تجربتي في قيادة لواء مشاة في زمن الحرب
طبوغرافية المنطقة
تعتبر سلسلة جبل هرزلة الخط الدفاعي الأول أتجاه أي هجوم يقوم به العدو الأيراني من أتجاه الشمال بأتجاه مدينة السليمانية جنوب السلسلة وبخط موازي لها يوجد وادي واسع فيه مسار مجرى النهرالقادم من داخل الأراضي الأيرانية من أتجاه الشرق بأتجاه الغرب جنوب النهر توجد سلسلة محاذية لمجرى النهر وموازية لسلسلة هرزلة لكنها أقل أرتفاعا كلما أتجهنا نحو الغرب مسافة ثلاث كيلومترات توجد مجموعة رواقم غير مترابطة فيما بينها يفصل بين سلسلة هرزلة والرواقم الطريق الترابي الذي يربطة مجمع نال باريز بالقرى الكائنة الى جهة غرب النهر توجد سلسلة عمودية على مجرى النهر طولها بحدود 3 كيلومترات في نهايتها الراقم 1654 يتلاحك الراقم مع سلسلة جبلية تشكل حرف ال بالانكليزية مع سلسلة الراقم 1654 تمتد الى جوارته...
قضاء جوارته.. محافظة السليمانية
تعتبر وعرة نسبيا شمال هذه السلسلة حوض واسع منبسط نسبيا سفح جبل هرزلة ومجموعة الرواقم الغير مترابطة مع سلسلة الراقم 1654 شكلت الجناح الايسر للموضع الدفاعي للفرقة السابعة الذي كان يحتله لواء المشاة التاسع عشر.
أمر التكليف
في شباط 1984 صدر أمر من القيادة العامة للقوات المسلحة بنقلي من منصب أمر مدرسة قتال فرقة المشاة 20 الى منصب أمر لواء المشاة التاسع عشر كنت في حينها برتبة مقدم وأستحق الترقية الى رتبة عقيد في 6 كانون ثاني 1985 ألتحقت الى اللواء بتاريخ 21 شباط 1984 كان يحتل موضع دفاعي غرب منطقة نال باريز في بنجوين في قاطع السليمانية لم تنقصني الخبرة النظرية والعملية حيث أني تسنمت سابقا مناصب قيادية مختلفة وأشتركت في حرب حزيران 67 في سيناء وفي حركات 1974 في الشمال لم أعمل طيلة سنوات الخدمة السابقة في الجيش من خلف المكاتب في الغرف المكيفة بل في الخيم بالعراء في صحراء و جبال العراق..
لكن قيادة لواء مشاة في زمن الحرب ليس بالأمر السهل مع علمي بأن الجيش العراقي نزف خيرة أمري الوحدات في الفترة السابقة لهذا التاريخ
لقاء اليوم الأول
في اليوم الاول كان لقاء مع أمر اللواء السابق وهيئة ركن مقر اللواء وأمر كتيبة مدفعية الاسناد المباشر وفي صباح اليوم الثاني قمنا بصحبة أمر اللواء السابق بزياره سريعة لمواضع الأفواج بعد الظهر غادر أمر اللواء السابق وتسلمت مسؤلية القيادة / خلال هذه الفترة القصيرة تكونت لديً فكرة ليست جيدة عن حالة اللواء من النواحي التعبوية والتدريبية والأدارية كان مقر اللواء يسكن في بناية حديثة البناء لكنها تفتقر الى أبسط الأمور الأدارية التي يحتاجها المقر / قبل الألتحاق وضعت خطة عمل دونتها في مفكرتي لكي أسير عليها عند مباشرتي بزيارة الوحدات
أسبقيات العمل
كان واجب عليً الأطلاع بأسرع وقت على المواضع الدفاعية للوحدات لكي لا أتفاجئ عند حدوث أي هجوم من جانب العدو علما أن في هذا القاطع دارت معارك ضارية في شهر تشرين أول وتشرين ثاني عام 1983 بين الجيش العراقي والعدو الأيراني كانت سعة جبهة اللواء أكثر من خمسة كيلومترات وبأمرة اللواء فوج مغاوير الفرقة يحتل الجناح الأيسر للموضع الدفاعي
أولا.
زيارة الفوج الثاني الجناح الأيمن للموضع الدفاعي
في اليوم الأول زرت الموضع الدفاعي للفوج الثاني الكائن على الجناح الأيمن لقاطع اللواء كان منصب أمرالفوج شاغر وكيل أمر الفوج ضابط برتبة نقيب دورة 54 نقيب حديث غير مؤهل لقيادة فوج في ظروف الحرب لم تسرني دفاعات الفوج خنادق النار وملاجئ الأشخاص وخنادق المواصلات ليست قياساتها كما موجود في كراسة دفاعات الميدان لا تأمن الحماية المطلوبة للجنود من القصف المدفعي المعادي كان أمام الموضع الدفاعي موضع حجاب بقوة فصيل مشاة يبعد عن الموضع الدفاعي مسافة 150 متر ضمن مفهوم التعبية لايعتبر حجاب وأنما يعتبر المواضع الأمامية القصوى للموضع الدفاعي سألت وكيل أمر الفوج هل خنادق النار عمقها وفق القياسات قال نعم قلت له هل نستطيع الذهاب الى الموقع الأن؟؟؟؟.
أجاب كلا..!!! قلت لماذا ؟؟؟، قال الطريق مرصود من قبل العدو يتعرض للقصف المدفعي المعادي!!!
أستنتجت بانه لم يزور موضع الحجاب أي من ضباط الفوج أصدرت أمر الى أمرفصيل حمايتي بالتوجه الى الموضع بعد قطع مسافة عشرة أمتار عقبت أنا وطلبت من وكيل أمر الفوج أن يعقبني بعد أن أقطع نفس المسافة على أن يعقبه أحد جنود حمايتي وبقية الحماية تبقى في المكان عند وصولي شاهدت عمق خنادق النار لايتجاوز قدم واحد بينما المفروض أن يكون عمقها 3,9 قدم كان أمر القوة نائب ضابط مشاة معنوياته شبه منهاره لعدم زيارة الموضع من قبل أي ضابط من ضباط الفوج بالأضافة الى عدم وجود منظومة مانع أمام الموضع / حسب السياقات التعبوية الحجاب وجد لكي يعطي أنذار مبكر للموضع الدفاعي الرئيسي ويقاتل لبعض الوقت كي يكون الموضع الدفاعي قد دخل الأنذار بكامل قوته لمجابهة العدو/ ما شاهدته قوة مهيئة للأسر وليس للقتال بسبب خنوع الضباط وخشيتهم وخوفهم الخروج من ملاجئهم لتفقد رعيتهم هذا الوصف ينطبق على جميع الأمرين بمختلف المستويات عدنا الى ملجأ أمر الفوج ،طلبت حضور أمري السرايا وضحت لهم نقاط الضعف الموجود في الموضع الدفاعي للفوج وخطورتها على أمن الموضع الدفاعي كما حدثت الجميع أن يتكلموا بصدق وصراحة ويعملوا بجهد مضاعف نهارا وليلا لكي تكون خنادق النار وملاجئ الاشخاص وخنادق المواصلات وفق قياسات كراسة دفاعات الميدان الرسمية لكي تحقق الحماية اللازمة من القصف المدفعي المعادي.
ثانيا. زيارة الفوج الأول
صباح اليوم الثاني زرت الموضع الدفاعي للفوج الأول كان أمر الفوج برتبة مقدم من دورة 52 كلية عسكرية خلال التجوال وجدت أحد أمري السرايا متقوقع في ملجأه ولم يعرف أماكن سريته بصورة دقيقة وبخته وطلبت منه أن ينمي شجاعته بزيارة أماكن سريته بصورة مستمره نهارا وليلا ركزت خلال الزيارة على الحدود الفاصلة بين الفوج الثاني الكائن على اليمين والفوج الأول الكائن على يساره وكان عبارة عن طريق ترابي صالح لمسير العجلات يربط مجمع نال باريز السكني بالقرى الكائنة في جهة الغرب من المجمع بالرغم من كون المنطقة مشجرة نسبيا لذا طلبت وضع مدفع مقاومة دبابات على فتحة الطريق ... كانت خنادق النار وملاجئ الأشخاص وخنادق المواصلات أفضل من الفوج الثاني ولكن ليس بمستوى الطموح ومنظومة المانع أيضا غير متكاملة
ثالثا.زيارة الفوج الثالث
في اليوم الثالث زرت الموضع الدفاعي للفوج الثالث كان أمر الفوج برتبة مقدم دورة 53 كلية عسكرية إلا أنه حاصل على قدم رتبة كاملة ( القاعدة الأساسية في الجيش العراقي تدرج الضابط في الرتب والمناصب مهما كانت الظروف وكان العرف السائد حتى خريجي كلية الأركان لايمنحوا قدم أكثر من سنة إلا ماندر كي لا يكون الضابط أقدم من ضباط الدورة التي سبقته في الكلية العسكرية ) أما منح ضباط رتبة كاملة خلال الحرب أحدثت شرخا كبيرا في المفاهيم العسكرية جنت على الكثير من الضباط والوحدات والتشكيلات لأن الترقية الى رتبة أعلى يتطلب أجتياز الضابط أمتحان ترقية ودورات حتمية ودورات أقدمين بغية تنمية ذهنية الضابط وتوسيع معلوماته العسكرية ليتسنى له القدرة على القيادة وأتخاذ القرارات الصعبة في ظروف القتال كانت دفاعات الفوج الثالث نفس مستوى بقية الأفواج الحدود الفاصلة بين الفوج الأول والفوج الثالث أكثر خطورة لأن مسار مجرى النهر من أتجاه الشرق بأتجاه الغرب يشكل الحدود الفاصلة بين الفوجين كنت خلال الزيارة لكل الأفواج أغير مواضع بعض الحضائر الأمامية ومواقع الرصد الأمامية ومواضع أسلحة ساندة خاصة الرشاشات المتوسطة
رابعا.زيارة فوج المغاويرالجناح الأيسر للموضع الدفاعي
في اليوم الرابع زرت الموضع الدفاعي لفوج المغاوير يسار الفوج الثالث كانت طبيعة الارض أكثر وعورة وحصانة من بقية مواضع الأفواج لكنها الأخطر لأنها تشكل الجناح الأيسر لدفاعات الفرقة حيث توجد فسحة كبيرة خالية من القطعات بين الموضع الدفاعي للفرقة السابعة في قاطع بنجوين والموضع الدفاعي للفرقة 34 في قاطع جوارته خنادق النار وملاجى الأشخاص وخنادق المواصلات بنفس مستوى بقية الأفواج أقصى يسار الموضع الدفاعي لفوج المغاوير يوجد الراقم 1654 يشكل الأرض الحيوية في الموضع الدفاعي لقاطع اللواء
خامسا.أستطلاع مقر جوال للواء
أستصحبت أمر سرية هندسة الصولة لأستطلاع مقر جوال للواء في مكان مشرف ومسيطر ويؤمن الرصد على جبهة اللواء بعد أختيار الموقع أوعزت له بسرعة أنجاز تحكيمه وبعد الأنجاز تم إيصال أسلاك المخابرة اليه ثم أوعزت الى ضابط أستخبارات اللواء لأشغاله من قبل عناصر أس اللواء
سادسا.الزيارات الليلية
بعد أنتهاء الزيارات النهارية لمواضع الوحدات بفترة قصيرة قمت بزيارة ليلية لمواضع الوحدات لأن المنطقة الجبلية تتطلب مشاهدة المواضع الدفاعية في الليل وأن المشاهدة بالنهار تختلف عن المشاهدة في الليل وأجريت تغيير في كثير من مواضع الحضائر ومواضع الأسلحة الساندة ومواضع الرصد ومواضع التنصت
سابعا.لقاء أمري الوحدات
بعد أن أنتهيت من الزيارات الليلية للمواضع الدفاعية للوحدات عقدت مؤتمر لأمري الوحدات شرحت لهم نقاط الضعف في الموضع الدفاعي التي شاهدتها خلال زياراتي النهارية والليلية وكيفية معالجتها بالسرعة الممكنة أمهلت الوحدات فترة شهر كامل لأكمال أنجاز الموضع الدفاعي على ضوء الملاحظات والتغيرات التي أجريتها من خلال زياراتي التي قمت بها كما شرحت لهم نهجي في الأدارة
ثامنا.لقاء أمر كتيبة مدفعية الأسناد المباشر
طلبت من أمركتيبة مدفعية الأسناد المباشر أعادة النظر في الخطة النارية لكافة الوحدات وبعد أنجازها قمنا سويا بفحصها على الأرض بالرمي الحقيقي للتأكد من ملائمتها ودقتها ومطابقة الخريطة مع الأرض كما طلبت منه أعادة مسح مواضع الوحدات بعجلة المساحة العائدة الى الكتيبة وخاصة موقع رادار جهاز الرازيت بعد أنجاز المسح وجدنا عدم دقة المسح السابق ووجود أختلاف كبيرمما تطلب أعادة النظر بخرائط وشفافات الموقف الخاص وتصحيحها بما يتطابق مع الأرض
تاسعا.لقاء ضباط سرية هندسة الصولة
خلال عودتي من زيارة الموضع الدفاعي للفوج الثاني الى مقر اللواء في اليوم الاول شاهدت أكداس من الأسلاك الشائكة وصناديق الألغام مبعثرة خلف الموضع الدفاعي لوحدات اللواء حال وصولي الى المقر طلبت من مقدم اللواء عقد مؤتمر لضباط سرية هندسة الصولة أستفسرت من أمر السرية أسباب عدم أكمال منظومة المانع أمام قاطع الفوج الثاني أجابني عدم تيسر المواد قلت له الظاهر أنك لم تقوم بزيارة مواضع الوحدات بدليل عدم مشاهدتك لأكداس مواد الموانع السلكية وصناديق الالغام خلف الموضع الدفاعي التي تكفي لقاطع لوائين طلبت منه وضع خطة عمل وفق أسبقيات لأكمال منظومة المانع بنوعيها الأسلاك الشائكة وحقول الألغام بدأ من الجناح الأيمن للموضع الدفاعي على أن يتم أستطلاع الأماكن ونقل المواد الى الأمام نهارا وبمساعدة الوحدات ويجري العمل ليلا على أن يقدم تقرير يومي عن نسبة أنجاز العمل في منظومة المانع الى مقر اللواء معزز بمخطط مناظري لأماكن العمل
الخطط الدفاعية
طلبت من مقدم اللواء أعداد خطة أدارة المعركة الدفاعية وخطة مقاومة الخرق وخطة الهجوم المقابل وتم مناقشتها بحضورأمري الوحدات وأمري السرايا وأعددنا منهج لأجراء ممارسات الهجوم المقابل النهارية والليلية من قبل سرية مغاوير اللواء بأسبقيات على المواضع الأكثر خطورة في الموضع الدفاعي وأشرفت شخصيا على تنفيذ منهج ممارسات الهجوم المقابل للتأكد من دقة التنفيذ
المظاهرات
قمت بأعداد مظاهرة دوريات الأستطلاع ودوريات القتال نفذتها سرية مغاوير اللواء بأشرافي شاهدها كافة ضباط اللواء بشكل دوري وأصدرت أمرا بأتباع السياق الذي شاهده الضباط لهذه المظاهرة عند التكليف بواجب دورية أمام مواضع وحداتهم
زيارة دوريات التنصت ليلا
بعد أسبوع من موعد أجراء المظاهرة زرت ليلا قاطع الفوج الأول وطلبت من أمر الفوج مرافقتي الى مكان دورية الفوج في الأرض الحرام في الحدود الفاصلة مع الفوج الثالث تردد أمر الفوج خشية علينا من حصول مكروه قلت له توكل على الله كان الهدف الأول من هذه الزيارة رفع معنويات الجنود لأنها أبعد نقطة الى الأمام في الأرض الحرام وزيارة أمر اللواء لهذا المكان ليلا يعطي زخما معنويا للجنود ثانيا الوقوف على حالة أفراد الدورية وأستعدادهم لمواجهة دوريات العدو كانت الأرض مغطاة بالثلج بسمك قدم وكما توقعت وجدت أفراد الدورية غير مجهزين بملابس تقيهم من البرد وغير مجهزين بنواظير الرؤيا الليلية ولم يتناولوا وجبة العشاء ولم يجري تفتيشهم من قبل أمر السرية قبل خروجهم الى الواجب لذا بعد عودتي أصدرت أمرا الى أمري الأفواج بضرورة تجهيز أفراد الدوريات بأحذية مبطنة بالفرو مع زوجين جواريب صوف وملابس صوفية و كليتات و معاطف مطرية وتجهيزهم بالنواظير الليلية وتفتيشهم من قبل أمري الأفواج شخصيا والتأكد من تناولهم طعام العشاء وأستثناء المدخنين من واجب الدوريات! ومد خط سلكي يربط على بدالة الفوج مع الدوريات للتحدث به بدلا من الجهاز اللاسلكي وأكدت على ضابط أستخبارات اللواء التحدث مع الدوريات يوميا ويستفسر منهم عن أية مستجدات يشاهدونها ويدونها في سجل الحوادث ويقدم السجل للأطلاع عليه في صباح اليوم التالي أذا كانت المشاهدات روتينية
الفعاليات في الأرض الحرام
كان أمام الموضع الدفاعي للفوج الأول راقم مشجرغير ممسوك بقطعات يتم أخراج دورية قتال ليلية للسيطرة عليه لمنع العدو من التقرب اليه في أحد تقارير الدورية أفاد مشاهدة جثامين لشهداء متروكة في الراقم المذكور من المعارك السابقة
قيادة الفرقة لاتوافق!
أصدرت أمرا بأخراج دورية قتال لأخلاء جثامين الشهداء وأعطيت نسخة من الرسالة الى مقر الفرقة السابعة للعلم قبل المباشرة بالتنفيذ رفضت الفرقة أخراج الدورية خشية وقوعها بكمين معادي لأنعدام ثقتها بالوحدات
مقراللواء يتحمل مسؤلية أخلاء الشهداء
بعد يومين أصدرت أمرا بأخلاء جثامين الشهداء على أن يتم التنفيذ مع الضياء الاول وبأشرافي شخصيا ولم أخبر مقر الفرقة بذلك خرجت القوة وتم أخلاء ثلاثة عشر جثمان شهيد بينهم ضابط لكن للأسف العدو الأيراني جردهم من وثائق الثبوتية ولم نتمكن من معرفة أسماهم ووحداتهم لذا تم دفنهم في مقبرة الشهداء في عربت وتم أخلاء مدفع 106 ملم و عدد من الأسلحة وعادت القوة بدون حادث وتم ذكر هذا في الموقف المسائي حال وصول الموقف الى قيادة الفيلق الأول قدم كتاب شكر الى اللواء وأمر بترقية المراتب الذين نفذوا الواجب برتبة أعلى تكريما لهم
الأرتقاء بمستوى التدريب ...تدريب الضباط
خلال زياراتي للمواضع الدفاعية للوحدات وتوجيه الأسئلة للضباط لمست ضعفا كبيرا في معلومات الضباط العامة والأختصاصية كان ضرورة الأرتقاء بمستوى التدريب للضباط والمراتب لأجل ذلك أتخذت الأجراءات التالية:
أ.أنشاء ثلاثة ملاجئ حصينة في مقر اللواء لأستخدامها قاعات درس لغرض البدء بفتح دورات للضباط
ب.تم فتح الدورات التالية بمنهج تدريب لمدة أسبوع وتم أشراك جميع الضباط فيها دوريا
أولا.دورة قراءة الخريطة بأشراف كتيبة مدفعية الأسناد المباشر
ثانيا.دورة أستخدام الأجهزة اللاسلكية بأشراف سرية مقر ومخابرة اللواء
ثالثا. دورة الوقاية من العوامل الكيمياوية السامة بأشراف الفصيل الكيمياوي
رابعا.دورة دفاعات الميدان وحقول الألغام بأشراف سرية هندسة الصولة
تدريب المراتب..تدريب فصائل الهاون
أولا.لأهمية فصائل الهاون المتوسطة في أسناد الوحدات سواء في الدفاع أو في الهجوم أعرت لها أهتمام بالغ حيث أوعزت بنقل كافة خريجي الكليات والمعاهد من سرايا المشاة الى فصائل الهاون
ثانيا.بتنسيق مع أمر كتيبة الأسناد المباشر تم أعداد حاسبة هاون مبتكرة تستخدم مع الخريطة أسوة بالمدفعية وجرى تدريب فصائل الهاون في كتيبة مدفعية الأسناد المباشر لحين بلوغهم مستوى لايقل عن تدريب صنف المدفعية كفاءة في أيجاد المديات وتصحيح النيران ودقة عالية في الرمي
ثالثا.بتنسيق مع مديرية صنف المشاة أستحصلت الموافقة على صرف هاونات عيار 100 ملم الذي يتميز بدقة عالية في الرمي وبمدى لغاية 5 كيلومتر وعيار قذيفة أثقل بدل الهاونات الروسية التي مداها 3 كيلومتر
تدريب بقية جنود المشاة
تم فتح دورات للتدريب على الأسلحة الساندة مثل الهاون 60 ملم والرشاشة المتوسطة (بي كي سي) والرشاشة الخفيفة ( أر بي كي ) والقاذفة (أر بي جي 7 ) كما تم تدريب الجندي على أستخدام بقية الأسلحة الخفيفة بكافة أنواعها كبنادق القنص والبندقية فاز والرمانات اليدوية شمل كافة منتسبي الأفواج
ميدان الرمي الكهربائي
تم نصب ميدان الرمي الكهربائي العائد الى مقر اللواء في منطقة خلفية أمينة لغرض ترمية الجندي بسلاحه الشخصي من أجل زرع الثقة بنفسه وبسلاحه وزيادة قدرته على أصابة الهدف بدقة وأعددنا جدول رمي الى الوحدات يتضمن أخراج فصيل مشاة من كل فوج مشاة من الموضع الدفاعي يوميا لغرض الرمي
الفرقة تشكل لجنة لفحص التحكيمات ،بعد مرور ثلاثة أشهرعلى تسنم قيادة اللواء شكلت الفرقة لجنة لفحص التحكيمات لكافة تشكيلات الفرقة كانت النتيجة أن لواء المشاة التاسع عشرهو الفائز الأول على تشكيلات الفرقة التي كان عددها سبعة تشكيلات أنتاب الضباط فرح كبير لفوز لوائهم على بقية التشكيلات
الأجراءات الأدارية
أتخذت عدة أجراءات أدارية لتحسين الظروف الحياتية للجندي في الموضع الدفاعي وتحسين المنظومة الأدارية
أولا.أنشأة الوحدات ملجأ محصن في مقرات الأفواج لغرض مقابلة عينات من منتسبي السرايا من قبل أمري الأفواج لبحث وحل المشاكل التي تواجههم
ثانيا.في مقر اللواء كنت التقي أسبوعيا بعينات من جنود الوحدات للتعرف على مشاكل الجنود بغية حلها وتذليلها .
ثالثا. تم جمع مطابخ الوحدات في مكان أمين متوفر فيه المياه لكي يسهل الأشراف على الطبخ وكنت أتناول وجبة طعام الغداء يوميا من طعام الوحدات بشكل دوري لكي أكون على أطلاع على ما يتناوله الجنود
رابعا. تم فتح محطة أستحمام للجنود من قبل الفصيل الكمياوي للواء في منطقة خلفية أمينة ليتسنى للجنود الأستحمام بالماء الحار ( أمكانية أستحمام 12 جندي جماعيا ) في كل وجبة وتم فتح فرع حانوت من سرية مقر اللواء في المكان لشراء مايحتاجونه من الحانوت و الألتقاء بعضهم ببعض تخفيفا لمعاناتهم التي يواجهونها في الموضع الدفاعي.
خامسا. أجازة الجندي خط أحمرأصدرت أمرا الى أمري الوحدات بعدم معاقبة أي جندي حرمان أجازة لأنها حق مشروع لعائلة الجندي ينبغي أن يتمتع بها مع زوجته وأبناءه وأخوانه ووالديه ويحل مشاكلهم ويرفه عنهم
تجهيزات الجندي الشخصية
أولا.خلال زياراتي كنت أفتش على أحذية عرضات وجواريب الجنود أراها ممزقة كما أرى قسم كبير من الجنود يرتدي جواريب مدنية وأرى بدلات الجنود رثة عندما أسئل أمري الأفواج عن سبب رداءة التجهيزات يشكون من أمرية عينة الفرقة السابعة عدم تجهز وحداتهم بالتجهزات التي يطلبونها
ثانيا.طلبت من الفرقة أرسال أمر عينة الفرقة الى مقر اللواء لبحث الموضوع معه بعد يوم جاء الرجل ومعه سجلات الوحدات قال أتفضل شاهد رصيد الوحدات من التجهيزات ضعفين أو ثلاثة أضعاف من القياس
ثالثا. أستدعيت معاون مدير الأدارة والميرة من المنطقة الأدارية الى المقر الرئيسي للواء ناقشت الموضوع معه ولم أجد جواب شافي طلبت مقابلة الضباط الأداريين للوحدات وبعد اللقاء والأستفسار منهم وجددت الخلل
رابعا. كان اللواء قد أشترك في معارك كثيرة وأعطى خسائر بشرية وتجهيزاتوأسلحة ومعدات وعجلات ولم تنزل من ذمة الوحدات بسبب جهل الأمرين والضباط الأداريين بكيفية تنزيلها
خامسا. أمري الوحدات جميعهم أحداث يفتقرون الى الألمام بالأمور الأدارية وكذلك الضباط الأداريين لذلك فتحت دوره للضباط الأداريين على كيفية تنزيل التجهيزات والمواد من ذمة الوحدة كنت القي عليهم يوميا من ثلاث الى أربع محاضرات على مدار أسبوع كامل
المجالس التحقيقية للشهداء ومعاملاتهم التقاعدية
أولا. وجدت عدم تنظم مجالس تحقيقة للشهداء عن كيفية أستشهادهم ولم تنجز أي معاملة تقاعدية لأي شهيد من الوحدات من بداية الحرب لحد هذا التاريخ لذلك أصدرت أمرا بنقل خلفيات الوحدات الى المتقدم
ثانيا. عقدت مؤتمر لأمري الوحدات عن كيفية أنجاز المجالس التحقيقية والمعاملات التقاعدية للشهداء وعن كيفية تنزيل المواد من ذمة الوحدات وطلبت تقديم موقف يومي من الوحدات يعرضه معاون مدير الأدارة والميرة لكي أطلع عليه عن عدد المجالس التحقيقية المنجزة وعدد المعاملات التقاعدية المنجزة وعدد معاملات المواد المفقودة والمدمرة المنجزة من المعارك السابقة التي أشترك فيها اللواء
ثالثا. أستمرت لقائاتي مع الضباط الأداريين و ضباط الرواتب والضباط الأليين للوحدات وأمر مفرزة تصليح اللواء لمدة تزيد على شهرين إلا أن أنجزت معظم المجالس التحقيقية والمعاملات التقاعدية للشهداء وتنزيل المواد المفقودة والمدمرة من ذمة الوحدات وبدأ رصيد الوحدات يهبط يوم بعد يوم وتمكنت الوحدات من أستلام تجهيزات جديدة تم توزيعها على الجنود
اللواء يطلب من الفرقة تدقيق سجلات وحداته!!
طلبت بكتاب سري وشخصي من الفرقة بالأيعاز الى شعبة حسابات وشعبة تدقيق الفرقة لتدقيق سجلات وحدات اللواء كانت الفرقة في غفلة عن هذا الموضوع وضعت الفرقة جدولا لتدقيق سجلات كافة تشكيلات الفرقة بدأ بلواء المشاة التاسع عشر بعد أكمال التدقيق من قبل شعبة حسابات وشعبة تدقيق قدم التقريرالى الفرقة كان لواء المشاة التاسع عشر هو اللواء الأول على الفرقة وبقية التشكيلات لم تحصل على نتيجة 40% لذا وجهت الفرقة كتاب شكر الى كافة أمري الوحدات والضباط الأداريين للواء المشاة التاسع عشر و وجهت الفات نظر لكافة تشكيلات ووحدات الفرقة وطلبت الأقتداء بلواء المشاة التاسع عشر/ جائني أمري الوحدات وضباطهم الأداريين مسرورين لحصولهم على هذه النتيجة / ولم يعرفوا إني من طلب هذا التفتيش
تحجيم خسائر اللواء
أولا.قبل أنجاز التحكيمات وفق قياسات كراسة دفاعات الميدان كان اللواء يخسرمن قوته البشرية نتيجة القصف المدفعي المعادي معدل من( 2 – 3 ) شهيد ومن ( 8 – 10 ) جريح في الاسبوع
ثانيا.بعد أنجاز التحكيمات طلبت من شعبة حركات اللواء عمل أحصائية للخسائر البشرية بدأ من 1 تموز 1984 لغاية 31 كانون أول 1984 خسر اللواء شهيد واحد فقط خلال 6 أشهر وعدد الجرحى لم يتجاوز 20 جريح لأن التحكيمات الصحيحة تقدم الحماية للجندي من تأثير القصف المدفعي المعادي
ثالثا. كانت ثمرة جهود التحكيمات الحفاظ على أرواح جنود اللواء وحقن دمائهم أصبح الموضع الدفاعي للواء المشاة التاسع عشر سندان تتحطم عليه رؤس جنود العدو الإيراني
أحباط هجوم معادي مرتقب
أولا. كان الراقم 1654 يشكل الأرض الحيوية للموضع الدفاعي كنت أعطي أهتمام بالغ لهذا الراقم من ناحية التحكيم وأنجاز منظومة المانع وفحص الخطة النارية بشكل مستمرحيث كنت أصطحب أمر فوج المغاوير وأفحص أهداف نار الأنقاذ بالرمي الحقيقي للتأكد من دقتها
ثانيا. قبل غروب شمس أحد أيام شهر تموز 1984 بدأ العدو بقصف شديد على الراقم 1654 صاحبه تقدم لقطعات العدو بغية أحتلاله أتصل أمر فوج المغاوير أخبرني بالموقف قال أمر السرية والضابط الراصد لايستطيع معرفة أتجاه تقرب العدو لشدة القصف المدفعي المعادي أخبرته أنت تستطيع أن ترصد أتجاه هجوم العدو؟؟ قال نعم سيدي... تتذكر قبل يومين الطريق النيسمي قلت نعم قال العدو يتقرب على الراقم من هذا الأتجاه كنت في حينها جالس في غرفة حركات اللواء وعلى سطح مكتبي شفافة الموقف الخاص مؤشر عليها أهداف الخطة النارية كان أمر كتيبة مدفعية الاسناد المباشر يأخذ قيلولته المعتاده....
أتصلت بموقع القيادة للكتيبة وطلبت توزيع الوحدات النارية على الاهداف المسجلة أمام الراقم 1654/ الوحدات النارية كانت ثلاث بطريات مدفعية 122 ملم دي ثرتي وبطرية صواريخ 107 ملم و رعيل هاون ثقيل 160 ملم عدد الوحدات النارية 6 غطت جميع الاهداف المسجلة أمام الراقم أوعزت برمي سريع 5 طلقة لكل مدفع 5 × 6 = 30 قذيفة على كل هدف 30 × 6 = 180 قذيفة مجموع عدد القذائف الساقطة على الأهداف في الرشقة الأولى أستجاب موقع القيادة للطلب أسرع مما توقعت طلبت من أمر فوج المغاوير رصد الرمي وأعلامي النتيجة بعد انتهاء الرشقة الأولى أخبرني أمر فوج المغاوير بأن الرمي مؤثر جدا على العدو وطلب تكرار رشقة ثانية كررت بدوري الطلب الى موقع القيادة كررت الوحدات النارية الرمي بسرعة عدد القذائف الساقطة على الأهداف في الرشقة الثانية نفس عدد القذائف الساقطة على الأهداف في الرشقة الأولى بعدها أخبرني أمر الفوج بانه يسمع عويل جنود العدو في الوديان التي أمام قاطع الفوج نقلت النار الى أهداف العمق المثبته في الخطة النارية كانت الأهداف منتخبة بعناية وكانت دقة الرمي مؤثرة جدا لقنت العدو درسا بليغا وكبدته خسائرفادحة كانت هذه المرة الأولى والأخيرة التي حاول العدو فيها التقرب من الموضع الدفاعي للواء المشاة التاسع عشر
ثالثا. أستيقظ أمر كتيبة المدفعية من قيلولته على صوت الرمي قال سيدي خير قلت له ما ردت أزعجك جماعتك قامو بالواجب بارك الله فيهم أنقل تحياتي الى كل وحدات المدفعية لجهودهم وأستعدادهم العالي شهادة للتاريخ كانت هذه الكتيبة ( ك مد م 80 ) من أفضل كتائب مدفعية الفرقة السابعة لأن أمرها كان من ضباط المدفعية المشهود لهم بالكفاءة المقدم صالح سرحان حسين
رابعا.في هذه الأثناء رن جرص تلفون الميدان رفعت السماعة كلمني عامل البدالة قال سيدي رئيس أركان الفرقة معاك قلت له تفضل قال ماذا يحدث في قاطعكم مقدم فوزي قلت له خير أنشاء الله قال كلمني أمر لواء مغاوير الفيلق الأول الشهيد العقيد محمد تيسيرالكائن موضعه على الجناح الأيمن للفوج الثاني كما ذكرت أنفا يقول شن العدو هجوم عنيف على موضع لواء المشاة التاسع عشر وسقطت مواضع اللواء بيد العدو شرحت له الموقف وماحدث قال بارك الله بكم
أمنيات غير منطقية لم تتحقق
حقيقة كنت أتمنى أن يقوم العدو بالتقرب أو الهجوم على قاطع اللواء لكنه لن يفعل لأن العدو كان يخشى التشكيلات التي مواضعها الدفاعية حصينة وتقوم بفعاليات قتالية فعالة أمام الموضع الدفاعي مثل الدوريات والكمائن وفحص الخطط النارية بأستمرار وأستخدام هاونات المشاة بكفاءة لتدمير مراصد مدفعية العدو وأبراجه المعدة للرصد وهذا ماكان يتميز به لواء المشاة التاسع عشر على مدى خمس سنوات ونصف خلال فترة الحرب العراقية الايرانية
ضيوف لواء المشاة التاسع عشر
أستقبل اللواء شخصيات تتبوأ مناصب عليا في دوائر الدولة لغرض المعايشة لمدة شهر منهم المرحوم حاتم حمدان العزاوي رئيس ديوان الرئاسة والمرحوم ذياب العلكاوي سفير العراق في جمهورية ألمانيا الشرقية مع شخص ثالث لا أتذكر أسمه من محافظة كربلاء..
اللواء فوزي البرزنجي
16 أب 2013
444 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع