تضمَّن أربعة أجزاء، وتناوله كثيرون بالنقد؛ سلباً، أو إيجاباً، وترامت القراءات خارج مصر، ومن بين من تناولوه «الأب أنستاس الكرملي»، وهو لم يكن رجلاً معنيّاً بالشأن الديني المسيحي فقط، بل كان من أعلام الباحثين اللغويين، وهو عراقي لبناني، أصدر أبحاثاً مرموقة وهامّة في أواخر القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين، حيث وُلِد عام 1866، ثم رحل عام 1947، واشتبك مع أعلام عصره مناقشاً ومختلفاً، وكان يكتب في كافة المجلّات المرموقة، مثل «الرسالة»، و«المقتطف»، كما أنه أصدر مجلّتين حفلتا بكل جديد وهامّ في ذلك الوقت، وهما «لغة العرب»، و«دار السلام»، وظلت المجلّتان تتابعان الشأنين: الأدبي، واللغوي، لغالبية الإصدارات اللغوية والإصدارات الأدبية في العالم العربي
وعندما صدر ديوان العقّاد، كان الكرملي أحد مهاجميه بقسوة، فكتب بحثاً بلغ ثماني صفحات، ونشره في مجلّته «لغة العرب»، وبدأه قائلاً: «الأستاذ العقّاد كاتب كبير، وكنّا نعتقد أنه، كذلك، شاعر كبير، حتى جاءنا ديوانه الجديد حافلاً بما نظمه، قديماً وحديثاً، فإذا هو دون ما أكبره تصوُّرنا، وإذا هو مشحون بالأغلاط والضرورات القبيحة، وإذا هو قبر للألفاظ الميتة، دارس، فيه كثير من العظام البالية، وإذا هو تافه المعاني في الأكثر، وإذا هو في كثير من قصيده يخرج عن الموضوع، فلا تبقى فيه الوحدة المتوخّاة منه، وإذا هو يبالغ أو يغرق في كثير من أبياته، وإذا هو يقلِّد القدماء، فليس فيه ما يمتّ إلى الشعور بواشجة، إلا أبياتاً قليلة متفرِّقة هنا وهناك، وكنّا نراه، قبل نشره ديوانه، يطعن في مواهب كبار الشعراء، بل كان ينال من كل شاعر عربي تقريباً؛ مصرياً كان، أو شامياً، أو عراقياً، فما كنّا نفهم علّة ذلك بعد سكوته الطويل عن الشعر والشعراء، حتى ظهر ديوانه العجيب فأدركنا السرّ>>.
كما بينا، كان العلامة الكرملي متعصباً وليس متزمتاُ للغة العربية الأصيلة بقواعدها ونحوها وموازينها، إلاّ أنه كان ضمناً يشجع على دراسة الأساليب العامية دراسة نحوية تأريخية، وهذا ملاحضناه في كتابه عن مزارات بغداد والذي جاء بالعامية، وكذلك الحكايات العامية بلهجات اليهود والمسيحيين والمسلمين من بغداد والبصرة والموصل التي ضمنها في كتابه امثال العوام.
الكتب صدرت عنه بعد وفاته:
صدرت بعد وفاته كتب وتحقيق، تناولت حياته وأثاره العلمية والأدبية منها:
"الكرملي الخالد" جورج جبوري، "البرهان الجلي على علم الكرملي" أمين ظاهر خير الله.
"الأب انستاس الكرملي حياته ومؤلفاته" كوركيس عواد1866-1947.
"الأب انستاس ماري الكرملي" عامر رشيد السامرائي.
. "الأب انستاس ماري الكرملي وآراؤه اللغوية" ابراهيم السامرائي – القاهرة
"مصادر الدراسة الادبية" يوسف داغر – بيروت 1983.
"المجمعيون في خمسين عاما" محمد مهدي علام – القاهرة
1986.
"المحجة البيضاء في حجة نعت الجموع بفعلاء" وهو الجزء الثاني من البرهان الجلي.
"الرسائل المتبادلة بين شيخ العروبة احمد زكي باشا والأب انستاس الكرملي" حكمت رحماني – بغداد 1977.
"ماسنيون في بغداد" علي بدر – المانيا 1985.
"سدنة التراث القومي" روكس بن زائد العزيزي.
"رسائل أحمد تيمور الى الأب أنستاس ماري" كوركيس عواد وميخائيل عواد "ذكرى الأب الكرملي الراهب العلامة" سالم الآلوسي.
"أنستاس ماري الكرملي ثقافيا وفكريا في تأريخ العراق" (1866-1947)
كريم عبد الحسن فرج سلمان الغراوي.
"نُخبة من كتاب العروج في درج الكمال والخروج من درك الضلال" فهر بن جابر الطائي ، بيروت 1908.
"الجامع المختصر في عنوان التواريخ وعيون السير" لابن الساعي البغدادي.
كان همه أن يبلور اللغة، فقام برسالته خير قيام وقدم للعالم العربي أداة مرنة صافية يجدر بكل أديب أن يتخذها أساساً لأبحاثه ودراساته، كان يأمل أن يكون لدينا فكر لغوي جديد يستمد أصوله من الموروث اللغوي الكبير، ويتعاطى بشكل فعال مع تطور الواقع الحياتي والمجتمعي، ويستفيد من التطور العلمي والتكنولوجي الهائل الذي نعيشه، والذي كان يعتقد أننا يمكننا تطويع هذا التطور العلمي والتكنولوجي في خدمة اللغة العربية وتعلمها وتطورها وانتشارها، فهل وصلنا الى ما كان يصبوا اليه في عالم اليوم والعولمة بدأت تحكم المجتمعات ومنها المجتمع العربي؟.
قضى الأب أنستاس الكرملي ثلاثة وستين عاماً في التأليف والتنقيب والتصحيح، المطلع والعارف بالاديان والفلسفة والتأريخ والجغرافية، كان هميماً ومجداً وباحثاً في بلورة وانعاش اللغة العربية، ظهر أثر هذا كله في تنوع المصادر التي فاء إليها لجمع مادته العلمية ونشرها، شهرته ضلت معلما بارزا على شخصيته المتميزة..، ان ما قدمه من كتب ومخطوطات ورسائل وبحوث ودراسات والمقالات التي نشرها في المجلات، يشعر المرأ بالفخر لأبن بغداد، في كثرة ما كتب عنه سواء كان كتبا، أم دراسات ومقالات كثيرة في المجلات التي أفردت أعدادا خاصة له، إلى جانب القصائد التي قيلت في رثاءه، ومما يؤسف له لم يقم مجلس البحث العلمي بالعناية الى مخطوطاته بطبعها ونشرها بدلاً من ايداعها فقط في المجلات التي تفتقد قسم منها للأرشفة، الا يستحق عين علماء اللغة العربية ان يخلد بتثمال في شارع الخلفاء، الا يستحق ان تقوم منظمة الثقافة والعلوم التابعة للجامة العربية بطبع مجاميع البحوت والمخطوطات شرعة للدارسين، ومن الله التوفيق
سرور ميرزا محمود
678 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع